ما أن أعلن الكنيست الإسرائيلى حل نفسه، والبدء للتجهيز للانتخابات التشريعية المقبلة، بدأت على الفور مشادات وتصريحات علنية من كل جانب ينتقد فيها الآخر، وسط حالة من الاستقطاب بين الأحزاب المشاركة فى الانتخابات. كان أبرز الأحزاب المرشحة للانتخابات الإسرائيلية، هو حزب الليكود الذى يتزعمه رئيس الوزراء الحالى بنيامين نتنياهو، حيث دخل فى تحالف مع حزب «إسرائيل بيتنا» الذى يتزعمه وزير الخارجية السابق أفيجدور ليبرمان، ليشكلان معاً تحالف «الليكود - بيتنا». وقد أكدت استطلاعات الرأى لعدد من الصحف الإسرائيلية أن نتنياهو سيتجه خلال أسبوع من فوزه بالانتخابات التشريعية، لتشكيل ائتلاف وسطى، لمحاولة التخفيف من حدة تشدد توجهاته، خاصة أنه يجمع أحزاباً يمينية متشددة لا تقدم تنازلات، مثل حزب «البيت اليهودى» الذى يتزعمه نفتالى بانيت، والذى سبق أن قال إن الجيش المصرى لم يعد لديه القدرة الهجومية التى تخشاها إسرائيل، ولهذا فإنه يجب تخفيض الميزانية الممنوحة للجيش الإسرائيلى. وتوقعت مجلة «ذى إيكونوميست» البريطانية، فوز رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالانتخابات المقبلة، إلا أنه سيكون فى مواجهة خيارات أكثر صعوبة من قبل، وهو ما قد يرغمه على تغيير موقفه من مبدأ حل الدولتين، خاصة مع الأخذ فى الاعتبار وجود أحزاب دينية متشددة فى التحالف الذى شكله لخوض الانتخابات. وأشارت المجلة البريطانية إلى أن غياب الملف الفلسطينى عن الحملة الانتخابية ل«الليكود - بيتنا»، كان موافقاً لهوى نتنياهو، وعلى الرغم من أنه لم يتبق إلا أيام معدودة على الانتخابات الإسرائيلية، فإنه حتى الآن لم يعلن تحالف «الليكود - بيتنا»، ما إذا كان سيلتزم بخطاب نتنياهو الذى ألقاه فى جامعة «بار إيلان» الإسرائيلية، فى عام 2009، الذى أكد فيه موافقته والتزامه بإقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح، حيث أشارت صحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية إلى أن القائمة المشتركة ل«الليكود - بيتنا» لم تعلن بعد عن البرنامج الذى يفسر البرنامج الانتخابى ونوايا التحالف بشكل كامل. ورغم قوة التحالف الذى أقامه نتنياهو ليبرمان، إلا أن الأخير أكد فى حوار لصحيفة «هاآرتس» أن هذا التحالف سيتفكك فور إعلان النتائج النهائية للانتخابات الإسرائيلية، وهو ما أثار عاصفة داخل «الليكود»، فى حين أثنى وزراء آخرون فى الحزب على قرار ليبرمان، حيث قالوا: «لم نكن نرغب فى أن نرى ليبرمان إلى جانبنا طوال فترة الكنيست ال19». ولم يكن التغاضى عن الملف الفلسطينى فى الحملة الانتخابية من نصيب نتنياهو فقط، فزعيمة حزب «العمل» المعارض شيلى يحيموفيتش، التى تعتبر أشد منافسى نتنياهو، ترى الأمر نفسه، فقد تغاضت عن الملف الفلسطينى بأكمله فى برنامجها الانتخابى. أغلب استطلاعات الرأى تؤكد أنه رغم تراجع شعبية كتلة اليمين الإسرائيلى، فإنها ستحصل على الأقل على 63 مقعداً فى الانتخابات المزمع إجراؤها خلال أيام، حيث يكون لتحالف نتنياهو النصيب الأكبر منها، حيث يحصل على 32 مقعداً، فى حين يحصل حزب «كاديما» المعارض على مقعدين فقط، ويحصل حزب «شاس» الدينى المتشدد على 12 مقعداً. أما الكتلة اليسارية والوسطية فى الأحزاب الإسرائيلية، التى تشمل حزب «العمل» الذى تترأسه شيلى يحيموفيتش، وحزب «هتنوعاه» الذى أسسته وزيرة الخارجية السابقة تسيبى ليفنى، وحزب «يش عاتيد» الذى أسسه وتزعمه الإعلامى العلمانى يائير لابيد، وحزب «ميرتس» اليسارى، وحزب «كاديما»، فهى تجتمع جميعاً بشكل نسبى على حل الدولتين، ، فالحل المطروح بالنسبة لهذه الكتلة، هو رفض عودة اللاجئين ومنع تسليح الفلسطينيين والحفاظ على كتل الاستيطان الإسرائيلى فى الضفة الغربية. وأشارت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية إلى أن الأزمة الاقتصادية فى إسرائيل، والعجز الاقتصادى الذى يقدر ب50 مليار دولار، دفعت رئيس حزب «البيت اليهودى» نفتالى بينيت، ورئيس حزب «هتنوعاه» تسيبى ليفنى، ورئيس حزب «يش عاتيد» يائير لابيد، للدعوة لاقتراح إقامة حكومة ائتلاف موسعة للطوارئ. وحاولت صحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية دعوة الناخبين العرب للتصويت فى الانتخابات المقبلة، حيث وضعت افتتاحيتها فى نسختيها المطبوعة والإلكترونية باللغة العربية، تحت عنوان «اخرجوا وصوتوا»، وجاء فيها: «فى العام 1948، قرر الفلسطينيون الذين بقوا تحت الحكم الإسرائيلى أن يصبحوا مواطنى الدولة، وذلك باختيارهم النضال لمواطنة متساوية بأساليب ديمقراطية، هذا القرار شكل تحدياً للدولة التى سعت لإبراز طابعها اليهودى وللجمهور العربى الذى سار على حبل مشدود يصل بين النضال للمساواة وبين النضال لتحقيق تطلعاته القومية». وتابعت: «يمكن القول، اليوم وبعد 65 عاماً، إن هذا الخيار أثبت جدارته، فالجماهير العربية جزء لا يتجزأ من المجتمع الإسرائيلى وتسهم فى مختلف المجالات، وكأقلية قومية فالجماهير العربية تثرى الديمقراطية الإسرائيلية، ولهذا فإنه من الطبيعى أن تجد التعبير السياسى الذى يعكس وزنها فى المجتمع». وخلصت الصحيفة فى افتتاحيتها العربية، إلى أن «اليأس هو بمثابة «ترف» لا يمكن لمواطنى إسرائيل أن يتيحوه لأنفسهم، بينما المشاركة الواسعة للجماهير العربية فى الانتخابات هى لصالح جميع الديمقراطيين، العرب واليهود، ولذلك فالمواطنون العرب مدعوّون للخروج للتصويت من أجل السلام والمساواة والديمقراطية».