لم تكن انتخابات الرئاسة المصرية التي انطلقت الاثنين 27 مايو، واستمرت عملية التصويت خلالها لمدة ثلاثة أيام، حدثًا عاديًا في عيون الصحافة الأجنبية، لا سيما وأنها الأولى منذ عزل الجيش للرئيس المعزول محمد مرسي في 3 يوليو الماضي، ومرور البلاد بفترة انتقالية تقترب من العام. ومن أبرز الظواهر التي تركزت عليها بؤرة اهتمام الإعلام الأجنبي، ضعف الإقبال على التصويت، ومدى تأثيره على المعسكر المؤيد للمشير عبد الفتاح السيسي، ومظاهر الفزع الإعلامي، علاوة على قرار اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية بتمديد التصويت يوما إضافيا، والتهديد بفرض غرامة على المتخلفين عن التصويت، والتأييد النسائي للسيسي. بل أن عدسات تلك المنافذ الإعلامية امتدت لترصد وصلات الرقص المتعددة أمام اللجان الانتخابية، التي كانت سمة مميزة، بجانب العديد من النقاط الأخرى، لكن كان هناك شبه إجماع بين صحف الغرب أن ضعف التصويت يهدد التفويض الشعبي الذي يعول عليه المشير السيسي. المسيحيون والسلفيون خلف السيسي أفردت وكالة أنباء رويترز تقريرًا حول حالة الاتفاق بين المسيحيين والسلفيين في مصر على تأييد السيسي. وعرج التقرير إلى المخاوف التي انتابت عددا كبيرا من المسيحيين تجاه السلفيين، لا سيما إزاء فتاوى تصدر من بعض شيوخ السلفية تحرم تهنئة الاقباط بأعيادهم أو تحرم إلقاء التحية عليهم، لكن تلك المخاوف تراجعت إلى حد ما عقب عزل مرسي. ونقلت عن مواطن مسيحي يدعى جورج سعد قوله "كان في تخوفات من السلفيين زمان أيام الاخوان. دلوقتي اعتقد لأ لأنهم فهموا حاجات كتير. كل الناس فهمت مش هما بس أن لو في حاجة اتعملت مش صح هيكون ليها عواقب وخيمة". ولفتت إلى إعلان "الدعوة السلفية" تأييدها للسيسي، واعتبرت أن كلا من المسيحيين والسلفيين يعولون على وزير الدفاع السابق تحقيق الأمن وإعادة الاستقرار السياسي والاقتصادي بعد سنوات من الاضطراب، مع احتفاظ كل طرف بأسبابه الخاصة لدعم المشير". ضعف الإقبال اعتبرت وكالة أنباء فرانس برس أن انخفاض نسبة المشاركة في انتخابات الرئاسة التي بدأت الاثنين واستمرت حتى مساء الأربعاء تهدد بإفساد فوز المشير عبدالفتاح السيسي، وأضافت أن العديد من لجان التصويت التي زارتها الوكالة خلال الساعات الأولى لليوم الثاني للتصويت كانت مهجورة على حد وصفها. وتحت عنوان "يوم السيسي الكبير يتعثر"، تساءلت مجلة فورين بوليسي الأمريكية، في مقال للكاتب ديفيد كينر، عن الأسباب التي دفعت الكثير من المصوتين إلى البقاء في منازلهم، وتابع: "وزير الدفاع السابق ومرشح الرئاسة المصرية عبد الفتاح السيسي واجه النكسة الأولى في إطار جهوده لتعزيز سلطته، حيث أشارت تقارير إلى فقر الحضور الانتخابي، معتبرا أن معدل المشاركة لا يتناسب مع دعوة السيسي بحضور 40 مليون ناخب. وحمل الكاتب بعضا من مسؤولية ضعف التصويت إلى ما اعتبره خلوا تاما لبرنامج السيسي من أي تفاصيل عن السياسات، بما لم يمنح المصوت الممتنع عن دعم السيسي إلا القليل عن الكيفية التي سيحكم بها الوطن، على حد قوله. وضرب الكاتب مثالاً بوعد السيسي ببناء 22 مدينة صناعية، و25 مدينة ومنتجعًا سياسيًا، دون الإدلاء بأي معلومات عن كيفية تمويل تلك المشروعات