هو اللون يسبح في سماوات اللوحة وأراضيها.. لون يغالب لونا ليؤكد مفردة أن يبوح بسر حملة الفنان ليبلغ أبصارنا به، ولون يخادعنا فنجري خلفه علنا نبلغ منتهاه فيهرب في خفة كأنه الضوء، إنها المغازلة التي أثري بها أحمد بعد الكريم تشكيلاته ليستمر الحوار بيننا وبينها. اختار الفنان "قلب الهدهد" عنوانا لمعرضه بقاعة بيكاسو بالزمالك، والعنوان يوحي بمضمون الأعمال التي تشعرك بخفقان القلب وذبذباته التي سيطرت علي كل الأعمال بالألوان الخطية المتناغمة في تزايد وهبوط متبادلين، وبالمساحات اللونية المتدرجة والمتداخلة في علاقات محكمة ليحقق الفكرة التي سعي إليها، وهي ترجمة دقات قلب الهدهد في أرجاء لوحاته في حين ظل الهدهد محتفظا بغموضه في لون واحد متدرج أو لونين متداخلين ليحقق المعني الذي يطالبك الفنان بالبحث عنه لكشف أسراره التي تحمل الحب بمعان كثيرة، ويظل الهدهد يصدر ذبذبات النبض لتشكل العلاقات اللونية والمفردات والشخوص والمساحات التشكيلية بموسيقي نسمسعها بأعيننا ونحسها بأفئدتنا باحثين عن مصدرها لنعودإلي قلب الهدهد الذي تصدر معظم اللوحات. ولوحات الفنان المصورة بألوان الأكريلك المضيئة بها تفتيت لفنان متمكن من أسس التصميم والبناء، ولديه دراية بمفرداته وتواريخها وأثرها الأدبي الذي حول هذا الأثر إلي معني تشكيلي بحس ووعي وبلغة بنائية محكمة، وبين يقظة الفنان حلمه اكتمل العمل بنفس التبادل، فالحلم يري ما يري واليقظة تصوغ الحلم بأسس التصميم التي درسها عبد الكريم، والتي أحيانا ما تدخله في صراع ومعادلة صعبة حتي لا يقدم تصميمات لونية جامدة، فوعيه بهذه الإشكالية جعل إحساسه متدافقا باتجاه المعني التشكيلي الذي كثيرا ما ينتصر إن الخطوط اللونية المتواترة المتداخلة، هي التي تخرج منها الأشكال، فالخطوط اللونية ترتبط باليقظة، والأشكال مرتبطة بالحلم، والتوفيق بينهما أمر شاق ومعقد ويحتاج إلي صدق وجدناه في معرض أحمد عبد الكريم. بقي أن نشير إلي أن الفنان أحمد عبد الكريم من مواليد 1954 وحصل علي درجة دكتوراه الفلسفة في التربية الفنية بكلية التربية الفنية جامعة حلوان في رسالة بعنوان بعنوان "تحليل محتوي نظم الزخارف الهندسية الإسلامية" 1990، وأقام العديد من المعارض التي تحمل عناوين فلسفية مثل "مراكب القمر - ذاكرة الأشياء - التحول - مراكب ورق - الهدهد والمعدية وأخيرا قلب الهدهد" وحصل علي العديد من الجوائز منها الجائزة الأولي لمعرض الشباب للفنون التشكيلية في مجال التصميم والإعلان 1980-1981 والجائزة الأولي لتصميم ملصق الحفاظ علي البيئة جامعة الملك سعود - المملكة العربية السعودية 2001، وله مقتنيات بالمجلس الأعلي للشباب والرياضة ودار الأوبرا ومتحف الفن المصري الحديث.