تحل الذكرى الثانية ل 30 يونيو ومازالت الأزمات تعصف بمصر، فمن أزمة سياسية خانقة تتبدى فى عدم وجود برلمان وحديث لا ينتهى عن المصالحة بين الإخوان والنظام، إلى أزمة اقتصادية ظهرت بوضوح فى موازنة مطروحة بها عجز يزيد على 280 مليار جنيه. فى ظل هذه الأجواء هل تسعى الأحزاب إلى التكتل بجبهة إنقاذ جديدة، على غرار جبهة الإنقاذ التى تشكلت فى 22 نوفمبر 2012، بعد الإعلان الدستورى الذى أصدره الرئيس المعزول محمد مرسى، وتكونت من 35 حزبا وحركة سياسية وثورية، ذات أيديولوجيات مختلفة ومتنوعة؟ البحث عن السلطة الدكتور أحمد البرعى، القيادى بالتيار الديمقراطى، قال إن هناك صعوبة كبيرة فى تشكيل الأحزاب جبهة إنقاذ جديدة على غرار التى شكلت قبل 30 يونيو؛ لأنها تشكلت حينها لخلق معارضة حقيقية لنظام جماعة الإخوان المسلمين، وبالتالى التقت المصلحة الوطنية مع مصالح هذه الأحزاب، وهى إسقاط الدكتور محمد مرسى الرئيس المعزول. وأضاف البرعى أنه كان مفترضا بقاء جبهة الإنقاذ حتى بعد عزل محمد مرسى، ولكن البحث عن السلطة والمكاسب الحزبية إضافة لمحاولات البعض التقرب للسلطة التى أتت بعد 30 يونيو، كل ذلك ساهم فى تفتيت الجبهة بشكل يستحيل معه عودتها مرة أخرى.
وأشار القيادى بالتيار الديمقراطى، إلى أن الأحزاب حاليا غير قادرة على تشكيل تحالف انتخابى واضح المعالم، مؤكدا أن هناك العديد من القضايا التى كانت تتطلب وجود جبهة إنقاذ لتشكيل جبهة سياسية مناهضة لها مثل قانون التظاهر أو قوانين الانتخابات. ليس لها ضرورة ويرى شهاب وجيه، المتحدث الإعلامى لحزب المصريين الأحرار، عدم وجود ضرورة حاليا لوجود جبهة إنقاذ، كما كان الأمر فى عهد الإخوان، وقال إن جبهة الإنقاذ عندما تشكلت فى عهد الإخوان كانت لمواجهة نظام ديكتاتورى يهدم البلد ويريد تغيير معالمه.
وأضاف وجيه: حاليا ليس هناك احتياج لها؛ لأننا مقبلون على عملية انتخابية ستأتى بأهم برلمان فى تاريخ مصر؛ لذلك تركز الأحزاب عليها ولا تشتت نفسها بشىء آخر. فيما أشار المستشار يحيى قدرى، نائب رئيس حزب الحركة الوطنية، إلى أن الأحزاب لا تحتاج لجبهة إنقاذ خلال الفترة الحالية؛ لأنه يرى أن الأهم حاليا التركيز على إنجاح القائمة الموحدة وتوحيد الأحزاب على هدف واحد، وهو الانتخابات البرلمانية، مؤكدا صعوبة تواجدها خلال الفترة الحالية، وعدم الاحتياج لها، وأن الأهم التفكير فى إنجاز البرلمان ومساعدة النظام الحالى فى مواجهة الأزمات التى تواجهه. مراعاة الظروف المحيطة قال محمد سامى، رئيس حزب الكرامة، إن فكرة تدشين كيان معارض على غرار جبهة الإنقاذ وارد فى المرحلة القادمة، لكن ليس فى المرحلة الحالية، مضيفا: "لو شكلناها يبقى يا فرحة الإخوان فينا".
وأكد سامى أن هناك اعتبارين مهمين يجب وضعهما فى الحسبان، عند الحديث عن المعارضة، الأول هو الظرف العام الذى تمر به البلاد، مضيفا أن الجانب الآخر متمثل فى أن الغرب مازال يتعامل بحذر مع النظام المصرى، والمخاطر التى تواجه مصر على الحدود مع ليبيا. الضعف والمصالح ويرى الدكتور وحيد عبدالمجيد، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، استحالة تشكيل الأحزاب جبهة إنقاذ أخرى على غرار ما حدث قبل عامين لمواجهة نظام الإخوان المسلمين؛ لأن الجميع يبحث عن مصالحه الحزبية والشخصية، وليس لديه استعداد للتنازل عن جزء منها مقابل الاتحاد مع الآخرين.
وأضاف عبدالمجيد أن ضعف الأحزاب يأتى كأحد عوائق لتشكيل توحد ما بين الأحزاب، وهذا الضعف ليس وليد اليوم ولكنه يعود لأسباب تاريخية، كما أن الأحزاب تكابر ولا تعترف بالحقيقة، وكل حزب يعتقد أن له شعبية كبيرة، واستشهد بالتحالفات الانتخابية وخط سيرها، وأن الأحزاب منذ عام تتشاور والنتيجة فشل جميع هذه التحالفات. وتابع نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية: "جبهة الإنقاذ السابقة كان الجميع لهم نفس الهدف حينها، وهو إسقاط نظام الإخوان؛ لذلك كان اتحادهم، أما الآن فكل يبحث عن عدد المقاعد التى سيحصل عليها بالبرلمان المقبل".