الوفد يبدأ تلقي طلبات الترشح لرئاسة هيئاته البرلمانية    بلقاء ممثلي الكنائس الأرثوذكسية في العالم.. البابا تواضروس راعي الوحدة والاتحاد بين الكنائس    وزير قطاع الأعمال يوجه بزيادة معدلات إنتاج مصانع «النصر للكيماويات الدوائية»    الرئيس و «أولادنا»    الغرفة التجارية بسوهاج تشارك في لقاء نائب رئيس الوزراء مع المستثمرين الصناعين    .. مصيرها الزوال !    عبدالرحيم علي ينعى الشاعر أشرف أمين    تشكيل بيراميدز في مواجهة الجيش الرواندي بدوري الأبطال    أمطار ورياح أول أيام الخريف.. الأرصاد تُعلن حالة الطقس غدًا الأحد 22 سبتمبر 2024    محافظ أسوان: الوضع الصحي جيد جدا.. والنزلات المعوية نتيجة وجبات أو مشروبات    الرئيس و «أولادنا»    جيش الاحتلال: إصابة جندي بجروح خطيرة في الضفة الغربية الليلة الماضية    استشاري تغذية: نقص فيتامين "د" يُؤدي إلى ضعف المناعة    مرموش يقود هجوم فرانكفورت لمواجهة مونشنجلادباخ بالدوري الألماني    انطلاق ثانى مراحل حملة مشوار الألف الذهبية للصحة الإنجابية بالبحيرة غدا    عاجل - في قلب المعركة.. هاريس تحمل درع النساء وتقف في وجه إمبراطورية ترامب    السيطرة على حريق بمزارع النخيل في الوادي الجديد    مصرع طفل غرقا بترعة ونقله لمشرحة مستشفى دكرنس فى الدقهلية    لافروف: الديمقراطية على الطريقة الأمريكية هي اختراع خاص بالأمريكيين    إيطاليا تعلن حالة الطوارئ في منطقتين بسبب الفيضانات    الموت يفجع المطرب إسماعيل الليثى    حشرة قلبت حياتي.. تامر شلتوت يكشف سر وعكته الصحية| خاص    فتح باب التقديم بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم والابتهال الدينى    رئيس هيئة السكة الحديد يتفقد سير العمل بالمجمع التكنولوجي للتعليم والتدريب    وكيل صحة شمال سيناء يتفقد مستشفى الشيخ زويد المركزى ووحدات الرعاية    رئيس جامعة المنصورة الأهلية يتفقد إجراءات الكشف الطبي على الطلاب الجدد    بلد الوليد يتعادل مع سوسيداد في الدوري الإسباني    أستاذ علم نفسم ل"صوت الأمة": المهمشين هم الأخطر في التأثر ب "الإلحاد" ويتأثرون بمواقع التواصل الاجتماعي.. ويوضح: معظمهم مضطربين نفسيا ولديهم ضلالات دينية    بالصور.. إصلاح كسر ماسورة مياه بكورنيش النيل أمام أبراج نايل سيتي    السعودية تحقق ارتفاعا ب73% في عدد السياح الدوليين    وزيرة التنمية المحلية تعلن انتهاء استعدادات المحافظات لاستقبال العام الدراسي 2024-2025    أخبار الأهلي: تأجيل أول مباراة ل الأهلي في دوري الموسم الجديد بسبب قرار فيفا    رئيس الوزراء يتفقد مجمع مصانع شركة إيفا فارما للصناعات الدوائية    رابط الحصول على نتيجة تنسيق الثانوية الأزهرية 2024 بالدرجات فور إعلانها عبر الموقع الرسمي    مبادرات منتدى شباب العالم.. دعم شامل لتمكين الشباب وريادة الأعمال    قصور الثقافة تختتم أسبوع «أهل مصر» لأطفال المحافظات الحدودية في مطروح    اليوم العالمي للسلام.. 4 أبراج فلكية تدعو للهدوء والسعادة منها الميزان والسرطان    «جنايات الإسكندرية» تقضي بالسجن 5 سنوات لقاتل جاره بسبب «ركنة سيارة»    بطاقة 900 مليون قرص سنويًا.. رئيس الوزراء يتفقد مصنع "أسترازينيكا مصر"    بداية جديدة لبناء الإنسان.. فحص 475 من كبار السن وذوي الهمم بمنازلهم في الشرقية    حزب الله يعلن استهداف القاعدة الأساسية للدفاع الجوي الصاروخي التابع لقيادة المنطقة الشمالية في إسرائيل بصواريخ الكاتيوشا    هانسي فليك يفتح النار على الاتحاد الأوروبي    المشاط تبحث مع «الأمم المتحدة الإنمائي» خطة تطوير «شركات الدولة» وتحديد الفجوات التنموية    ضبط شركة إنتاج فني بدون ترخيص بالجيزة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024 في محافظة البحيرة    مبادرة بداية جديدة.. مكتبة مصر العامة بدمياط تطلق "اتعلم اتنور" لمحو الأمية    توجيهات عاجلة من مدبولي ورسائل طمأنة من الصحة.. ما قصة حالات التسمم في أسوان؟    