لا تركض طويلا على نفسك المحبطة لحال بلدك دون أن تعبرعنها بالكتابة أو الحديث أو حتى الصراخ في وجه المجهول الذي لا ترى له بداية ولا نهاية، هذا هو لسان الحال الذي كلمنى هذا الصباح الذى لا يختلف عن سابقه بالنسبة لى إلا فى نوعية الإفطار الذي تناولته وقرار كتابة مقال يومى ؛فالكتابة بالنسبة لى أكل يومى اما أعده او التهمه. قررت أن أمسك القلم وأكتب على ورقة وجدت على ظهرها إعلانا لشركة مشروب غازي تتصدرها جملة " عبر .. مين قدك " ،فأخذت نفسا عميقا ممزوجا برائحة القهوة التي تحتل صوابعي كل يوم فى فنجان وابدأ فى الكتابة ،الا اننى توقفت قبل أن ابدأ لاسترجع خطواتى فى المرحلة الماضية خاصة برنامج " الشعب يريد " الذي كنت أقدمه على قناة التحرير وتعايشت معه أياما عديدة وقرار رحيلي عنه بعد انحياز القناة لإرضاء بعض المسئولين ممن يؤصلون لدولة فاشية قمعية ،لاتعترف بالحريات ولا بالاختلاف لأخرج من هذه المعركه أكثر إصرارا على مشاركة الواقفين أمام الظلم والقتل العمد مع سبق الاصرار والترصد للمواطن المصري بهدف الترويع وقتل المقاومة والمعارضة بصور وحشية وكل هذا لاحكام التمكين في اسرع وقت. وأعود للقلم الذى قرر أن يكتب " شخابيط " لحين عودتي من "السرحان" الذي عشت فيه دقائق وكأنه يرى ما يحدث حولنا والذى لايتعدى مجرد" شخابيط " فى صفحة وطن له جذور تعود لسبعة آلاف عام؛ يعيش على أرضه شعب عريق تنفس الحرية بعد عقود طويلة من القهر على جثة شبابه ودماء بريئة حلمت قبل موتها أن ترى وطنا يطعم شعبه الابتسامة والأمل. وابدأ فى الكتابة فى صدر الورقة لماذا ؟ هذا العبث وهذه الفوضى غير الخلاقة بالمرة فى كل ما نواجهه فى حياة اليوم فى ظل نظام يتعلم فينا طرق الاستبداد مسترشدا بديكتاتور سابق او قراءات خيالية ترى فى رئيسنا " رجل المستحيل " الذى سيقهر كل خصومة بركلة واحده لتجد كلمة النهاية تحتل صدر الصفحة مع صورة له وهو يقبل شعار الاخوان المسلمين. ولكنا الآن فى منتصف القصة على ما أظن والرئيس مازال يواجه ومازال أيضا يتعلم فنون القتال وليس الكلام فى ظل متغيرات جديدة تطل برأسها من قاع تتواجد فيه ثلاثة اهرامات و 92 مليون مواطن فاليوم ببساطة تركه اقرانه لينضموا الى خصومة ،فالداخلية المصرية اعلنت اضرابها لأول مرة بهذا الشكل الواسع بعد رفض رجالها ما اسموه باخونة الشرطة ودفعهم لقتل المتظاهرين من ابناء الوطن والزج بهم في اكبر ملف قتل لمحتجين شهدته مصر في العصر الحديث. وفى المقابل اليوم ايضا تعلن تيارات الاسلام السياسي وبالتحديد الجماعة الاسلامية استعدادها القيام بتسلم عملية تأمين البلاد فالسجين لعقود طويلة يريد ان تتبدل الادوار ويريد أن يكون سجانا يحمل لقب ضابط ب "مجموعات حراسات شعبية" برتبة إمام للحرس خاصة مع اعلان القائد المفدى عاصم عبد الماجد بأن الشرطى الذى سيترك موقعه لن يعود اليه. واليوم ايضا البداية الحقيقية لنزول الجيش المصري لتأمين المنشآت والمناطق الحيوية لأول مرة بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير؛ وان كان على نطاق محافظة بورسعيد بعد الانسحاب الكامل للداخلية منها لكنه ربما يمتد لتأمين الدولة وتحريرها من نظام ضرب بالوطن عرض الحائط وقتل المواطنين واغتصب النساء واعتدى على الرجال ومثل بالشباب وجوع البلاد وارتفعت الاسعار وانعدم الامن وزج بالشعب امام الشرطة في احتراب وقتل واسع النطاق. اليوم هو نقطة فاصلة في تاريخ الوطن بعد النطق بالحكم في قضيه مجزرة استاد بورسعيد الرياضي والتي اسفرت عن مقتل 73 واصابة 254 اخرين والتى نأمل ان تكون العدل والعدالة قد تحققت فيها، فالقضاء ما زال الركن الحصين الذى يجب ان يسكن بعيدا عن مدينة السياسة التى أغلقت شوارعها من زحام السياسين والمحللين حتى ان مستشار الرئيس للشؤون القانونية جنح بعربته فى " ميدان النهضة " ليقول ان القاضي مضطر اليوم لتأجيل النطق بالحكم على الأقل بالنسبة ل21 متهما فى قضية بورسعيد وصدقت رؤيته الثاقبة بالفعل " في المشمش " مع فاصل كبير من احداثيات اليوم طالع الصحف اليومية والبوابات الالكترونية لتجد ما يسرك من احداث "النهضة " الحقيقة التى تملأ الشوارع والبيوت وابتهج اذا ما رأيت صورة الرئيس فى صدر الصفحة الاولى ممزوجة بوعد من وعوده البراقة وجماعته الميمونة التى تتعطف يوميا علينا بالظهور بطلعتها البهية النقية عالية الجودة والصورة. تابعونى فى مقالي اليومى على بوابة " اموال الغد " باللغتين العربية والانجليزية كل صباح؛ متمنين كل لحظة ان يجيء الينا الفرج وان يحقق الله لوطننا الغالى الاستقرار والنعمة و يحقق لنا حلم المستقبل الواعد والحرية والعيش والعدالة الاجتماعية " الحلم العنيد ".