حالة من الجدل والزخم السياسي اثيرت فور الاعلان عن الانتصار الكبير الذي حققه الاسلاميون في المرحلة الاولى من انتخابات مجلس الشعب 2012 - برلمان الثورة - والذي جاء بنسبة 65 % من مجمل التصويت وتسابق الخبراء والمحللون السياسيون في طرح وجهات نظرهم وارائهم حول المستقبل السياسي لمصر في حالة استمرار ذلك الانتصار لمرشحي التيارات الاسلامية - وبشكل خاص مرشحي الحرية والعدالة - في باقى جولات الانتخابات في المرحلة الثانية او الاخيرة واصبح الشارع المصري يواجه حالة متباينة بين تخوفات البعض من التحول الى الدولة الدينية التي ستضع العديد من المحاذير والاوامر والنواهي بينما يرى البعض الاخر الامل والبشرى في امكانية نشر المرشحين الاسلاميين للعدل بمجرد دخولهم تحت قبة البرلمان. تلك الحالة الجدلية انتشرت بشكل واسع بين اوساط السياسيين وانتقلت الى رجل الشارع العادي الذي بات يقول "الاخوان لما يكسبوا على الأقل هيكونوا احسن من النظام السابق لانهم هيخافوا ربنا شوية".. ولم تتوقف النقاشات بل اصبح اطفال المدارس يتسامرون في طرقاتهم حول افكارهم عن النائب الاسلامي وهل سيلغي التليفزيون ام سيمنع السينما ويغلق دور العرض الى ان ذهب بعضم للتساؤل: "هو ممكن يطبقوا الحد على اللي بالغش في الامتحانات؟". ففي تصريحات صحفية، قال الناشط د. عمرو حمزاوى، إنه لا يمكن إنكار وجود "أغلبية إسلامية" فى البرلمان المقبل، وأشار إلى أنه ضد "الفزاعة الإسلامية التى أظهرها نظام مبارك"، داعياً يجب تعاون الأغلبية والأقلية فى البرلمان المقبل لتحقيق العدالة والديمقراطية.. وتابع: "حصول كل التيارات على نسب من التصويت دليل على وجود الشارع"، مطالباً بتوقف ما أسماه "ممارسات الاستعلاء" من قبل بعض التيارات. حمزاوى كشف أنه سياسند فى الانتخابات بمرحلتيها القادمتين، حزب الوسط وحافظ أبو سعدة، رافضاً خطاب التخويف من التيارات الدينية، واعتبر أن جماعة الإخوان المسلمين كانت المعارضة الوحيدة وقت النظام السابق، وهناك ضمانات تكفل عدم استحواذ الأغلبية على البرلمان، تتمثل فى وجود أجندة عامة للمصريين لا يملك أى تيار الخروج عنها، بالإضافة إلى أجندة وطنية متعلقة بإعادة بناء النظام السياسى. وعن رؤيته للدولة المدنية، قال "حمزاوى": الدولة المدنية هى التى يكون دستورها ملتزمًا بالمرجعية الإسلامية فالهوية الإسلامية لمصر ليست محل تنازع.. ورفض المزايدة من جانب التيارات المتشددة التى تلعب على الهوية الإسلامية، مؤكدا أنه ليس خائفا من تيار الإسلام السياسى وسيطرته على البرلمان. اما د. حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، فرأى أن الفوز الذي حققته جماعة الاخوان المسلمين او حزب الحرية والعدالة لم يكن مفاجئة او امر خارج عن التوقعات.. مشيرا الى ان الاحتمالات كانت تصب ناحية فوز اكبر بكثير للاخوان مما حققته في جولتها الاولى من الانتخابات.. مضيفا: الجديد فى الأمر أن جماعة الإخوان المسلمين، التى اعتادت أن تظهر بمظهر المتحدث الرسمى أو الوحيد باسم هذا التيار، لن تكون وحدها على هذه الرقعة، وستواجه بمنافسة قوية من جانب السلفيين. وتابع نافعة: ليس من المستبعد أن يتحالف الإخوان مع بعض التيارات الوسطية والليبرالية لتشكيل جبهة عريضة معتدلة قادرة على تحقيق الاستقرار والأمن فى المرحلة المقبلة. وكانت وكالة الانباء الفرنسية قد نقلت عن نافعة قوله: إن الأمر المثير للخوف هو أنه "إذا هيمنت التيارات الإسلامية على البرلمان فإنها