تمر الأمة الاسلامية ومعها العالم أجمع هذة الايام بمرحلةٍ خطيرةٍ تهدد الوجود الانسانى على الارض ؛ ناهيك عن الخسائر الفادحة فى الاقتصاد بسبب فيروسٍ لا يرى بالعين المجردة، ومن الضعف لدرجة لا تلقى له بالًا، لكن أثاره مدمرة، وأشد خطرًا على الانسان بوجودهِ على هذه البسيطة من القنابل الذرية وما توصل اليه العلم الحديث من تقدمٍ، وصناعةٍ، وترساناتٍ عسكريةٍ ضخمة، فهذه الأيام هى مفترق طرقٍ فى الوجود الانسانى على الارض، وأيا ما كان هذا الابتلاء إن كان بأمرٍ من الله أم من فعل بشر، لكنه تم بإرادة الله أيضًا، ” وما هم بضارين به من أحدٍ إلّا بإذن الله ” فلا بد من إذن الله، وإذا كان المؤمنون فى الحرب العادية كما أخبرنا القرآن الكريم قد ابتلوا وزلزلوا زلزالًا كبيرًا، فالأمر هنا أشد وأعظم وكأنك ترى مشهدًا من يوم القيامة، ترى فيه الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد. لماذا هو شديد؟ لأن هناك “من الناس من يجادل فى الله بغير علمٍ ويتّبع كلّ شيطانٍ مريد” فالنتيجة كُتبت عليه ، أنّه من تولّاه فإنه يُضلّه ويهديه إلى عذاب السّعير ” وما العمل ؟ هل سيستمر الحال على ذلك كثيرًا؟! هل سيظلّ غضبُ الله أيامًا كثيرةً ، ونحن أمٌة ضعيفة لا نحتمل غضبَ الله، أو أن ينظرَ إلينا بسخطٍ لا والله وهو الرحيم الغفور الودود اللطيف، فوق أنهُ جبّارٌ قاهرٌ خافضٌ لكنه مع ذلك رحيمٌ بعباده، لطيفٌ بهم، عفوٌّ غفور، وعلّمنا ذلك وأعطانا خطة الخلاص والعلاج، قال صلى الله عليه وسلم ( إِنَّ لِرَبِّكُمْ عزَّ وجلَّ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ، فَتَعَرَّضُوا لَهَا، لَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ تُصِيبَهُ مِنْهَا نَفْحَةٌ لا يَشْقَى بَعْدَهَا أَبَدًا) ما هذه النفحات؟ وكيف نتعرض لها؟ التعرض لنفحات الله هو التعرض لعطاءات الله، وعطاءات الله غير خيرات الله، فخيرات الله نأخذها بالحواس ويستفيد بها الجسم كالطعام والشراب، لكن عطاءات الله تنزل على القلب الذي صلح وانصلح وأصبح جاهزاً لنزول العطاءات من الله جل في علاه. ففي هذه الليالي تنزل عطاءات من الله، ومن هذه العطاءات أن يتنزل الله في قلب المؤمن بالسكينة: (هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ ) أن يُنزل الله في قلبه الطمأنينة: (أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) ( أن يجعل الله عز وجل في قلبه نوراً يمشي به في الناس: (أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ ) أن يجعل الله له ميزاناً في قلبه يكشف به الطيب من الخبيث، والحسن من السيء والحقّ من الباطل: (إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً ) أو أن يأخذه الله عز وجل ويرفع عنه حجاب الران ويجعله ينظر بعين قلبه في ملكوت حضرة الرحمن. وتمر علينا شهورٌ فضلى، عظيمة القيمة والتقرب، فيها إلى الله لما فيها من نفحات عظيمة وفضائل كثيرة، ونسينا من هذة الشهور العظيمة شهر شعبان وهو موضوع مقالنا شهر طهارة القلوب. فكيف نستفيد من هذا الشهر؟ علّ الله سبحانه أن يرفع عنا الغمة والكرب، والبلاء والوباء، وندخل إلى أفضل شهور السنة رمضان وهو راض عنا مستعملنا لا مستبدلنا وقد اعاننا على ذكرة وشكرة وحسن عبادتة والمساجد قد فتحت واكتظت بالمصلين الذاكرين الله قياما وقعودا وعلى جنبوبهم المتفكرين فى خلقة وعفوة وغفرانة وكرمة وحبة المتنعمين بنعمة فى الدنيا والاخرة ما هى مميزات الشهر ليكون شهرا لطهارة القلوب ؟ ان القلوب صدأت وقست ورانت عليها الذنوب فلهذا نحن فى تيه لبعدنا عن الله سبحانة فهيا بنا فى هذا الشهر الطيب نصفى نفوسنا ونطهرها لان الله يطلع على القلوب فى هذا الشهر فعلى العباد أن يتقوا الله بفعل ما يصلح قلوبهم، وينقي بواطنهم، ويطهر سرائرهم، ويزينوها بكل خلق زكي، ويطهروها وينظفوها من كل وصف رديء وخلق دنيء. فبصلاح القلوب تنصلح الاعمال، وباستقامة القلوب تستقيم الجوارح وإذا كان الاهتمام بالقلوب لازم في كل وقت وحين، إلا أنه في شعبان ألزم وأوجب؛ ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أخبرنا أن الأعمال ترفع إلى الله وتعرض عليه في شعبان، كذلك أيضا أخبرنا أن قلوبنا تعرض على الله في ليلة النصف منه. فيتفضل على كل قلب موحد طاهر من الشرك، وكل قلب نقي خال من البغضاء والشحناء والحقد بالعفو والمغفرة. قد روى الإمام الطبراني وابن حبان وغيرهما عن معاذ بن جبل رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يطَّلِعُ اللهُ إلى خَلقِه في ليلةِ النِّصفِ مِن شعبانَ، فيغفِرُ لجميعِ خَلْقِه إلَّا لِمُشركٍ أو مُشاحِنٍ» (حسنه الألباني). وفي رواية عن أبي ثعلبة الخشني: قال صلى الله عليه وسلم: «يطلع الله إلى عباده ليلة النصف من شعبان فيغفر للمؤمنين، ويمهل الكافرين، ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه» (حسنه الألباني في صحيح الجامع). فجعل النبي صلى الله عليه وسلم العفو معلقا بأمرين: بطهارة القلب عن الشرك بكل مظاهره، وبراءته من التعلق بغير إلهه وخالقه ورازقه. ثم تخلية القلب عن كل ضغينة، وتطهيره عن كل رذيلة، وقطيعة، وكل شحناء، وكل بغضاء. فهي دعوة عامة للإيمان بالله تعالى، وترك الكفر والشرك لنيل مغفرة الله وعفوه(وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا) وهي دعوة لكل المسلمين أن يراجعوا إيمانهم، ويراقبوا توحيدهم، ويطهروا قلوبهم وهي كذلك دعوة لتنقية القلب وتطهيره من الغل والحقد والحسد والشحناء والبغضاء؛ لأن الحقد داء دفين، وحمل ثقيل، يتعب حامله ويثقل كاهله، فتشقى به نفسه، ويفسد به فكره، وينشغل له باله، فيكثر همه وغمه. إنها دعوة للمحبة والتآلف، والتغافر والتسامح، والمودة والتعاطف، بين جميع أفراد الأمة؛ فإن الأمة في أشد الحاجة إلى صفاء النفوس، ونقاء القلوب، وتحلية الضمائر، وتطهير السرائردعوة لتطهير القلب وتنقيته، وتصحيح معنى العبادة، فإن كثرة العبادة مع فساد القلوب لا تغني عن الأمة من فتيل او نقير ولا قطمير.. إن صلاة الإنسان ألف ركعة وركعة، وقراءة سورة ألف مرة ومرة، أو حتى ختم القرآن ألف ألف ختمة، في الوقت الذي يمتلئ قلبه على المسلمين حقدا وغلا، وحسدا وبغضا، لا ينفعه فيا إيها المسلمون: سلوا الله أن يطهر قلوبكم، وأن يرزقكم قلوبا سليمة فإن صاحب القلب السليم النقي من أفضل الناس عند الله تعالى: فقد سئل عليه الصلاة واللسلام اى الناس افضل ؟ قال ( كل محموم القلب صدوق اللسان ) قالوا صدوق اللسان نعرفة . فما محموم القلب؟ قال هو ( التقى النقى الذى لا يحمل فى قلبه غلا ولا حقدا ولا بعى ولا حسدا )( راوة ابن ماجة وغيرة وصححة الالبانى ) فهي فرصة لكل مسلم قبل حلول نصف شعبان أن ينظر الله إلى قلبه فينقيه ويحفظه من كل ما يشقيه ويغفر له ويعفو في هذه الليلة الطيبة وهذا الشهر الكريم. هذة واحدة والثانية التى غفلنا عنها الصيام تقربا الى الله ليرفع عنا الذنب وما نحن فية فأخبر صلى الله عليه وسلم أن سبب كثرة صيامه في شعبان لغفلة الناس عن هذا الشهر بين رجب الحرام ورمضان المبارك، فأحب أن يكون ممن يعبد الله في زمان غفلة الناس. لأن للعبادة وقت الغفلة مزايا كثيرة، فهي سبيل أهل الصفوة، وعلامة اليقظة، ودليل حياة القلب وتعلقه