عبارة "قدم وانسى"، يرددها المواطنون السعوديون حين يتقدمون بطلب للحصول على قروض البناء من "صندوق التنمية العقاري"، حيث تمتد فترة انتظارهم لنحو عشرة أعوام أو أكثر. ورغم المشروعات التطويرية التي ينفذها الصندوق في مختلف فروعه بالمملكة، إلاَّ أنَّ خبراء اقتصاديين وعقاريين شدَّدوا على أهمية إجراء سلسلة من الإصلاحات في بُنى الصندوق الأساسية، بما في ذلك آليات السداد التي يعاني منها الصندوق، الأمر الذي انعكس على طالبي القروض الجدد بشكلٍ سلبيّ وهم ينتظرون دورهم ضمن قوائم الانتظار الطويلة في هذا الشأن. وقدر مختصون قيمة الديون المتعثرة للصندوق العقاري بأكثر من 250 مليار ريال، موضحين أن التعثر في السداد نتج عن تراخي الصندوق في المطالبة بقيمة القروض المُتعثرة، إلى جانب ضعف الدخل المادي للعديد من المواطنين المُقترضين، مشددين على ضرورة استحداث آلية جديدة لسداد الديون المتعثرة؛ وذلك لحل مُشكلة تكدُّس قوائم الانتظار الطويلة، في ظل تفاقم أزمة الإسكان الحالية الناتجة عن زيادة أسعار المساكن والأراضي السكنيَّة بشكل مُبالغ فيه. من جهته قال الخبير الاقتصادي أحمد العنزي إن عدم سداد القروض العقارية سبَّب أزمة سداد بدت آثارها ماثلة للعيان في الآونة الأخيرة، مُضيفاً أن قوائم الانتظار الطويلة للمقترضين هي نتيجة طبيعيَّة لعدم سداد المقترضين السابقين أو عدم انتظامهم في السداد، موضحاً أن هناك تراخياً واضحاً من قبل إدارة الصندوق في هذا الصدد على حد قوله. ولفت إلى أن وجود بعض الظروف لدى العديد من المُتعثرين في السداد لا تعني عدم السداد بشكلٍ كلي، بل لابُد من الحزم معهم والتعامل معهم بالطرق النظامية التي تكفل سدادهم لما في ذمتهم من أقساط متأخرة. ويرى أنه يجب على صندوق التنمية العقاري أن يتفق مع المُطورين العقاريين ليتم تسليم الوحدات العقاريَّة للمواطنين بدلاً من قيمة القرض، مُرجعاً ذلك إلى عدم كفاية قيمة القرض لبناء المنزل. وشدد الخبير المصرفي زكي أبو السعود، على أهمية وجود آلية محددة يتم تطبيقها على جميع المُقترضين السابقين والحاليين واللاحقين فيما يتعلَّق بطريقة سداد الأقساط التي بذمتهم للصندوق، إلى جانب عدم منح المُقترضين هذه القروض على شكل مبالغ مالية بشكل مباشر. وأكد رجل الأعمال عبدالله السيهاتي أن قيمة القرض الحالية لا تكفي لبناء شقة سكنية أو "دبلوكس"، عدا أنها لا يمكن أن تكون كافيةً لبناء منزل كامل، وذلك حسب القيمة السوقية للعقارات المُجهزة للبناء، مشيراً إلى أن القرض في هذه الحالة يمكن اعتباره بمثابة مساعدة للمواطن في بناء منزله فحسب. وأوضح الخبير العقاري محمد آل نوح أن هناك حلولاً يجب مراعاتها لضمان حصول الصندوق على كامل حقوقه لدى المُقترضين، ومنها تقديم الاستشارات التمويليَّة؛ ليتمكن المقترض من تخطيط التزاماته المالية، وعمل دراسة لكل حالة تطلب الحصول على قرض عقاري ومعرفة ظروفه المادية، وزيادة قيمة القرض ليتلاءم ذلك مع سعر السوق فيما يتعلَّق بتكلفة البناء؛ لكي لا يجد المقترض نفسه أمام التزامات مالية متعددة ذات فوائد لاستكمال مسكنه، إلى جانب سن عقوبات رادعة بحق المُتخلّفين عن السداد.