صرح الرئيس محمد مرسي أثناء خطابه الذي ألقاه يوم الخميس ضمن فعاليات مؤتمر حركة عدم الانحياز في طهران أن "الثورة السورية هي ضد النظام الظالم." ويتضح من هذا التصريح، الذي دفع الوفد السوري إلى مغادرة للقاعة، أن دعم مصر لإيران لا يعتبر بمثابة مجاملة دبلوماسية. أضاف مرسي أن "الشعب السوري والفلسطيني يناضلان من أجل الحرية والعدالة والكرامة، مشيراً إلى أن "مصر مستعدة للعمل مع جميع الأطراف من أجل وقف سفك الدماء." إلا أن حديثه هذا أثار أكثر من جبهة فضلاً عن سوريا. و عندما ذكر أن "الثورة المصرية كانت حجر الزاوية للربيع العربي، وذلك بعد أيام معدودة من الثورة التونسية وأعقبها في كل من اليمن وليبيا والآن في سوريا ضد النظام القمعي"، قصد الرئيس مرسي بكلمته هذه دحض مزاعم النظام الإيراني بأن الربيع العربي هو استمرار للثورة الإسلامية الإيرانية، يرى زيفي بارئيل، المحلل السياسى الاسرائيلى، أن التوقعات الإسرائيلية والإيرانية بحدوث تغير جذري في العلاقات المصرية الإيرانية التي كانت شبه مقطوعة عقب هذا المؤتمر لم تصيب مرممها في هذه الجولة. ففي ضوء زيارة مرسي للبيت الأبيض التي من المقرر عقدها في غضون ثلاثة أسابيع، يبدو أن مرسي لا ينوى تغيير سياسة مصر الخارجية في الوقت الراهن. وتعد هذه الفرصة الأولى للرئيس مرسي لتأسيس سياسة خارجية تهدف إلى استعادة مكانة مصر الإقليمية. فبعد فترة قصيرة من انتخابه، وجد مرسي نفسه مضطراً للتعامل مع الضغوط الأمريكية على إيران و سيناء، بالإضافة تسوية الوضع مع البنك الدولي بشأن القروض اللازمة لإعادة بناء الاقتصاد المصري، و بناء علاقات مع الصين لاستقطاب استثمارات. ولهذا فكان على مرسي توضيح شكل العلاقة بين مصر وإيران في ظل اعتماد مصر بشكل كبير على مساعدات ضخمة من المملكة العربية السعودية والتي تعتبر إيران عدوة لها, وقد أوضح ذلك باللغة التي استخدمها في خطابه التي بينت كيف أن مصر التي تعتبر عضو في حركة عدم الانحياز قد قررت مع من ستكون. لم يدخر الأمين العام لجامعة الدول العربية بان كي مون وسعاً في مهاجمة إيران هو الآخر فقد تحث عن قلقه إزاء انتهاكات حقوق الإنسان ودعا إيران إلى اتخاذ خطوات جادة لطمأنة مخاوف الوكالة الدولية للطاقة الذرية بإثبات أن برنامجها النووي مخصص لأغراض سلمية. وأكد الأمين العام للأمم المتحدة على ضرورة تعاون إيران مع المنظمات الدولية ومع مجموعة الخمس (الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن بالإضافة إلى ألمانيا), مشيراً إلى على إيران دوراً هاماً لحل الأزمة الحالية في سوريا. ووصف بان كي مون الثورة السورية كما وصفها مرسي بأنها ثورة شعبية وليست مخطط خارجي كما يدعي النظامان السوري والإيراني. وعلى جانب آخر, فقد أرسل الأمين العام إشارة إلى إسرائيل بدعوته إلى ضرورة إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية. إن خطاب مرسي وبان كي مون بمثابة وضع الخطوط العريضة لشكل أي اتفاق بين دول إيران وسوريا ورعايا نظام الأسد الصين وروسيا وبين أغلبية الدول العربية التي ترى من إيران وحلفاءها دولاً تسعى للهيمنة على الشرق الأوسط. ففي الوقت التي كانت إيران تتوقع إن تتكاتف جميع الدول المشاركة في مؤتمر قمة عدم الانحياز وتدعو إلى رفع العقوبات ضدها، اكتشفت إيران أنها في موقف معادٍ مع العالم أجمع عندما يتطرق النقاش إلى ملف سوريا. وعلى غرار جميع الخطب المباشرة الصريحة التي ألقتها الدول المشاركة في مؤتمر القمة، نجد المرشد الأعلى على الخميني والرئيس الإيراني أحمدي نجاد تكلموا من منطلق أن إيران هي القوة الإقليمية التي تسعى إصلاح المجتمع الدولي. فالرئيس الإيراني دعا إلى تغيير قوانين الأممالمتحدة فيما يتعلق باقتصار استخدام حق الفيتو لخمس دول أعضاء دائمين في مجلس الأمن. فشدد الرئيس أحمدي نجاد على أنه لا توجد دولة واحدة تمكنت من أن تضمن حقوقها من خلال مجلس الأمن، وذلك بسبب احتكار حق النقض بيد عدد محدد من الدول، معتبرا أن أيا من الأمم لا يمكنها أن تلجأ إلى مجلس الأمن لضمان حقوقها. لعل نجاد قد غفل عن حقيقة أن من بين الدول التي لها حق استخدام الفيتو هي روسيا والصين اللتان ساهمتا في إنقاذ إيران من مغبة إنزال المزيد من العقوبات الاقتصادية ضدها. وتابع نجاد في خطابه في الحديث عن بناء عالم جديد حيث لا يكون هناك سيطرة لدول تستغل موارد باقي دول العالم مضيفًا بأن العالم يجب أن يرتكز على احترام حقوق الإنسان. يمكن النظر إلى خطب كلاً من الرئيس الإيراني والمرشد الأعلى على أنها كلمات صادرة من قادة دولة محتلة تجاهد من أجل كسر أغلال استعمار القرن الماضي. فإيران ما زالت تشعر بأنها مهددة ومضطهدة وبأن حقها في تطوير تكنولوجيا نووية قد سلب من نفس الدول التي كانت قد سيطرت على مواردها في الماضى.