رغم براعته في تسليط الأضواء علي الفضائح المخفية في العالم لكنه شخصيا يهوي إحاطة نفسه بالسرية.إنه جوليان أسانج صاحب موقع ويكيليكس الشهير, الذي أصبح في الفترة الأخيرة حديث الصحف ووسائل الإعلام وذلك بعد ترشيحه من قبل مجلة التايم الأمريكية ليصبح رجل عام2010 بحصوله علي(24,7) ألف صوت متقدما علي المغنية الغريبة الأطوار لايدي جاجا التي حلت في المرتبة الثانية ب(22,8) ألف صوت في تحقيق أجرته المجلة ويتوقع نشره في ديسمبر المقبل وفقا لما نقلته الاهرام. لا احد ينكر أن الأسترالي جوليان أسانج إستطاع تدشين ظهور سوبرمان من نوع جديد في القرن الواحد والعشرين سوبرمان إلكتروني لا يتمتع بأي صفات جسدية خارقة وليس له أي سلطة أونفوذ سياسي أومالي استطاع أن يؤرق المؤسسات السياسية والعسكرية لعدة دول من بينها الولاياتالمتحدة الأمركية وبريطانيا وأفغانستان والعراق وذلك عن طريق نشر مئات الآلاف من الوثائق السرية دفعة واحدة والاحتفاظ بالنسخ الأصلية في أماكن سرية مجهولة وحصينة لاتطالها أيدي السلطات. جوليان الذي بات الرجل المخيف ل( سي آي إي) من مواليد1971 في استراليا, ينحدر من عائلة تضم والدته وأخيه من أمه, وقضت العائلة نحوخمس سنوات في هروب مستمر بسبب نزاع مع صديق الأم هكذا أمضي جوليان طفولته متنقلا بين37 مدرسة كما روي بنفسه لوسائل الإعلام الاسترالية وقضي سن المراهقة في مدينة ملبورن حين إكتشف موهبته بالقرصنة المعلوماتية مما عرضه للإعتقال والمساءلة القانونية في سن مبكرة, وأصبح بعد دراسته للفيزياء والرياضيات مستشارا أمنيا لإحدي الشركات, بعدها أسس شركة للخدمات المعلوماتية في استراليا, حيث قدم نفسه كمستشار في تكنولوجيا المعلومات وباحث في الإعلام, وفي عام2006 أسس موقعه المثير للجدل لحماية الأشخاص الذين يكشفون الفضائح والأسرار التي تنال المؤسسات أوالحكومات الفاسدة وتكشف كل الانتهاكات التي تمس حقوق الإنسان, مسخرا كافة الوسائل العلمية المتطورة في ميدان النشر الإلكتروني وحماية مصادر المعلومات, فقد إستطاع علي حد قوله أن يحرر الصحافة وينقذ الوثائق التي تصنع التاريخ. لايحصل أسانج علي أي أجر من عمله وهو ما يسمي في أوروبا بالعمل التطوعي الذي يخدم بدون مقابل, وفي منتصف صيف2010 تعاون أسانج مع احدي الصحف المسائية الرئيسية في السويد كصحفي وكاتب عمود. يعتبره الكثيرون شخصا غامضا ويحيط نفسه بسرية كبيرة عن عمله وعائلته والجهات التي يعمل معها أوالتي تموله, والأغرب من ذلك أنه عمل في الصين وايران وبريطانيا وامريكا بسرية تامة, وينتقل من عاصمة الي اخري دون أن يدري أحد, وغالبا يسكن مع أصدقاء له. ويزن هذا الرجل الممشوق القامة والمهذب وصاحب الابتسامة الساخرة كل كلمة يتفوه بها ويتمهل قبل الاجابة علي أي سؤال, الأمر الذي يجعل خطابه واضحا شفافا ومتقنا جدا. حاول أسانج تقديم نفسه بإعتباره مدافعا عن الشعوب بينما يتهمه منتقدوه- وعلي رأسهم مسئولو( البنتاجون)- ب اللا مسئولية وتعريض حياة مدنيين وعسكريين للخطر. وفي نهاية شهر اكتوبر الماضي كان يأمل أسانج في إنشاء قاعدة له في السويد لاستغلال قوانينها الصارمة في مجال حماية الصحفيين, لكن الحكومة السويدية رفضت طلبه, ثم تمت ملاحقته بعد ذلك قضائيا بتهمة الإعتداء الجنسي والتحرش بقاصرات وهي الجريمة التي يحاسب عليها القانون السويدي بالسجن لمدة أقصاها سنتان, إلا أن القضاء السويدي أسقط هذه التهم في أغسطس2010, ليعاد فتحها من جديد هذا الشهر بإصدارالنيابة العامة السويدية غيابيا مذكرة توقيف بحقه للتحقيق معه في قضية التحرش, وهوالأمر الذي علق عليه أسانج قائلا: ان هذه الإدعاءات ما هي سوي حملة لتلطيخ سمعتي وزعزعة مصداقية موقع ويكيليكس. إختيار مجلة التايم لأسانج للفوز بلقب رجل العام خير دليل علي ان هذا الرجل إستطاع في فترة قصيرة أن يقلب الموازين ويرهب بعض الدول وربما يرغمها علي تغيير سياساتها والتحقيق في قضايا إنتهاكات حقوق الإنسان وربما أيضا الإعتراف بالأخطاء علنا.