شهدت ورشة العمل التي عقدها منتدى رفاعة الطهطاوى بمؤسسة عالم واحد للتنمية بمقره في القاهرة . حول "إعادة هيكلة جهاز الأمن الوطنى ( أمن الدولة سابقا ) على أسس تضمن حماية حقوق الإنسان مشادة ساخنة بين العميد هاني عبد اللطيف مساعد مدير إدارة الإعلام بوزارة الداخلية و بعض الحضور . فقال العميد هاني عبد اللطيف إن وزارة الداخلية بعد 25 يناير انطلقت سياستها لتعلن ان الشرطة في خدمة الشعب . وأصبحت إستراتيجية الوزارة وهدفها هو امن المواطن والشارع وليس امن النظام وهو العمل الرئيسي الآن لوزارة الداخلية. وأضاف بأن وزارة الداخلية لم تشهد إعادة هيكلة لقطاع الأمن الوطني فقط (امن الدولة سابقا) بل إن الوزارة بكل إداراتها تشهد هيكلة وفي كافة القطاعات . وأكد عبد اللطيف أن امن الشارع أصبح هو هدف الوزارة حاليا والدليل استشهاد احد الضباط بالبحر الشهر الماضي أثناء مطاردته لبعض الخارجين على القانون. وأشار إلي أن هناك مؤامرة خارجية على مصر اشتعلت بعد ثورة يناير وهي التي نشرت الفوضى في الشارع المصري وهي التي سيطرت وهاجمت السجون والدليل ان عناصر من حركة حماس وحزب الله تم تهريبهم وبعد ساعات كانوا يحتفلون بالنصر في فلسطين ولبنان. وقال إن قطاع الأمن الوطني هو واحد من قطاعات الوزارة ويشهد الآن إعادة هيكلة وتنظيم ، منها قيام الوزارة بوضع قانون يضع ضوابط واختصاصات لرجال الشرطة في هذا القطاع . مؤكدا ان 50% من الضباط العاملين في جهاز امن الدولة السابق تم استبعادهم وتم فتح الباب لاختيار ضباط جدد للجهاز وفق الكفاءة وحسن السلوك والتعامل مع المواطنين. وفي مداخلته تعليقا علي ما طرحه العميد هاني عبد اللطيف أوضح الصحفي علي عبد الوهاب ان الكلام عن أن جهاز "الأمن الوطني" يختلف عن جهاز "امن الدولة" سيء السيرة غير صحيح. مؤكدا أن "واحة" الخارجة شهدت اعتصاما من جانب الأهالي أمام مقر الأمن الوطني بعد اكتشافهم أن نفس الوجوه القديمة لأمن الدولة هي التي عادت إلي المبني لتمارس عملها بعد تغيير الاسم إلي "الأمن الوطني". كما ان صحيفة الوفد نشرت في 16/4/2011علي لسان الناشط السياسي جورج إسحاق تأكيده أن تليفونه لايزال مراقبا حتي الآن رغم الإعلان عن حل جهاز امن الدولة! . وأضاف عبد الوهاب إلي أن تقرير تقصي الحقائق عن الانفلات الأمني الذي شهدته مصر عقب ثورة يناير لم يبريء قيادات وزير الداخلية حبيب العادلي والشرطة كما قال سيادة العميد بل علي العكس . فقد وجه الاتهام الصريح للشرطة بإحداث الفراغ الأمني وإطلاق المساجين والمسجلين خطر لبث الرعب في ربوع مصر وهذا منشور في تقرير تقصي الحقائق علي صحيفة الوفد بتاريخ 2/5/2011 . وتساءل إذا كان التقرير يوجه الاتهام للعادلي ورجاله فأين هي الجهات الأجنبية المسئولة عن الانفلات الأمني وترويع المواطنين الذي يقول عنه سيادة العميد ؟؟ وواصل قائلا : إذا كانت حماس وحزب الله قاموا بتهريب مساجينهم من سجن او اثنين فمن الذي فتح باقي سجون ومراكز الشرطة علي امتداد مصر لإخراج المساجين والمسجلين خطر؟ خاصة وان هناك أفلام فيديو تشير بوضوح لضباط من شرطة حبيب العادلي وهم يخرجون المساجين ويمدونهم بالسلاح ؟؟ في سياق متصل أكد اللواء سامح سيف اليزل –الخبير الأمني والاستراتيجي - إن ما يشغل بال الجميع الآن هو الأمن والاستقرار ومحاربة الإجرام والبلطجية . وإذا كنا نتحدث عن جهاز امن الدولة فلابد ان نعرف انه ليس كل العاملين بالجهاز كانوا فاسدين. ولكن لا ننكر أيضا انه كانت هناك تجاوزات لافتا إلي أنه لا يمكن ان تتسق العملية الامنية في المجتمع المصري دون جهاز الشرطة . فالجيش وجوده مؤقت والوجود الدائم لجهاز الشرطة ، ولابد ان نؤكد على وجود شرخ في الثقة بين جهاز الشرطة والشارع . واقترح سيف اليزل قيام عدد من الإعلاميين والفنانين ولاعبي الكرة والصحفيين والنشطاء والكتاب بعمل حملة توعية للمواطن المصري لتتقبل جهاز الشرطة مرة أخرى وإعادة الثقة فيما بين الشارع والمواطن والجهاز . مضيفا بأنه إذا أردنا أن تكون هناك ضمانات لمراقبة عمل هذا الجهاز فهي تتمثل في الإشراف القضائي لأنه لا احد يستطيع أن يخطئ الخطأ القديم لان عندها مصيره سيكون "الترنج الأبيض" يقصد السجن . ومن جانبه أشار محمد زارع رئيس المنظمة المصرية للإصلاح الجنائي إلي أن عمر جهاز امن الدولة منذ إنشاءه عام 1913 هو 98 عاما كان هو ذراع الحكومة والاحتلال البريطاني في ذلك الوقت . بل كان هذا الجهاز هو الذي يحكم خاصة بعد عام 2000وسطوع نجم التوريث الذي ظهر في سماء مصر وبعدها أصبح الجهاز هو القوة رقم واحد في الحكم. وكانت مهمته خلال هذه الفترة تتمثل في السيطرة على كل مقدرات البلاد وتسليمها للوريث جمال ابن حسني مبارك . وأكد أن هذا الجهاز هو من قام بتزوير كل الانتخابات 90-95-2000-2005 -2010 كما ان التعذيب الذي كان يمارسه الضباط داخل الجهاز ضد المواطنين يؤكد ان هذا الجهاز غير خاضع لاجهزة الدولة. والدليل ان هناك 61 شخصا اختفوا داخل مقار الاحتجاز لذلك الجهاز مشيرا إلي أن كل التجاوزات حدثت دون رقابة او رادع ، لان رأس الدولة كان هو الفاسد رقم واحد. وبعد 25 يناير قام هذا الجهاز بحرق مصر وملفاتها والقضاء على التاريخ ، بل انه كان يشرف على الفراغ الأمني وخروج 60 ألف مسجل خطر تربوا على ايدي هذا الجهاز الي الشارع ، وكانوا هؤلاء البلطجية هم من يديرون العملية السياسية في مصر . وأضاف زارع ان هناك نوعا من الضبابية تحدث للشعب المصري خاصة في إحساسه بعدم الامان، وعدم وجود تفسير لهذا الفراغ ، وعدم وجود تفسير في عودة ثلاثة آلاف شخص (قوائم وصول او ممنوعين من دخول مصر لأسباب أمنية) ، و أن يتم فتح الباب لهؤلاء دون قيد . ومن جانبه طالب نجاد البرعي الناشط الحقوقي ورئيس المجموعة المتحدة للمحاماة ومدير الندوة وزارة الداخلية بالسماح لمنظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية الاشتراك بجلسات الاستماع في مشروعات القوانين التي تعدها الوزارة والخاصة بإعادة هيكلة جهاز الشرطة. مؤكدا ان المغالاة في سرد قصص باهانات تعرض لها ضباط الشرطة علناً يضرب الجهاز وغير مفيد، وان الحفاظ على كرامة الشخص مسألة أساسية مشيراً إلي ان المواطن المصري لن يصبر على الانفلات الأمني كثيرا. وشدد ماجد سرور المدير التنفيذي لمؤسسة عالم واحد ورعاية المجتمع المدني علي ضرورة تشكيل لجنة من الحقوقيين لإبداء رأيها في حماية حقوق الإنسان و فعاليات إعادة الهيكلة التي تجريها الوزارة كشكل من أشكال الضمانات . تضمن عدم خروج جهاز الامن الوطني عن إطار الدور المنوط به في حماية الأمن الداخلي للوطن واشتباكات هذا الدور مع أجهزة الدولة المختلفة . واهم الضمانات الواجب توافرها هي الرقابة القضائية وتفتيش مقراته حتى نضمن عدم خروج هذا الجهاز عن دوره المحدد له كجهاز يحمي امن الوطن ، وألا يتحول إلي جهاز يتدخل في حياة المواطنين ويعود إلي نفس الدور القديم لجهاز مباحث امن الدولة سيء السمعة .