شن رئيس حزب منبر السلام العادل المهندس الطيب مصطفى هجوماً عنيفاً على الحركة الشعبية لتحرير السودان وحكومة الجنوب، مشيراً إلى أن الحرب بين الشمال والجنوب لن تقف إلاّ بإسقاط حكومة الحركة الشعبية في جوبا. وقال إن الحركة الشعبية احتفظت باسم ب"تحرير السودان"، وفي دولتها "جنوب السودان" لأنها تنوي إعادة استعمار السودان والسيطرة عليه، وأن الدعوة إلى "السودان الجديد" التي تنادي تهدف إلى إسقاط نظام الحكم في السودان وإقام نظام موالي لها في الخرطوم. وأوضح "مصطفى" أن العلاقات بين مصر والسودان كانت كفيلة بمنع انفصال الجنوب، بيد أن مواقف مصر "المباركية" ساعدت على حدوث الإنفصال، مجدداً الدعوة لتوحيد البلدين لوقف الزحف الإسرائيلي الذي بدأ في "جوبا" مستهدفاً مصر العدو الإستراتيجي للإسرائيل. - بلغت الأمور في السودان مرحلة اللاعودة، انفصل الجنوب وتحول لدولة، ماذا بعد..؟ سعى السودان وقبل تشكيل حكومة الجنوب ألاّ تكون الحركة الشعبية عدواً، ودعا للتواصل معها، كنت ضد هذا التواصل لأن الحركة الشعبية تنادي بما تسميه "السودان الجديد" وهو مشروع إستعماري يهدف ل"إستعمار السودان"، وهذا يفسر لماذا احتفظت الحركة باسم "السودان" بعد الإنفصال. - ماذا تقصد بالسودان غير سوداننا..؟ للأسف لم يقف الأخوة العرب معنا خصوصاً مصر، فدورها العربي المؤثر، وإدراكها لطبيعة الصراع في السودان بين شماله وجنوبه، كان يحتم عليها الوقوف معنا، لكنها لم تفعل. قلت لمسؤولين مصريين بالخرطوم، لماذا لا تفهمون وجهة النظر السودانية، وأن السودان انفصل عن مصر بفعل الإستعمار، وأن الإنجليز قطعوا صلة السودان بمصر، ووصلوه بالجنوب. ولماذا لا تفهمون نوايا الحركة الشعبية التي احتفظت ب"تحرير السودان"، وسمت دولتها "جنوب السودان" رغم كراهيتهم له ؟ هل يعني إسقاط ما يسمونه "النموذج العربي الإسلامي المتحكم" إبقاء "السودان الجديد"، الذي يسعون لتحقيقه بانقلاب عسكري وبإثارة الفتن وإضعاف الدولة، ليسيطروا على السودان كله حتى بعد الإنفصال ؟ الحركة الشعبية تحتفظ بالخطة "ب"، ويقصد بها تفتيت السودان، والسعي لإنفصالات جديدة، لذا أطلقوا على جنوب كردفان والنيل الازرق "السودان الجديد"، كما قالها الأمين العام للحركة الشعبية "باقان أموم" الذي كتب خطاب سلفاكير رئيس الجنوب يوم تدشين دولته أمام الرئيس البشير. لقد قال سلفاكير في الخطاب ودون أن يستحي: لن ننسى "كردفان والنيل الأزرق وأيبي" والرئيس البشير موجود أمامه.. سلفاكير ليس من قال ب"السودان الجديد"، قالها "جون قرنق"، فسلفاكير حين مات "جون قرنق" كان موقوفاً من "الخدمة"، ومحضر الإجتماع الذي عقد قبل توقيع نيفاشا يقول أن قرنق كان في طريقه إلى "عزله"، بل أوشك على قتله حين دعاه إلى نيروبى لكنه رفض لأنه كان يعلم أن قرنق سيقتله كما قتل آخرين. ففي اجتماع عقد في "رمبيك" قبل توقيع إتفاقية نيفاشا (29 نوفمبر 2004م،كانت هناك قوات من الكوماندوز تحيط بسلفاكير، وقد قال سلفاكير