الوطن السعوديه توقعت دراسة إحصائية أن تبلغ المساحة التأجيرية الإجمالية في الأسواق والمراكز التجارية في جدة بحلول عام 2014 نحو (1.6 مليون متر مربع)، محققةً زيادة بواقع (600 ألف متر مربع)، في الوقت الذي لفتت فيه الدراسة إلى أن المعروض من المراكز التجارية لا يقابله طلب حقيقي من المستأجرين. واعتبرت الدراسة أن مستقبل المراكز التجارية في جدة يواجه تحديات حقيقية، في ظل هجرة المستأجرين الارتكازيين وإحجام البنوك عن تمويل مشاريع البناء الجديدة أو مشاريع التوسع في المجمعات التجارية والأسواق القائمة بالفعل. وتبلغ المساحة الإجمالية التي يمكن تأجيرها في الأسواق التجارية في جدة أقل من نصف المساحة التأجيرية للعاصمة الرياض، ومع ذلك فإن مراكز جدة ما زالت تصارع من أجل البقاء بعد أن هجر المتسوقون غالبية القديم منها متوجهين إلى المراكز الجديدة التي تهتم بالترفيه أكثر من التسوق. وأمام هذه الهجرة تغيرت استراتيجية العديد من الأسواق وأصبح البقاء في جدة للأكثر ترفيهاً والأكثر احتواءً على قاعات للمطاعم، أو لتلك التي أصبحت متعددة الاستخدامات أو تلك التي تستقطب محلات السوبرماركت الكبيرة (الهايبر) التي تستحوذ على مساحة كبيرة من المجمع التجاري وتعرف باسم المستأجر الارتكازي (Anchor tenants). ورغم أن جدة معروفة بأنها المدينة التجارية الأولى في المملكة إلا أن مراكزها تشهد تراجعاً في المساحات القابلة للتأجير باستثناء المراكز التي تم إنشاؤها حديثاً، الأمر الذي يدفع بالكثير من المستثمرين إلى القلق من مستقبل المراكز التي يجري بناؤها الآن. ويقف إجمالي المساحة التأجيرية في جدة حتى الربع الأول من العام الجاري عند مليون متر مربع من المتوقع أن يرتفع إلى 1.6 مليون متر مربع بحلول عام 2014، بحسب إحصاءات شركة "جونز لانج لاسال" للأبحاث والاستشارات العقارية. فيما تبلغ المساحة الإجمالية للمراكز في الرياض نحو 2.3 مليون متر مربع من المتوقع أن تصل إلى 2.7 مليون متر مربع بحلول عام 2014، لتصبح الرياض بذلك مدينة التسوق الأولى في المملكة. ويقول المدير العام لجونز لانج لاسال في المملكة جون هاريس في تصريح ل"الوطن" إن جدة لن تشهد أي إضافات كبيرة من المراكز التجارية في السنوات الثلاث المقبلة سوى المراكز التي تم الإعلان عنها والتي يجري إنشاؤها الآن. ويقول مدير قسم البحث بجونز لانج لاسال فياض أحمد ل"الوطن" إن مشكلة العديد من المراكز التجارية في جدة التي دخلت السوق في العام الماضي أو تلك التي يجري إنشاؤها، أنها تمت إضافتها للسوق بدون الأخذ في الاعتبار حجم الطلب أو الاتجاه الذي يسير فيه.ويقول أحمد: "العديد من تلك المراكز كانت تؤمل في استقطاب علامات تجارية كبيرة في عالم التجزئة ولكن غالبية تلك العلامات أو الشركات الكبيرة قلقة من التوسع نظراً لمخاوف من انعكاسات للأزمة المالية على الاستهلاك".ويتفق المحلل الاقتصادي الدكتور جون سفاكياناكيس مع هذا الطرح ولكنه قلل من خطورته على الأوضاع المالية للشركات المالكة للمجمعات. ويقول سفاكياناكيس ل"الوطن": "توسع العديد من المستثمرين لإضافة مراكز تجارية في السنوات الماضية ولكنها زادت المعروض بدون وجود طلب حقيقي مقابل لها ومع ذلك لم تدخل هذه الاستثمارات مرحلة الخطر إلى الآن".