الإنشائية، أو أماكن تشييدها، كما أشار كينر إلى وعد السيسي بحلول مشاكل المعلمين، لم يكن مصحوبًا بخطة عملية. وأردف كينر: "في رسالة إلكترونية إلى الصحفيين ظهيرة الثلاثاء، قدرت حملة صباحي حجم المشاركة بنسبة تتراوح بين 10-15%، كما قدرت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان حجم المشاركة عند 15% بعد أول أيام التصويت، وإذا وقفت نسبة التصويت عند تلك النسب، ستكون أقل كثيرًا مما تمناه السيسي". أما صحيفة جلوبال بوست الأمريكية فذكرت أن المعركة الحقيقية في الانتخابات الرئاسية تحولت في مصر مِن "مَن الذي ستصوت له السيسي أم صباحي؟ إلى هل ستصوت أم ستقاطع؟". لكن ذات الصحيفة لفتت إلى أن مؤشرات الأصوات التي حصل عليها السيسي تتجاوز ما حققه الرئيس المعزول محمد مرسي في انتخابات الرئاسة 2012. صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية أشارت إلى أن الإقبال الضعيف على انتخابات الرئاسة يهدد بحرمان المشير عبد الفتاح السيسي من تفويض شعبي كبير يسعى إليه. وكتبت الصحيفة الأمريكية في تقرير لها: " الحكومة المصرية المدعومة عسكريا مدت التصويت ليوم ثالث بعد أن هدد الإقبال الضعيف الفائز المنتظر، وزير الدفاع السابق عبد الفتاح السيسي من التفويض الواسع الذي يسعى إليه. وتابعت: " فسرت اللجنة العليا للانتخابات، المعينة من الدولة، القرار بأنه يأتي استجابة لأعداد كبيرة من المواطنين لم يتمكنوا من الإدلاء بأصواتهم، خلال الوقت المحدد، جراء درجة الحرارة الكبيرة". وتابعت: " رغم شعبية السيسي الواسعة في مصر، إلا أن انتقادات كبيرة طالته داخليا وخارجيا لإعادته الدولة العربية الأكثر سكانا إلى حكم استبدادي بقيادة عسكرية". تمديد التصويت قالت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأمريكية: "تعثرت الآلة الدعائية للمشير عبدالفتاح السيسي في حشد الناخبين خلال يومين من التصويت من أجل صعوده لعرش الحكم في مصر، ما أدى للإعلان مد التصويت ليوم ثالث ، لتحفيز الناخبين على الإقبال على لجان الاقتراع"، واعتبرت الصحيفة أنه بالرغم من مؤشرات فوز السيسي بأغلبية ساحقة إلا أن كثافة الإقبال تعتبر حاسمة لشرعيته، بما جعل السلطات المصرية تتخذ خطوات استثنائية لتعزيز نسبة الإقبال. جاء ذلك في تعليق من صحيفة "ذا تليجراف" البريطانية على الإقبال الضعيف على التصويت في انتخابات الرئاسة التي تجرى في مصر، وهو ما اضطر اللجنة العليا للانتخابات إلى مد التصويت ليوم ثالث. وقالت الصحيفة إن اللجنة قررت ذلك في إطار مجموعة من الإجراءات "العنيفة" التي اتخذتها في مسعى منها لزيادة الإقبال على التصويت في انتخابات الرئاسة، وذلك وسط تخوفات بشأن مصداقية من وصفته ب"الرجل القوي الجديد" للبلاد عبد الفتاح السيسي. وقالت إن المؤسسات العسكرية والسياسية والإعلامية الموالية للسيسي طالما تباهت خلال الشهور الماضية بشعبية السيسي الكاسحة بعد أن قاد "انقلابا" على الرئيس الإخواني محمد مرسي العام الماضي (حسب تعبيرها)، لكن الانتخابات التي أجريت بهدف اعتماد اختياره لقيادة البلاد شهدت إقبالا أضعف مما كان متوقعا لها، مما قد يمكن اعتباره نجاحا لدعوات المقاطعة للانتخابات التي أطلقها أنصار جماعة الإخوان