خمسون عامًا مرت على افتتاح السد العالي، الذي يعد أحد أعظم مشروعات السدود على مستوى العالم خلال القرن العشرين، وجاء تنفيذه بمبادرة من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، لتبدأ الملحمة الوطنية بسواعد المصريين، حيث تم وضع حجر الأساس له في التاسع من يناير عام 1960، وبعد مضي 4 سنوات من الجهد والتحدي وبذل العرق؛ تم استكمال بناء الصرح العملاق، وتم تغيير مجرى نهر النيل للسد العالى، وفي الخامس عشر من يناير عام 1971 تم افتتاح السد في عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات. وكانت بداية قصة إنشاء السد العالي قد جاءت بعد أن تم اتخاذ قرار الإنشاء من قِبَل الرئيس جمال عبد الناصر في عام 1953، حيث تم حينها تشكيل لجنة لوضع تصميم المشروع، وفى ديسمبر 1954؛ تم وضع تصميم السد تحت إشراف المهندس المصري موسى عرفة، ود. حسن زكي وبمساعدة عددًا من الشركات العالمية المتخصصة. وعندما حاولت مصر الحصول على موارد مالية لتمويل إنشاء السد العالي؛ واجهت بعض الصعوبات، حيث رفضت الدول الغربية مساعدة مصر في الجانب المالي والفني والتكنولوجي، وذلك بعد عدم موافقة الحكومة المصرية على الحصول على تمويلات مشروطة، والتي كانت ستمثل خطورة على الدولة المصرية، وهو الأمر الذي أدى إلى سحب الحكومة الأمريكية القرض الذى كانت ستقدمه لبناء السد بقيمة 56 مليون دولار، والأمر ذاته قد تم من قِبَل الحكومة البريطانية، التي منعت أيضًا القرض الذى كانت ستقدمه بقيمة 15 مليون دولار، كما رفض البنك الدولي منح مصر القرض الذى كان قد تم الاتفاق عليه بقيمة 200 مليون دولار. لم تيأس الحكومة المصرية آنذاك من فكرة إيجاد مصادر تمويل بديلة، بل تمكنت بفضل القيادة الرشيدة أن تحصل على قرض بقيمة 400 مليون روبل من جانب روسيا (الاتحاد السوفيتي سابقًا) بهدف تنفيذ المرحلة الأولى من الإنشاءات، وفي مايو 1959 قام الخبراء السوفييت بمراجعة تصميمات السد واقترحوا بعض التحويرات الطفيفة، التي كان أهمها تغيير موقع محطة القوي واستخدام تقنية خاصة في غسيل وضم الرمال عند استخدامها في بناء جسم السد، وفي ديسمبر 1959 تم توقيع اتفاقية توزيع مياه خزان السد بين مصر والسودان، ليبدأ العمل في تنفيذ المرحلة الأولى من إنشاء السد في التاسع من يناير عام 1960، وقد شملت تلك المرحلة؛ حفر قناة التحويل والأنفاق وتبطينها بالخرسانة المسلحة، وصب أساسات محطة الكهرباء وبناء السد حتي منسوب 130 مترًا . وفي السابع والعشرين من أغسطس عام 1960 تم التوقيع علي الاتفاقية الثانية مع (الاتحاد السوفيتي) لإقراض مصر 500 مليون روبل إضافية لتمويل المرحلة الثانية من إنشاء السد، وتمكن المصريون في منتصف مايو عام 1964 من تم تحويل مجرى مياه النهر إلى قناة التحويل والأنفاق وإقفال مجري النيل والبدء في تخزين المياه بالبحيرة. وتم استكمال المرحلة الثانية من إنشاء ذلك الصرح العملاق، حيث استمرت آنذاك الحكومة المصرية في بناء جسم السد حتى نهايته، وإتمام بناء محطة الكهرباء، وتركيب التربينات وتشغيلها مع إقامة محطات المحولات وخطوط نقل الكهرباء، لتنطلق الشرارة الأولى من محطة كهرباء السد العالي في أكتوبر 1967، وقد بدأ تخزين المياه أمام السد العالي في عام 1968، وفي منتصف يوليو 1970 اكتمل الصرح العملاق، وتم افتتاحه من قِبَل الرئيس الراحل محمد أنور السادات في الخامس عشر من يناير عام 1971. ويعد السد العالي من المشروعات الاقتصادية العملاقة، ذات العائد المادي المرتفع، وذلك مقارنة بالمشروعات العالمية المماثلة، وقد ساعد كثيرًا فى التحكم بتدفق مياه نهر النيل والتخفيف من آثار الفيضان، فضلاً عن توليد قوة هائلة من الطاقة الكهربائية.