القصير: الاضطرابات السياسية والاعتصامات المتهم الأول في تراجع تصنيف مصر الائتماني محيي الدين: دعم الحكومة للمركزى ضروري لجذب الاستثمارات واختيار التوقيت المناسب لقراراتها بدرة: التظاهرات والصراعات السياسية تفقد قرض الصندوق قيمته وتقتل التدفقات الدولارية متولي: الاحتياطي النقدي الخاسر الأول وتوحد جميع القوى السياسية حتمي للخروج من الأزمة الغندور: الصكوك مخرج رئيسي من الازمة .. ودخولها في الصراع الحزبى يضر بالاقتصاد "القطاع المصرفى صمام الأمان للاقتصاد المصرى"حقيقة لا يستطيع أحد انكارها على مدار العامين الماضيين فقد استطاعت البنوك مساندة الاقتصاد بقوة عَبر تمويل عجز الموازنة من خلال أذون وسندات الخزانة فى الوقت الذى امتنعت فيه المؤسسات الخارجية عن تمويل الدولة ،و نجحت ايضا فى تجاهل الصراعات السياسية والأزمات الاقتصادية التى تواجه الدولة وتتوسع فى تمويل العديد من القطاعات الحيوية إضافة الي مساندة العملاء المتعثرين من خلال تأجيل الاقساط المستحقة وتوفير تسهيلات ائتمانية لبعض العملاء ،فضلاً عن دورها الهام فى توفير احتياجات الدولة الرئيسية من السلع الاستراتيجية عن طريق فتح خطابات الضمان والاعتمادات المستندية فى الوقت التى عانت فيه الدولة من نقص السيولة الدولارية، المتمثلة في الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية. وعلى الرغم من توقع الخبراء أن يشهد عام 2013 استقرارا نسبيا في الوضع السياسى وما يترتب عليه من توسع اقتصادى يخدم محافظ البنك المركزى الجديد هشام رامز ؛المعروف بخبرته فى إدارة النقد الاجنبى واحتواء سعر الصرف خلال عمله كنائب لمحافظ البنك المركزى السابق فاروق العقدة، الا ان رامز كان ضحية صراع القوى السياسية المستمر وسوء قرارات الحكومة ،الامر الذى أدى الى تراجع التصنيف الائتمانى للدولة لأكثر من مرة وتأجيل حصول مصر على قرض صندوق النقد البالغ 4.8 مليار دولار ؛لتستمر المرحلة الانتقالية والتى كان يأمل الجميع فى سرعة انهائها وحصول مصر على الحزمة التمويلية التي تحتاجها والمقدرة ب 14.5 مليار دولار. ورغم اتخاذ رامز عددا من الإجراءات لتوفير العملة الأجنبية والحفاظ عليها ومحاربة "الدولرة" وتشجيع الاستثمار المحلي والعمل علي جذب الاستثمارات الاجنبية، الا أن القوى السياسية تقابل ذلك بمليونية اسبوعية وخلافات سياسية واشتباكات مع الشرطة تؤدي الي عدم وجود استقرار سياسي وأمني كما أن النظام ليس بريئا، حيث يقابل اجراءات رامز التحفيزية بقرارات خاطئة أبرزها التحفظ على أموال 23 من رجال الاعمال في قضية التلاعب بالبورصة دون التأكد من صحة الاتهامات والرجوع فيها مرة ثانية ،فضلا عن نزاع الضرائب مع شركة اوراسكوم الي جانب فرض ضرائب على البورصة لتزيد من تخوف المستثمر الاجنبى ويصبح رامز تحت رحمة مقصلة معارضة غير بناءة وحكومة متخبطة . السيد القصير، رئيس بنك التنمية الصناعية والعمال،قال ان الاضطرابات السياسية واستمرار المظاهرات والاعتصامات وعدم التوافق بين القوى السياسية المختلفة من أبرز المعوقات التى تواجه مسيرة البلاد والبنك المركزي خاصة بعد استمرار تراجع التصنيف الائتمانى لمصر على أثر تلك الاحداث. وأستبعد القصير ان تصل الدولة الى مرحلة تعجز فيها عن الوفاء بالتزاماتها الخارجية رغم تحذير وكالة موديز من ان احتمالية تخلف الدولة عن السداد خلال الفترة الاخيرة ،موضحا ان الدولة استطاعت أن تفي بكافة التزاماتها الخارجية خلال العامين الماضيين رغم صعوبة المرحلة مقارنة بالوضع الحالى موضحا أن المرحلة الانتقالية لن تنتهي الا باستكمال تشكيل باقى عناصر الدولة وانتخاب