في إطار قضية تعقب الحكومة المصرية للأموال المهربة الى الخارج لمسئولين سابقين متورطين في قضايا فساد، تمكنوا من اخفاء اموال الدولة وتهريبها إلى الخارج، والتى قدرتها تقارير الهيئات المالية الدولية بنحو 225 مليار دولار معظمها في بريطانيا وسويسرا وإسبانيا، وفي مفاجأة غير متوقعة كشف "مخائيل بوك" السفير الألماني بالقاهرة عن طلب مصر تجميد أرصدة 200 مسئول مصري سابق، موضحا أن بلاده لا تزال مستمرة في تقديم الدعم والتعاون مع مصر في هذا المجال. وأضاف أن الثورة المصرية لم تنته بعد، وإنما بدأت وتتطلب هذه المرحلة التي تمر بها البلاد حاليا المثابرة من كل المصريين، مؤكدا أنه لايمكن نقل نموذج ديمقراطي من أوروبا إلى مصر، دون أن تكتمل منظومة الديمقراطية في مصر لتحقيق شرعية جديدة. وأكد السفير الألماني أن أحدا لم يكن يتوقع حجم المشاركة المذهلة خلال الثورة، مبدياً دهشته من سياسة القمع التي كان يتبعها الرئيس السابق وعدم إعطائه حرية التظاهر السلمى والتعبير عن إرادة الشعب.. مشيرا في الوقت نفسه إلي أن هناك مشروعا تساهم فيه ألمانيا يركز خلال الفترة المقبلة علي تدريب مليون حرفي بمصر، وتحسين مستواهم بدلا من جلب العمالة الماهرة من الخارج. وعلى مستوى الدعم النقدي لمصر من الخارج، أوضح أنه لن يكون مجديا كالدعم الفني الذي من الممكن ان تقدمه القوى الاقتصادية الكبرى، خاصة أن مصر تحتاج العمل وليس الأموال، موضحا كذلك أن ألمانيا تقدم لمصر الدعم الفني في مجالات تنقية المياه والطاقة المتجددة كالشمس والرياح والتخلص من القمامة وصيانة السدود. ودعا كذلك رجال الأعمال المصريين إلى طرح مبادرات للارتقاء بالاقتصاد المصري. كما تقدم السفير الالماني بدعوة الى السائحين على مستوى العالم إلى سرعة العودة لمصر، مؤكدا أنها آمنة تماما، مشيرا إلي أن ألمانيا قامت برفع تحذيرها من السفر إلى مصر، وأوصت فقط بعدم الذهاب للأماكن النائية، موضحا أن عدم وجود سائحين بمصر وراءه وكالات السياحة الكبيرة التي فسخت تعاقداتها معها عقب الثورة، وتعاقدت مع جزر الكاريبي، وتنتهي هذه التعاقدات نهاية الشهر الحالي لتعود إلى مصر مجددا. ومن جانب آخر، تشهد العلاقات المصرية - الالمانية في مجالات الصناعة والتجارة تقييما شاملا للسياسات الاقتصادية والتبادل التجاري بين البلدين، خاصة في ظل توقعات من الجانب الالماني بنمو نظام التمويل الإسلامى بمصر بشكل ملحوظ خلال الفترة اللاحقة. وأشارت توقعات المانية إلى أن مصر ستكون أكثر قدرة على جذب الاستثمارات الاجنبية عقب انتهاء مرحلة التحولات الديمقراطية نتيجة التحسن المتوقع فى بيئة الاستثمار، وتراجع معدلات الفساد، وتعزيز الشفافية، والإدارة الرشيدة فى المجال الاقتصادى. ونفى مسئولون ألمانيون أي احتمالات لتراجع استثماراتهم في مصر خلال الفترة الحالية.. منبهين الى ان الحكومة القادمة فى البلاد ينبغى عليها تنفيذ حزمة من السياسات الاقتصادية لدعم البيئة المواتية للاستثمار وتعزيز تنافسية الاقتصاد المصرى بما سيوفر التمويل اللازم لمشروعات البنية التحتية. كما توقع خبراء اقتصاديون ألمان زيادة حجم التدفقات الاستثمارية الألمانية بمصر عقب انتهاء استحقاقات المرحلة الانتقالية، مؤكدين حرص بلادهم على تعزيز علاقات المشاركة الاقتصادية مع مصر والتى تعد ثالث أكبر شريك تجارى لألمانيا فى منطقة الشرق الأوسط بعد الامارات والسعودية، ومؤكدين في الوقت نفسه أن تحقيق العدالة الاجتماعية، ومعدلات نمو اقتصادى مرتفعة يستلزم إدارة الموارد الطبيعية والبشرية بمصر بشكل فعال وشفاف من أجل تعظيم عوائدها الاقتصادية. أما عن التطورات الاقتصادية الإيجابية التى شهدتها مصر خلال الأشهر الماضية، فمن أبرزها زيادة عائدات قناة السويس واستئناف الانشطة التصديرية للشركات سواء المصرية أو الأجنبية العاملة بمصر، فضلا عن التقدم الاقتصادى فى مصر والذي سيرتهن بشكل رئيسى على تدريب القوى البشرية وتأهيلها من أجل مواجهة متطلبات سوق العمل وزيادة معدلات انتاجيتها والتى ابدت ألمانيا استعدادها لتعزيز التعاون مع مصر فى مجال تدريب وتأهيل العمالة الفنية. ووجه المستثمرون الألمان دعوة للشركات الخاصة على تحمل مسئوليتها بشأن توفير برامج التدريب للعمالة بمصر التى تتمتع بميزة نسبية فيما يتعلق بتوفر العمالة الرخيصة على حد وصفهم. والجدير بالذكر أن اتفاقية المشاركة الاقتصادية الموقعة بين مصر والاتحاد الأوروبى ساهمت بفاعلية فى تعزيز التعاون بين القاهرة وبرلين فى مجالى الاقتصاد والتجارة، وأن الحكومة المصرية ينبغى عليها اتخاذ مختلف الإجراءات اللازمة لضمان استفادة كل القطاعات الإنتاجية والخدمية من النمو الاقتصادى من أجل تعزيز تنافسية الاقتصاد المصرى.