يعتمد أصحاب مصانع مواد البناء دائماً على استراتيجيات ثابتة لتحريك السوق، أهمها زيادة الأسعار عندما ينخفض الطلب ويشكل خطر على المصانع لاستحالة توقف إنتاجها، فتلجأ المصانع لزيادة الأسعار بشكل نسبي لكي يتيقظ السوق ويعتقد وجود زيادة كبيرة آتية، فيسرع كل مترقب للشراء خوفاً من وقوع زيادة جديدة، ومع إعلان مصانع الحديد عن الزيادة في الأسعار بواقع 100 جنيه أوائل شهر مايو، كان لزاماً علينا معرفة موقف السوق اتجاه هذه الزيادة خاصة أننا نمر بمرحلة ركود، وما مدى تأثيرها على السوق العقاري، وهل سيرتفع سعر الحديد مرة أخرى، وأين هي الجهات الرقابية، ومن المسئول عن هذه الزيادات في أسعار مواد البناء، وتجيب السطور التالية على جميع التكهنات .. . . أكد أحمد الزيني رئيس الشعبة، أن سعر الطن 4400 جنيه في أوائل شهر أبريل، ولكن الطلب عليه كان ضعيف جداً، فلجأت شركات عز لفكرة تعطيش السوق بغرض زيادة الطلب، ورفعت السعر بفارق 100 جنيه، في أوائل شهر مايو الجاري، لجس نبض السوق. وتوقع الزيني وجود ارتفاع جديد على أسعار الحديد بفارق سعر 150 جنيه إضافية، أوائل شهر يونيو المقبل، ليصل إلى سعر 4600 جنيه وارد المصنع، لافتاً لعودة مضاربات التجار من جديد. ونفى تدخل أزمة السولار الحالية في زيادة أسعار الحديد، أو أسعار النقل، مؤكداً أن مصانع الحديد لا ترتبط بأزمة السولار فحصتها تصلها كاملة وبانتظام، كما أن مصر تعاني حالياً من توقف السوق الخارجي لها، بما خفض عمليات نقل البضائع للنصف وكذلك تخفيض أسعار النقلات. وعن مدى تأثير الحديد المستورد على أسعار نظيره المحلي، قال الزيني أن شركات الحديد المحلي استغلت ارتفاع أسعار الحديد المستورد بشكل نسبي، مما خفض من عمليات الاستيراد التي لن تحقق سوى هامش ربح ضئيل جداً، لا يضاهي الخطورة المتوقعة. وأشار الزيني لتوقع شعبة مواد البناء التابعة لغرفة القاهرة في إتحاد الغرف التجارية، بوجود زيادات جديدة على أسعار الحديد أوائل شهر يونيو المقبل، بواقع 150 جنيه للطن، وهددت الشعبة بتقديم مذكرة للمجلس العسكري في حالة تطبيق هذه الزيادة غير المبررة. وستشمل المذكرة ثلاث طلبات أساسية هي فصل إدارة المبيعات من مجلس إدارة مصانع حديد عز، إيجاد آلية جيدة لإشراف الدولة على مصانع الحديد والأسمنت مع وضع حد أقصى لهامش الربح، وضع سياسة عادلة للبيع والتوزيع من خلال اتساع قاعدة التوزيع لكي لا تكون قاصرة على بعض الموردين فقط، دون غيرهم، وتحديد سعر عادل للمستهلك تقره الدولة كل فترة. وتدرس الشعبة حالياً كيفية التصدي لهذه الزيادات، كما اتهمت إدارة المبيعات في حديد عز بتعطيش السوق وتقليل الإنتاج بنسبة 30% وزيادة الأسعار 100 جنيه، رغم انخفاض الطلب واختفاء مبررات الزيادة، مطالبين بالتدخل الفوري للحكومة. ورفض الزيني أن تؤثر الزيادة في أسعار مواد البناء على أسعار السوق العقاري المصري، قائلاً المطورين العقاريين في حالة ترقب تام، وحركة التشييد والبناء حالياً تكاد تكون منعدمة، وبالتالي زيادة أو انخفاض أسعار مواد البناء لن تؤثر على أسعار العقارات، ولكن تكمن الخطورة في استمرار الزيادة، لأنه متوقع استرداد السوق العقاري لعافيته مع بداية عام 2012، وستكون حركة التشييد والبناء كبيرة، فإذا كانت الأسعار مرتفعة ستهدد حركة النمو المتوقعة. وأتفق معه المهندس يوسف