واتكينز ينهي مخاوف إيمري أمام ولفرهامبتون    في يوم السلام العالمي| رسالة مهمة من مصر بشأن قطاع غزة    باندا ونينجا وبالونات.. توزيع حلوى وهدايا على التلاميذ بكفر الشيخ- صور    هل الشاي يقي من الإصابة بألزهايمر؟.. دراسة توضح    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024    ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز قبل الجولة الخامسة    فيديو|بعد خسارة نهائي القرن.. هل يثأر الزمالك من الأهلي بالسوبر الأفريقي؟    مريم متسابقة ب«كاستنج»: زوجي دعمني للسفر إلى القاهرة لتحقيق حلمي في التمثيل    «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة    "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. أذكار تصفي الذهن وتحسن الحالة النفسية    ضحايا جدد.. النيابة تستمع لأقوال سيدتين يتهمن "التيجاني" بالتحرش بهن في "الزاوية"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور عبد الحليم قنديل يكتب عن :نهايات صيفية
نشر في الزمان المصري يوم 01 - 05 - 2022

هل تكون نهاية حرب أوكرانيا فى نهايات الصيف أو مع بواكير الخريف المقبل ؟ ، لا أحد يعرف الجواب بدقة ، لكن "الذى بدأ الحرب بوسعه أن ينهيها" ، كما قال الرئيس الأوكرانى "فولوديمير زيلينسكى" ، وهو يقصد طبعا الرئيس الروسى "فلاديمير بوتين"، الذى لا ينطق بحرف عن نواياه مستمسكا بأهدافه الكلية ، وإن لفت الأنظار كلام "أنطونيو جوتيريش" الأمين العام للأمم المتحدة فى موسكو ، وقد التقى وزير الخارجية الروسى "سيرجى لافروف" ثم "بوتين" شخصيا ، وتمنى إعلان وقف إطلاق النار " فى أقرب الآجال" بمنطوق كلماته ، وكان "جوتيريش" ذاهبا إلى موسكو فى مهمة سلام عاجل ، واستبق لقائه مع "بوتين" بزيارة الرئيس التركى "إردوغان" ، والأخير هو الوسيط الأنشط حتى اليوم بين روسيا وأوكرانيا ، ودونما مقدرة بادية على فتح مسار لمفاوضات توقف الحرب فورا .
وقد دخلت الحرب شهرها الثالث ، وبصورة أكثر ضراوة ، واتخذت طابعا عالميا متزايدا ، ليس فقط بسلاسل العقوبات القاسية ، التى فرضت غربيا على روسيا ، وناهزت نحو السبع آلاف عقوبة سياسية واقتصادية ومالية ، يضاف إليها هذا التدفق غير المسبوق عالميا للسلاح إلى أوكرانيا ، وبهدف "إضعاف روسيا" كما قال "لويد أوستن" وزير الدفاع الأمريكى فى زيارته الأخيرة إلى "كييف" ، فأمريكا فيما يبدو مصممة على القتال حتى نهاية آخر أوكرانى ، وعلى إطالة أمد الحرب ، ربما لعشر سنوات مقبلة كما قال مرة "زيلينسكى" تابع واشنطن ، ومصانع السلاح الأمريكية تعمل على مدار الساعة ، وتجمع عشرات المليارات من الدولارات ، وتحشد من خلفها ما يزيد على أربعين دولة فى حلف الأطلنطى وجواره ، وتذهب بالسلاح المتطور من كافة الأنواع إلى ميدان الحرب ضد روسيا ، وعلى أمل ردع "بوتين" ، وربما تفتيت روسيا نفسها ، وتوجيه الضربات لمقاطعات روسية على حدود أوكرانيا ، وإشعال ثورة فى موسكو تخلع "بوتين" ، وعلى نحو شجع مسئولا أوكرانيا بعد زيارة وزيرى الدفاع والخارجية الأمريكيين إلى "زيلينسكى" ، ودفعه لإعلان مفاده ، أن فرص أوكرانيا فى البقاء أعلى من فرص استمرار بوتين فى السلطة .
