هكذا كان حفل ختام دورة الألعاب الأوليمبية فى لندن.. حفل وداع موسيقى محتشد بالبهجة والإنسانية، كأنه فيلم حمى ليلة الاحد ( أعرف أن الفيلم الأصلى كان حمى ليلة السبت لجون ترافولتا).. كانت الموسيقى هى لغة الحفل الختامى للدورة، ومنذ سنوات طويلة أخذت حفلات الافتتاح والختام فى الألعاب الاوليمبية طابع البهجة والاستعراضات الموسيقية المبهجة.. وكان عنوان حفل لندن: «سيمفونية متعددة الألوان « ومضمونه تقديم 50 عاما من الموسيقى البريطانية، واستعان جيم جافين مخرج الحفل، بشخصيات فنية واجتماعية شهيرة مثل عارضة الأزياء ناعومى كامبل والممثل تيموثى سبول الذى جسد شخصية رئيس الوزراء الأسبق ونستون تشرشل، والمطربة ماريا كارى، وفريق سبايسى جيرلز، وجاء من الماضى صوت جون لينون عضو فريق البيتلز بأغنيته الشهيرة: ( تخيل) التى يقول فيها « تخيل أن العالم يعيش فى سلام، وأنه لاتوجد عنصرية ولاكراهية».. (تخيلوا أنتم أيضا) واشتركت الخلفيات فى المدرجات فى التعبير عن طبيعة الحفل الموسيقية.. كما كانت أشعة الليزر عنصرا أساسيا فى الحفل. وصف جاك روج رئيس اللجنة الأوليمبية الدولية ألعاب لندن بأنها « دورة سعيدة ».. فالموسيقى كانت أهم عناصر الدورة، وتجدها فى كل موقع وملعب، وأثناء مراسم تسليم الميداليات وفيما بين المسابقات. وشارك الجمهور دائما فى الحفل الطويل الذى استمر 16 يوما ومضى سريعا بالغناء والرقص واستقبال أفضل الرياضيين فى العالم بحفاوة بالغة دون تحيز او تعصب أو عنصرية. (بالمناسبة أجب عن السؤال التالى: ماهى الملاعب التى ترى فيها التعصب والكراهية والغل والاحتقان والعنصرية)؟ تلقى المتطوعون مرة أخرى أكبر وأطول تحية من 80 ألف متفرج بالأستاد الأوليمبى حين ذكرهم وشكرهم اللورد سباستيان كو رئيس اللجنة المنظمة، وهو احتفاء بفكرة التطوع، وأهدافها. إنها الانتماء للبلد بدون أغان، وبدون دعاية وادعاء. كما تعالت آهات الحزن فى لحظة الإعلان عن إطفاء الشعلة الأوليمبية، واستعمل المعلق الإنجليزى تعبيرا زاد من حزننا نحن الذين نتابع الحفل من بعيد، حين قال: «الآن سوف تموت الشعلة».. ولكن الشعلة الأوليمبية توقد كل أربع سنوات فى تقاليد موروثة لم تتغير منذ أكثر من مائة عام. الدورة شهدت الكثير من الدراما والإنجازات، ولمع فيها عشرات النجوم، إلا أننى أتوج الجنوب افريقى أوسكار بيستوريوس العداء المعاق مقطوع القدمين بطلا فوق الجميع لإرادته الحديدية، وقد شارك فى سباق 400 متر عدوًا مع الأصحاء، ويستعيض بيستوريوس عن قدميه بلوحتين من الكربون القاسى يثبتهما عند الركبتين. بمشاعر البهجة والسعادة أخذت أتابع مع أربعة مليارات نسمة حفل ختام الألعاب الأوليمبية، مبهورا بالدقة، والتركيبات البشرية والضوئية، وبتلك اللوحات سريعة الإيقاع، ومثل كل دورة أوليمبية كان المشهد الراسخ أمامى هو أن العالم هنا يحتفل بقدرات الإنسان الرياضية، وانه ليس صحيحا أن الحضارات تتصارع، وأن الحروب تهدد البشرية. الصحيح أن الحكومات هى التى تتصارع، وأن الحروب تصنعها شهوات الحكام، ومرضى الزعامات. ياخسارة.. انتهت الألعاب الأوليمبية.المصدر الشروق