قال جوزيف ستيجلتز الخبير الاقتصادي الأمريكي الحائز علي جائزة نوبل إن التحولات التي تشهدها مصر وغيرها من البلدان العربية في إطار الربيع العربي ستكون طويلة وصعبة مشبها ذلك بما عايشته الصين خلال الانتقال من نموذج الاقتصاد الاشتراكي إلي الرأسمالية والذي اتسم بالتدرج علي مدي 30 عاماً وحقق في النهاية نسب نمو عالية ومستقرة. وأكد ستيجلتز في مستهل محاضرته التي ألقاها بمكتبة الإسكندرية مساء أمس تحت عنوان «مصر في عالم متغير» علي الدور المهم الذي تلعبه مختلف الآراء والاتجاهات في مساعدة الدول علي التحول والانتقال الآمن وهو ما يجب أن تأخذه مصر في الاعتبار خاصة أن المشهد الاقتصادي العالمي بأسره يشهد تحولات كبري. وأضاف الخبير أن حل مثل هذه الأزمات التي تتشابه مع ما تمر به مصر يكمن في الاستخدام الأمثل والمتوازن للموارد خاصة غير المستغلة وهو ما يتطلب دوراً أفضل من الحكومات خاصة فيما يتعلق بتفعيل المزايا التنافسية للسلع والموارد. وأشار إلي أن الإيديولوجيا تلعب دوراً في صياغة الخيارات الاقتصادية فقبل أزمة 2008 كان هناك اعتقاد سائد في الولاياتالمتحدة وأوروبا بأن اقتصاد السوق ذو كفاءة عالية ويصحح نفسه بنفسه دون أي تدخل وهو ما ينفيه تماماً الاقتصاد كعلم. ولفت إلي أنه في كتاب Globalization and Discontent كان قد تناول موضوع الخصخصة مشيراً إلي أنها زادت فرص الفساد في القطاعين الحكومي والخاص وفاقمت من عدم المساواة مدللا علي ذلك بما حدث في روسيا ودول في أمريكا اللاتينية مثل المكسيك. وداعب الخبير الأمريكي الحضور قائلاً إنه لو كان المصريون قد قرأوا الكتاب في حينه ربما كانوا قد تجنبوا الاتجاه نحو الخصخصة وما استتبعها من مشكلات. وفيما يتعلق بالنموذج الذي يجب أن تتبناه مصر كسبيل لتنظيم اقتصادها أكد ستيجلتز أنه لا توجد نماذج جاهزة أو إجابات سهلة منوها إلي أنه إذا ثبت لدي العالم أن النموذج الاشتراكي الذي تتحكم فيه الدولة في الاقتصاد قد فشل فقد أثبتت الأزمة المالية العالمية الأخيرة أن الاقتصاد النيوليبرالي قد فشل هو الآخر في إدارة الأمور. وأوضح أن الديمقراطية في مصر ما بعد الثورة يمكن أن تتيح الفرصة لإثارة نقاش عام حول النموذج الاقتصادي الأمثل لتبنيه وهو نموذج يجب أن يوازن بين آليات السوق والتدخل الحكومي وضرب مثالاً ناجحاً بإندونيسيا بعد الثورة التي أطاحت بسوهارتو عام 1998 وكيف قامت الحكومة بتعديل سياسات الدعم التي اتضح أن الطبقات الغنية تنتفع بها علي حساب الفقيرة فقامت بقلب هذه السياسات من خلال إعمال آليات الديمقراطية والاستغلال الأمثل للموارد لحماية الفقراء.