قال جوزيف ستيجلتز الخبير الاقتصادي الأمريكي - الحائز على جائزة نوبل- أن الديمقراطية في مصر ما بعد الثورة يمكن أن تتيح الفرصة لإثارة نقاش عام حول النموذج الاقتصادي الأمثل لتبنيه وهو نموذج يجب أن يوازن بين آليات السوق والتدخل الحكومي وضرب مثالا ناجحا بإندونيسيا بعد الثورة التي أطاحت بسوهارتو عام 1998، وكيف قامت الحكومة بتعديل سياسات الدعم التي اتضح أن الطبقات الغنية تنتفع بها على حساب الفقيرة، فقامت بقلب هذه السياسات من خلال إعمال آليات الديمقراطية والاستغلال الأمثل للموارد لحماية الفقراء. اشار خلال محاضرته التي ألقاها بمكتبة الإسكندرية تحت عنوان "مصر في عالم متغير" إن التحولات التي تشهدها مصر وغيرها من البلدان العربية في إطار الربيع العربي ستكون طويلة وصعبة مشبها ذلك بما عايشته الصين خلال الانتقال من نموذج الاقتصاد الاشتراكي إلى الرأسمالية والذي اتسم بالتدرج على مدى 30 عاما وحقق في النهاية نسب نمو عالية ومستقرة. أكد ستيجلتز على الدور الهام الذي تلعبه مختلف الآراء والاتجاهات في مساعدة الدول على التحول والانتقال الآمن، وهو ما يجب أن تأخذه مصر في الاعتبار، خاصة أن المشهد الاقتصادي العالمي بأسره يشهد تحولات كبرى كما تواجهه تحديات فهناك حركة احتجاجات واسعة في أوروبا والولاياتالمتحدة على إثر الأزمة المالية العالمية الأخيرة التي تفجرت عام 2008، والتي أدت إلى ارتفاع معدلات البطالة، وتفاقم الأزمة العقارية في الولاياتالمتحدة وخسارة أكثر من 7 ملايين أمريكي مساكنهم. وأضاف ستيجلتز أن حل مثل هذه الأزمات التي تتشابه مع ما تمر به مصر يكمن في الاستخدام الأمثل والمتوازن للموارد، خاصة غير المستغلة، وهو ما يتطلب دورا أفضل من الحكومات خاصة فيما يتعلق بتفعيل المزايا التنافسية للسلع والموارد. ولفت الى أن الإيديولوجيات تلعب دورا في صياغة الخيارات الاقتصادية، فقبل أزمة2008 كان هناك اعتقاد سائد في الولاياتالمتحدة وأوروبا بأن اقتصاد السوق ذو كفاءة عالية ويصحح نفسه بنفسه دون أي تدخل، وهو ما ينفيه تماما الاقتصاد كعلم. نوه الى ان هناك أفكارا متعلقة بالتشجيع على النمو الاقتصادي وتحقيق أكبر معدلات في هذا الإطار، في حين أن النمو لا يعكس بالضرورة ما يحدث في المجتمع، كما أنه لا يبين ما يحدث من تعارض بين مصالح الشركات والحكومات؛ حيث إن جزءا كبيرا من معدلات الناتج القومي الإجمالي كان يتمثل في الرواتب المرتفعة لبعض الأفراد الذين يديرون هذه الشركات. وشدد ستيجلتز على أن حل المشاكل الاقتصادية في مصر في مرحلة ما بعد الثورة لا يمكن تأجيله إلى حين استقرار النظام السياسي وإصلاحه؛ إذ إنه إذا جار الجانب السياسي على الاقتصادي فإن هذا سيفاقم من أزمة البطالة ويجعل الأمور أسوء مما كانت. وحقق في النهاية نسب نمو عالية ومستقرة.