في شهر رمضان الحالي دخلت الدراما والمسلسلات المصرية سباقاً محموماً نحو تشويه صورة رجال الأعمال، جميع الأعمال الرمضانية الدرامية التليفزيونية المصرية دارت تقريباً حول شخصيات رجال الأعمال، وفي كل عمل من هذه الأعمال كان رجل الأعمال يظهر كشخص متسلط متزاوج مع السلطة يستطيع إزاحة جميع المنافسين أو من يريدون النيل منه عن طريقه أو عن طريق شخص فاسد يتاجر في الحرام ويسعي لعضوية مجلس الشعب أو مجلس الشوري. ورغم هذه النظرة التشويهية السلبية، إلا أنها فيما يبدو لم تؤثر في عالم رجال الأعمال في الواقع المصري، حيث تسابق عدد كبير منهم، وخصوصاً هؤلاء المتهمين بالتزاوج مع السلطة لتقديم رغباتهم خلال شهر رمضان أيضاً للترشح علي قوائم الحزب الوطني في انتخابات مجلس الشعب المقبلة. المتقدمون لنيل بطاقة الترشح علي قوائم الحزب الحاكم يمكن تقسيمهم إلي مجموعات أو إلي درجات حسب درجة وقوة النفوذ داخل الحزب، فهناك فئة رؤساء لجان مجلس الشعب وأعضاء الأمانة العامة وأمانة السياسات في الحزب وهؤلاء الأقوي نفوذاً والنموذج الصارخ لهذه الفئة المهندس أحمد عز ومحمد أبوالعينين.. وهناك فئة وكلاء اللجان في مجلس الشعب ولكنهم يتمتعون بنفوذ كبير لحد ما في الحزب الوطني من خلال تبرعاتهم وهناك فئة ثالثة من رجال الأعمال العاديين الأعضاء في الحزب رغم قوة نشاطهم الاقتصادي في الخارج. ولكن هناك تقسيم أفضل لرجال الأعمال الذين تقدموا للترشح علي قوائم الحزب الوطني وهو تقسيم جغرافي ينقسم لثلاث مناطق: القاهرةوالجيزة وحلوان ثم الإسكندرية ثم الدلتا. في الجيزة وحلوان يبرز علي الفور رجل الأعمال محمد أبوالعينين عضو الأمانة العامة بالحزب الوطني وعضو أمانة السياسات وهو عضو بمجلس الشعب منذ عام 1995 حيث كان أول رجل أعمال يقوم رئيس الجمهورية بتعيينه في البرلمان ضمن العشرة المعينين، ويرأس محمد أبوالعينين لجنة الصناعة في مجلس الشعب بعد أن كان رئيساً للجنة الإسكان في مجلس 2000 2005، ويسعي أبوالعينين للفوز بمقعد الجيزة للمرة الثالثة ولا شك أن أداء أبوالعينين، وخصوصاً في مجلس الشعب الحالي 2005 2010 كان علي غير المأمول، حيث استغل الرجل رئاسته للجنة الصناعة في حماية عدد من الوزراء وخصوصاً وزير البترول، وبالذات في قضية بيع الغاز الطبيعي لإسرائيل. وفي القاهرة ترشح عن مدينة نصر رجل الأعمال مصطفي السلاب وهو عضو بمجلس الشعب منذ عام 2000 وهو يشغل منصب وكيل اللجنة الاقتصادية ويرأس مجموعة السلاب للسيراميك وجمعية مستثمري مدينة العبور، ولم يشارك مصطفي السلاب بأي جهد رقابي أو تشريعي يذكر طوال مدة عضويته في مجلس الشعب، وعن القاهرة ترشح أيضاً طلعت القواس رجل الأعمال المعروف الذي يمتلك محلات الأزياء المعروفة باسمه وكان القواس نائباً في مجلس الشعب 2000 2005، إلا أنه فشل في الاحتفاظ بمقعده عن دائرة عابدين في انتخابات 2005، ويسعي لنيل ترشيح الحزب للعودة لمجلس الشعب مرة أخري. ومن القاهرة ترشح أيضاً رجل الأعمال هاني سرور الذي كان وكيلاً للجنة الاقتصادية بمجلس الشعب وهو عضو بالمجلس منذ 2005 فقط، ويسعي سرور الذي يرأس مجلس إدارة شركة هايدلينا للصناعات الطبية المتطورة في مدينة 6 أكتوبر للفوز بعضوية مجلس الشعب من جديد علي قوائم