لا يزال التوتر شديدا في مدينة حلب السورية غداة وقوع انفجارين عنيفين فيها، فكثفت القوات السورية تعزيزاتها في احيائها التي بدأت تشهد تظاهرات مناهضة للنظام، كما تابعت عملياتها في مدن اخرى وخصوصا في حمص، معقل الحركة الاحتجاجية في البلاد. ياتي ذلك فيما قتل 45 شخصا السبت في سوريا هم 30 مدنيا ومنشقان و12 عنصرا من الجيش النظامي وقوات الامن بحسب ناشط، فيما اغتيل ضابط يشغل منصب مدير مشفى عسكري بحسب مصادر متطابقة. وسياسيا، اعلنت انقرة انها ستطلب من الاممالمتحدة مساعدة انسانية لضحايا العنف في سوريا. ونقلت وكالة انباء الاناضول عن وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو قوله لصحافيين اتراك خلال زيارة لواشنطن "اعطيت اليوم توجيهات لرفع طلب الى المفوضية العليا لحقوق الانسان التابعة للامم المتحدة في جنيف بشأن مساعدة انسانية". واشار إلى "مأساة انسانية" خصوصا في حمص (وسط) والزبداني (قرب دمشق) اللتين تتعرضان لقصف ينفذه الجيش السوري. وتخلت تركيا عن حليفتها السابقة سوريا بسبب اعمال القمع التي ينفذها نظام دمشق. وفي بغداد قال وكيل وزارة الداخلية العراقية عدنان الاسدي في مقابلة مع فرانس برس السبت "لدينا معلومات استخباراتية تفيد بان عددا من الجهاديين العراقيين توجهوا الى سوريا"، مضيفا ان "عملية تهريب السلاح مستمرة" من العراق الى سوريا. ومن جهة اخرى وبعد اجتماع في الدوحة لقيادة المجلس الوطني السوري الذي يضم اغلب اطياف المعارضة، قال القيادي احمد رمضان لوكالة فرانس برس "لدينا تأكيدات بوجود اعتراف عربي سيتم في وقت قريب" بالمجلس. ويعقد اجتماعان في القاهرة الاحد للنظر في تطورات الازمة السورية، الاول لدول مجلس التعاون الخليجي الست (السعودية والكويت وقطر والبحرين وعمان والامارات) التي قررت طرد سفراء سوريا، والثاني لوزراء الخارجية العرب. واضاف رمضان ان المجلس بحث في فكرة اقامة مجموعة اتصال دولية تحمل اسم "اصدقاء سوريا" وفق فكرة طرحت غداة استخدام روسيا والصين حق النقض (الفيتو) في مجلس الامن ضد قرار يدين القمع في سوريا. واعلن احمد داود اوغلو الجمعة تأييد بلاده للفكرة التي اعتبرتها موسكو "غير شرعية". وفي دمشق اعلنت الخارجية السورية انها طلبت من السلطات الليبية والتونسية اقفال سفارتيهما في دمشق "عملا بمبدأ المعاملة بالمثل". وقال المتحدث باسم الخارجية السورية جهاد مقدسي في تصريح صحافي "طلبت السلطات السورية من ليبيا وتونس ان تغلقا سفارتيهما في دمشق عملا بمبدأ المعاملة بالمثل". وكان المجلس الوطني الانتقالي الليبي اقفل السفارة السورية في طرابلس في تشرين الاول/ اكتوبر الماضي بعد ان اعترف بالمجلس الوطني السوري ك"ممثل شرعي" للشعب السوري. وفي مطلع شباط/ فبراير اعلنت تونس المباشرة باجراءات "لطرد السفير السوري" من تونس، بعد القصف العنيف الذي استهدف بشكل خاص مدينة حمص من قبل قوات الامن السورية. ومن نواكشوط اعتبر الرئيس التونسي المنصف المرزوقي السبت ان بقاء النظام السوري يعني "تواصل حمام الدم" في سوريا، معلنا في الوقت نفسه رفضه لتدويل الازمة السورية. وقال الرئيس التونسي في مؤتمر صحافي في نواكشوط، حيث يقوم بزيارة رسمية الى موريتانيا، ان الوضع في سوريا "يمزق القلوب ولم يعد مقبولا" مضيفا أن "تواصل النظام يعني تواصل حمام الدم" كما نقلت عنه وكالة الانباء التونسية الرسمية. وردا على سؤال حول امكانية تدويل الازمة السورية قال المرزوقي "لا نريد ان يتدخل في الأزمة السورية سوى الأشقاء العرب عبر تقديم مقاربات تساعد على إصلاح الأوضاع في سوريا". ميدانيا، افاد المرصد السوري لحقوق