بعد تخفيض التصنيف الائتماني لبعض دول منطقة اليورو هل يؤثر ذلك سلبا علي الاقتصاد المصري؟ توجهنا بهذا السؤال إلي خبراء الاقتصاد.. البعض أكد أنه سيكون له تأثير سلبي علي حجم التبادل التجاري خاصة وأن الصادرات المصرية لمنطقة اليورو ارتفعت خلال العام الماضي لتمثل 37% من حجم الصادرات المصرية.. ويعتبر الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأول لمصر. ومن المتوقع أن تتراجع الصادرات المصرية لأوروبا.. وتتقلص الاستثمارات الأوروبية لمصر وطالبوا بالبحث عن أسواق بديلة وزيادة الصادرات للأسواق العربية والأفريقية والآسيوية وتفعيل الاتفاقيات التجارية مع هذه الدول. بينما أكد البعض الآخر أن هذا التخفيض الائتماني لن يؤثر إطلاقا علي التبادل التجاري مع مصر وهو مجرد مؤشر لخطورة اقتصاد هذه الدول. تقول د.ماجدة شلبي أستاذ الاقتصاد كلية الحقوق جامعة بنها وكلية الاقتصاد والعلوم السياسية القسم الفرنسي دول أوروبا أكبر شريك تجاري لمصر.. فهذه الدول هي الشريك التجاري الرئيسي قبل الدول العربية وأمريكا وآسيا وإفريقيا وعندما يتم خفض التصنيف لأننا في العدد 9 دول أوروبية من بين 17 دولة في منطقة اليورو فهذا يعني أن هذه الدول لديها اضطرابات اقتصادية بسبب أزمة الديون وكان يجب علي الحكومات ضخ أموال لانعاش الاقتصاد.. ولكن هذه الحكومات لم يعد لديها الإمكانيات المالية لتفي بالتزاماتها وتسدد ما عليها من ديون وهذا هو السبب الرئيسي لخفض التصنيف الائتماني. أكدت أن هذا التخفيض سيكون له تأثير سلبي علي مصر لأنه سيؤدي إلي خفض حجم الصادرات المصرية إلي هذه الدول خاصة وأن الصادرات المصرية إلي منطقة اليورو ارتفع من 28.6% عام 2007/2008 ليصل خلال عام 2010/2011 إلي 37.1% من حجم صادراتنا. أكدت د.ماجدة أن خفض التصنيف الائتماني لهذه الدول هي ظاهرة خطيرة تؤثر سلبا علي قطاع التصدير وستتراجع الصادرات من حيث الكمية والسعر خاصة السلع تامة الصنع والتي تمثل 73% من حجم الصادرات السلعية. أضافت أن هذه الأزمة ستؤثر علي بورصة الأوراق المالية لأنها مرآة الاقتصاد وشديدة الحساسية لأي صدامات داخلية وخارجية. كما ستتأثر سلبا الاستثمارات الأوروبية في مصر وتري ضرورة البحث عن أسواق بديلة للأسواق التقليدية وهذا يتطلب التوسع في التصدير للأسواق العربية وهي دول مجاورة لنا إلي جانب الأسواق الآسيوية والأفريقية خاصة وأن هناك اتفاقيات مع هذه الدول يجب الاستفادة منها مثل اتفاقية الكوميسا مع دول أفريقيا مع ضرورة رفع المقدرة التنافسية للصادرات المصرية وألا تقتصر الصادرات علي المواد الأولية أو البترول أو السلع النصف مصنعة. قالت الخبيرة الاقتصادية د.ماجدة شلبي إن مصر كان لديها خبرة نسبية في المنتجات النسجية والقطنية التي تتخذ جودة عالية في مواجهة منتجات أوروبا.. ولكنه خلال العقود الأخيرة انهارت هذه الصناعة لهذا يجب أن نسعي لتطوير إنتاجنا ونعيد هيكلة هذه الصناعة والعمل علي تطويرها من خلال تطوير التكنولوجيا وتحويل العمالة غير المؤهلة إلي عمالة مؤهلة للارتقاء بجودة المنتج.. مع محاربة الإغراق والتهريب ودعم المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر لدورها الكبير في زيادة الصادرات وتنشيط دور مكاتب التمثيل التجاري في تسويق المنتجات المصرية. ويقول د.حمدي عبدالعظيم أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية: التخفيض الائتماني لبعض الدول الأوروبية بسبب أزمة الديون التي تتعرض لها هذه الدول وعدم قدرتها علي سداد التزاماتها الدولية خاصة القروض. ويري د.