مجلس الشعب ووصول القوى السياسية الى توافق من أجل المصلحة العليا للبلاد. وأضاف ان استمرار تراجع التصنيف الائتمانى يزيد من الضغوط على الدولة والقطاع المصرفى وخاصة فى تعاملات البنوك الخارجية من فتح خطابات الضمان والاعتمادات المستندية بالاضافة الى رفع تكلفة التأمين. وشدد على ضرورة التوقف عن الاضرابات والمظاهرات واعطاء هدنة لفترة تتراوح بين ستة شهور الى عام من أجل تحسين الوضع الأمني للدولة وبالتالى تحسين الوضع الاقتصادى للخروج من الازمة من أجل تشجيع المستثمرين الاجانب على العودة لمصر مرة أخرى . ويرى عبد المجيد محيي الدين ، رئيس البنك العقاري المصري العربى ، ان اضطراب الاوضاع السياسية فضلاً عن القرارات الحكومية المتعارضة مع المناخ الاستثمارى من شأنها ان تحد من تدفق الاستثمارات بالدولة وبالتالي نقص الموارد الدولارية الامر الذي يصحبه انخفاض الاحتياطي النقدي وعدم القدرة على توفير السلع الاساسية للمواطنين وتحقيق النمو الاقتصادي المطلوب، مطالبا الحكومة بضرورة التزام الحكمة في قراراتها واختيار التوقيت المناسب لاتخاذها اضافة الى السعي لتحقيق نوع من التوافق بينها وبين القوى السياسية المختلفة والتي تؤثر بدورها على هدوء الشارع المصري . وأشاد بقرار المركزي الخاص بتفعيل آلية تحويل أموال المستثمرين الأجانب والذي من شأنه خلق نوع من الثقة لدى المستثمرين وجذبهم للسوق مرة أخرى، موضحا أن الازمات التي يتعرض لها المستثمرين بالدولة والتي تمثل أبرزها في أزمة اوراسكوم من شأنها ان تخيف المستثمر من الدخول بالسوق المصرية وهو عكس ما تسعى إليه الآلية التي اقرها المركزي والتى تقوم على تشجيع المستثمر وطمأنته. وأضاف أن السوق الاستثماري بمصر استطاع ان يتماسك ويحقق نموا جيدا خلال العامين الماضيين رغم الاحداث المضطربة التي تشهدها البلاد ، موضحا أن السوق لن تستطيع الصمود طويلاً اذا لم تستقر الاوضاع السياسية للبلاد ومن ثم الاقتصادية. وطالب طارق متولي ، مساعد العضو المنتدب ورئيس قطاع الخزانة ببنك بلوم مصر، جميع القوى السياسية من ليبرالية واسلامية واشتراكية بالالتفاف حول مصلحة الوطن والتوافق والبعد عن المصالح الشخصية موضحا أن مزيداً من عدم الاستقرار يدخل الاقتصاد المصري في مرحلة الخطر ، رغم أن مصر لديها كافة المقومات الصناعية والتجارية والسياحية الا انها تتوقف على المشهد السياسي والامني للبلاد . وأكد أن الاحتياطي النقدى هو الخاسر الاول من الصراعات والاضطرابات السياسية متوقعا استمرار تراجع الاحتياطى النقدى فى حالة استمرار الاعتصامات وانعدام الأمن، بعد اقتراب الاحتياطى من مرحلة الخطر مسجلا 13.5 مليار دولار بنهاية فبراير واصبح لا يكفى لمدة ثلاثة أشهر ، الامر الذي يجعل القطاع المصرفي غير قادر بشكل كبير على توفير السلع الاساسية للمواطنين والتي تشهد بعض الأزمات حالياً خاصة ازمة السولار والخبز وانقطاع الكهرباء ونقص الادوية وغيرها. وأشار الى أن قدرة البنوك على فتح خطابات الضمان والاعتمادات المستندية خلال الفترة المقبلة مرهون باستقرار الاوضاع السياسية والذي من شأنه جذب التدفقات الاستثمارية مرة أخرى واعادة حركة السياحة وبالتالي عودة الموارد الدولارية التي يتم من خلالها هذه المعاملات . وأضاف ان استمرار الوضع كما هو الحال الان يدخل البلاد فى نفق مظلم ويزيد المعاناة على المواطنين، كما ان البنوك لا تستطيع ان تخلق الدولار كي توفر ما يحتاجه المواطنون فهي بمثابة " لاعب بالسوق المصرية" فالعامل الاقتصادي ككل بما يتضمنه من حركة السياحة والاستثمارات المباشرة وغير المباشرة وغيرها من موارد النقد