المسلمين والمعارضة اليسارية. هيستريا الإعلام هيستريا تصيب الإعلاميين في مصر بسبب ضعف التصويت".. هكذا علقت صحيفة "كورييه انترناسيونال" الفرنسية على انتخابات الرئاسة التي شهدتها البلاد على مدار الثلاثة أيام الماضية، بعد أن كان ضعف الإقبال هو السمة الغالبة. وأوضحت الصحيفة أنه رغم تمديد الاقتراع ليصبح ثلاثة أيام بدلا من يومين من قبل اللجنة العليا للانتخابات التي بررت قرارها بإتاحة الفرصة للناخبين بالإدلاء بأصواتهم، إلا أن القنوات المؤيدة للمشير عبد الفتاح السيسي أصيبت "بهيستريا" في محاولة لتشجيع الناخبين على الذهاب للإدلاء بأصواتهم. وأشارت إلى أن الصحفي مصطفى بكري، المؤيد للنظام، وصف المقاطعين لانتخابات الرئاسة ب "الخونة" على قناة "الحياة2″ قائلا: إذا لم يذهب أحد للتصويت ستصبح مصر مثل ليبيا وسوريا، إذا لم تنزل وتدل بصوتك فأنت إذا داعم للإرهاب". وأضافت الصحيفة أنه على نفس الطريقة صار الإعلامي عمرو أديب الذي قال في برنامجه"القاهرة اليوم": إذا لم يصوت إلا 10 ملايين في الانتخابات الرئاسية ماذا سنقول للعالم؟ أن الشعب لا يدعم خارطة الطريق التي أعلن عنها المشير عبد الفتاح السيسي الذي أطاح في يوليو الماضي بمحمد مرسي؟ " المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين. كما لفتت الصحيفة إلى اتهامات الإعلامي إبراهيم عيسى للشعب المصري بالجهل، والقلق الذي بدا على مقدمة البرامج بفضائية "سي بي سي "لميس الحديدي وطلبها من اللجنة العليا للانتخابات أن تفعل ما بوسعها حتى تصل المشاركة إلى 50 في المائة. حتى عنوان "انخفاض نسبة الحضور الانتخابي في انتخابات الرئاسة تقلق أنصار السيسي"، تطرقت صحيفة صحيفة فايننشيال تايمز البريطانية تطرقت أيضا إلى ردود فعل إعلاميين مصريين في أعقاب المشاركة التصويتية الضعيفة. وأبرزت استعداد مالك قناة الفراعين توفيق عكاشة لتقبيل أرجل المشاهدين في حالة تصويتهم في انتخابات الرئاسة، وركزت على قوله: " أقلع هدومي مثلا وأطلع على الهوا من غير هدوم؟". كما أشارت إلى دعوة الإعلامي محمد شردي، مقدم البرامج بفضائية المحور الخاصة، "المناصرة للسيسي"، للناخبين صباح اليوم الثلاثاء بالاستيقاظ والذهاب إلى التصويت. ولفتت إلى ادعاء أحد ضيوف التلفزيون الحكومي بأن الذين لم يصوتوا يسعون لإحداث فوضى في الوطن، بما يعد تصرفا غير قانوني، كما قال مقدم ذات البرنامج إن من يقاطع التصويت سيتعرض لغرامة. مزايا السيسي رغم الانتقادات التي وجهها الكاتب البريطاني روبرت فيسك للسيسي في مقال بصحيفة الاندبندنت، إلا أنه ذكر بعض المزايا التي يمكن التصويت له من أجلها، قائلا: لو كنت مصريا لصوت للسيسي ، ليس لأنه ملهما، فأي شخص يقول لشعبه إن الديمقراطية قد تأتي بعد عشرة أو عشرين عاما، لن تذكره كتب التاريخ وتصفه بأنه المحرر العظيم كما كان الحال مع شخص مثل دانيل أوكونيل." لكنه أوضح أن السيسي لديه ثلاثة أشياء يمكن احتسابها في صالحه، وهي: - أنه يعرض على المصريين تحريرهم من ميراث ثلاث سنوات من الديمقراطية الزائفة - أنه يحظى بدعم دول الخليج الغنية (باستثناء قطر بالطبع) لإنقاذ مصر من الإفلاس - أن الولاياتالمتحدة ستظل مغلقة الفم عن حقوق الإنسان في مصر وفاتحة