حمدي أن التبادل التجاري بين مصر وهذه الدول يسير بصورة طبيعية طبقا للعرض والطلب والمنافسة والتي تتأثر التجارة بين مصر وهذه الدول الأوروبية. أضاف أن خفض التصنيف الائتماني يتم من خلال مؤسسات التمويل الدولية وهي مجرد مؤشرات ولكنها غير ملزمة ولكنه يوضح أن الوضع الاقتصادي للدولة التي تم تخفيض التصنيف الائتماني لها خطر ويحذر الدول الأخري من منحها القروض ولكن هذا لا يؤثر علي التبادل التجاري سواء التصدير أو الاستيراد. أكد د.حمدي أن تخفيض التصنيف الائتماني ل9 دول من منطقة اليورو لن يكون له تأثير إطلاقا علي حجم التجارة مع هذه الدول. يري الدكتور إسماعيل شلبي أستاذ الاقتصاد بجامعة الزقازيق أنه من الطبيعي أن تتأثر مصر وكافة دول العالم بالدول التي تم تخفيض تصنيفها الائتماني من دول منطقة اليورو بأوروبا وخاصة التي ترتبط معها مصر بعلاقات اقتصادية وتجارية. توقع شلبي أن تتسبب الأزمة الاقتصادية الأوروبية في أزمة جديدة للعالم ولكنها لن تكون بنفس درجة الأزمة المالية العالمية الأخيرة في 2008 والتي تسببت فيها الولاياتالمتحدةالأمريكية وأزمتها العقارية. أشار إلي أن تخفيض التصنيف الائتماني يؤثر علي الدول في حالة طلب الاقتراض من المؤسسات المالية الدولية لافتاً إلي أن العالم كله مفتوح علي بعضه وبالتالي أي أزمة تحدث في أي من الدول سوف تؤثر علي دول العالم الأخري. قال إن المؤسسات الدولية سوف تضع شروطاً صعبة من قبل الجهات المانحة للدول التي خفض تصنيفها الائتماني وهو مؤشر يعطي فقدان الثقة الائتمانية لمثل هذه الدول. قال شلبي إن أوروبا لا يمكن مقارنتها بمصر في تبعات تخفيض التصنيف الائتماني حيث إن مشاكل الدول الأوروبية أصعب بكثير من مصر وأن ما تمر به مصر الآن ناتج عن ظروف طارئة وسوف تنتهي بمجرد انتخاب رئيس جديد للدولة وعودة الأمن واستقراره في البلاد. أشار إلي العجز الذي تعاني منه الولاياتالمتحدةالأمريكية والذي يصل إلي 4 تريليونات دولار وتوقع أن تتفاقم أزمة الولاياتالمتحدة خلال السنوات القادمة وألقي عليها المسئولية في معظم المشكلات التي يعاني منها العالم وآخرها الأزمة الاقتصادية العالمية لافتا إلي ضغط الولاياتالمتحدة المستمر علي الصين بسبب تخفيض عملتها "ايوان" والأخيرة سببت خطرا كبيرا علي الولاياتالمتحدة بسبب نمو اقتصاد الصين المستمر لتسحب البساط من الاقتصاد الأمريكي مستقبلا. يري الدكتور صلاح الجندي استاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة أن تخفيض التصنيف الائتماني ل9 دول من الاتحاد الأوروبي لن تؤثر بشكل كبير علي مصر وطالب بمزيد من الجهد للنهوض بالاقتصاد الوطني معتبراً أن الدول الأوروبية تستطيع أن تعود باقتصادها قويا لذلك فنحن مطالبون بدفع عجلة الإنتاج وزيادة الصادرات والحد من الواردات مناشدا الحكومة بسرعة تحقيق الأمن وعودته وبالتالي زيادة الاستثمارات والإنتاج وانتعاش السياحة وغيرها من القطاعات الاقتصادية. تقول الدكتورة زينب الأشوح أستاذة الاقتصاد جامعة الأزهر ان تخفيض التصنيف الائتماني لدولة ما يعني أنها غير قادرة علي سداد الديون وليس لديها أصول لسداد التزاماتها المتراكمة ويخفض درجة الشفافية لاقتصادها لافتة إلي قيام مؤسسة ستاندرد آند بورز بعملة عملية خفض جماعي للتصنيف الائتماني ل9 دول في منطقة اليورو تعد خطوة قد تودي إلي تعقيد جهود حل أزمة الديون الأوروبية التي بدأت قبل عامين. أوضحت أن الدول الأوروبية التي تم تخفيض تصنيفها الائتماني تعد من الكيانات الكبيرة التي تعطي قروضاً ومنحا للدول النامية ومنها مصر الأمر الذي سيؤدي إلي تخفيض هذه المنح والقروض في الفترة المقبلة وبالتالي زيادة الضغوط علي الاقتصاد المتهالك في الأساس. أشارت إلي أن هذا يعد انعكاساً طبيعيا للأزمة المالية العالمية التي بدأت منذ 4 سنوات مشيرة إلي أن الاتحاد الأوروبي أصبح يواجه تحديات كبيرة متمثلة في الأزمات المالية التي تعصف بالعديد من الدول الأعضاء ومنها اليونان وإيطاليا. المصدر الجمهورية