بالله لا بالناس. ثم إن الطاعة وقت الغفلة سبب لدفع البلاء، فإن الله يدفع بأهل الطاعة عن أهل المعصية، وبأهل اليقظة عن أهل الغفلة، فيمنع وقوع البلاء العام.. وقد قال بعض السلف: ذاكر الله في الغافلين كمثل الذي يحمي الفئة والعبادة زمان الغفلة أدعى للإخلاص، وأبعد من الرياء، وذلك لخفائها عن أهل الغفلات،ومعلوم أنه كلما كان العمل أخفى وأبعد عن عيون الناس، كلما كان أحب إلى الله وأدعى إلى الإخلاص، وفضل عمل السر على عمل العلن كفضل صدقة السر على صدقة العلانية. وفي حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: [ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه]، [ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه]. فى هذا الشهر تعرض الاعمال على الله فلماذا تعرض اعمالنا وتنال السخط والعياذ بالله لماذا لا نفر الى الله عرض الأعمال: ترفع الأعمال إلى الله، وهذا هو الرفع السنوى كما أنها ترفع رفعا أسبوعيا في كل اثنين وخميس، فأحب رسول الله أن يكون وقت رفع عمله في طاعة لله؛ لعل الله أن يتقبل عمله ويغفر زلله. وهذه دعوة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته لإتقان العمل في هذا الشهر.. فإذا كانت أعمالنا ترفع الى الله في هذا الشهر وتعرض عليه لزمنا: أن نكثر من الطاعات والعبادات.. ونترك المعاصي والسيئات؛ حتى لا يرفع لنا إلى الله إلا ما يحب. . أن نخلص في أعمالنا ونتقنها ونخلصها من كل شائبة تعيبها وتمنع من قبولها؛ لأن الناقد بصير. . أن نلزم الطاعات ونداوم عليها؛ لعل الله يرانا على ما يحب فيقبل عملنا ويغفر زللنا، كما كان حال نبينا صلى الله عليه وسلم . أن نكثر الدعاء إلى الله والتضرع إليه ليتقبل منا ويعفو عنا. واهم نقطة فى الموضوع هى عرض القلوب على الله فى هذا الشهر عرض القلوب: وإذا كانت الأعمال تعرض على الله في شعبان، فإن لشعبان مزية أخرى وفضلا آخر اختصه الله به، وهى أن قلوب العباد تعرض على ربها في ليلة النصف من هذا الشهر، فيتفضل على كل قلب موحد طاهر من الشرك، وكل قلب نقي خال من البغضاء والشحناء والحقد بالعفو والمغفرة فجعل النبي صلى الله عليه وسلم العفو معلقا بطهارة القلب عن الشرك بكل مظاهره، وبراءته من التعلق بغير إلهه وخالقه ورازقه. ثم تخلية القلب عن كل ضغينة، وتطهيره عن كل رذيلة، وتخلصه من كل قطيعة، وحمايته عن كل شحناء، وصيانته عن كل ضغينة إنها دعوة لوحدة الصف، ورأب الصدع، ونبذ الضغائن، ورفع الأحقاد، حتى تعود قلوبنا بيضاء نقية كقلوب أهل الجنة (ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين) أن القلب يزداد نقاء وطهارة وجلاء بكثرة الاستغفار، وصدق التوبة والإنابة إلى العزيز الغفار، فمن كان في قلبه شحناء أو حسد، أو بات حاقداً على أحد، فاستغفر ربه وأناب، واستعجل التوبة فتاب، أمن ظلمة القلب وقسوة الحجاب، فكم من ساعة قرب من الله تعالى حرمها الإنسان بشحناء في قلبه، وضغينة في صدره، فعن معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن». المنح كثيرة والعطايا كبيرة والمحنة فى قلبها المنحة فهيا نتصالح مع الله ونطهر قلوبنا وننقيها ونفر الى الله مستغفرين عائدين تائبين شاكرين حامدين مهللين نبرأ من حولنا وقوتنا الى حول الله وقوتة نستشعر فى انفسنا العزيز الجبار المتكبر لكى نوجل منه ونخافة ونخشاة ونسترحمة ونستغفرة بقلوبنا وبكل جوانحنا عله يرضى عنا ويرفع عنا ما نحن فيه من وباء وبلاء وضعف واستكانة واخيرا قل ان كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم و الله غفور رحيم صدق الله العظيم هذا وبالله التوفيق.