عقد المجلس الأعلى للثقافة، أمسية ثقافية بعنوان "الدراما الوطنية والشباب"، عبر تطبيق زووم. في البداية قال د. هشام عزمي، إن الدراما الوطنية تتصدر المشهد المصري، فلها تاريخ طويل، منذ الأفلام التي أنتجت في سبعينيات القرن الماضي بعد حرب أكتوبر ، وفيلم "الصعود إلى الهاوية"،ثم بعض المسلسلات ك "رأفت الهجان"، و"دموع في عيون وقحة". وأوضح عزمي: إن السينما والدراما المصرية قد عادتا في العامين الأخيرين بأعمال مهمة، وأولها كان فيلم "الممر" الذي أحدث حالة جعلت المتلقي يرصد ويفكر في أحداث لم ينتبه لها من قبل، فالأعمال أصبحت تقدم بشكل درامي مع بعد فني فيه عنصر جذب وتشويق. كما تحدثت الفنانة بشرى عن تجربتها الفنية قائلة: "لقد بدأت ككل طفل مصري وأرى نفسي شاهد عيان على ما رأيته في طفولتي، ما جعلني أفكر أن أشارك من خلال مهنتي في استشراف المستقبل، ومن يقوم بتمثيل "دور شرير" الناس تغضب منه، ومن يقدم دورًا بطوليًّا فالناس تحييه، فقصص أبطالنا وتاريخنا لا بد أن نكتبه نحن بأيدينا ولا نترك لسوانا أن يفعل ذلك". وأضاف الفنان أحمد حلاوة، أن الدراما قد تعطينا قيمة كبيرة وقد تطعننا بسكين، ومهمتنا أن نغرس قيمًا اجتماعية وثقافية وفنية، ولكن المشكلة الحقيقية هي مدى وعي القائمين على العمل الفني، فحين قمنا بإنتاج بعض الأعمال الدرامية ذات الصبغة الوطنية والتوثيقية فقد بدأ وعي المشاهد يتشكل وينجذب بالفعل إلى مثل تلك الأعمال. ومن جانبه ألمح د. أحمد زايد إلى أن التحدث عن الدراما وتأثيرها في الشباب لابد لنا من عرض عدد من المقدمات، فالدراما من الفنون التمثيلية والاتصالية التي يمكن أو يتوقع أن تؤثر في مشاهديها ومستمعيها لأنها تحمل في طياتها قيمًا قد تكون سلبية وقد تكون إيجابية، وفيها مناهج أو مخططات خفية قد لا تكون مقصودة، ولكن طبيعة الإنتاج الدرامي هي التي تشكل ذلك. أيضا أشاد الشاعر وائل السمري إن جودة الأعمال الدرامية المقدمة هذا العام أجبرت الجميع على مشاهدتها، وكل عمل درامي جيد قدم هذا العام يعتبر عمل وطني، لأن زرع القيم الإنسانية والأخلاقية والثقافية في الوجدان يؤدي بالضرورة إلى تنمية الانتماء إلى الوطن، وضرب مثالا على هذا بمسلسل "نجيب زاهي زركش" الذي يرسخ قيمة الأبوة ويبرز كيف تحولت حياة "يحيى الفخراني" بعد اكتشاف أن له إبنا مضحيا بالكثير من ملذاته الشخصية في سبيل إجتذاب إبنه إليه، كما ضرب مثلا آخر بمسلسل "لعبة نيوتن" الذي يبرز مدى المعاناة التي عانتها بطلة المسلسل "منى زكي" من أجل منح إبنها الجنسية الأمريكية في حين أن حياتها في السابق كانت مستقرة وبها قدرا من السعادة، وهذا أيضا ما يرسخ من قيم الانتماء ويعمق من الشعور بنعمة العيش وسط حياة مستقرة. واستعرض "السمري" أن هناك ثلاث مسلسلات هذا العام تحمل رسائل وطنية واضحة بإمتياز هي مسلسل الاختيار 2 ومسلسل هجمة مرتدة ومسلسل القاهرةكابول، مؤكدًا إن المسلسلات الثلاث برغم إشتراكها في صفة "الوطنية" إلا أنها تتناول العديد من الجوانب المختلفة والمتنوعة بالشكل الذي يخدم رسالتها الوطنية والفنية في آن واحد، فمسلسل الاختيار تميز هذا العام بكشف العديد من الجوانب الإنسانية في حياة ضباط الأمن وخاصة ضباط قطاع الأمن الوطني، وعاش الجميع معهم عذاباتهم وأفراحهم بالشكل الذي انعكس إيجابيا على تفاعل الجمهور، أما مسلسل هجمة مرتدة فقد تميز بكشف العديد من الملفات والتفاصيل الغائبة عن الأعين وهو ما يرسخ فكرة أن هناك رجال يعملون ليل نهار من أجل الحفاظ على الوطن والمواطن وأن هناك جبال من التفاصيل الأمنية المهولة لا نرى منها إلا القشور وأنه لولا تحمل هؤلاء الرجال مسئولية الحفاظ على الوطن لضعنا وضاع الوطن، أما مسلسل القاهرةكابول فقد كشف للجميع عقلية الإرهابي التي تدمر كل القيم الراسخة وتضحي بكل غال وثمين من أجل أوهام الزعامة الفارغة وأحلام الإمامة الزائفة. وأكد الفنان أحمد شاكر، أن لدينا مشكلة كبيرة مع الشباب في