أثارت زيارة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد للقاهرة للمشاركة في القمة الإسلامية، والتي تعد الزيارة الثانية لرئيس إيراني لمصر لأكثر من ثلاثين عامًا من الانقطاع الدبلوماسي بين البلدين، حالة من الغضب والرفض من قبل التيار الليبرالي والإسلامي باعتبارها زيارة تهدف للتغلغل الشيعي في مصر، خاصة عقب إعلان الرئيس نجاد عن رغبته في زيارة المقدسات الدينية في مصر، وكذلك زيارة ميدان التحرير، مما تجاوز الغرض المعلن من حضور منظمة التعاون الإسلامي إلى تقارب سياسي قد يأتي على حساب مصالح عليا لمصر، واستغلال موقعها في تهريب الأسلحة الإيرانية بموافقة النظام الحالي. د. أحمد بهاء الدين شعبان، المنسق العام للجمعية الوطنية للتغيير انتقد مطلب الرئيس الإيراني في زيارة ميدان التحرير "ميدان الثورة"، ليس باعتباره حكرًا على أحد، وأنه أصبح مزارًا سياحيًّا للعالم، ولكن زيارة من يتعاون مع النظام الحاكم القائم على الفاشية في الحكم والاستبداد وممارسة سبل القمع ضد معارضيه تعد مرفوضة، ومحظور عليه دخول الميدان. وأوضح :العلاقة بين جماعة الإخوان المسلمين في مصر وأجهزة الأمن الإيرانية في أنها تقوم على تدريب شباب الإخوان على الأجهزة الموازية لوزارة الداخلية وجهاز المخابرات، بصورة قد تطيح بالعلاقات بين البلدين بشكل كبير. واتفق معه حسين عبد الرازق، عضو المجلس الرئاسي بحزب التجمع، بأن النظام الحالي يعمل على إقحام العناصر الخارجية من دول المنطقة في الدخول في الخلاف السياسي المحتدم بين التيار الإسلامي والمعارضة الممثلة في جبهة الإنقاذ الوطني، وفيما يتعلق بزيارة نجاد لميدان التحرير، أوضح بأن الميدان متاح للجميع عرب وغرب وليس حكرًا على حزب أو تيار أو شخص بصرف النظر عن المكانة السياسية له في الدولة. وتابع عبد الرازق قائلًا: "أخشى تحويل ميدان التحرير لوسيلة للاستغلال السياسي بين الرئيس والعلاقات الخارجية". قمع الحريات واستنكر حافظ أبو سعدة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان زيارة نجاد لمصر؛ نظرًا للعلاقات الوطيدة بين جماعة الإخوان المسلمين وإيران من جانب، ومدى ممارسات الرئيس نجاد لقمع الحريات والمعارضة الإيرانية وإهانة أهل السنة هناك، لافتًا إلى أن وجود مؤامرة يتم إبرامها بين النظام الحالي وإيران في التوقيت الراهن والذي تهدف إيران إعلانه للعالم الغربي والمجتمع الدولي، والتي تؤدي بدورها إلى تدهور العلاقات الخارجية لمصر مع دول القرض المزمع تغيير اتجاهاته عبر هذه الزيارة. بينما حذر محمد أنور السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية، الرئيس مرسي من محاولة خضوع القرار السياسي المصري للإغراءات الاقتصادية التي قد تقدمها إيران لمصر في الوقت الحالي، مؤكدًا عدم اعتراضه من تحسين العلاقات المصرية الإيرانية، بقدر اعتراضه على إقامة علاقات إخوانية إيرانية يتم على إثرها نقل تجارب الحرس الثوري وقمع المعارضين والمد الشيعي في مصر، مشددًا على ضرورة مراعاة البعد العسكري والأمني بين البلدين بشكل يصعب أن تكون مصر حليفًا عسكريًّا لإيران وغيرها. وفي السياق ذاته أوضح د. عماد جاد نائب رئيس مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام بأن زيارة الرئيس الإيراني للقاهرة تأتي وفق دعوة الرئيس مرسي له، من أجل توجيه رسالة للغرب من قبل جماعة الإخوان المسلمين في الوقت الراهن بالتحديد كنوع من الاستقواء بإيران في حال الضغط على النظام المصري والتلويح في وجهه بضرورة تلبية نداء الشعب في الديمقراطية، والتعبير عن الحريات التي تأتي متعارضة مع أغراض وأهداف مكتب الإرشاد الذي يهدف إلى الهيمنة على الحكم. وأشار د. سمير غطاس، رئيس مركز مقدس للدراسات، بأن زيارة الرئيس الإيراني للقمة الإسلامية رسمية وليست خاصة، وإن كانت تحمل العديد من المخاوف على رأسها التدخل الإيراني في شئون البلاد، ومحاولة استغلال مصر في تهريب الأسلحة عبر ممر السودان كما أشارت من قبل، لافتاً إلى أن زيارة نجاد لمصر تأتي بالتزامن مع ضبط سفينة أسلحة مرسلة للحوثيين ضد نظام اليمن من قبل