عقب ما يزيد عن العامين من المفاوضات نجحت الحكومة التونسية فى توقيع الاتفاق النهائى مع صندوق النقد الدولى بعد موافقة المجلس التنفيذى على عقد اتفاق للاستعداد الائتمانى مدته 24 شهراً بقيمة 1.74 مليار دولار تمثل 4 أضعاف حصة تونس بالصندوق. وواجهت تونس العديد من التحديات الاقتصادية عقب الثورة التى أطاحت بالرئيس الهارب زين العابدين بن على، حيث ارتفعت معدلات البطالة لتسجل 18.9% عام 2011 وانخفض الاحتياطى النقدى من العملات الأجنبية ليصل إلى 7.5 مليار دولار بنهاية 2011، وارتفع الدين الخارجى ليشكل 51.6% من إجمالى الناتج المحلى بنهاية عام 2012، فى الوقت الذى تجاوز فيه معدل الفقر بتونس نسبة ال 12% من عدد السكان البالغ 11 مليون نسمة تقريباً. كما تسببت التطورات السيئة للأوضاع هناك في انكماش الناتج المحلى التونسى بنسبة 2% عام 2011 وانخفاض الاستثمار الأجنبى المباشر والنشاط السياحى بأكثر من 30% وارتفاع معدلات البطالة إلى مستويات قياسية. وشرعت السلطات التونسية فى تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادى مع صندوق النقد الدولى للتغلب على تلك الأوضاع حيث يهدف البرنامج إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادى ووضع الركائز اللازمة لدعم النمو وحماية الطبقات الفقيرة. وتتلخص أهم بنود البرنامج فى اعتماد سياسة نقدية تستهدف التضخم وزيادة مرونة سعر الصرف للحفاظ على الاحتياطيات النقدية بما يتيح استخدامها فى مواجهة الصدمات الخارجية، إضافة إلى تقوية القطاع المصرفى من خلال إعادة رسملة البنوك والنفقات الاستثمارية، وتشجيع القطاع الخاص وحماية الطبقات الفقيرة. وتستطيع تونس أن تسحب الشريحة الأولى بقيمة 150.2 مليون دولار على أن يتم صرف باقى المبلغ على ثمانى شرائح يخضع قبلها برنامج الإصلاح الاقتصادى لمراجعات دورية للتأكد من مدى التطور والتعافى الذى حققه الاقتصاد. وعلي الرغم من تشابه الحالة الاقتصادية والسياسية بين مصر وتونس إلا أن الأولي لم تستطع حتي الآن التوصل إلي اتفاق نهائي مع الصندوق حيث شهدت مصر عقب ثورة 25 يناير تدهور الأوضاع الاقتصادية لترتفع معدلات الفقر إلي 25.2% من عدد السكان البالغ 84 مليون نسمة، كما تجاوزت معدلات البطالة ال 12% وانخفض الاحتياطى النقدى ليصل إلى 13.5 مليار دولار قبل أن يرتفع مجدداً ليسجل 16.6 مليار دولار بعد الحصول على قروض ومنح خارجية. وتتوقع الحكومة ارتفاع عجز الموازنة بنهاية العام المالى الحالى ليصل إلى 205 مليار جنيه، الأمر الذى دفع الحكومة لتبنى برنامج إصلاح اقتصادى تحصل بمقتضاه على قرض من صندوق النقد الدولى بقيمة 4.8 مليار دولار لمساعدتها فى حل الأزمة الاقتصادية وتعزيز ثقة المستثمرين فى الوضع الاقتصادى. ورغم أن المفاوضات مع صندوق النقد مستمرة منذ مايو 2011 تقريباً إلا أنها واجهت العديد من العراقيل فى عهد حكومات د. عصام شرف ثم د. كمال الجنزورى ثم الحكومة الحالية برئاسة د.هشام قنديل. وتسابق الحكومة الحالية الزمن لإقرار قوانين الضرائب وتنفيذ بنود برنامج الإصلاح الاقتصادى لتوقيع قرض صندوق النقد فى أسرع وقت، حيث لازالت قوانين ضرائب المبيعات والضريبة العقارية لدى مجلس الشورى لم تُقر بعد وهو الأمر الذى يعطل الحصول على قرض صندوق النقد إلى الآن. ومع تأخر توقيع قرض الصندوق تضاربت تصريحات المسئولين الحكوميين فى مصر ففى الوقت الذى أكد فيه د. عمرو دراج، وزير التخطيط والتعاون الدولى، وهشام رامز، محافظ البنك المركزى، أنه ليس هناك موعداً محدداً لتوقيع قرض صندوق النقد الدولى، قال حاتم صالح وزير التجارة والصناعة وفياض عبد المنعم، وزير المالية، أنه من المتوقع أن يتم التوقيع بالأحرف الأولى على قرض صندوق النقد الدولى خلال يوليو المقبل. وتواجه مصر تحدياً كبيراً لما تضعه الحكومة من آمال على قرض الصندوق فى رفع التصنيف الائتمانى لمصر وخفض تكلفة الاقتراض الخارجى خاصة مع ارتفاع الدين الخارجى إلى 38 مليار دولار، بالإضافة إلى إعادة الثقة للمستثمر فى الاقتصاد المصرى.