استمراراً لمسلسل الانفلات الأمنى الذى تشهده «ليبيا الجديدة» بشكل شبه متواصل، اندلعت مواجهات مسلحة فى مدينة بنغازى بين عناصر من الشرطة العسكرية وكتيبة من الثوار السابقين فى هذه المدينة بغرب ليبيا، بعد مقتل شخص عند نقطة تفتيش غرب المدينة، بحسب ما ذكره مصدر أمنى فى بنغازى، وذلك بعد ساعات من قيام كتيبة ليبية مسلحة، أمس الأول، بمهاجمة مطار طرابلس، ما أدى إلى تجميد حركة الملاحة الجوية، الأمر الذى أثار المخاوف من تحركات المجموعات المسلحة التى تهدد استقرار «ليبيا الجديدة»، قبل إجراء انتخابات المجلس التأسيسى المكلف بوضع الدستور الجديد هذا الشهر. ومن ناحيتهم، أفاد شهود بأن المواجهات فى بنغازى بدأت مساء أمس الأول حول حاجز الغوارشة التابع للشرطة العسكرية بغرب المدينة، وهو الموقع الذى قتل فيه شاب من كتيبة المدينة بالرصاص ما أدى إلى اندلاع المواجهات، ثم هاجمت الكتيبة المقر العام للشرطة العسكرية فى حى أبوهديمة، وسمعت أصوات أعيرة نارية وصفارات سيارات الاسعاف، إلا أنه لم ترد أنباء عن سقوط ضحايا أو خسائر مادية. جاء ذلك بعدما أعلنت السلطات الليبية فى وقت سابق، أمس الأول، السيطرة على الوضع بمطار طرابلس بعد اقتحامه من قبل مجموعات مسلحة، احتجاجاً على اختطاف أحد قادة الثوار بمدينة «ترهونة» من قبل «مجهولين» على طريق المطار الأحد الماضى. وقال وزير العمل الليبى، مصطفى الرجبانى، إن الحكومة نشرت 5 آلاف عنصر من قوات الأمن واستعادت السيطرة على المطار، مشيراً لاعتقال 30 من المسلحين، فيما وصف وكيل وزارة الداخلية الليبى عمر الخذراوى المسلحين ب«المخربين»، مؤكداً أن السلطات ستحقق فى الحادث، وشدد على «رفض وزارة الداخلية التام لمبدأ استخدام القوة أو التهجم على مؤسسات الدولة وتهديد الآمنين»، بينما أدان «المجلس الوطنى الانتقالى» عملية اقتحام المطار، كما أدان اختطاف أحد قادة الثوار. وفى سرت شمال غرب ليبيا، اختطف 5 من عناصر الشرطة العسكرية السرية، وأضرم حريق فى مبنى السرية فى هجوم شنته مجموعة مسلحة أمس الأول. وصرح أمر سرية الشرطة المقدم عزالدين البورى بأنه لم يعرف مصير أفراد الشرطة، موضحاً أن الحريق أدى إلى خسائر مادية فى المبنى الإدارى، بينما لم تتضح بعد هوية المهاجمين ولا الدافع وراء الهجوم. وتأتى أعمال العنف هذه فى حين يحاول النظام الجديد أن يؤكد لمواطنيه وللمجتمع الدولى قدرته على ضمان الأمن فى البلاد قبل انتخابات المجلس تأسيسى المقررة فى 19 يونيو الحالى. كانت السلطات الليبية قامت بدمج آلاف من الثوار السابقين، الذين قاتلوا نظام القذافى، فى وزارتى الداخلية والدفاع، لكن كتائب عدة مزودة بسلاح ثقيل تطالب بدمجها دون حلها، وتواصل بعض هذه الكتائب مراقبة الحدود أو ضمان الأمن فى مناطق عدة، لكنها لا تتردد فى استخدام السلاح لإرغام السلطات على الرضوخ لشروطها. وقد ذاقت بعض هذه الكتائب طعم سلطة السلاح، وترفض التخلى عنه، الأمر الذى يثير استياء السكان المدنيين الذين تحركوا مراراً للتنديد بهؤلاء الثوار الذين يصفونهم ب«المزيفين». وعلى وقع الاضطرابات الأمنية المتواصلة، رجح رئيس «المجلس العسكرى لثوار طرابلس» عبدالله ناكر إمكانية وقوع انقلاب عسكرى فى ليبيا إذا استمرت حالة الانفلات الأمنى و«عجز» المجلس الانتقالى وحكومته المؤقتة عن السيطرة على الأوضاع فى الداخل. ونقلت صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، أمس، عن «ناكر» قوله إن عملية اقتحام مطار طرابلس تؤكد خطأ محاولة استبعاد أو تهميش الثوار من حكم البلاد، وأضاف «نحن كثوار نريد اهتماما أكثر من الانتقالى والحكومة، نريدهم أن يسلموا الراية للثوار، هم لا يستطيعون إدارة شؤون البلاد، الوضع الآن لا يحتاج إلى تكنوقراط وأشخاص خلال الحرب ضد القذافى كانوا جالسين فى فنادق 5 نجوم». بينما أكد المتحدث باسم المجلس الانتقالى الليبى أن الانتخابات ستجرى فى موعدها ولن يكون هناك أى تأخير عن الموعد الذى تم إعلانه. ومن جهته، حث مصطفى أبوشاقور، نائب رئيس الوزراء الليبى، الشركات الأمريكية على المساعدة فى توفير فرص عمل للثوار السابقين الذين لم يلقوا أسلحتهم، من خلال القيام باستثمارات قد تحول البلاد إلى «وجهة سياحية تنعم بالسلام». وقال أبوشاقور لغرفة التجارة الأمريكية العربية الوطنية فى واشنطن، قبل وصول بعثة تجارية بقيادة الغرفة إلى ليبيا لإجراء لقاءات تبدأ غد فى طرابلس وبنغازى ومصراتة، «هؤلاء الشبان يحتاجون إلى وظائف، وماداموا بلا وظائف فسيحملون الكلاشينكوف».
