مع [ مقدمة ابن خلدون] والحق أننى استمتع بفلسفة هذا العالم الفذ ورؤيته ، سيما وأنها تتعلق بالعمران وهو شاغلنا الآن00! واليوم استوقفنى ماسطره تحت عنوان : [ فصل فى أن العمران البشرى لابد له من سياسة ينتظم بها أمره] ولست هنا فى نقل ما كتب غير اننى فقط أحببت أن ألفت النظر إلى أهمية أن تكون هناك فلسفة واضحة لمن يوزر أو تسند إليه ولاية عظمى دارسا لمهام عمله واقفا على شريعتها بدقة فيما تستلزمه بشكل عملى وبسيط ، حتى يكون بحق « أمينا » فيما علق برقبته000! واحسب أن رسالة [طاهر بن الحسين» لابنه عبدالله لما ولاه الخليفة المأمون ( الرقة ومصر ومابينهما ) كافية لمن علقت فى رقبته مثل تلك المسئوليةويريد النجاح 000! باعتبار أنه وصاه بجميع ما يحتاج إليه فى دولته وسلطانه من الآداب الدينية والخلقية ، والسياسة الشرعية والملوكية ، وحثه على مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم بما لايستغنى عنه ملك والسوقه – كما قال ابن خلدون- وقد بلغ شأو هذا الكتاب حينما قرئ على الخليفة المأمون أن قال : ،، ما ابقى أبو الطيب ، يعنى طاهرا ، شيئا من أمور الدنيا والدين والتدبير والرأى والسياسة وصلاح الملك والرعية وحفظ السلطان وطاعة الخلفاء وتقويم الخلافة إلا وقد أحكمه وأوصى به 0 ،، ثم أمر فكتب به إلى جميع العمال فى جميع النواحى ليقتدوا به ويعملوا بما فيه 00! وكم اتمنى لو اطلع عليه كل من بات فى هذه« المسئولية » ليرشد إلى ما فيه ويعمل به وفق آليات زماننا ومتطلباته000! وهى كاملةلمن يريد الاستزادة فى : [ مقدمة ابن خلدون ج2 – تأليف العلامة عبدالرحمن بن محمد بن خلدون – تحقيق الدكتور على عبدالواحد وافى ( رئيس قسم الإجتماع بجامعة القاهرة سابقا ) طبعة دار نهضة مصر للنشر من ص 725 إلى ص 735 ] ولأن الأمر هام وعاجل ونحن الآن فى سبيل اختيار «رجال الحكومة الجديدة » للانطلاق بالجمهورية الجديدة إلى تحقيق نهضتنا وريادتنا فى ظل عواصف وتهديدات تود النيل منا ، بل وتبتغى افشالنا ، ومن ثم فاننى فقط ساذكر [عناوين ] لتكون تحت النظر والاستفادة باعتبار أن الأمر« جد »«وخطير » يقول الوالد فى كتابه المشار إليه: [. اما بعد 00 {} فعليك بتقوى الله وحده لا شريك له وخشيته ومراقبته عز وجل 000 {} واحفظ رعيتك فى الليل والنهار 000 {} وليكن اول ما تلزم به نفسك وتنسب إليه فعلك المواظبة على ما فرض الله عز وجل عليك من الصلوات الخمس000 {} ولاتميلن عن العدل فيما احببت أو كرهت لقريب من الناس أو بعيد 000 {} وآثر الفقه وأهله والدين وحملته ، وكتاب الله عز وجل والعاملين به ، فإن أفضل ما يتزين به المرء الفقه فى الدين والطلب له والحث عليه ، والمعرفة بما يتقرب به إلى الله عز وجل فإنه الدليل على الخير كله 0000 {} وعليك بالاقتصاد فى الأمور كلها 0000 {} ولا تقصر فى طلب الآخرة 000 {} وأحسن ظنك بالله عز وجل تستقم لك رعيتك 0000 {} ولاتتهمن أحدا من الناس فيما توليه من عملك قبل أن يكشف أمره 0000 {} ولايمنعك حسن الظن بأصحابك ، والرأفة برعيتك أن تستعمل المسآلة والبحث فى امورك000 {} واسلك بمن تسوسه وترعاه نهج الدين وطريقه الاهدى 000 {} وإذا عاهدت عهدا فأوف به 000 {} واشدد لسانك عن قول الكذب والزور000 {} واحبب أهل الصلاح والصدق 000 {} واجتنب سوء الأهواء والجور 000 {} وأملك نفسك عند الغضب 000 {} وإياك أن تقول أنا مسلط أفعل ما أشاء ، فإن ذلك سريع إلى نقص الرأى وقلة اليقين بالله عز وجل 000 {} واخلص لله وحده النية فيه واليقين به 000 {} واعلم أن الملك لله وحده سبحانه وتعالى يؤتيه من يشاء وينزعه ممن يشاء 000 {} ودع