اعلن حمدين صباحى خوضه انتخابات الرئاسة، وبعدها بيوم أعلن عبدالمنعم أبوالفتوح أنه لن يترشح.. بالطبع لكل منهما أسبابه ودوافعه، لكن هل تتوقف المنافسة على المشير السيسى وحمدين فقط، أم سنفاجأ بمن يعلن ترشحه خلال الأيام المقبلة؟ عموما دعنا ننتظر ثم نرى.. أنا أتصور أن إعلان حمدين ترشحه يعتبر فى حد ذاته شيئا جيدا سوف ينعكس إيجابا على التجربة الديمقراطية فى مصر.. لقد سبق أن قلنا إنه بالرغم من الشعبية الجارفة التى يتمتع بها المشير السيسى، وتوقع الكثيرين أنه سوف يحسم انتخابات الرئاسة لصالحه من الجولة الأولى، إلا أننا أكدنا فى الوقت ذاته ضرورة أن تكون هناك منافسة قوية وانتخابات حقيقية، وليس تزكية أو استفتاء على شخص، مهما كانت مكانته أو قيمته. من المؤكد أن دخول حمدين على الخط سوف يؤدى إلى سخونة المعركة الانتخابية، فضلا عن أنها سوف تستقطب اهتمام ومشاركة قطاعات عريضة من المصريين، سواء كانت موالية لحمدين أو كانت تؤثر الابتعاد نظرا لأن المعركة محسومة سلفا.. قد يقال إن نزول حمدين سوف يخصم من نسبة الأصوات التى يمكن أن تذهب للمشير السيسى، وهذا وارد، لكن أتصور أنها نسبة ضئيلة.. إن هناك قطاعا من الجماهير لن يعطى أصواته للأخير أصلا، وذلك لاعتبارين أساسيين هما أداء حكومة الببلاوى، والخشية من الحكم العسكرى. سوف يرتب خوض حمدين- وآخرين- الانتخابات على المشير السيسى أن يعرض برنامجه الانتخابى تفصيلا، وسوف يتيح ذلك للجماهير عقد مقارنات بين البرنامجين أو البرامج، مع الوضع فى الاعتبار أن تكون المؤسسة العسكرية خارج هذه المقارنات، فهى ملك لشعب مصر، ويجب أن تكون بمنأى عن أى منافسة سياسية، حتى وإن حاول البعض أن يزج بها ولو بحسن نية.. ولدواعى الوضع الأمنى، ربما يكون من الصعب عقد لقاءات جماهيرية مفتوحة للمشير السيسى، لكن يمكن إجراء لقاءات مباشرة فى الصالات المغطاة، أو غير مباشرة من خلال حوارات حية عبر الفضائيات.. من الطبيعى أن تتحمس جماهير كل مرشح له، وأن تعلن عن ذلك بشتى الوسائل والآليات والأدوات، طالما تم ذلك بطريقة قانونية، ونأمل أن يكون لدى اللجنة العليا للانتخابات القدرة على حسم أى تجاوزات أو خروقات متوقعة، خاصة فى ظل حالة الانفلات العام التى نشهدها.. لكن من المهم- لسلامة العملية الديمقراطية ومستقبل العمل السياسى- أن تلتزم جميع أجهزة الدولة بالحياد.. إن هناك تخوفات وهواجس تعترى البعض من أن الحياد قد يكون فى الظاهر فقط، وليس فى الباطن، وهذا ما يشوه العملية برمتها.. من المهم أيضا توفير جو من الأمن والأمان، سواء أثناء الحملات الانتخابية أو خلال عملية التصويت، وهو ما يلقى بأعباء ضخمة على القوات المسلحة والشرطة.. نأمل أن نجتاز انتخابات الرئاسة بأقل درجة من الخسائر، وأن نوفق لاختيار الرجل الذى يمكنه تحقيق التماسك الوطنى، وتصفية بؤر الإرهاب، والتعافى الأمنى، وإقامة دولة القانون، والخروج من الأزمة الاقتصادية، وتحقيق العدالة الاجتماعية.. نعلم أن هذه مهمات صعبة، لكنها ليست مستحيلة مع الأمل والهمة والعزيمة والإرادة.