اللغة العربية هي الأداة التي تحمل الأفكار وتنقل المفاهيم، فتقيم بذلك تلك الروابط والاتصال بين أبناء الأمة الواحدة وبها يتم التقارب والتشابه والانسجام بينهم. نقلت اللغة العربية الثقافة العربية عبر العصور والقرون، وعن طريقها وبواسطتها اتصلت الأجيال العربية جيلاً بعد جيل في عصور طويلة، وهذه هي اللغة التي حملت رسالة الإسلام وما انبثق عنه من حضارات وثقافات. بدأت اللغة العربية بكتاب الله مرحلة جديدة في حياتها الخالدة، وكأنما تعاطت في آياته إكسير الحياة وسر البقاء، استمدت من كلماته شجاعة المواجهة وروح الثابت، فكان القرآن الكريم الروح التي جعلت العربية الفصحى لغة كل العصور، لقد اختارها الله تعالى من بين اللغات جميعاً لتكون وعاء لكتابه الخالد القرآن الكريم. وإن نظرة العرب للغتهم تختلف تماما عن نظرة الشعوب الأخرى للغاتها، وسبب ذلك استمدادهم للطاقة اللغوية الحية والخالدة من القرآن الكريم النص التشريعي السماوي، وكل ما ترتب من إبداع وتشكيل لغوي عربي بعد نزوله هو مصطبغ بلغة القرآن ومستمد من إيجاء كلماته المتجددة. ستختلف اللغة العربية عن باقي لغات العالم لأنها لغة القرآن الكريم. اللغة هي معجزة الفكر الكبرى لأنها مظهر من مظاهر التاريخ ، من حيث اتصالها بتاريخ الأمة واتصال الأمة بها وجدتها الصفة الثابتة التي لا تزول إلا بزوال الجنسية وانسلاخ الأمة من تاريخها. إن اللغة العربية كيان يمثل طبقة عريضة من الشعوب، فهو لسانها الذي تتواصل به وتترابط، وهي تراث مكتوب يؤثق تاريخها وماضيها ومنجزاتها في كل مجالات الحياة، وهي كذلك لسان رسالة سماوية خالدة خاتمة بكل ما سبقتها من الرسالات، تتفاضل عليها بشموليتها وتوجهها إلى جميع البشر ولكل الأمم إلى يوم الدين. *كاتب المقال الأستاذ المساعد ، قسم اللغة العربية وآدابها