الاجنبي للدولة هو ما يؤثر على عمل البنوك والذي بدوره يقع تحت رحمة العامل السياسي. وأكد محمد بدرة، عضو مجلس ادارة بنك القاهرة، أنه لا فائدة من حصول مصر على قرض صندوق النقد البالغ 4.8 مليار دولار بدون عودة التدفقات الدولارية من السياحة والاستثمارات المباشرة والتى ترتبط بعودة الامن واستقرار الحياة السياسية مرة أخري. وأوضح أن الدولة تمتلك العديد الآليات السريعة لتوفير السيولة الدولارية من خلال الاهتمام بتنشيط حركة السياحة خاصة وأنها كانت توفر نحو 12 مليار دولار اضافة الي بث رسالة طمئنة للعالم ان الدولة قادرة على تأمين الاماكن السياحية والسائحين. وأضاف أن الدولة لاتعاني من نقص الموارد بل تمتلك العديد من الموارد الهائلة ولكنها تعانى من سوء استغلالها الامر الذى يجعلها غير مرتبكة بشكل كبير فى حالة عدم الحصول على قرض الصندوق والبحث عن بديل. وقال أحمد الغندور، رئيس قطاع الاستثمار بالمصرف المتحد، أن القوى السياسية يجب أن تجنب الخلافات السياسية وأن تتعامل مع الصكوك باعتبارها أداة تمويل اقتصادية فقط ومناقشتها من الناحية الفنية حتى لا تتسبب السياسة فى إضعافها والإضرار بالاقتصاد أكثر من ذلك، مؤكداً أن الخلاف حول عرض القانون على هيئة كبار العلماء ليس فى محله لأنه لا يوجد فى الدستور ما يلزم مجلس الشورى بهذا كما أنه سيتم إنشاء هيئة شرعية مستقلة تحكم فى مدى مطابقة معاملات الصكوك والمشروعات التى يتم طرحها للشريعة الإسلامية. وأوضح أن الصكوك كأداة تمويل متفق عليها وليس حولها خلاف لأنها معاملات مستقرة فى الشريعة الإسلامية بينما الذى يجب مراقبته الأموال التى تتدفق من خلالها وكيفية استخدامها وهى المهمة الموكلة للهيئة الشرعية التى سيتم إنشائها من علماء الأزهر. وطالب الحكومة بضرورة إعداد قائمة مجهزة للمشروعات الحكومية العاجلة التى تحتاج تمويلا عن طريق الصكوك وإعداد دراسات الجدوى حولها حتى تكون جاهزة للتسويق بمجرد إعداد اللائحة التنفيذية للقانون والإجراءات المكملة لإصداره، مشيراً إلى أن تلك الأداة ستفتح لمصر آفاقا كبيرة حال نجاح الطرح الأول لها، كما دعا إلى التفكير الجدى فى إنشاء مشروع صوامع القمح وطرحه عن طريق الصكوك لأنه سيوفر 33% فاقد القمح كل عام كما أنه يساعد مصر على تحقيق الاكتفاء الذاتى من القمح خلال 5 سنوات. وأضاف أن نجاح تجربة إصدار صكوك التمويل فى مصر يتوقف على مدى نجاح الإصدار الأول ومدى إقبال المستثمرين عليه، مؤكداً أهمية سعى الحكومة للتسويق الجيد للطرح الأول واختيار مشروعات مضمونة الربح وقليلة المخاطر حتى تمثل انطلاقة قوية للمشروع الجديد. وأشار رئيس قطاع الاستثمار بالمصرف المتحد الى نجاح الصكوك فى العديد من دول العالم وعلى رأسها ماليزيا حيث اعتمد عليها مهاتير محمد قائد النهضة الماليزية بعد سعيه حثيثا للحصول على القروض الخارجية، ثم استغنى عن تلك القروض عقب إصدار الصكوك، موضحاً أن مصر تستطيع تكرار تلك التجربة والاستغناء عن قرض صندوق النقد الدولى فى حالة نجاح طرح الصكوك. أكد أنه رغم الأزمة الاقتصادية الحالية وقيام مؤسسات التصنيف الائتمانى بخفض التصنيف للدولة والبنوك المصرية لعدة مرات فإن الصكوك بسبب قلة المخاطر المحيطة بالمشروعات التى تتم بهذا النظام قادرة على جذب حجم استثمارات كبير، إضافة إلى أن وجود استثمارات غير مستغلة ترغب فى استخدام اموالها فى نظام تمويل إسلامى يجعل مصر من الأسواق الواعدة التى تستفيد من تلك الأداة، مشيراً إلى نجاح المشروع فى دولة مثل لبنان رغم الأزمات الطائفية والسياسية بها ما يعكس وجود فرصة قوية لنجاح تلك الأداة فى مصر عقب تطبيقها.