خزينتها للجيش المصري، وستمد السيسي بضمانات لحفظ أمان إسرائيل وأوضح فيسك أنه بالإضافة إلى ذلك، عرض السيسي بالضبط شيئا يحب الغربيون والإسرائيليون سماعه وهم يقومون بمواجهته، ألا وهو مكافحة الإرهاب تماما كما فعل مبارك من قبله، في ظل الحديث عن الاستقرار. خيار الرقص "اختار الكثيرون ألا يشاركوا بأصواتهم في انتخابات الرئاسة .. آخرون اختاروا الرقص" هكذا علق موقع "بازفيد" الأمريكي على ظاهرة الرقص أمام اللجان الانتخابية التي باتت من سمات الانتخابات في مصر، ملقيا الضوء على ما وصفه بأفضل ثمانية "مقاطع رقص" من الانتخابات الرئاسية المصرية. وعقب الموقع قائلا في لهجة تهكمية واضحة " إنه بالرغم من كل هذا الرقص أما لجان الانتخابات، بدا الإقبال على التصويت ضعيفا، ولذلك قانت اللجنة العليا للانتخابات بمد فترة التصويت ليوم ثالث على أمل أن يكون هناك مزيد من الرقص". صباحي.. جهد لافت وحظوظ قليلة علقت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور على نشاط حملة المرشح حمدين صباحي بالرغم من انخفاض حظوظه في الفوز قائلا: "إنه جهد لافت للنظر لمرشح لا تتجاوز نسبته في استطلاعات الرأي ال2%". وأضافت: "داخل المقر الانتخابي لحملة صباحي، لا أحد يقف ساكنًا، ففي الأوقات التي لا ينهمك فيها المتطوعون الشباب في الترحيب بالصحفيين، أو ترتيب الكراسي لحدث انتخابي، تجدهم يتحدثون عبر جولاتهم الذكية". ومضت تقول: "داخل مقر حملة صباحي، لا يعترف أحد بتلك الحقيقة، لكن عند الضغط على أعضاء الحملة، يتحدثون عن دور مستقبلي له في المعارضة السياسية". وأشارت إلى أن المتطوعين في حملة صباحي يفسرون تأييدهم له للمبادئ السامية التي يتحدث عنها من عدالة اجتماعية واقتصادية، التي تعد تذكيرًا بثورة 2011، والتي أضحت حاليًا ذكرى بعيدة بحسب الصحيفة". تأييد النساء للسيسي شغل التأييد النسائي الذي يحظى به المشير السيسي في انتخابات الرئاسة اهتمام الصحافة الغربية، فاعتبرت صحيفة الجارديان دعم النساء للسيسي ربما لا يكون مفاجئًا من بعض الوجوه، حيث أن الكثير يعتقدون أنه أنقذ مصر، ليس فقط من الدمار السياسي والاقتصادي، ولكن من جماعة الإخوان المسلمين، التي ساعدت في صياغة دستور لا يمنح الحماية ضد التمييز بين الجنسين". ومضت الجارديان: " بعد عام من حكم رئيس مدني منتخب، تعتقد ما يزيد قليلا عن نصف نساء مصر أن الديمقراطية هي الصيغة المفضلة على أنظمة الحكم الأخرى، وفقًا لاستطلاع مركز "بيو ريسيرش" الأمريكي، فيما ترى 29 % أن الحكم غير الديمقراطي هو المفضل في بعض الظروف." وتابع التقرير: "لكن ناشطات حقوق المرأة يحذرن بأن السيسي ليس بطلا لنساء مصر البالغ تعدادهن 42 مليونًا"، ونقلت عن زهرة فؤاد، 24 عامًا، وطالبة بجامعة القاهرة قولها: " لا يوجد بشأن السيسي ما يمثل فارقا لنا، فنحن نُعامل في الشوارع بذات الطريقة التي كنا نُعامل بها في عهدي مبارك ومرسي"، لكن الصحيفة تطرقت إلى دور السيسي في قضية كشوف العذرية على متظاهرات في ثورة يناير، ومدى تناقض ذلك مع تأييد النساء له بقولها: "وزير الدفاع السابق الذي دافع عن إجراء "كشوف العذرية" على متظاهرات، يتوقع أن يُنتخب رئيسًا لمصر هذا الأسبوع، بجمهور كبير من الناخبات.