الحزب الوطني وذلك بعد حصوله علي حكم بالبراءة من القضية التي طالته لمدة عامين، والخاصة بأكياس الدم الملوثة وهي قضية لم تجعل لهاني سرور أي أداء يذكر في مجلس الشعب لمدة عامين علي الأقل. وبالإضافة للجيزة والقاهرة هناك حلوان التي أصبحت محافظة مستقلة تضم إليها دائرة المعادي التي ترشح عنها رجل الأعمال والمقاولات المعروف محمد المرشدي، والمرشدي عضو مجلس الشعب منذ عام 2000 بعد أن انضم للحزب الوطني عام 1999 وأصبح من خلال تبرعاته للحزب أميناً له في دائرة المعادي، وإذا تركنا محافظات القاهرةوالجيزة وحلوان واتجهنا نحو الإسكندرية نجد أن هناك من كبار رجال الأعمال تقدموا بطلباتهم للترشح علي قوائم الحزب الوطني، علي رأس هؤلاء المهندس طارق طلعت مصطفي رئيس إدارة شركة الإسكندرية للإنشاءات وأخو رجل الأعمال هشام طلعت مصطفي صاحب القضية المشهورة حالياً ونجل المهندس طلعت مصطفي الذي كان وكيلاً للجنة الإسكان بمجلس الشعب في مجلس 1990 1995، وقد تولي طارق طلعت مصطفي رئاسة لجنة الإسكان في مجلس الشعب الحالي 2005 2010 وهو عضو بالمجلس منذ عام 2000 خلفاً لوالده عن دائرة سيدي جابر بالإسكندرية، وفي الإسكندرية ترشح رجل الأعمال خالد خيري نجل رجل الأعمال السكندري أحمد خيري الذي كان عضواً بمجلس الشعب في برلمان 1990 1995 وهو نائب رئيس مجموعة شركات أحمد خيري والتي تعمل في مجال السياحة والنقل البحري بصفة أساسية، وخالد خيري عضو مجلس الشعب 2005 2010 عن دائرة العطارين واللبان، وفي الإسكندرية ترشح أيضاً رجل الأعمال محمد المصيلحي وهو عضو مجلس الشعب 2005 2010 عن دائرة باب شرقي، ويرأس «المصيلحي» مجلس إدارة شركة «فيمنار» للملاحة علاوة علي رئاسة نادي الاتحاد السكندري، ولا يوجد للنائب «المصيلحي» نشاط يذكر تحت القبة طوال مدة عضويته سوي أدائه في لجنة النقل والمواصلات. وفي دائرة غبريال بالإسكندرية ترشح رجل الأعمال ممدوح حسني خليل بدلاً من الترشح في دائرة محرم بك التي فاز فيها عام 2005 ودخل بعدها مجلس الشعب لأول مرة وأصبح أمين سر لجنة الصناعة والطاقة، وقد ترشح خليل في غبريال بعد أن قرر الوزير مفيد شهاب ترشح نفسه في دائرة محرم بك، وفي دائرة الداخلية تقدم رجل الأعمال راغب ضيف الله بطلب ترشح علي قوائم الحزب الوطني، وهو عضو بالبرلمان منذ عام 2000، واحتفظ بمقعده بعد النجاح في انتخابات 2005، بعد القاهرةوالجيزة وحلوان والإسكندرية هناك محافظات الدلتا التي ترشح فيها عدد كبير من كبار رجال الأعمال علي رأسهم المهندس أحمد عز أمين التنظيم بالحزب الوطني ورئيس لجنة الخطة والموازنة منذ عام 2000، وهو العام الذي شهد بداية «السعد السياسي» لأحمد عز لأنه العام الذي دخل فيه الأمانة العامة للحزب الوطني مع جمال مبارك في فبراير 2000 ثم دخل انتخابات مجلس الشعب في نوفمبر 2000، وأصبح رئيسا للجنة الخطة والموازنة منذ ذلك الوقت، وهو يحتكر عضويتها حتي الآن، وبالطبع ترشح أمين التنظيم الملياردير «عز» في دائرة منوف بمحافظة المنوفية والتي يحتكر تمثيلها منذ عام 2000 اعتمادا علي مدينة السادات التي تنتمي لدائرة منوف والتي تضم أغلب مصانع «عز»، وقد فاز أمين التنظيم بالتزكية ولا نعرف هل ستسري عليه معايير الاختيار في الحزب بدلا