الانسان ان "عدد الشهداء المدنيين السبت ارتفع الى 30"، لافتا الى "مقتل 14 مدنيا في احياء عدة بمدينة حمص منهم ثلاث نساء". واضاف "في محافظة درعا استشهد تسعة مواطنين هم ستة في بلدة المسيفرة وشهيدان في قرية تسيل وطفلة من مدينة درعا". وتابع المرصد "في محافظة ريف دمشق استشهد خمسة مواطنين هم ثلاثة خلال قصف على الزبداني ورجل ونجله خلال اطلاق نار في بلدة رنكوس من قبل القوات العسكرية النظامية". واشار ايضا الى ان "ناشطا استشهد في حي القابون في مدينة دمشق اثر اطلاق رصاص من قبل قوات الامن السورية، فيما استشهد مواطن بمدينة معرة النعمان في محافظة ادلب برصاص حاجز امني". ومن جهة اخرى، قال المرصد ان "طفلا بمدينة الرستن استشهد متاثرا بجروح اصيب بها قبل ايام فيما استشهد مواطن بمدينة ادلب متاثرا بجروح اصيب بها قبل ايام". وافاد المرصد ايضا ان "جنديين منشقين سقطا في بلدة المسيفرة بمحافظة درعا خلال اشتباكات فيما سقط 12 عنصرا من الجيش والامن النظامي خلال اشتباكات وتفجير عبوات ناسفة في محافظات درعا وريف دمشق وادلب واغتال مجهولون في دمشق العميد الطبيب عيسى الخولي". وبدورها، افادت وكالة الانباء الرسمية ان "مجموعة ارهابية مسلحة" اغتالت صباح السبت العميد الطبيب عيسى الخولي مدير مشفى حاميش العسكري في دمشق. وقالت الوكالة ان "ثلاثة مسلحين ترصدوا خروج العميد الخولي من منزله في حي ركن الدين وأقدموا على إطلاق النار عليه ما أدى إلى استشهاده". وفي تطور لافت "كثفت قوات الامن تعزيزاتها في الاحياء التي تشهد حركة احتجاجات في حلب بعد ان هزها الجمعة انفجاران عنيفان" بحسب مدير المرصد رامي عبد الرحمن. واسفر هذان الانفجاران عن مقتل 28 شخصا وجرح 235 اخرين، بحسب وزارة الصحة. واكد مدير المرصد في اتصال هاتفي مع فرانس برس "اطلاق نار في عدد من احياء المدينة مساء الجمعة". ويزداد التوتر في هذه المدينة يوما بعد يوم مع انها كانت بقيت نسبيا حتى الان بمنأى عن الحركة الاحتجاجية. واكد الناشط محمد من المدينة للوكالة انه تم تشديد الاجراءات الامنية وبخاصة في احياء المرجة والفردوس والصاخور في شمال المدينة وحي صلاح الدين في جنوبها". واضاف محمد الذي فضل عدم ذكر اسم عائلته ان "ثلاث مدرعات دخلت للمرة الاولى حي الصاخور حيث انتشر عدد من القناصة في كل مكان". واشار الى تدهور الوضع في هذه المناطق التي تشهد تقنينا للكهرباء ونقصا في المحروقات. وبالتزامن مع ذلك، يستمر القصف العنيف على حي بابا عمرو في حمص، احد معاقل الانتفاضة ضد نظام الرئيس بشار الاسد منذ صباح الاثنين. وذكر هادي عبد الله عضو الهيئة العامة للثورة السورية في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس ان "حي بابا عمرو ما زال يتعرض للقصف منذ الساعة الرابعة (2,00 تغ)" فجر السبت، مشيرا الى ان "القصف يتوقف لمدة ربع ساعة قبل ان يعود من جديد". واضاف عبد الله ان "هناك منازل تضررت بشكل جزئي اذ احدث القصف فوهات في جدران المنازل". واشار الناشط الى تردي الحالة الانسانية في هذا الحي "حيث لا يتمكن سكانه من الخروج الى الاحياء المجاورة للحصول على المواد الغذائية والطبية في ظل انقطاع التيار الكهربائي والاتصالات". وفي حي الانشاءات في حمص، اكد عبد الله ان "قوات مشتركة امنية وعسكرية اقتحمت الحي معززة بعدد من الشاحنات الصغيرة وقامت باطلاق النار تمهيدا لدخول المنازل ونهب محتوياتها". وعمدت هذه القوات "الى سرقة المنازل الخالية من سكانها في هذا الحي الذي يسكنه ميسورون حيث شوهدوا وهم يحملون اجهزة الكمبيوتر والتلفزيونات والاجهزة الكهربائية المنزلية"، بحسب الناشط.