ربما مثّل عام 2012 عودة مرضية لقطاع الاتصالات الذي ساهم بشكل أساسي في تفجير ثورة يناير سواء باستخدام تقنياته لحشد الجمهور أو اعتباره القشة التى قصمت ظهر النظام البائد بعد قطع خدمة الاتصالات يوم 28 يناير 2011 لتمثل بداية الثورة المصرية الحقيقية، غير أن الخبراء يعتقدون أن 2013 سيمثل عودة الروح مع انطفاء روح الحماسة التي أعقبت الثورة من ناحية والنظرة التشاؤمية التى سيطرت على القطاع خلال العام الماضي بعد إحجام الشركات الأجنبية عن دخول السوق المصرية. رسمت "أموال الغد" مع خبراء الاتصالات والقطاعين الحكومي والخاص خارطة طريق للشركات للاستثمار بالقطاع الذي بلغ حجمه 40 مليار جنيه خلال العام الماضي وساهم بنسبة 4% من إجمالي الناتج القومي للتعرف على الطرق الأمثل للاستثمار والاستفادة من البرامج والاستراتيجيات الموضوعة لتحقيق النمو المستهدف أو "بعث" القطاع من جديد ليعود لمعدلات نموه المعتادة والتي بلغت 17 -18% في فترة ما قبل ثورة يناير. أشار الدكتور عمرو بدوى رئيس الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات أن وضع خارطة طريق لقطاع الاتصالات لمصر تعتمد على عدد من المحاور لتحقيق معدلات نمو كبيرة خلال العام المقبل . وشدد على أن طرح رخصة متكاملة لشركات المحمول الأربعة " المصرية للاتصالات وفودافون وموبينيل واتصالات" على رأس أولويات القطاع خلال العام القادم مما يساعد على خلق مناخ حقيقى للمنافسة بين الشركات فى تقديم كافة الخدمات من أرضى ومحمول وانترنت وتحسين أداء الخدمة المقدمة للجمهور منوهًا أن الرخصة ستحدد خريطة قطاع الاتصالات على مدى السنوات العشرة المقبلة . وأوضح أن اتاحة خدمات تحويل الأموال عبر المحمول والتي ستعمل على تقليل عمليات غسل الأموال ستسهم فى نمو قطاع بشكل كبير ومن المتوقع أن يتم طرحها قبل نهاية عام 2013 بعد تأخر طرحها نتيجة لبعض العوامل الأمنية ،مشيرا إلى أنها تعد واحدة من مجموعة واسعة من أدوات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي تستخدمها المؤسسات المالية للتوسع في تقديم خدماتها وتستغلها شركات المحمول في تحقيق انتشار واسع. كما توقع انتشار خدمة تتبع المركبات آليا والتى سيبدأ الجهاز تفعيلها نهاية العام الحالى و تتيح تتبع السيارات عن طريق توصيل جهاز في السيارة يمكن مالكها من التعرف على مكان السيارة وتساعد في مكافحة عمليات السرقة التى انتشرت خلال الفترة الأخيرة على خلفية الانفلات الأمني. ولفت إلى أن الحكومة ممثلة في الجهاز القومي والقطاع الخاص ممثلا في شركات المحمول الثلاثة تدرس حاليًا الطرق الأفضل لبدء تنفيذ الخطة القومية لنشر خدمات البرودباند وتغطية مصر بالكامل بالسرعات العالمية للانترنت باعتبارها خطة استراتيجة لقطاع الاتصالات تستدعى تفاعل كافة الجهات العاملة بالقطاع لتنفيذها.7 ويصف المهندس حاتم دويدار الرئيس التنفيذي لفودافون مصر قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بأنه "مرآة الاقتصاد" متوقعًا نموًا كبيرًا في القطاع البالغ حجم إيراداته 40 مليار سنويًا بالتزامن مع عودة النظر لمصر باعتبارها أحد أهم محاور صناعة التعهيد بالمنطقة. توقع أن قطاع الاتصالات خلال العام المقبل سيتأثر طرديًا بمعدلات الاستثمار باعتباره أحد الصناعات الخدمية المرتبطة بكافة القطاعات الأخرى، مشيرًا إلى أن تباطؤ معدلات النمو الاقتصادي بصفة عامة خلال العامين الماضيين اثر على معدلات نمو الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. وأضاف أن قطاع الاتصالات يشهد خلال المرحلة الحالية عودة الفرص الاستثمارية خاصة على نطاق خدمات التعهيد متوقعًا عودة النمو بصورة واضحة في تصدير تكنولوجيا المعلومات خاصة مع عودة المفاوضات من الشركاء الاجانب للشركات المصرية لإضافة حسابات جديدة أو التوسع في الحسابات الحالية. بينما يرى الدكتور حمدى الليثى الرئيس التنفيذى لشركة ليناتل وخبير الاتصالات أن إصلاح البيئة التشريعية لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات يأتى على رأس أولويات قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في 2013 ، مشددًا على أن إقرار التشريعات المطلوبة يسمح بطرح الرخص المطلوبة ويتيح مساحات أكبر من الحرية بالقطاع بالإضافة إلى أنه يتيح مناخًا استثماريًا جاذبًا للاستثمارات الجديدة خلال العام المقبل. وأشار إلى أن الرخص الجديدة المنتظرة سواء لتحويل