وضعت الحكومة نفسها بين «مطرقة» هيئة التنسيق النقابية و«سندان» الهيئات الاقتصادية، من دون ان تتوصل، أقله حتى الآن، إلى وضع التصور الذي يسمح لها بتمويل السلسلة الجديدة للرتب والرواتب. وبالفعل، واستنادا إلى معلومات خاصة ب «الأنباء» فإن كبار المسؤولين في الدولة تبلغوا أخيرا من الهيئات الاقتصادية، وتحديدا من جمعية المصارف، تحذيرا من ان إقرار السلسلة الجديدة للرواتب، في القطاع العام، من دون توفير التمويل الكافي لها، ومن دون اقترانه بإصلاحات محددة، سيدفع القطاع المصرفي، إلى إعادة النظر في موقفه من الحكومة، وخصوصا موقفه من تمويل العجز في الموازنة. وبحسب المعلومات نفسها، فإن هذا الموقف تبلغه الرؤساء الثلاثة، كما تبلغته غالبية القوى السياسية الرئيسية من وفد الهيئات الذي زارها تباعا، لتحديد موقفه من قضية زيادة رواتب العاملين في الدولة. وكانت الهيئات الاقتصادية قد جالت على معظم الأحزاب والكتل النيابية، وابلغتها ما اعتبرته تحذيرا من ان زيادة بالنسبة التي أقرها مجلس الوزراء أخيرا، ستؤدي إلى انهيار نقدي، وإلى تباطؤ اقتصادي وإلى «هجرة» ما تبقى من المؤسسات في لبنان. وقد حصلت الهيئات الاقتصادية، وفق ما يقوله رئيسها الوزير السابق عدنان القصار، على تفهم غالبية الجهات السياسية والرسمية لموقفها، لكن من دون أن يصل هذا التفهم إلى مستوى الدعم، على اعتبار، وفق ما تقوله مصادر الهيئات، أن أي جهة سياسية لن تجرؤ على اتخاذ موقف «غير شعبي» على أبواب سنة انتخابية العام المقبل. في هذه الأثناء، فقد فهم من رئيس هيئة التنسيق النقابية حنا غريب، ان الإضراب العام ليوم واحد، سيكون خطوة أولى، وانطلاقة لسلسلة من التحركات الاحتجاجية، لافتا إلى ان العام الدراسي بات حاليا في مرحلة الخطر، منذ بدايته، على خلاف ما كان يحصل في السنوات السابقة، عندما كانت الإضرابات تؤجل إلى الربع الأخير من السنة. ويقول غريب: الحكومة وضعت نفسها، ووضعتنا معها، في المأزق. فهي التي ضاعفت رواتب القضاة وأساتذة الجامعة اللبنانية، من دون أن تحسب حساب القطاعات الوظيفية الأخرى. وقبل ذلك، يرى غريب ان الحكومة مازالت تساوم وتسوف، إذ كيف لها ان تبحث عن مصادر تمويل السلسلة الجديدة في خلال شهر، وهي التي تجاهلت الملف منذ 13 شهرا، وتحاول أن تحمل أصحاب الدخل المحدود كلفة السلسلة، في الوقت الذي كان أجدى بها ان تسارع إلى مكافحة الفساد المالي، وإلى إدخال إصلاحات جذرية في وظيفة القطاع العام، وفي هيكليته. ويتساءل غريب عن مصداقية موقف الهيئات الاقتصادية، وعما إذا كانت تدافع عن المصلحة الاقتصادية للبلاد، أم أنها تدافع بصورة صريحة ومباشرة. عن مصالح أرباب العمل، ولو على حساب العمال ومصالحهم، وعن الاستقرار الاجتماعي! المصدر: الأنباء الكويتية