قال مصدر بمجلس الوزراء إن المجلس أقر مسودة قانون يمنح القوات المسلحة سلطة الضبط القضائي ما يسمح لأفراد الجيش بإلقاء القبض على مدنيين لمساعدة الشرطة في إرساء الأمن. وتشير الاضطرابات الدامية التي تشهدها مصر في الذكرى الثانية للانتفاضة الشعبية إلى أن عملية التحول في أكبر بلد عربي من حيث عدد السكان ستكون طويلة وموجعة.وجاء قرار إسناد المهام الأمنية للجيش بعد أن بلغ عدد القتلى خلال خمسة أيام من الاحتجاجات المناهضة للحكومة 50 قتيلا، وهو تطور أمني خطير يكشف عجز حكومة الإخوان على توفير الحد الأدني من مقومات الاستقرار للبلاد. وأضاف المصدر أن الجيش سيكون مثل قوة للشرطة مما يعني أن أي شخص يلقى القبض عليه سيحال إلى محكمة مدنية وليست عسكرية. ولم يذكر ما إذا كان حق الضبطية القضائية سيسري على أنحاء مصر أم سيقتصر فقط على مدن القناة الثلاث التي أعلن الرئيس محمد مرسي حالة الطوارئ بها اعتبارا من الإثنين وهي بورسعيد والسويس والإسماعيلية. ويقول مراقبون إن العنف المناهض للحكومة في عدة مدن بطول قناة السويس والذي أودى بحياة 49 شخصا وترك أجزاء من البلاد في حالة طوارئ ينبع من انعدام ثقة عميق في مؤسسات الدولة الرئيسية. وهي مشكلة لم يعد بوسع حكومة الإخوان المسلمين تجاهلها.وأدت أحكام بالإعدام على 21 مشجعا لكرة القدم بسبب شغب ملاعب أسفر عن مصرع أكثر من 70 مشجعا قبل عام إلى رد فعل عنيف من مشجعي أحد الفريقين. ويجد الرئيس محمد مرسي نفسه في وضع حرج في هذه الايام إذ يطالب الشعب باحترام السلطة القضائية التي حاول هو نفسه تخطيها في مواقف أخرى. وأعلن مرسي الأحد فرض حالة الطوارئ لمدة شهر في محافظات بورسعيد والسويس والإسماعيلية التي قتل فيها عشرات على مدى الاربعة أيام الماضية خلال احتجاجات عمت البلاد وعمقت الازمة السياسية في البلاد. وكشفت أعمال العنف انقساما حادا في البلاد. ويتهم ليبراليون وقوى معارضة أخرى الرئيس الإسلامي بالفشل في الوفاء بالوعود الاقتصادية التي قطعها على نفسه ويقولون أيضا انه لم يف بوعده بأن يكون رئيسا لكل المصريين. ودعا مرسي الأحد القوى السياسية لحوار الاثنين. وقال في كلمته "قررت دعوة قادة ورموز القوى السياسية للحوار الثلاثاء حول الموقف الراهن". وكتب محمد البرادعي السياسي البارز الذي أسس حزب الدستور في تغريدة على موقع تويتر "بدون تحمل الرئيس لمسؤوليته عن الاحداث الدامية وتعهده بتشكيل حكومة انقاذ وطني ولجنة متوازنة لتعديل الدستور فإن اي حوار سيكون مضيعة للوقت". وقال صباحي المرشح السابق لرئاسة الجمهورية إنه لا حوار مع الرئيس قبل إعلانه تحمل المسؤولية السياسية عن الأحداث الحالية ومسؤولية إراقة الدماء طوال مدة حكمه. وأضاف صباحي في تصريحات صحفية "دعوة الرئيس للحوار جاءت متأخرة جدا بعد سقوط مئات الجرحى والضحايا منذ 4 أيام". وقال إن مرسي يدعو القوى السياسية لجلسة تحضيرية للتوافق حول الآليات في الوقت الذي أعلنت فيه هذه القوى أكثر من مرة عن شروطها التي تتمثل في وقف العمل بالدستور واتخاذ إجراءات لتطبيق العدالة الاجتماعية والقصاص للشهداء. وتبرز هذه الردود حالة الاستقطاب الشديد في الساحة السياسية المصرية. وعلى الرغم من الفوز الكبير الذي حققه الاسلاميون في الانتخابات البرلمانية والانتخابات الرئاسية وحدت المعارضة صفوفها بعد ان فقدت الامل حين اعلن مرسي العام 2012 عن توسيع سلطاته وتمريره السريع