لم يدم انتعاش السينما طويلًا، فبعد أن استطاع عدد من الأفلام أن تحقق إيرادات عالية خلال موسم عيد الأضحى فوجئ المنتجون بالكساد يسيطر على سوق السينما بعد انتهاء موسم العيد مباشرة، واستمر هذا الكساد ليصيب أيضًا موسم رأس السنة، والذي كان يعتمد عليه الكثير من المنتجين. وكانت حالة الكساد التي أصابت سوق السينما في فترة ما بعد عيد الأضحى مؤشرًا للمنتجين، حذرهم من عرض أعمالهم في موسم رأس السنة ليقتصر الموسم فقط على فيلمين هما: "حفلة منتصف الليل" لرانيا يوسف وعبير صبري، و"سبوبة" لراندا البحيري وأحمد هارون، وكان عرض فيلمي "مصور قتيل" لدرة وإياد نصار، وفيلم "لمح البصر" لحسين فهمي، في الفترة ما بين عيد الأضحى ورأس السنة وعدم تحقيقهم لإيرادات تغطي التكلفة الإنتاجية لهم، هو السبب الرئيس وراء امتناع المنتجين عن عرض أفلامهم وتأجيلها إلى موسم منتصف العام. وقد تعرض منتجو الأفلام المعروضة إلى خسارة كبيرة، فلم تستطع أفلام رأس السنة أن تتخطى حاجز المليون، فلم يحقق فيلم "حفلة منتصف الليل" سوى 383193 جنيهًا في أسبوعه الأول، فيما حقق فيلم "سبوبة" إيرادات 63874 جنيهًا، بينما وصلت إيرادات فيلم "مصور قتيل" خلال الأسبوع الرابع له 1.009570، وفيلم "لمح البصر" في الأسبوع الخامس له 65400 ألفًا. ومع هذه الإيرادات المنخفضة والكساد الذي يسيطر حاليًا على السينما انقسم المنتجون إلى قسمين، فمنهم من امتنع عن عرض أعماله وقرر تأجيل عرضها أيضًا في موسم منتصف العام؛ معتقدًا أن الكساد سيستمر حتى موسم الصيف، بينما يرى على الجانب الآخر بعض المنتجين أن السينما ستنتعش مجددًا في موسم منتصف العام، وأنه لا يجب أن يمتنع المنتجون عن عرض أعمالهم؛ لأن ذلك سيضر بصناعة السينما. ووسط هذه الآراء المتناقضة يبقى السؤال، هل سيصل الكساد الذي تعاني منه السينما حاليًا إلى موسم أجازة منتصف العام، أم أن كساد السينما في رأس السنة سيقابله انتعاش في منتصف العام؟ .. وعلى الرغم من أنه كان من المفترض أن يكون من أول الأفلام المعروضة في موسم رأس السنة لمناسبة أحداثه مع هذا الموسم، إلا أنه تم تأجيل فيلم "الكريسماس" لعلا غانم، وخرج من موسم أفلام رأس السنة. الفنان "رامي وحيد" أحد أبطال الفيلم أكد أن تأجيل عرض الفيلم جاء بناء على قرار المنتج "هاني ويليم"، وهو المسئول الأول عن قرار تحديد موعد عرض الفيلم، موضحًا أنه من الممكن أن تكون هناك علاقة بين تأجيل عرض الفيلم والكساد الذي حدث عقب عيد الأضحى، حيث لم تلقَ الأفلام المعروضة الإقبال الجماهيري المعتاد.. كما أن الكساد الذي تتعرض له الأفلام في موسم رأس السنة هو شيء طبيعي في ظل هذه الظروف المتقلبة التي تمر بها البلاد، وأنه لا يتوقع أن يستمر هذا الكساد طويلًا، وأن السينما ستنتعش مجددًا خلال الأشهر المقبلة، خاصة في موسم منتصف العام والذي سيضم عددًا كبيرًا من الأفلام. وأشار "رامي" أنه من المتوقع أن يشارك في موسم منتصف العام بفيلمين، حيث قرر المنتج "هاني ويليم" عرض فيلم "كريسماس" في يناير، إلى جانب عرض فيلمه الجديد "المماليك" والذي يقوم بتصوير مشاهده الأخيرة حاليًا. ويتفق مع الرأي السابق المنتج "أحمد السبكي"، والذي أكد أن هذا الكساد الذي تمر به السينما هو حالة مؤقتة وفاصلة بين موسمي عيد الأضحى الذي انتعشت فيه صناعة السينما، وموسم منتصف العام والذي يتوقع أن تجد فيه الأفلام إقبالًا جماهيريًا كبيرًا، وهو ما شجعه على عرض فيلمه الجديد "كلبي دليلي" خلاله.