وقال ل"الوطن" أحد المصرفيين البارزين (رفض الكشف عن اسمه) إن البنوك غير متشجعة حالياً لتمويل إنشاء مراكز تجارية في جدة لأن العوائد لا تبدو مشجعة. لكن فياض أحمد استبعد تحسن الحركة في الأسواق بصورة كبيرة قبل نهاية العام الحالي، مشيرا إلى أن سوق المراكز التجارية تحتاج إلى ستة أشهر على الأقل حتى تصحح نفسها. وأضاف " يحتاج العاملون في مجال التطوير إلى دراسة السوق جيداً قبل إطلاق الموجة التالية من المشروعات". ويبلغ متوسط أسعار الإيجارات للمتر المربع الواحد سنوياً في مراكز التسوق الكبرى بجدة نحو 1800 ريال، ويرتفع هذا المتوسط في بعض الأسواق الكبرى مثل عزيز مول ومجمع العرب ورد سي مول إلى ما بين 2000 و3000 ريال. وقالت جونز لانج لاسال إن متوسط الإيجارات في المراكز التي لا تحتوي على مطاعم كبيرة أو قاعات طعام أو أماكن للترفيه، أقل من المراكز الكبيرة إذ يصل إلى 1200 ريال فقط. وأظهرت إحصاءات جونز لانج لاسال أن الأماكن الشاغرة في الأسواق ما زالت منخفضة نسبياً (أقل من 5%) في المراكز الجديدة، وارتفعت هذه النسبة إلى 15% في الأسواق التي لا تحتوي على أماكن ترفيه وصالات طعام كبرى مثل مركز الجمجوم وسوق حراء الدولي والصواري مول. ومن المتوقع أن تشهد جدة إضافة 381 ألف متر مربع من المساحات التأجيرية في المراكز التجارية في السنوات الثلاث المقبلة . ومن بين تلك المشروعات خلال العام المقبل الريفيرا مول على شارع الأمير سلطان الذي تمتلكه كل من مجموعة ماجد الفطيم الإماراتية وشركة الغزاوي السعودية والذي سيضيف 100 ألف متر مربع لأسواق جدة. ومن بين أكبر المشكلات التي تواجهها المراكز التجارية في جدة هي هجرة المستأجرين الارتكازيين منها مثل محلات السوبرماركت الكبيرة ومحلات الهايبرماركت أو حتى محلات الأثاث الكبرى. وعلق أحمد على ذلك قائلاً "خرجا العديد من محلات الهايبرماركت من الأسواق التجارية وهو الأمر الذي قلل من عدد زوار تلك الأسواق، حيث لم تتمكن من إبقاء تلك المحلات بسبب عدم الاتفاق حول تخفيضات في الإيجارات". وشهدت العديد من أسواق جدة هجرة بعض الزوار بسبب خروج مستأجر ارتكازي منها مثل خروج محلات إيكيا السويدية للمفروشات من مركز السليمانية، وخروج سوبرماركت الدانوب من سوق حراء الدولي، وكذلك خروج محلات كارفور من مركز الجمجوم التجارية. وأضاف أحمد: "المستأجرون الارتكازيون يفاوضون المراكز في الإيجار على أساس أنهم هم الذين يزيدون عدد زوار السوق". وقال تقرير بحثي صادر من جونز لانج لاسال الشهر الماضي إن سوق التجزئة في جدة حالياً تشهد "قفزة نحو الجودة" مع فقدان مراكز التسوق القديمة لعملائها الذين يذهبون إلى المراكز الأحدث. وأضاف التقرير: "ستتم إدارة المراكز التجارية الضخمة الجديدة بصورة أكثر فاعلية حتى تستطيع منافسة أسواق الهايبر ماركت مثل دانوب التي تتوسع أفقياً ورأسياً". وقال التقرير إن كبار اللاعبين في قطاع الأسواق التجارية حالياً، وهم الحكير (مالك مجمع العرب) وسدكو (مالك ردسي مول) والحبيب (الذي يمتلك مجمع الأندلس) يتنافسون الآن في الابتكار وإضافة مكونات جديدة لمراكزهم التجارية.
