كان من المستحيل أن تأتي استقالة أكبر مسؤول ألماني بالبنك المركزي الاوروبي في توقيت أسوأ بالنسبة لصناع السياسات بمنطقة اليورو الذين يتلمسون مخرجا من أعمق أزمة على مدى تاريخ العملة الموحدة الذي يرجع الى 12 عاما مضت وفقا لوكالة رويترز فالمركزي الاوروبي هو المؤسسة الوحيدة التي أبقت منطقة اليورو قادرة على أداء التزاماتها في خضم أزمة الديون السيادية وحالت دون انهيار في سوق السندات. ولا يملك الاتحاد الاوروبي حكومة اتحادية أو سلطة مالية مشتركة ويتحدث بأصوات كثيرة غير متناغمة. ويأتي رحيل يورجن ستارك عن المجلس التنفيذي للبنك المركزي الاوروبي على خلفية تحفظات ازاء سياسة شراء السندات الحكومية لمنع تفشي الازمة في وقت يستعد فيه صناع السياسات في برلين وعواصم أخرى للاحتمال المتنامي بأن تعجز اليونان عن سداد الديون. ومن المرجح أن يتسبب ذلك في تعقيد الجولة التالية من ادارة الازمة لانه سمم أجواء البنك المركزي الاوروبي بسجالات السياسات الحكومية والانقسامات الايديولوجية. وقال مسؤول بالاتحاد الاوروبي مشارك في ادارة الازمة المالية "المركزي الاوروبي هو ما يبقي البناء متماسكا لذا فأي شيء يضعف المركزي الاوروبي هو نبأ سيء." ومن شأن خروج ستارك أن ينال بدرجة أكبر من مصداقية البنك المركزي في نظر المؤسسة المالية المحافظة بألمانيا والتي رأت في شراء السندات أداة غير مناسبة لتمويل الديون الحكومية وأيضا في أوساط الناخبين بأكبر اقتصاد أوروبي. وقد يزيد هذا من الصعوبة السياسية لتعزيز التكامل المالي في منطقة اليورو في وقت بدأت تدرك فيه المستشارة الالمانية أنجيلا ميركل أن الحاجة تدعو الى قفزة كبيرة للامام في الحوكمة الاقتصادية من أجل المحافظة على العملة الموحدة. وقد يحدث أيضا انقساما داخل البنك المركزي بين الشمال والجنوب .. بين ما يسمى بالدول الدائنة الحصيفة ودول الاطراف التي تعتبر مبذرة وعاجزة. وفي أسوأ الاحوال فان رحيل ستارك قد يحد من قدرة البنك المركزي الاوروبي على التحرك بحسم في الاشهر القادمة عندما تدخل أزمة الديون مرحلة جديدة أشد خطورة.