ووصف "السبكي" موسم رأس السنة بأنه موسم عمره قصير على اختلاف من موسم أجازة منتصف العام، لذلك لا يمكن مقارنتهم ولا يمكن تطبيق حالة الكساد الحالية على السينما خلال شهر يناير. وعن إمكانية امتناع المنتجين عن عرض أعمالهم في منتصف العام تخوفًا من استمرار حالة الكساد، أكد "السبكي" أن هذه المسألة تختلف، فلكل منتج معايير معينة ونظرة مختلفة، ويحدد بناء عليها التوقيت المحدد لعرض فيلمه والذي يعرف من خلاله أنه سيغطي التكلفة الإنتاجية للفيلم؛ لأنه ليس من المعقول أن يعرض المنتج نفسه للخسارة والمجازفة بعرض أفلامه في أي توقيت. وأشار "السبكي" إلى أن امتناع المنتجين عن عرض أفلامهم في رأس السنة وتأجيلها هو تفكير منطقي؛ لأنه كما وصفه موسم قصير، والمنتجون يعملون بشكل موسمي، محاولين التركيز على المواسم الأكثر جماهيرية لتحقيق أعلى الإيرادات. وعلى الرغم من أنها فوجئت بإيرادات فيلمها المنخفضة، إلا أن الفنانة "راندا البحيري" أكدت أنها تتفاءل خلال الأيام القادمة، وأنها تتوقع أن ترتفع إيرادات الفيلم في الأسابيع المقبلة، حيث اتفقت مع كلام المنتج "السبكي" في أن رأس السنة موسم عمره قصير، وأنهم لم يعتمدوا عليه لأنه لا يعتبر موسمًا بالمعنى المقصود، وأنها تتوقع أن تنتعش السينما في شهر يناير، حيث موسم أجازة منتصف العام، والتي اعتاد الجمهور على مشاهدة الأفلام الجديدة خلال ذلك الموسم. وعن مراهنتها على فيلمها الجديد وتأكيدها أنه سيحظى بإعجاب الجمهور، أشارت "راندا" إلى أنها تلقت العديد من ردود الفعل الإيجابية حول فيلمها الجديد "سبوبة" منذ بداية العرض الخاص وحتى الآن، وأن انخفاض الإيرادات أو ارتفاعها لا علاقة له بالفيلم؛ لأن الإيرادات التي يحددها هو اختيار موعد العرض والذي تحدده شركة الإنتاج، وتتوقف أيضًا على ظروف البلاد والحالة المزاجية للجمهور، ولكن من الممكن أن يكون هناك فيلم يحمل مضمونًا جيدًا ولا يحقق إيرادات، وفيلم آخر بلا قصة يحطم أعلى الإيرادات، فهذه مسألة نسبية ترجع إلى الظروف المحيطة بعرض الفيلم ومسألة رزق ونصيب، مؤكدة على أن الإيرادات ليست هي من يحكم على نجاح الفيلم وإنما الجمهور والنقاد. من جانبه أرجع المنتج "محمد فوزي" الكساد الذي تمر به السينما حاليًا إلى الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد حاليًا، والتي تعتمد عليها السينما بشكل أساسي، حيث تختلف عن الدراما في طريقة تلقي الجمهور لها؛ لأن الجمهور يحتاج أن ينفق كي يشاهد فيلمًا على عكس الدراما الذي تصل له وهو في منزله، بالإضافة إلى تقلب الأجواء السياسية الحالية والتي يقل معها توجه الناس إلى السينما؛ بسبب الحالة المزاجية السيئة لجمهور السينما، حيث ينصب الجزء الأكبر من اهتمامه على برامج التوك الشو السياسية. وعن توقعاته لموسم منتصف العام، أكد "فوزي" أنه من الممكن أن يستمر الكساد نظرًا إلى ظروف البلد السياسية المتقلبة، والتي معها يمكن أن تتراجع إيرادات شباك التذاكر، ولكنه هناك احتمالية لانتعاش السينما أيضًا، وهذا متوقف على المنتجين ومدى مشاركتهم الفعالة في عرض أفلام لإنعاش دور العرض، ومتوقف أيضًا على نوعية الأفلام المقدمة وقدرتها على جذب الجماهير للذهاب لمشاهدتها. استمرار الكساد وعلى الجانب الآخر يتوقع الناقد "طارق الشناوي" أن تستمر حالة الكساد الذي تشهدها السينما المصرية حاليًا، ليس فقط بسبب الظروف السياسية والاقتصادية ولأن مواسم الصيف دائمًا ما تكون أكثر انتعاشًا من مواسم فصل الشتاء، ولكن هناك سببًا رئيسًا وراء استمرار حالة الكساد والمتمثل في المنتجين أنفسهم. وأضاف "الشناوي" أن المنتجين هدفهم الأول والأساسي هو الربح، وأنهم ينظرون للسينما ليس كصناعة، وأن دورهم الحفاظ عليها وعلى عجلة الإنتاج، وإنما ينظرون إليها نظرة تجارية لتحقيق الأرباح العالية لتغطية التكلفة الإنتاجية التي أنفقوها على الفيلم، مشيرًا إلى أنه من حق المنتجين أن يحصلوا على ما يغطي تكلفة أعمالهم، ولكن دون أن يجعلوا ذلك هو هدفهم الأول. وأوضح "الشناوي" أنه إذا قام المنتجون باتباع نظرية الربح، فإنهم تبعًا لذلك سيبحثون عن المواسم الأكثر كثافة في الإقبال الجماهيري، وهو ما سيجعلهم يقومون بتأجيل عرض أعمالهم إلى مواسم الصيف مما سيوقف صناعة السينما في هذه الفترة وخلال الفترة المقبلة، لذلك فإن قرارات المنتجين بعرض أعمالهم وتأجيلها هو الفيصل في استمرار حالة الكساد أو إنهائها. وعن الإيرادات المنخفضة التي لاقتها أفلام رأس السنة، وتخوف المنتجين من الوقوع في هذه الأزمة، أكد أن استمرارية عرض الأفلام سينعش السينما تدريجيًا؛ لأن ذوق الجمهور مختلف ولا يمكن حصره في فيلمين، لذلك لابد من طرح الأفلام للحفاظ على عجلة الإنتاج السينمائي، وللمساهمة في إنعاش سوق السينما من جديد.