إيران لإثارة القلاقل لضمان الدور الإقليمي الأول بديلًا للعرب وإسرائيل. وتابع رئيس مركز مقدس للدراسات، أن هذه الزيارة تهدف لإرساء قواعد ارتكاز أمني لإيران في سيناء. وعلى صعيد آخر طالب المهندس عمرو فاروق، المتحدث الرسمي باسم حزب الوسط، الرئيس محمد مرسي بعقد مبادرة ثلاثية بين كل من مصر وتركيا وإيران تهدف لإسقاط الرئيس السوري بشار الأسد، وإيجاد خطة واضحة للخروج من الأزمة السورية التي استغرقت من الوقت كثيرًا تم خلاله إراقة الدماء على أيدي رجال النظام المستبد بمعاونة إيران وتركيا له. في الوقت ذاته انتقد المهندس فاروق الهجوم السياسي والإعلامي حول هذه الزيارة الرسمية، خاصة وأن مصر عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير بجانب الربيع العربي في حاجة لإقامة علاقات دولية واسعة مع جميع الدول في محيط المصالح الوطنية والدولية والدبلوماسية بصرف النظر عن المواقف الحزبية التي تعبر عن نفسها، مشيرًا أن مصر باعتبارها دولة إقليمية ومحورية في المنطقة لا يمكن تغافلها أو تجاهلها، أما فيما يتعلق بموقف مصر من إيران وفترة الانقطاع التي تخطت الثلاثين عامًا جراء قطع النظام السابق لهذه العلاقات. في حين وصف الوليد إسماعيل، رئيس ائتلاف المسلمين النظام الحالي في الحكم بالغباء السياسي في التعامل مع التغلغل الشيعي في مصر، والمنطقة العربية بالكامل، من خلال المحاولات المتعددة لزيادة أعداد الشيعة في مصر، وإقامة سفارة إيرانية هنا، مؤكدًا أن الشعب المصري لن يقبل بهذه الأساليب الغامضة، وأيضًا لن يقبلها أنصار السنة في مصر، كما أعلن الأزهر الشريف من قبل عن رفضه لها. وأشار إلى تورط النظام الايراني في أحداث سوريا وسقوط القتلى والجرحى على أيدي رجال النظام العلوي، لافتًا إلى أن الائتلاف يرفض وجود علاقات سياسية ودبلوماسية بين مصر وإيران، وذلك بالوقفات الاحتجاجية التي تندد بهذه الزيارة التي تهدف لتشييع مصر ومقدساتها. ورفض محمد نور، المتحدث الرسمي باسم حزب الوطن، لزيارة الرئيس الإيراني في قمة التعاون الإسلامي، لمنع التغول الشيعي في مصر، وموضحًا في الوقت عدم اعتراض الحزب على إقامة العلاقات الدولية والخارجية خاصة مع إيران، ولكن عقب تغير موقفها من الأزمات العربية وخاصة سوريا وباكستان من خلال الدعم وعدم مؤازرة الحكام الفاسدين في ممارسة الطغيان ضد الشعب المصري. وأضاف نور بأن رفض توجه الرئيس نجاد لزيارة ميدان التحرير؛ نظرًا لحكم المواقف السلبية التي يكنها الشعب المصري غضبًا ضد الأزمة السورية، وعلاقة إيران بالنظام العلوي في الحكم من حيث الإمدادات العسكرية لقتل المتظاهرين في سوريا حرصًا على مصالحها مع بشار الأسد، دون النظر للدماء التي تراق. وطالب طارق الدسوقي، عضو حزب النور السلفي، بفتح ملف اضطهاد أهل السنة في إيران وملف سوريا ومدى مسئولية النظام الإيراني عن قتل النساء والأطفال هناك، عن طريق الدعم العسكري والسياسي لبشار الأسد، مضيفًا أن مصر باعتبارها أكبر الدول السنية، تحمل مسئولية مصر بحماية كل الدول السنية من أي اختراق سياسي كجزء من التزامات مصر الدولية. مستنكرًا رغبة الرئيس الإيراني في زيارة ميدان التحرير، في ظل الظروف السياسية الصعبة التي تمر بها البلاد. أكد د. هشام كمال، المتحدث الرسمي باسم الجبهة السلفية، أن زيارة الرئيس الإيراني لمؤسسة الأزهر الشريف تهدف لنشر المذهب الشعي في مصر وترسيخ قواعده، خاصة عقب فشل جميع محاولات إيران لاختراق الأزهر وفتح فرع لجامعة الأزهر في طهران، من خلال استخدامه لدار التقريب في الفترة الأخيرة من أجل السماح بالفكر الشيعي أن ينتشر. وعلى الجانب الآخر قال د. أحمد رامي، القيادي البارز بحزب الحرية والعدالة: إن زيارة نجاد لمصر تعد زيارة رسمية ودولية في إطار مؤتمر القمة الإسلامية، موضحًا عدم وجود ما يمانع من إقامة علاقات دولية ودبلوماسية واقتصادية في إطار تحقيق المصالح المشتركة للبلدين بين مصر وجميع الدول ما عدا إسرائيل.. خاصة وأن مصر في هذه المرحلة في حاجة لتكوين علاقات خارجية على كافة المستويات بما لا يدعو للإخلال بمصالح مصر ورؤيتها.