والمعنى ببساطة ، أنه لا قيمة كبيرة فى المدى المنظور لمفاوضات تجرى بين موسكو وكييف ، فليس لدى الطرف الأوكرانى تفويض ولا مقدرة على اتخاذ قرار ، وليس بوسع "زيلينسكى" ، سوى أن يتلقى إشادات غربية ببسالة المقاومة الأوكرانية ، وسوى دفع ما تبقى من دماء القوات الأوكرانية ، وعلى مذبح حرب ، لن تنتهى سوى بدمار أوكرانيا التى نعرفها ، وإحلال "عدة دول أوكرانية" بدلا عنها ، كما قال سكرتير مجلس الأمن القومى الروسى ، وهو يصف آثار الدعم الغربى الكثيف بالسلاح على مصير الحرب الأوكرانية ، فالذى يراقب ما يفعله الروس يوميا على مسارح القتال ، يلحظ توزعا فى الجهد الرئيسى على جبهتين ، وتركيز القصف الروسى بالصواريخ والطائرات على عشرات الأهداف يوميا ، ما بين مطارات ومحطات طاقة وسكك حديدية وقواعد لتخزين السلاح الأمريكى والغربى عموما ، وعلى الجبهة الأخرى ، زحف برى هادئ متباطئ ، تسارعت وتيرته فى الأيام الأخيرة ، ولا تخفى أهدافه المعلنة فى انتزاع منطقة "الدونباس" بكاملها ، مع التقدم إلى "خاركيف" ثانى أكبر مدن أوكرانيا ، التى استولى الجيش الروسى على نحو نصف المناطق التابعة لها ، وعلى بلدات كثيرة تابعة لمقاطعتى "زابوريجيا" و"ميكولاييف" ، وبهدف إقامة طوق قاتل ، يحاصر القوات الأوكرانية المتبقية بجمهوريتى الدونباس "لوجانسك ودونيتسك" ، وقد تفلتت خمسة وسبعون بالمئة من أراضيها من بين أيدى القوات الأوكرانية حتى الآن ، ولم تتبق من مدن كبيرة فيها سوى "كراماتورسك" بيد الأوكران ، بعد أن أعلن الروس انتصارهم فى "ماريوبول" ، وتركوا جيبا غامضا فى مصنع "آزوف ستال" البعيد عن ميناء "ماريوبول" بمسافة عشرة كيلومترات ، وفرضوا عليه حصارا "لا يفلت ذبابة" ، كما أمر الرئيس الروسى وزير دفاعه فى لقاء مذاع على الهواء ، وبما أثار تساؤلات عن الهدف بالضبط من الحصار لا المبادرة بالاقتحام ، فالرئيس الروسى وأركانه يعرفون أكثر من غيرهم ، أن مصنع "آزوف ستال" الضخم وقصته ، تنطوى على مفارقة تاريخية ، فقد حول الروس فى الزمن السوفيتى المصنع إلى قلعة محصنة حتى ضد القصف النووى ، وكان المصنع الذى أقيم ابتداء عام 1933 ، قد تعرض لتدمير شامل فى الغزو النازى للاتحاد السوفيتى ، وحين أعيد بناء المصنع عام 1947 ، فإن الروس أقاموا تحته أنفاقا بعمق عشرات الأمتار وبامتداد لعشرات الكيلومترات ، وبدا أن الروس يدركون ما يفعلون فى معركة "ماريوبول"الطويلة الدامية ، فقد دفعوا المقاتلين الأوكران مع أسرهم ومستشاريهم الأمريكيين والبريطانيين إلى أنفاق الموت ، وتركوا الأمر معلقا ، ربما انتظارا لاقتناص "الصيد الثمين" على قيد الحياة ، وأفسحوا لهم ممرات عبور آمن لمرات ، ودونما استجابة تذكر من المفاوضين الأوكرانيين ، الذين لم يتلقوا أوامر سماح سريعة من الآباء الأمريكيين والبريطانيين ، ربما خشية من انكشاف وانفضاح "خبيئة" آزوف ستال ، وهو ما يفسر توقف مفاوضات الطرفين الروسى والأوكرانى ، وإن استمر تبادل أحاديث عبر تقنية الفيديو ، تعرف موسكو حدودها الميدانية فى تبادل الأسرى ونحوه ، وتنتقل بهدوء إلى استكمال عملية "خض ورج أوكرانيا" ، فهى لا تريد احتلال أوكرانيا بكاملها ، بل تغيير أوكرانيا سياسيا وجغرافيا ، ليس فقط بالاستيلاء على كامل الشرق الأوكرانى ، وعلى ما يزيد على مئة ألف كيلومتر مربع حتى اليوم ، تكون المنطقة الأغنى بالثروات