لدستور ذي طابع اسلامي من خلال الاستفتاء. ومعارضو مرسي يتهمونه بالاصغاء لانصاره الاسلاميين فقط ويقولون انه حنث بوعده بأن يكون رئيسا لكل المصريين ويرون إن سبب الاحتجاجات أن حكومة مرسي الذي انتخب في يونيو لا تطبق سياسات تحقق أهداف الثورة التي لخصها الشعار البارز "عيش (خبز).. حرية.. عدالة اجتماعية.. كرامة إنسانية". ونأت جبهة الانقاذ الوطني المعارضة بنفسها عن أعمال العنف الاخيرة. وقالت انه كان على مرسي ان يتحرك بشكل أسرع لفرض اجراءات امن اضافية لإنهاء العنف وألقت مسؤولية التصعيد كاملة على الرئيس. وقال متحدث باسم جبهة الانقاذ ان خطوات مرسي لإعادة الامن الاحد جاءت متأخرة وانه يريد مزيدا من التفاصيل بشأن دعوة الحوار التي وجهها مرسي الى القوى السياسية. وقال خالد داود إن دعوة الرئيس لتطبيق قانون الطوارئ خطوة "متأخرة جدا لانه كان يتعين عليه تطبيق مثل هذه الاجراءات منذ بدء اعمال العنف وكان يجب تطبيق اجراءات امنية اكثر صرامة قبل صدور حكم المحكمة والذي كان متوقعا ان يثير اعمال عنف". وفي ميدان التحرير قال بعض المحتجين انه نظرا لاعمال العنف وسقوط قتلى في بورسعيد ومدن القناة الأخرى لم يكن هناك الكثير من الخيارات سوى اعلان حالة الطوارئ وان حملوا مرسي مسؤولية العنف. وقال محمد أحمد (27 عاما) وهو يمشي مبتعدا بسرعة عن دخان القنابل المسيلة للدموع في الميدان "يحتاجون الى حالة الطوارئ لان هناك الكثير من الغضب". وتعهد نشطون في المحافظات الثلاث التي اعلنت فيها حالة الطوارئ بتحدي حظر التجول. وقال السياسي البارز وعضو مجلس الشعب السابق عن بورسعيد البدري فرغلي "لن نرضى بقانون الطوارئ جملة وتفصيلا ولن تتحول بورسعيد إلى سجن كبير...هذا اعتداء على حريتنا". وقال نصر الزهرة وهو تاجر إن بورسعيد مدينة تجارية وسياحية "لا يمكن أن تغلق أبوابها في التاسعة مساء". ودعت بعض جماعات المعارضة الى مزيد من الاحتجاجات الاثنين الذي تحل فيه ذكرى يوم من أدمى أيام الانتفاضة التي اندلعت يوم 25 يناير/كانون الثاني عام 2011 وأسقطت حكم مبارك في 18 يوما. ويقول نشطون مدافعون عن حقوق الانسان ان اعلان مرسي الطوارئ هو خطوة للوراء في مصر التي ظلت فيها أحكام الطوارئ مطبقة طوال 30 عاما من حكم مبارك. وقال ابراهيم عيسي وهوشاب عمره 26 عاما وهو يغطي وجهه من الغاز المسيل للدموع المتجه نحوه من صفوف الشرطة قرب ميدان التحرير مهد الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك "نريد ان نسقط النظام والدولة التي يديرها الاخوان المسلمون". ومنذ انتخابه في يونيو/حزيران 2012 بعد ان دفعت به جماعة الإخوان المسلمين الى الرئاسة، يواجه مرسي أزمات سياسية متلاحقة ومظاهرات تتسم بالعنف مما يصعب مهمته لدعم اقتصاد مترنح وتهدئة الأجواء قبل الانتخابات البرلمانية التي تجري خلال الاشهر القليلة القادمة والمفترض ان ترسخ انتقال مصر الى الديمقراطية. وبعد دقائق من اعلان الطوارئ الأحد، خرج المئات يحتجون في محافظات قناة السويس الثلاث وتعهد نشطون بتحدي حظر التجول. وأطلقت الشرطة مجددا في الساعات الاولى من صباح الاثنين القنابل المسيلة للدموع على عشرات الشبان الذين كانوا يلقون الحجارة قرب ميدان التحرير حيث يعتصم معارضون منذ اسابيع. وذكر مصدر أمني أن أحد المارة قتل بالرصاص في القاهرة الاثنين أثناء سيره بالقرب من ميدان التحرير. ولم يتضح من الذي أطلق الرصاص.