مصر، فنحن لا نستطيع ملاحقة تفكيرهم ومجاراتهم فيما يريدونه، فمناخ الدراما كان سوقا مفتوحة للجميع، وقد دفعنا ثمنًا كبيرًا لذلك أمام شباب لم يكن لديه إحساس الانتماء، ولكن كانت الجرأة والشجاعة من الشركة المتحدة، بهدف كتابة الدراما لتاريخ مصر وإظهار المعيار الحقيقي للانتماء والبطولة، ومن هنا جاءت سلسلة الاختيار (1، و2)، فالشعب المصري يحترم فكرة الانتماء والوطنية، لكنه يريد المايسترو الذي يستطيع قيادته إلى تمثل تلك القيم وتطبيقها. وتحدث الإعلامي جمال الشاعر حول مسلسل "الاختيار 2" و"القاهرةكابول"، وأشار إلى أنهما عملان رائعان ولكنهما لا يكفيان، فنحن أمام معركة فكرية في حاجة إلى مزيد من الإنتاج في هذا الاتجاه، والصورة بشكل عام توضح أن هناك إنتاجًا دراميا متنوعًا يعيدنا إلى طموحاتنا في الدراما المصرية ودورها في الحفاظ على الهوية وصناعة الوعي، لكن هناك سيطرة كبيرة للإعلانات على المحطات التلفزيونية، فولاء المنتج على المعلن أكثر من المشاهد. وأما المخرج أمير رمسيس فقد أشار إلى أن السينما مع المتغيرات التي حدثت خلال السنوات الخمس الأخيرة، إلى جانب الدراما لهما دور مهم جدا في استعادة الشباب، راجيًا أن تكون هناك إتاحة أكثر لأعمال وطنية ذات مفهوم أوسع. وأعرب المحلل الاستراتيجي أمير فتحي عن إن ذلك الجيل من الشباب الذي كان بين سن السادسة والعاشرة 2011 صار الآن بين سن السادسة عشرة والعشرين، وقد تعرض لأكبر كم من التشويه والخلط، وهو في حاجة ماسة إلى ضبط مفاهيمه وقيمه. وقالت د. رانيا يحيى، إننا مهما تحدثنا في ندوات ولقاءات فمشهد درامي واحد يمكنه أن يعادل كل هذا، أو يفوقه، من خلال التركيز على إنتاج أعمال درامية مستمرة تبث روح الانتماء والولاء، كما أثارت دور الزوجة والأم للضباط، فالسيدة التي لديها ابن أو زوج ضابط فإنها تقدمه هدية للوطن، وتحرم منه بإستمرار. وذكر الكاتب سامح فايز فترة حكم الإخوان، والرأي العام بعد حكمهم، والأفكار التي شاعت في تلك الفترة بعودة الإخوان مرة أخرى إلى الحكم، مشيرًا إلى أننا نتعامل بمنطق الإزاحة، فالعمل الجيد يزيح العمل الرديء. وأضاف اللواء محسن الفحام أن معظم الأحداث التي تمت مشاهدتها قد عاصرها هو حتى 2014، فمنذ عام 2010، كانت هناك إرهاصات لما حدث في 2011، وقال الفحام: "فضلًا عن الكلام الذي كنا نسمعه حول ما يقال عنه الفوضى الخلاقة"، مضيفًا أن ضباط الأمن الوطني من أكثر الضباط ثقافة وفكرًا ووعيًا، وواقعية الأحداث وأماكن التصوير أظهرت الدراما الصورة الحقيقية لضباط الجيش والشرطة المصريين، وكذلك فقر الوعي الديني والثقافي وبخاصةٍ هؤلاء الذين يفسرون القرآن تفسيرًا مغلوطًا، وتبعات ذلك التفسير. وعلى جانب أخر أسرد محمد أحمد مرسي عن قيادة الدولة والرؤية الوطنية التي قدمت من خلال كتاب دراما استطاعوا أن يخلقوا سياقًا جديدًا ويقدموا أعمالًا جيدة، في خطوات على الأرض، وتأثير ذلك في الشباب، الذين كانوا في مرحلة الطفولة في بداية هذه الأحداث، إضافةً إلى وجود طلاب من دول أخرى (اليمن، سوريا، ليبيا، العراق، السنغال، نيجيريا)، وهذه شريحة يمكن طرح الموضوع عليها ومناقشتهم في مدى تأثير الدراما الوطنية عليهم، فوجدت حالة من التماسك المجتمعي، فقد خلقت تلك الأعمال نوعًا من وحدة الهدف والرغبة في المشاركة. وقال المخرج مهدي السيد، تمنيت أن أشارك في مسلسل "الاختيار 2″، والحمد لله فقد قمت بدور في المسلسل، وعلى الرغم من الاتفاق على أن أقوم بأداء دور ضابط أمن وطني، وحين أرسل إلي الدور فوجئت أنني سأقوم بدور إرهابي! وتخوفت في البداية كثيرًا من هذا الدور، ولكنني قررت أن أقدمه. واختتمت الندوة بعدد من التوصيات أهمها الحاجة إلى مزيد من الأعمال الدرامية، كما ينبغي أن يتسع مفهوم الوطنية، وأن يسلط الضوء على كل المجالات التي تصلح كنموذج حي للوطنية، والتركيز على دور المجلس الأعلى للثقافة ولجانه في عقد فعاليات أكثر وتوفير منصات أخرى بديلة.