قال البابا تواضروس الثاني الذي تولى منصب بابا الكنيسة الأرثوذكسية إن الدستور لابد أن يراعي كل المصريين وإن الكنيسة ستعارض أي نص يراعي مصلحة الأغلبية المسلمة وحدها. كما قال البابا تواضروس الثاني الذي وقع عليه الاختيار يوم الأحد في حديث لرويترز إن المسيحيين يجب أن يكونوا أكثر إيجابية في السعي لتشكيل الوضع السياسي في مصر بعد انتفاضة العام الماضي. ويتولى البابا الجديد البالغ من العمر 60 عاما وهو البابا رقم 118 في مصر منصبه في وقت يشعر فيه الكثير من المسيحيين الذين يمثلون نحو عشرة في المئة من سكان البلاد البالغ عددهم 83 مليون نسمة بالقلق من صعود الإسلاميين. وقال البابا في مقابلة أجريت في دير الأنبا بيشوي بوادي النطرون "جمال المجتمع المصري المسلم جنب المسيحي والتنوع قوة والتنوع جمال." وقال البابا تواضروس إن الدستور الجديد يجب أن يظهر التنوع في المجتمع المصري وتصيغ الدستور جمعية تأسيسية مؤلفة من مئة فرد يمثل الإسلاميون أغلب أعضائها وإن كانت تضم أيضا رجال دين من المسلمين والمسيحيين إلى جانب ليبراليين وساسة من تيارات أخرى. وقال البابا "لو تم تقديم دستور جيد.. يعني كل إنسان يجد نفسه في هذا الدستور.. بلا شك مصر تتقدم كثيرا." ومضى يقول "لو الدستور خاطب جزءا من الشعب وأهمل جزءا آخر هذا يرجع بالوطن إلى الوراء." وعندما سئل عما سيفعله إذا امتلأ الدستور بمواد تتحدث عن المرجعية الإسلامية أجاب قائلا "سنعترض" لكنه لم يحدد أي النصوص التي سيعتبرها مغرقة في الجانب الإسلامي وقال إنه لن يدعو المسيحيين للنزول إلى الشارع. وقال "نحن نؤمن بالتعبير السلمي والتعبير من خلال القنوات الشرعية ومن خلال المطالبة بالحقوق والإصرار على هذه المطالبة أي أن الإنسان لا يترك حقه أبدا لكن بطرق مشروعة وطرق تحفظ سلام المكان وسلامة البلد." وأضاف "الكنيسة لا تلعب أي دور سياسي نهائيا، الكنيسة ليس لها علاقة بالسياسة لأن الدين والسياسة لو اجتمعوا مع بعض يضيعوا بعض.. يفسدوا بعض، الدين حاجة تخص السماء والسياسة حاجة تخص الأرض لو جمعتهم مع بعض عملت خلطة ضيعت الدين والسياسة." وتضم أحدث مسودات الدستور الجديد محتوى إسلاميا أكثر من الدستور السابق لكن المادة الثانية من الدستور التي تنص على أن "مباديء الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع" تركت دون تعديل غير أن التيار السلفي يطالب بلغة أكثر قوة. وعلى الرغم من إحجام الكنيسة عن اتخاذ خطوة سياسية قال البابا إن هناك أصواتا مماثلة لأصوات المسيحيين بين الساسة الليبراليين والمسلمين المعتدلين من المسلمين ممن يعترضون على ما يعتبرونه مساعي الإسلاميين للهيمنة على عملية صياغة الدستور. لكن البابا الجديد قال إن الوقت حان كي يلعب المسيحيون دورا أكبر في السياسة كي يضمنوا حقوقهم مثلهم مثل أي مواطن بعد سنوات من الانسحاب من الساحة السياسية وترك الكنيسة تقوم بدور المدافع عن هذه الحقوق. ورغم أن البابا تواضروس يؤكد أنه سيكمل ما بدأه البابا شنودة فإن تصريحاته تشير إلى تحول عن موقف سلفه الذي كان بعض المسيحيين ينتقدونه بسبب مواقفه ذات الطابع السياسي وتحالفه مع مبارك. وقال "يوجد تطور في المجتمع وفيه تشجيع من الكنيسة على أن الإنسان كمواطن مصري يجب أن يبحث عن حقوقه وينبغي أن يؤدي واجباته" مضيفا أن مصر ما بعد الثورة تتيح للمسيحيين فرصة للتعبير عن مطالبهم بقدر أكبر من الصراحة. ومضى يقول "أنا أحفز أبنائي على المشاركة في الأحزاب وفي التعبير عن الرأي وفي الأسر الجامعية في الكليات والجامعات ويندمجوا في المجتمع." ولكنه عبر عن تفاؤله بالنسبة لوضع المسيحيين في منطقة الشرق الأوسط ككل وقال إن المسيحيين لن يثنيهم العداء الذي ربما يجدونه من البعض مضيفا "الإنسان المسيحي كالنخلة.. نضربها بالطوبة تأتي لنا بالبلح."