نظير نظام رئيس مجلس إدارة شركة سولا للمقاولات، متهماً شركتي عز وبشاي للصلب، بافتعال زيادة أسعار الحديد، مؤكداً أن مصانع عز تعمدت تخفيض إنتاجها بنسبة 30%، وتبعتها مصانع بشاي للصلب مستخدمين نفس سياسة الاحتكار المتعارف عليها منذ التسعينات. واستنكر نظام زيادة سعر طن الحديد 100 جنيه، عارضاً أسباب الزيادة التي لم يحدث أياً منها حتى الآن، قاصراً الأسباب على زيادة أسعار خام البليت العنصر الأساسي في صناعة حديد التسليح، ولكن أسعاره لم تزيد حتى الآن ومازال ثابتاً عند سعر 3.857 جنيهاً للطن، وزيادة تكلفة العمالة بنسبة 15% الأمر الذي لا يؤثر في زيادة سعر المنتج النهائي إلا بنسبة ضئيلة تقدر ب 10% فقط. والمجال الثاني لارتفاع أسعار مواد البناء بصفة عامة هو زيادة أسعار نقل المنتج، وهو أمر بعيد تماماً خاصة أن التجارة الخارجية تكاد تكون منعدمة هذه الأيام وعلى أثرها أصبح سعر النقلة الواحدة لا يتجاوز 70 جنيه، بعد ما كانت النقلة تسعر بأكثر من 150 جنيه. وعن تأثير أزمة نقص السولار بالمحطات، قال نظام أن الأزمة تؤثر بشدة على المستهلك العادي وليس على أصحاب المصانع والشركات، فكلاهما تصله حصته يومياً قبل أن توزع على محاطات البنزين. وبالحديث عن الاستيراد و دوره في كبح جماح مصانع الحديد القومية، قال نظام أن عز كان يستورد وغيره الكثير، ولكن الآن لا أحد يستورد، لافتاً لوجود احتكار في الحديد المستورد منذ السبعينات، وفي أوائل التسعينات كان مصانع الحديد تترقب أي مستورد جديد حتى يدخل بضاعته في السوق، ثم تتكاتف المصانع على حرق السعر له، فيخرج المستورد من السوق مفلساً تماماً، لذلك تخاف الشركات استيراد الحديد من الخارج، كما أن سعر الحديد المستورد حالياً أصبح مرتفعاً نسبياً، الأمر الذي يؤثر سلباً على القيمة الربحية للاستيراد. وشدد نظام على دور وزارة الصناعة والتجارة الداخلية، في الوقوف عند هذه الزيادة غير المبررة والتحقيق فيها، مطالباً بفرض عقوبات رادعة على المصانع المخالفة، مشيراً إلى أسعار الأسمنت باعتباره لم تحقق أية زيادات عقب ثورة 25 يناير، وهذا يؤكد عدم تأثير النقل وأزمة السولار على المصانع المنتجة بمصر. ويقول المهندس أحمد الخولي مدير مكتب وزير الإسكان للشئون الفنية، أن الزيادة الرئيسية لم تكن من مصانع الحديد، ولكن أسعار الحديد زادت في المحافظات الحاوية لعشوائيات منذ الشهر الثاني للثورة، نظراً لصعوبة النقل وانتهاز أهالي المناطق العشوائية غياب الأمن والرقابة ليبنوا منازلهم المخالفة، لذلك رفع التجار أسعار الحديد، بينما رفعت المصانع أسعارها بواقع 100 جنيه أوائل شهر مايو، نظراً لحالة الركود التي يشهدها السوق، وسعياً منهم لتحريك الطلب على الحديد من جديد. وأرجع الخولي أسباب زيادة أسعار الحديد إلى توقف استيراد خام البليت منذ اندلاع الثورة، بما سمح لمصانع الحديد المحلي برفع السعر. وأيد الخولي الآراء السابقة بعدم تأثير زيادة أسعار مواد البناء على السوق العقاري حالياً، قائلاً أغلب أصحاب شركات التطوير العقاري الرائدة في مصر حالياً داخل الحبس، والآخرين متحفظين ومترقبين لما سيحدث، فالسوق العقاري ينتظر حالياً الحكم عليه، كما أنه لا توجد آلية واضحة لطرح الأراضي حالياً، فلذلك لا تطرح أراضي لمشروعات جديدة، سوى المشروعات القومية. تابع اموال الغد الاسبوعى