وقعت صباح اليوم السبت فاجعة أخرى تمثلت في حادث قطار مؤلم بمحافظة أسيوط أسفر عن وفاة أكثر من 50 طفلاً بسبب خطأ عامل مزلقان، مما يضع أمام أعيننا سؤالاً هامًا إلى متى ستظل حوادث القطارات مستمرة في مصر و هل تكرار هذه الحوادث بسبب إهمالاً جسيمًا تعاني منه هيئة السكة الحديد و وزارة النقل؟! أم المشكلة مشكلة سلوك البشر حيث السلبية و الإهمال و التقصير؟! لكي نجيب على هذا السؤال فذلك يستدعي منا أن نتذكر تاريخ حوادث القطارات في مصر في السنوات الماضية و التي حدثت بسبب إهمال رسمي و شعبي في آن واحد مما يدل على ثغرات جمة تجتاح المجتمع المصري الذي يحتاج للتنظيم و توحيد الصفوف و تهيئة النفس في الإصلاح من أجل البناء و التعمير. ففي ديسمبر من عام 1993 وقع حادث تصادم قطارين أسفر عن مقتل 12 شخص و إصابة 60 شخصًا على بعد 90 كيلومتر شمال القاهرة. وفي ديسمبر 1995 وقع حادث في القاهرة تصادم قطار بمؤخر قطار آخر أسفر عن مقتل 75 شخصًا و إصابة المئات و كان السبب في هذا الحادث سائق القطار لتجاوزه السرعة المسموح بها رغم وجود ضباب كثيف مما لم يمكنه من إتخاذ الإجراءات اللازمة في الوقت المناسب. وفي فبراير 1997 وقع حادث تصادم قطارين شمال مدينة أسوان بسبب خلل في الإشارات مع وجود سوء تصرف من العاملين أسفر عن مقتل 11 شخصًا و وجود العديد من الإصابات. وفي أكتوبر 1998 وقع حادث إصطدام قطار بمصدة أسمنتية بالقرب من الأسكندرية مما أدى إلى إندفاعها نحو المتواجدين بالقرب من المكان و خروج القطار نحو أحد الأسواق المزدحمة بالبائعين و المتجولين مما أدى إلى مقتل 50 شخصا وإصابة أكثر من 80 مصابا و معظم الضحايا ممن كانوا بالسوق. و أرجعت التحقيقات فى وقتها إلى عبث أحد الركاب المخالفين فى الركوب بالعبث فى فرامل الهواء بالقطار. وفي أبريل من عام 1999 أدى تصادم قطارين من قطارات الركاب في الأسكندرية إلى مقتل 10 من ركاب القطار و إصابة أكثر من 50 مصابا معظمهم حالتهم خطرة. وفي نوفمبر 1999 أصطدم قطار متجه من القاهرة إلى الأسكندرية بشاحنة نقل و خرج عن القضبان متجها إلى الأراضى الزراعية مما أسفر عن وقوع 10 قتلى و إصابة 7 أخرين كانت حالتهم خطرة. وفي فبراير من عام 2002 تعد حادثة قطار الصعيد التي وقعت بالعياط - 70 كم جنوبي القاهرة- الأسوأ من نوعها في تاريخ السكك الحديدية المصرية، حيث راح ضحيتها أكثر من ثلاثمائة وخمسين مسافرا بعد أن تابع القطار سيره لمسافة 9 كيلومترات والنيران مشتعلة فيه؛ وهو ما أضطر المسافرين للقفز من النوافذ، ولم تصدر حصيلة رسمية بالعدد النهائي للقتلى. وأختلف المحللون فى عدد الضحايا حيث ذكرت بعض المصادر أن عدد الضحايا يتجاوز 1000 قتيل وإن لم يصدر بيان رسمى بعدد الضحايا و هذا ما أثار الشكوك فى الحصيلة النهائية فى عدد الضحايا من الراكبين. (حادث قطار الصعيد 2002) وفي فبراير من عام 2006 أصطدم قطاران بالقرب من مدينة الأسكندرية أسفر عن إصابة 20 شخصًا. وفي مايو من عام 2006 أصطدم قطار الشحن بآخر بإحدى محطات قرية الشهت بمحافظة الشرقية مما أدى إلى إصابة 45 شخصا. وفي أغسطس 2006 أصطدم قطاران أحدهما قادم من المنصورة متجها إلى القاهرة و الأخر قادم من بنها على نفس الإتجاه مما أدى إلى وقوع تصادم عنيف بين القطارين ، وأختلفت الإحصاءات عن عدد القتلى فقد ذكر مصدر أمنى أن عدد القتلى بلغ 80 قتيلا و أكثر من 163 مصابا بينما قالت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية: إن 51 لقوا حتفهم، في حين ذكرت قناة "الجزيرة" الفضائية أن عدد القتلى بلغ 65 قتيلا. (حادث قطار المنصورة 2006)
وفي يوليو 2007 أصطدم قطارين شمال مدينة القاهرة و الذي وقع صباح الإثنين راح ضحيته 58 شخصًا بالإضافة إلى 140 مصاب. وفي أكتوبر 2009 تصادم قطارين في منطقة العياط على طريق القاهرة-أسيوط وأدى إلى مقتل 30 شخص وإصابة آخرين، حيث تعطل القطار الأول وجاء الثاني ليصطدم به من الخلف وهو متوقف مما أدى لإنقلاب أربع عربات من القطار الأول. (حادث قطار العياط 2009) بعد سرد تلك الحوادث نجد أنه نتج عن بعض منها ردود أفعال مختلفة تجاه المسئولين القائمين على وزارة النقل و هيئة السكك الحديدية فنجد مثلاً أنه بالتحديد في يوليو 2007 قدم رئيس هيئة سكك حديد مصر إستقالته بعد حادث قطار شمال القاهرة و في أكتوبر من عام 2009 قدم المهندس محمد لطفي منصور وزير النقل إستقالته بعد حادث قطار العياط إلى جانب محاسبة السائقين و العاملين بالقطارات لقصورهم في أداء عملهم على أكمل وجه و بحادث اليوم يتم إضافة وزير النقل د/ محمد رشاد المتيني للمستقيلين بعد أن قدم استقالته اليوم و معه رئيس هيئة السكك الحديدية. السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو إلى متى ستظل ملاحم الدموع و الدماء تنسال كالأنهار من عيون الشعب المصري بسبب حوادث القطارات التي تحدث بسبب الإهمال و التقصير و متى سنوقف تلك المهازل المستمرة التي ترتكب على جبين الوطن الذي عانى الكثير و الكثير و لازال يعاني الآن تزامنًا مع كثرة القتلى و الجرحى بغزة لنكون بين فكي الخطر من الناحيتين الداخلية و الخارجية.