من استطلاعات الرأي والمجمعات الانتخابية والانتخابات الداخلية. ومازلنا مع محافظة المنوفية حيث فاجأ عفت السادات شقيق طلعت وأنور عصمت السادات الجميع بالترشح علي قوائم الحزب الوطني في دائرة «تلا» التي تنتمي إليها قرية العائلة الساداتية «ميت أبو الكوم»، وهذه أول مرة يترشح فيها عفت السادات الذي يعمل في مجال التصدير والاستيراد في انتخابات مجلس الشعب وقد يكتمل حلمه بالترشح علي قوائم الحزب أو تكون هذه هي المرة الأولي والأخيرة التي يترشح فيها. ومن محافظة المنوفية إلي محافظة الشرقية التي ترشح فيها اثنان من كبار رجال الأعمال الأول هو النائب الحالي محمود خميس، والثاني النائب السابق طلعت السويدي، النائب محمود خميس هو الرئيس التنفيذي ونائب رئيس مجلس إدارة مجموعة «النساجون الشرقيون»، وقد انضم للحزب الوطني عام 1990، واكتسب عضوية مجلس الشعب لأول مرة في الانتخابات الماضية عام 2005، أما طلعت السويدي الذي ترشح في مواجهة الدكتور مصطفي السعيد - وزير الاقتصاد الأسبق ورئيس اللجنة الاقتصادية في دائرة ديرب نجم - سبق له واستطاع هزيمة الدكتور مصطفي السعيد في انتخابات عام 2000 وأصبح عضواً في مجلس الشعب 2000-2005 إلا أنه سقط في انتخابات عام 2005 أمام الدكتور مصطفي السعيد، ومن الشرقية ترشح أيضا النائب الحالي ورجل الأعمال محمد الصالحي عن دائرة القنايات وهو عضو بالحزب الوطني منذ عام 1980 ونجح في دخول مجلس الشعب لأول مرة عام 2000 وهو يرأس مجموعة شركات الصالحي للاستيراد والتصدير والإنتاج الداجني. ومن محافظة الشرقية إلي محافظة الدقهلية التي ترشح فيها النائب عبد الرحمن بركة - مدير عام بنك هونج كونج المصري ورئيس مجلس إدارة بنك مصر رومانيا وعضو مجلس الإدارة المنتدب لبنك الأهرام - وقد ترشح عبد الرحمن بركة عن دائرة أتميدة بالدقهلية يسبق له الفوز لأول مرة بعضوية مجلس الشعب في عام 1990 و1995 ولكن فقد مقعده أمام المحامي مرتضي منصور عام 2000، ثم عاد وفاز في انتخابات 2005 وفي محافظة الدقهلية حيث ترشح المهندس محمود عثمان نجل المهندس عثمان أحمد عثمان ذلك عن قسم أول الإسماعيلية، وفي دمياط ترشح رجل الأعمال المعروف رفعت الجميل علي مقعد الفئات في دائرة كفر سعد، ورفعت الجميل يعمل في مجال المقاولات والنقل البحري، في محافظة البحيرة ترشح رجل الأعمال المعروف حمدي قريطم - صاحب شركة الجوهرة لصناعة المواد الغذائية - علي قوائم الحزب الوطني في دائرة أبو المطامير، وكان قد سبق لحمدي قريطم الفوز بمقعد أبو المطامير وحوش عيسي في انتخابات 2000 ويريد العودة من جديد. وأخيرا في القليوبية ترشح رجل الأعمال المعروف منصور عامر عن دائرة القناطر الخيرية وكان قد سبق له الفوز بمقعد الدائرة في انتخابات مجلس الشعب عام 2000، وفي عام 2005 ألغيت انتخابات القناطر الخيرية حيث ترشح منصور عامر ونجح لدورة واحدة فقط. والغالبية العظمي من الأسماء السابقة كانت إما أعضاء حاليين بمجلس الشعب أو أعضاء سابقين يريدون العودة والتمتع بالحصانة البرلمانية. وفائدة التقييم الذي قدمناه أنه مجرد وحيادي جداً وليس تقييم ذر للرماد في العيون بينما قائمة اختيارات الحزب الوطني جاهزة فعلا وقد دفع كل رجل أعمال ثمن اختياره علي هذه القائمة.