عنك شره نفسك ، ولتكن ذخائرك وكنوزك التى تدخر وتكنز البر والتقوى ، واستصلاح الرعية وعمارة بلادهم والتفقد لامورهم والحفظ لدمائهم والإغاثة لملهوفهم 000 {} واعلم أن الأموال إذا اكتنزت وادخرت فى الخزائن لاتنمو ؛ وإذا كانت فى صلاح الرعية واعطاء حقوقهم وكف الاذية عنهم نمت وزكت ،وصلحت بها العامة 0000 {} واعرف للشاكرين حقهم واثبهم عليه 000 {} وإياك أن تنسيك الدنيا وغرورها هول الآخرة فتتهاون بما يحق عليك 000 {} وليكن عملك لله عز وجل وفيه ، وارج الثواب منه 000 {} واعتصم بالشكر ، وعليه فاعتمد ، يزدك الله خيرا واحسانا 0000 {} ولاتحقرن ذنبا ولاتمالئن حاسدا ، ولاترحمن فاجرا 000 {} واكثر مشاورة الفقهاء، واستعمل نفسك بالحلم وخذ من أهل التجارب وذوى العقل والرأى والحكمة 000 {} ووال من صافاك من اوليائك بالافضال عليهم وحسن العطية لهم واجتنب الشح000 {} وتفقد الجند فى دواوينهم ومكاتبهم ، وادر عليهم أرزاقهم ووسع عليهم فى معايشهم 000 {} واعلم أن « القضاء » من الله تعالى بالمكان الذى ليس فوقه شيئ من الأمور لأنه ميزان الله الذى تعدل عليه أحوال الناس فى الأرض 0وباقامة العدل فى القضاء والعمل تصلح أحوال الرعية0000 {} وارفق بجميع الرعية وسلط الحق على نفسك000 {} واحمل الناس كلهم على أمر الحق000 وأعلم أنك جعلت بولايتك خازنا وحافظا وراعيا 000 {} واجعل فى كل كورة – اى مدينة – من عملك أمينا يخبرك خبر عمالك ويكتب إليك سيرهم وأعمالهم كأنك مع كل عامل فى عمله 000 {} إستعمل الحزم فى كل ما أردت ، وباشره بعد عون الله عز وجل بالقوة وأكثر من استخارة ربك فى جميع أمورك 000 {} وافرغ من عمل يومك ولاتؤخره لغدك ، وأكثر مباشرته بنفسك 0000 {} وانظر احرار الناس وذوى الفضل 00فاستخلصهم وأحسن إليهم 0000 {} « وأفرد نفسك» بالنظر فى أمور الفقراء والمساكين ومن لا يقدر على رفع مظلمته إليك ، والمحتقر الذى لاعلم له بطلب حقه0000 {} وانصب لمرضى المسلمين دورا تأويهم وقواما يرفقون بهم وأطباء يعالحون اسقامهم000 {} وأكثر الإذن للناس عليك وأرهم وجهك وسكن لهم حواسك واخفض لهم جناحك وأظهر لهم بشرك ولن لهم فى المسألة والنطق واعطف عليهم بجودك وفضلك000 {} واعتبر بما ترى من أمور الدنيا ومن مضى من قبلك من أهل السلطان والرياسة فى القرون الخالية والأمم البائدة ، ثم اعتصم فى احوالك كلها بالله سبحانه وتعالى والعمل عند محبته والعمل بشريعته وسنته وباقامة دينه وكتابه ، واجتنب ما فارق ذلك وخالفه ودعا إلى سخط الله عز وجل 000 {} واعرف ما يجمع عمالك من الأموال وما ينفقون منها. ولا تجمع حراما ولاتنفق اسرافا 000 {} واكثر مجالسة العلماء ومشاورتهم ومخالطتهم 000 {} وانظر عمالك الذين بحضرتك وكتابك فوقت لكل رجل منهم فى كل يوم وقتا 0000 ثم فرغ لما يورد عليك من ذلك سمعك وبصرك وفهمك وعقلك ،وكرر النظر فيه والتدبر له ، فما كان موافقا للحق والحزم فأمضه 0000 {} ولاتمنن على رعيتك ولاغيرهم بمعروف تؤتيه إليهم ، ولاتقبل من أحد إلا الوفاء والاستقامة والعون فى أمور المسلمين ، ولاتضعن المعروف إلا على ذلك 000 ثم ختم الناصح وهو[ الاب] كتابه [للابن] الذى كلف «بولاية برقة ومصر» قائلا : ( تفهم كتابى إليك ، وتمعن النظر فيه والعمل به ،واستعن بالله على جميع أمورك واستخره ، فإن الله عز وجل مع «الصلاح» « وأهله » وليكن أعظم سيرتك وأفعل رغبتك ما كان لله عز وجل رضا ، ولدينه نظاما ، ولأهله عزا وتمكينا ، وللملة والذمة عدلا وصلاحا « وأنا» أسأل الله عز وجل أن يحسن عونك وتوفيقك ورشدك وكلاءتك والسلام ) لهذا نظر المأمون الكتاب وقال : « يعمم»000؟!