قد تؤدي إلى نظام ليس ديمقراطيا واستبداديًا بملامح دينية أو ديني قمعي أو يميني عنصري".. وأضاف: "لقد رأينا أنواعا كثيرة من الاستبداد يتخفى تحت عباءات ايديولوجية مختلفة ولا نريد استبدال استبداد مبارك بنظام استبدادي ديني". وعلي الجانب الدولي، فقد افصح وزير الحرب الاسرائيلي "ايهود باراك" عن قلقه من فوز الاسلاميين في مصر.. وكشف باراك عن اتجاه بلاده نحو سياسة جديدة تهدف الى اعادة التفكير في الشئون السياسية مع مصر في ظل الفوز الكبير الذي حققته التيارات الاسلامية المصرية في مستهل مراحل الانتخابات البرلمانية.. مطالبا الحكومة المصرية بالحفاظ على اطار الاتفاقيات الدولية وبينها اتفاقية كامب ديفيد. مخاوف باراك تزامن مع تصريحات وزير المالية يوفال شتاينيتس، والتي قال فيها: "اننا قلقون، وآمل ان تنتصر الديمقراطية في مصر وألا يتحول هذا البلد الى دولة اسلامية متطرفة". وفي هذه الآونة صرح مسئول اسرائيلي بارز بان رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتانياهو، أصدر تعليماته إلى حكومته بضرورة تعزيز علاقات إسرائيل الخارجية بدول أخرى، غير مصر وتركيا، لمواجهة تنامي الإسلاميين المتطرفين مثل "الإخوان والسلفيين" في مصر والإسلاميين فى الدول العربية، ولتعويض خسارة الأنظمة الصديقة التي أسقطتها الثورات في الدول العربية. وليام تايلور المنسق الأمريكي الخاص لانتقال السلطة في الشرق الأوسط، اكد أن واشنطن ستكون راضية إذا أسفرت الانتخابات البرلمانية عن فوز جماعة الإخوان المسلمين، فيما حذر من استيلاء الجيش على السلطة.. وقال تايلور خلال منتدى معهد الأطلسي للأبحاث في واشنطن: "أعتقد أننا سنكون راضين إذا كانت انتخابات حرة ونزيهة"، وذلك ردا على سؤال حول رد فعل واشنطن على ما إذا تصدر الاسلاميون الانتخابات التي تبدأ الشهر الجاري؟.. وأضاف: إن "ما يتعين علينا فعله هو أن نحكم على الناس وعلى الأحزاب والحركات بناء على أفعالها وليس على تسمياتها.. وبشأن اعتلاء الإسلاميين مناصب السلطة قال تايلور: "هذا شيء اعتدنا عليه، ولا ينبغي أن نخشاه وينبغي أن نتعامل معه" - وفقًا لتقرير ل"فرانس برس". وفي حواره مع الاعلامي وائل الابراشي، ارسل رئيس حزب الحرية والعدالة د. محمد مرسي العديد من رسائل التطمين لسد حالة المخاوف من تجاه التيار الاسلامي او الاخوان.. وفيما يتعلق بالتخوفات القبطية من فوز الاخوان في الانتخابات باغلبية كبيرة؟ قال مرسي: الاقباط أصحاب أرض مثل المسلمين، وأرى أنهم أصحاب حق أصيل وضمن النسيج الوطني المصري منذ أكثر من 1400 سنة فهم مصريون بالضرورة وأنا كذلك صاحب حق بالضرورة فأنا أعيش في المجتمع المصري، وهذا الخوف لدى البعض ربما غير حقيقي لأنني لي أصدقاء مسيحيون وزملاء في الجامعة وأساتذة وطلاب ومعيدين وجيران ولدينا في الحزب أعضاء مسيحيون حوالي 100 عضو. أمين عام حزب الحرية والعدالية د. محمد البلتاجي، اكد أن ثقة الشعب بجماعة الإخوان المسلمين طيلة 80 عامًا مضت، لم تتأثر بخداع إعلام الرئيس السابق مبارك أو ساويرس، مشيدًا بالثقة الغالية التي أولاها لحزب الحرية والعدالة بعد تقدمه في المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية.. وأضاف: "هناك من يقودون حملات التخويف والتفزيع من الإسلاميين، التي عطّلت شئون مصر طيلة 30 عامًا مضت، بحجة أن أي تطور ديمقراطي وانتخابات حرة تأتي بالاسلاميين فلتعطل الديمقراطية حتى لا تأتي بهم". جاء ذلك في مؤتمر جماهير ألقاه البلتاجي.