" هل حدث خطأ ما ؟ لقد أخبرني أن الإحدثيات تقول أني سأكون في القاهره !!! ربما أنا علي أطراف المدينه و لكني لم أتوقع أبداً أن يحيط القاهره كل هذا التصحر في العام 2090 فالرمال في كل مكان و الطريق الأسفلتي يكاد يندثر !! ربما أنا بعيدٌ بعض الشيء " يتلفت حوله ساعياً لإلتقاط وجهته فيلمح شيئا يدقق النظر أكثر بينما تعوقه حبات الرمال التي ترسلها الرياح لتغطي عدسات نظارته فيخعلها ماسحاً إياها بقمصيه ثم يعيد النظر " رانع جدا هذه اللوحه ستخبرني أين أنا و سترشدني إلي أين أسير " يصل بعد دقائق إلي اللوحه فيجدها قد محيت كلماتها و لكن بدأ يظهر الكثير من الحطام علي جانبي الطريق يتلفت حتي ترمق أبصاره شيء أوضح إنه " محطة وقود " لكنها شبه مهجوره يواصل سيره حتي وصل إلي المحطه يتفحص المكان حتي فاجأه صوت من خلفه " قف مكانك لا تتحرك و إلا أرديتك قتيلاً " تسمر في مكانه حتي إلتف الشاب صاحب الصوت إليه -)" من أنت ؟ و ماذا تفعل هنا ؟ " -)" أنا أعزل لا خوف مني , لقد ضللت الطريق , كما يمكنك أن تعتبرني غريباً و تعتبرني أيضاً مواطناً. يقوم الشاب بتفتيشه فيجده بالفعل أعزل يظل يرمقه مستكشفاً فيلحظ الساعه الأنيقه و القلاده الفضيه حول رقبته و الملابس الأنيقه التي يرتديها فتتبدل ملامح وجهه المتوتره المتهجمه الشرسه إلي ملامح المستغرب المستكشف -)" إذن أنت تريد المساعده ؟ أنا أستطيع أن أساعدك , كما أستطيع أن أحميك من لهيب الشمس و الرياح المحمله بالرمال و لكنك يجب أن تدفع لي سأخذ هذه الساعه الأنيقه مقابل ما سبق أما الأكل و الماء فهذا واجب الضيافه سيحصل عليه أي غريب مثلك ما دام مسالماً " يبتسم الغريب و يدخله الشاب إلي الغرفه و يلتفت إليه فيجد الغريب و قد وضع الساعه بين يديه -)" شكراً , تفضل هذه الغرفتين هما مكان المسكن و العمل فيهما نسكن أنا و جدي العجوز و منهما ندير العمل , يمكنك الجلوس بجوار جدي هنا , أنا أدعي أمون ,لم تخبرني ما هو إسمك و لماذا أنت هنا ؟ " -)" أنا إسمي أحمد . " الجد مستغرباً يحملق في الغريب و يرد عليه -)" لم يعد هذا الأسم القديم منتشراً الأن يا بني ماذا أتي بك إلي هنا ؟ " -) "أعطاني هذا الاسم والدي و هو من هنا و قد أخبرني الكثير عن وطني الذي أخبره عنه جدي و قد ماتا في المهجرو تركا لي وصية مفادها (وجوب عودتي إلي وطني حتي أري بلد أجدادي و أتعرف علي أصلي) ما إسم هذه المنطقه التي نحن بها الأن ؟ ما إسمها ؟ ألسنا بقرب من القاهره ؟ " -)" بلي نحن في القاهره و هذه المنطقه تدعي رمسيس و النهر ليس ببعيد عن هنا " يتسمر أحمد في مكانه من هول المفاجأه يكاد أن يفقد وعيه لكنه يتمالك نفسه ثانية و يحاول التحدث بصعوبه -)" و لكن أين يا جدي محطة القطار الكبيره و أين الكباري و المنازل الكثيره التي كانت هنا الكنائس و المساجد الحديقه التي كانت هنا أين الناس أين معالم هذا الوطن ماذا حدث ؟؟؟ " الشاب أمون يجد الكلام غريبا جدا بالنسبة إليه و ينظر إلي جده في عينيه نظرة إستفهام -)" نعم يا أمون الغريب يتحدث عن أشياء كانت هنا و لكن ذلك كان ذلك قبل زمن بعيد , يا بني أنا أبلغ من العمر 70 عاماً لم أتجاوز العاشره من عمري كان الوضع قريباً جداً مما هو عليه الأن هذا الوضع مستقر منذ فتره طويله و القصة طويلة أعتقد أنك تود سماعها أحضر لنا يا أمون بعض الشراب " -)" لكن يا جدي قبل أن تخبرني عما حدث في الماضي أخبرني عن الوضع الحالي عن حال الناس الأن ؟؟ " -)" الوضع الأن مستقر معظم السكان يعيشون في علي ضفاف النهر و القليل منهم في الجبال و الحياه هنا ليست معقده كما نسمع عما يحدث في الدول الأخري من رسائل شبابنا الذين يهاجرون و من ثم تنقطع رسائلهم بعد عام و لا يعود أحد منهم مجدداً إلي هنا ربما كان ذلك هو السبب الرئيسي الذي يجعلني لا أخبر أمون عن العالم الخارجي و إلا سيتركني و يرحل " يحضر أمون زجاجه من الشراب و ثلاثة أكواب و يبدأ في صب الشراب في هذه الأكواب , يلحظ أن الزجاجه مكتوبٌ عليها بالعبريه فيتسائل بغضب و إستغراب -)" ما هذا ؟؟ الزجاجه مكتوب عليها بالعبريه !! هل هو منتج إسرائيلي ؟؟ من أين أحضرتموه ؟؟؟ " -)" و ما العجب في ذلك يا بني لا يوجد أصلاً في أسواقنا غير المنتجات الإسرئيليه " -)" ماذا ؟؟؟ كيف ذلك ؟؟؟ هل يملء أسواقنا منتجات العدو ؟؟؟ " ينظر الجد و أمون نظرة إستغراب و عدم إستيعاب لكلام الغريب ثم ينفجرا في الضحك و يرتب الجد علي كتف الغريب قائلاً -)" عدو ؟ أي عدو ؟ يا بني لا يوجد صديق صدوق أعز علينا من إسرائيل هذه الدوله الحبيبه " يحمر وجه الغريب و تجحظ عيناه و يشعر كأن طيوراً جارحه تنهش جسده بينما الجد يكمل كلامه -)" إسرائيل هي من تعطينا البترول الذي تعمل به هذه المحطه التي أكل منها كما أنها تعطينا الكهرباء من محطاتها في سيناء " يقاطع الغريب الجد بكل حده -)" كيف يكون لها محطات كهرباء علي أرضنا في سيناء ؟؟؟ " -)" لا يا بني إن سيناء أرضهم هم لقد إسترجعوها أليست أرض الرساله اليهوديه و فيها حدث الله نبيهم موسي لا تقاطعني دعني أكمل لك ما تقدمه لنا هذه الدوله الشقيقه , هذه القنوات المتحدثه باللغه العربيه في التلفاز هي قنواتهم لقد قاموا بإنشاءها من أجلنا لأنهم يحبوننا و رغم أن الإتفاقيه الدوليه تنص علي أن قناة السويس إدارتها و إيراديها موزع علي دول المنطقه إلا أنهم يديرون القناه لنا و يعطوننا نصيبنا من الإيراد دون تحصيل مقابل للإداره " الغريب يترنح ثم يتماسك ثانيةً و يحدق بالجد و يتسائل -)" إنك تقول دول ؟ أي دولٍ يا جدي ؟ " -)" الدول التي تطل علي القناه و التي لا تطل دولتنا مصر الحره و مصر القبطيه تطلان علي القناه أما الإماره المصريه في الجنوب و مصر النوبيه شملتهم الإتفاقيه الدوليه لتوزيع إيراد القناه بعد توقيعهم علي إتفاقية عدم إنشاء السدود التي أقيمت بعد إنهيار ما كان يسمي السد العالي الشرير " يسقط الغريب مغشياً عليه يندفع إليه أمون و الجد بسرعه يرفعانه من الأرض و يحاولان إفاقته يفتح عينيه و يتحدث بصعوبه بالغه كأنما يتجرع الكلمات -)" أنا بخير , أنا بخير يا جدي سأنهض حالاً " صوت دراجات ناريه و بوق سياره مزعج لا يتوقف عن النداء ينظر الجد إلي أمون فيخرج أمون بعد رتب علي كتف الغريب مبتسماً و يساعد الجد الغريب حتي يعود إلي كرسيه و يعلق الجد ما حدث قائلاً -)" يبدو أنك تشعر بالتعب بعد السفر الطويل ؟ اه أمون لديه عمل هذه الميلشيات هي أكثر من يشتري منا بنزيناً" -)" مليشيات ؟؟؟ " يقف الغريب ليرفع الشيش عن نافذة الغرفه ينظر إلي مجموعه من الشباب و الفتايات يتمازحون بكلمات و مداعبات بذيئه و يرتدون قبعات عسكرية كما أن قائدهم يدخن سيجار كوبي يظهر به بعض الكبر الغرور في طريقة تحدثه و إشاراته و بعض ملابسهم قريبه من ملابس رعاة البقر الأمريكين معهم سياره "جيب" كبيره و بعض الدراجات الناريه -)" نعم إنها الكتائب التي تحمينا إنها الدرع الواقي للوطن و يطلقون علي أنفسهم " فرسان اليمين الأحرار" و هم بالتالي ذراع الحاكم في السيطره علي أمن الدوله كما يحمي حدود الدوله و نحن لا نخشي هجوماً خارجياً فدولة إسرائيل الصديقه تضمن للدول المصريه الأربعه ألا يعتدي أحدٌ علي حدود الأخر " أصوات السياره و الدراجات البخاريه تنصرف من المحطه و أمون يعود إلي الغرفه يتحدث إلي جده -)" جدي يجب أن أذهب إلي السوق حتي أشتري بعض الطعام و بعض إحيتاجات المنزل أتريد أن تذكرني بشيءٍ تحتاجه يا جدي؟؟ " يتأمل الغريب الموقف و يشعر أنه يريد أن يري بنفسه حقيقية الوضع يريد أن حقيقة الأمور و يلمس الواقع الذي ادرك أنه بعيد جدا عما كان يتصور -)" أمون هل تسمح لي ؟ أريد أن أرافقك إلي السوق , بعد إذنك يا جدي أريد أن أتعرف علي وطني الأصلي و كيف أصبح الأن " يخرج الغريب مع أمون من المحطة يركب دراجته البخاريه و يركب الغريب وراءه و ينطلقا إلي السوق .