والمعادن والموارد الزراعية والصناعية فى كل أوكرانيا ، بل قطع تواصل ما يتبقى من أوكرانيا بالبحر الأسود وبحر آزوف ، وقد أدت عملية "ماريوبول" هدفها ، بالاتصال المباشر مع شبه جزيرة القرم التى انتزعتها روسيا من سنوات ، وبمحو اتصال أوكرانيا ببحر آزوف ، الذى صار بكامله بحيرة روسية ، مع تواتر القصف الروسى على "خاركيف" ، التى تعدها موسكو مدينة روسية ، تماما كمدينة "أوديسا" أكبر موانئ أوكرانيا على البحر الأسود ، وبدا حرص الجيش الروسى على ضمها ظاهرا ، فى تسريب علنى عهد به على ما بدا إلى الجنرال "روستام مينيكاييف" نائب قائد المنطقة العسكرية المركزية الروسية ، الذى أشار بوضوح لنية موسكو إكمال الاستيلاء على الجنوب الأوكرانى إضافة للشرق ، وهو ما يعنى ضم "أوديسا" إلى مصير "خيرسون" المستولى عليها روسيا مع بداية الحرب ، وفتح طريق اتصال برى إلى إقليم "ترانسنيستريا" الروسى المنفصل فى دولة "مولدوفا" المجاورة ، وفيه قوات روسية تحت اسم "حفظ السلام" ، ويسكنه أكثر من نصف مليون روسى أى خمس سكان "مولدوفا" ، وهى دولة أعلنت حيادها منذ استقلالها بعد انهيار الاتحاد السوفيتى ، وإن كانت أمريكا وحلف الأطلنطى يسعيان إلى ضمها ، وبدعوى إنقاذها مما يسمونه "الإمبريالية الروسية" .
خرائط الحرب وميادينها المتسعة ، وصراع الإرادات العنيف الدائر ، مع تعثر وغياب المفاوضات فعليا ، كل ذلك قد لا يقرب موعد وقف إطلاق النار ، لا على نحو عاجل كما قالت تنبؤات أمريكية من قبل ، ورشحت يوم 9 مايو المقبل فى عيد النصر السوفيتى على النازية ، ولا على نحو يتأجل كثيرا لسنوات ، كما تطمح الدوائر الأمريكية والبريطانية ، التى أغراها انسحاب القوات الروسية من حصار "كييف" مع نهاية شهر الحرب الأول ، وروجت لهزيمة روسيا الممكنة ، ودفعت بكل ما يملك حلف الأطلنطى من سلاح إلى الميدان الأوكرانى ، وبهدف استنزاف روسيا فى المستنقع الأوكرانى على الطريقة الأفغانية ، وربما مد أجل الحرب إلى عشر سنوات ، وهو تقدير عادوا فتراجعوا عنه بوضوح ، وعلى لسان الديك المنفوش "بوريس جونسون" رئيس الوزراء البريطانى ، الذى توقع خلال زيارته الأخيرة إلى الهند ، أن تستمر حرب أوكرانيا إلى نهاية عام 2023 ، وبعد أن كان يعبر مع مخابراته العسكرية عن الثقة المفتعلة فى هزيمة روسيا و"بوتين" ، عاد ليقول فى المناسبة الهندية وبنص ألفاظه ، "أنه من المحزن أن احتمال انتصار بوتين فى الحرب بات أمرا واقعا" ، ومن دون أن يقفز حتى الآن إلى استنتاج واقعى أكثر ، قد ينبئ به خط سير الحوادث ، فالحملة الروسية تحتاج على ما يبدو إلى بضعة شهور إضافية وليس سنوات ، وموعد نهاية صيف العام الجارى ، وربما بواكير الخريف ، أى على منحنى شهور سبتمبر وأكتوبر إلى نوفمبر المقبل ، تبدو المواعيد الافتراضية الأكثر احتمالا للتحقق ، فالروس أعلنوا أهدافهم من البداية ، وربما يختارون النهاية الأفضل لموسكو بعد فرض أمر واقع وتثبيته ، وبالقرب من توقيت نشر صواريخ "سارمات" الروسية النووية الفرط صوتية ، وبالتواقت مع هزيمة واردة جدا لحزب "جو بايدن" فى انتخابات التجديد النصفى للكونجرس ، وهو ما يجعل الرئيس الأمريكى فى وضع "البطة العرجاء" قبل عامين من نهاية فترته الأولى وربما الأخيرة ، وكأنها إشارة زوال لزمن الهيمنة الأمريكية .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.