في ذلك اليوم لقرنق: "don't forget". - مشروع "السودان الجديد" مشروع أمريكي لجعل السودان دولة "غير عربية وغير مسلمة". سلفاكير قتل قرنق ليصل لرئاسة الحركة الشعبية لأنه يقود التيار الإنفصالي، أمام التيار الحدوي وقرنق بذكائه المعروف حاول اللعب بعيداً عن الأمريكان، ورفض الوصاية وقال لهم دعونا نترك الإنفصال لصالح "السودان الجديد" ثم نعود له إذا لم نفز في الإنتخابات، لذا نصت الإتفاقية على قيام الإنتخابات قبل الإستفتاء، فإذا فازوا فيها يحكمون السودان ويطبقون مشروع "السودان الجديد" وإذا لم يفزوا لجأوا للإنفصال. - يلاحظ أن هناك أخطاء لافتة في إتفاقية" نيفاشا ".. بالتأكيد كانت هناك أخطاء كارثية كبرى، كنا نحذر منها أثناء فترة الإنتقال، أصدرنا البيانات والندوات وغيرها، لكن الدولة اعترفت بها كلها فيما بعد. - هل سيستمر الصراع بين الشمال والجنوب، أم هنالك حل حسب رأيك..؟ سيستمر الصراع ؛ لأن الحركة تسعى لإسقاط الحكومة، ونحن ندعو إلى إسقاط الحركة الشعبية لتأتي حكومة أخرى لا تحمل مشروعاً توسعياً، حكومة مسالمة لا تدعم ذلك المشروع. نحن نؤمن أن الطريق لتحرير "إلى كاودا" يمر عبر إسقاط الحركة الشعبية في جوبا. - هل تعتقد أن سقوط الحركة الشعبية ممكن..؟ اعتقد ذلك، لأن طبيعة الصراع مع الحركة الشعبية صراع قبلي.. - هل هناك دول تدعم حركات التمرد بالسلاح وبالمرتزقة..؟ أنظر إلى ما فعلته هذه الدول في الأنظمة العربية التي انهارت، ماذا فعلت لنظام حسني مبارك في مصر، أو نظام بن علي في تونس، أو معمر القذافي في ليبيا ، من يظنون أن أمريكا كبيرة فإن دولتنا "أكبر"، فأمريكا التي يظنون أنها تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، فهؤلاء كاذبون. ان شمال السودان دولة به مؤسسات وعندما يسقط النظام السياسي هذا لا يعنى سقوط الدولة، أما في الجنوب فلا توجد دولة لا ومؤسسات ولا خدمات، وتسعين في المائة من الناس هناك لا يعلمون إلى أين يسيرون..؟ لا نكون مغرورين إذ قلنا إننا الوحيدون القادرون على إدارة هذه الدولة وإقامتها، فهم يجمعون بين الزيت والنار في إناء واحد. جنوب السودان ملئ بالخلافات، لذا يبثون روح الكراهية في المواطن الجنوبي ضد المواطن الشمالي، بالضبط مثلما كان الحال أيام سيادة قانون المناطق المقفولة الذي وضعه المستعمر ومنع بموجبه دخول العرب والمسلمين إلى الجنوب، قسموا الجنوب على الكنائس ومنظمات التبشير، ثم منعوا الزي والأسماء الشمالية، حتى لا يدخل الإسلام واللغة العربية إلى الجنوب، واشتغلوا على رسم صورة الشمالي بأنه تاجر "رقيق" يسعى لذل الجنوبيين. وبعد خمسين انتقل السرطان نفسه إلى الجنوبيين فهمي يريدون استباحة الخرطوم. - لكن يمكن أن توجد نقاط تواصل معهم..؟ ماذا نفعل لهم، هل نخرج لهم من بيوتنا، لقد فعلنا ما نستطيعه دون جدوى، وسرى الشيطان الإنفصالي الذي بدأ في العام 1955م، وتضخم إلى أن وصل للدولة الحالية في 2005م ويكمن الحل الجذري في القضاء على الحركة الشعبية لتحرير السودان، فبعد القضاء عليها تماماً وتأتي حكومة أخرى نستطيع الحوار معها. - يقال أن لإسرائيل دوراً كبيراً في هذا الصراع..؟ تستهدف إسرائيل مصر قبل السودان، وعلى أيام الرئيس السابق حسني مبارك كنت أقول دائماً كيف يترك المسؤولون السودانيون الحضارة والعراقة والشعب المصري ويختزلونه في شخص الرئيس مبارك..؟ إنها مصر "صلاح الدين، قطز"، إني أنحاز لمصر الأرض والشعب . - أنت تربط بين الدور المصري والتحولات الجارية في السودان..؟ كانت مصر منذ تاريخ قديم دولة واحدة مع السودان، المستعمرون الإنجليز حين قرروا فصل مصر عن السودان، قرروا في ذات الوقت ضم الجنوب إلى السودان، لماذا فعلوا هذا، فلو كانت مصر والسودان دولة واحدة لما طرحت فكرة الإنفصال بين الشمال والجنوب المرة. - لماذا..؟ لأن السودان ومصر سيكونا منطقة ضغط مرتفع للحضارة والهوية العربية الإسلامية. ظلت إسرئيل تدعم إنفصال الجنوب وتدعم التقسيم للتضيق على مصر، لأن مصر هي عدوها الإستراتيجي وليس السودان. لقد حدث تحول في السياسة الاسرائيلية بعد ثورات الربيع العربي، لذا فهي تسعى للسيطرة على مصر، وهو أمر مهم بالنسبة لها أكثر من السودان، وفي ذات الوقت هي تخشى التواصل بين السودان ومصر. إسرائيل تدعم تدعم مشروع السودان الجديد، وقد أرسلت خبراء إلى الجنوب لتنفيذه، على مصر أن تحضر بقوة، قبل التدخلات الدولية من الدول الأقوى. كان الجنوب قبل الإنفصال لا يسمح بتطور العلاقات بين مصر والسودان أو بوجود مصري في الجنوب، لذا يجب وتبعاً للمتغيرات التي تحدث في المنطقة لا أن ستحوذ السودان على النسبة الأكبر من اهتمامات السياسية الخارجية المصرية، ليتمكنا معاً من إبعاد الخطر الإسرائيلي. كان رد فعل وزراء الخارجية العرب حول الوضع في هيليج جيداً، فيما بقيت مصر محايدة، نحن الآن نطمع في دور مصري أكبر ودعم أكبر. - هل تعتقد أن نظام الرئيس مبارك كان ينفذ أجندات خارجية..؟ بالتأكيد كان يفعل ذلك، وهذا واضح في العلاقات بين البلدين في عصره الذي شهد تهوراً مريعاً في العلاقات بين البلدين. - كيف تنظر إلى صعود التيار الإسلامي في مصر؟ لم لا، التيار الإسلامي متصاعد، ويجب أن يأخذوا فرصتهم كاملة. الخوف من الإسلام أو ما يسمونه في الغرب "الأسلاموفوبيا" ليس إلاّ خوف من الجماعات المتطرفة . - هل ترى أن فكرة الإسلام السياسي نجحت في السودان..؟ لم تنجح بالشكل المطلوب ؛ لأن هناك تخوفات من الدول التي جرت فيها ثورات شعبية أثرت على السودان، إضافة إلى أخطاء وقعت حول مفهوم الإسلام السياسي، وهي لا يتحملها الإسلام. - أنت رئيس حزب سياسي في السودان، هل هناك وجود حقيقي للأحزاب في الشارع السوداني، أم أنه دون المستوى المطلوب..؟ نحن حزب جديد ؛ لكنه برز بشكل كبير في فترة وجيزة، وأكبر دليل على ذلك أن صحيفة منبر السلام العادل هي الصحيفة الأولى في السودان، توزع أكثر من الصحف الأخرى، وتؤثر تأثيراً على الشارع أكثر من صحيفة الحزب الحاكم.