الأموال عبر المحمول أو رخصة التتبع الآلي للمركبات لن يتمكن تنظيم الاتصالات أو الوزارة من إتاحتها بشكل كامل في ظل مناخ غير داعم لحرية الاستثمار القائمة في الأساس على بيئة تشريعية خصبة وجاذبة للمستثمر لشراء الرخص الجديدة. وشدد على ضرورة طرح الرخصة المتكاملة للشركات العاملة بالاتصالات أو الرخصة الافتراضية للشركة المصرية للاتصالات قبل نهاية العام الحالى لبدء العمل بها فعليا خلال عام 2013 مما يساهم فى مساعدة المصرية على الدخول فى منافسة حقيقية مع شركات المحمول الثلاثة من خلال تقديم جميع خدمات المحمول والمعلومات مما يسهم فى إنعاش الشركة مرة أخرى وتحقيقها لأرباح تعويضا لحجم الخسائر الناتجة عن سوء الإدارة خلال العشر سنوات الماضية . وشدد على ضرورة عدم فرض ضرائب أو ما وصفه " بالأتاوات المستترة" على قطاع الاتصالات على المدى الطويل خاصة في ظل تراجع حجم استخدام المحمول فور إعلان المالية منذ عدة أشهر نيتها فرض ضريبة "قرش" على دقائق المحمول، لافتًا إلى أن القطاع يحتاج تسهيلات مالية تشجع الاستثمار بعيدًا عن التعقيدات الضريبية التى تهدده في الوقت الحالي. وأكد ضرورة دعم خطة البرودباند وتنفيذها ونشرها على مستوى بمحافظات الجمهورية من خلال توفير بنية تحتية قوية تسمح بزيادة سرعات الانترنت لتواكب التطورات الجديد الخاصة بخدمات الجيل الرابع للمحمول تمهيدا لطرحها الذي توقع ان يتم بحلول عام 2014. ونوه على ضرورة وضع استراتيجية عامة من جانب الدولة لزيادة توعية جميع الشركات الصغيرة والمتوسطة العاملة بالقطاع وخارج القطاع بفوائد استخدام تكنولوجيا المعلومات فى جميع كافة المعاملات مما سيعمل على إنشاء محفظة ضخمة لتكنولوجيا المعلومات ويسهم في إنعاش الشركات الصغيرة والمتوسطة وزيادة حجم أعمالها وتوسعاتها بالسوق المصرية. أشار تامر الزناتى الخبير في قطاع الاتصالات أن الانترنت الثابت والمحمول اصبح يمثل 40% من قطاع الاتصالات على مستوى العالم مشيرًا إلى نسبة خدمات الانترنت في مصر من إجمالي خدمات الاتصالات تقل أضعافًا عن الدول المماثلة لمصر في الامكانيات وعدد السكان والذى يرجع الى ضعف الانتاج و الناتج القومى والثقافة المجتمعية التى مازالت ترى خدمات الانترنت منتجًا تكميليًا. واوضح ان هناك عددا من المحاور الأساسية لقطاع الانترنت خلال المرحلة المقبلة لزيادة حجم تمثيله على مستوى الاتصالات لمواكبة العالم خاصة أن مصر أصبحت أقل كثيرا من دول قريبة منها في معدلات الدخل القومي أو عدد السكان او في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. يرى الزناتي أن إتاحة الفرصة لشركات الانترنت والاتصالات لمد البنية التحتية الخاصة بها وعدم حصرها فقط على الشركة المصرية للاتصالات يسهم في زيادة عدد المستخدمين للانترنت نظرًا لانخفاض التكاليف المتوقعة عقب تنفيذ البنية التحتية المستهدفة من ناحية وإتاحة مجال للمنافسة بين الشركات وبعضها يمنح المستخدم تجارب أفضل كما في خدمات المحمول "الصوت". وأشار إلى أن سرعة الانترنت الثابت تكاد تكون معدومة فى بعض المناطق نظرًا لسوء البنية التحتية فيها ،لافتا إلى أن أقل سرعة للانترنت فى الدول المتقدمة تصل إلى 3 ميجا فى الثانية فى حين أن أقل سرعة للانترنت في مصر حاليا تبلغ 512 كيلو بايت كما أن أعلى سرعة للانترنت تتواجد بالمناطق الراقية المعتمدة على البنية التحتية من الألياف الضوئية "الفايبر" 8 ميجا. وأشار إلى أن عام 2013 سيشهد طفرة في استخدام الانترنت المحمول الذي يشهد نموًا ملحوظًا منذ ثورة يناير في ظل انتشار الهواتف الذكية وزيادة الإقبال على مواقع التواصل الاجتماعي بالإضافة إلى زيادة المحتوى العربي والتطبيقات العربية على المتاجر العالمية لاندرويد وIOS . وأكد أن خدمات الجيل الرابع لشركات المحمول الثلاثة " فودافون وموبينيل واتصالات" تحتاج إلى بنية تحتية قوية لزيادة السرعات لمواكبة المحتوى المقدم المعتمد على التفاعلية مما يساعد على زيادة نسبة المشتركين مشددًا على أن نجاح الرخص الجديدة يظل مرهونًا بحجم التسهيلات التي تطرحها الحكومة للقطاع الخاص فور حصوله على الرخص . وشدد في الوقت نفسه على ضرورة إعادة النظر في خطة الانترنت فائق السرعة " البرودباند" التى تتبناها الوزارة مؤكدًا أنها لا تعتمد على التطور التكنولوجي فقط بل يجب دراسة تجارب الدول الأخرى كسنغافورة لنشر الانترنت فائق السرعة بالتعاون بين القطاعين العام والخاص.