أكد الدكتور هاني سري الدين، أستاذ القانون التجاري، ورئيس الهيئة العامة لسوق المال الأسبق، أن هناك عدداً من المحاور الرئيسية يجب تحقيقها خلال الستة أشهر القادمة حتى نصل بمصر إلى بر الأمان، أبرزها توفير الاستقرار الأمنى، ومنع الإعتصامات الفئوية غير المبررة، والبدء فى عملية الاصلاح السياسى والاقتصادى، بالإضافة إلى دعم الحوار الوطنى للوصول إلى خارطة طريق على المدى القصير. فى البداية.. ما رؤيتك للأوضاع السياسية التى تمر بها البلاد بعد ثورة 25 يناير؟ يجب أولاً أن نذكر أنفسنا بشكل مستمر ودورى أن مصر شهدت ثورة حقيقة بكل ما تعنيها الكلمة من معانى، ولم تنته طموحاتها وآمالنا حتى الآن، فالثورة قامت، دون أي ترتيب لها وبدون مشاركة من قبل المفكرين وقادة الرأى، من خلال فئات الشباب وبطريقة تلقائية الأمر الذى كلل لها قدر كبير من النجاح والعظمة، ولكن بعد الانتهاء من تحقيق مطالب الثوار الأساسية المتمثلة فى رحيل النظام، تم ترك الأمر بشكل تلقائى للجيش ومجلس الوزراء لتسيير أمور البلاد تزامن مع ذلك تعرضها لمزيد من الفوضى وعدم الاستقرار السياسى والاجتماعى. وتعتبر الفترة الراهنة، وما تشهده من مظاهرات واعتصامات، بمثابة نتاج طبيعى للاحساس الذى ساد بعد الثورة بضرورة أن يشعر الجميع بالتغيير، ولكنها فى نفس الوقت تمثل الخطر الأكبر على الثورة . من وجهة نظرك ما المحاور الواجب إتباعها لتجاوز تلك المرحلة الحرجة ؟ يوجد عدد من المحاور الرئيسية التى لابد من العمل على تحقيقها، أبرزها توفير الاستقرار الأمنى وهو من أهم الأولويات حالياً حتى يتم القضاء على البلطجة المنتشرة فى ظل غياب أمنى واضح، ومن ثم تدور عجلة الإنتاج مرة أخرى وتعود الاستثمارات الأجنبية من جديد خاصة فى ظل تأثر تلك الاستثمارات بشكل كبير، والخسائر الفادحة التى منى بها القطاع السياحى خلال الربع الأول من العام الجارى. وثانى تلك المحاور هى العمل على منع الإعتصامات الفئوية غير المبررة والتى تندرج بطبيعة الحال تحت مسمى الانتهازية ومن ثم تحقيق الاستقرار، يعقب تنفيذ هذين المحورين البدء فى عملية الاصلاح السياسى والاقتصادى المرجوة من قبل الجميع، لذلك فالأمر يحتاج تنفيذ تلك المحاور خلال فترة الستة أشهر القادمة حتى نصل إلى بر الأمان والتنمية. برأيك، هل استطاعت الثورة تحقيق أهدافها بشكل متكامل ؟ ما زال الأمر يحتاج إلى عملية الاصلاح المؤسسى التى تعتبر من الأمور الضرورية لكافة المؤسسات، فالثورة استطاعت إسقاط النظام السابق ولكن المنظومة لا تزال فاسدة، فمازال يندرج تحتها عناصر الفساد وتعارض المصالح ودخول أشخاص فى تلك المنظومات القائمة، مهما يتمتع بقدر كبير من النزاهة سيكون عاجزاً عن القيام بعمليات الاصلاح، وبالتالى قد يتحول إلى عنصر فاسد لأنه سيعتبر بمثابة ترسا فاعلاً وجزء من هذه المنظومة الفاسدة، وبالتالى اصلاح هذه المنظومه يقتضى اصلاح مؤسسى لاجتثاث الفساد من جذوره، فلا يمكن التطرق إلى القيام بأية سياسات أو تنفيذ بعضها فى ظل وجود أجهزة غير قادرة عليها، فالقضاء على الفساد والبيروقراطية والمحسوبية لن يتم تحقيقه إلا بدون إصلاح أجهزة الدولة والمؤسسات، وبالتالى التعليم والاصلاح المؤسسى تأتى ضمن الأولويات التى يجب إعادة النظر إليها، وأرى أنه حتى يكتب لعملية الاصلاح النجاح الحقيقى، فلابد من الاعتماد على التعليم بشكل أساسى، كيف ترى مستقبل الاقتصاد المصرى خلال المرحلة القادمة؟ الاقتصاد المصرى يواجه تداعيات خطيرة خلال الفترة القادمة، حيث بلغ عجز الموازنة 12% بجانب هبوط معدل الناتج للدخل القومى إلى أقل من 1%، وأعتقد أن أبرز الامور التى تحتاج إلى معالجة سريعة فى ضرورة سرعة التعامل مع مشاكل مصر الاقتصادية داخلياً وخارجياً، وذلك من خلال خلق برامج تتضمن عناصر تحفيزية فى مجالات كثيرة بالاضافة إلى خلق فرص عمل من خلال المنح والاعانات إلى آخره، مع ضرورة التركيز على عامل صناعة الأمل لما لها من نتائج إيجابية جيدة بالإضافة إلى دعم الحوار الوطنى للوصول بمصر إلى خارطة طريق على المدى القصير. وبالنسبة للمدى الطويل تتواجد رؤيتين تتمثل فى عناصر الأمان والتنمية وبالنسبة لجانب التنمية يتطلب الأمر الاعتماد على محور التعليم، حتى يساهم فى الانتقال بالبلاد من المرتبة الثالثة الى الأولى فيجب أن يكون على رأس الأولويات ضمن اى برنامج اصلاحى، وهذا يقتضى بالطبع ضرورة إعادة النظر فى الموازنة وترتيب الأولويات .