ننشر أسعار الذهب اليوم الجمعة 20 سبتمبر في بداية التعاملات    90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الجمعة 20 سبتمبر 2024    بالريال والدولار.. سعر BMW i7 في السعودية 2024    مسؤولون أمريكيون يعلنون جاهزية 40 ألف جندي في الشرق الأوسط لحماية الحلفاء    ممثل الجامعة العربية: تزايد حجم التأييد الدولي لفلسطين داخل الأمم المتحدة    مواعيد مباريات اليوم الجمعة| الزمالك ضد الشرطة الكيني في الكونفدرالية.. وظهور النصر والأهلي في الدوري السعودي    3 قرارات داخل الأهلي قبل لقاء الزمالك في السوبر الأفريقي    جدول إلحاق مرحلة رياض الأطفال محافظة كفر الشيخ 2024 - 2025    بدون سكر أو دقيق.. وصفة حلويات مليانة بروتين وبسعرات حرارية قليلة    5 أسباب لحدوث الإغماء المفاجئ ويجب اللجوء للطبيب فورا    نشرة ال«توك شو» من «المصري اليوم»: ارتفاع الأسعار ونداء عاجل للحكومة.. تصريحات الفيشاوي ونهاية تخفيف الأحمال    الفتوى: سرقة الكهرباء حرام شرعًا وخيانة للأمانة (فيديو)    عاجل - تحديثات أسعار الدواجن.. وطموحات مع مبادرة مجتمعية تتعاون مع الدولة    مصرع وإصابة 3 في حادث انقلاب سيارة بالصحراوي الغربي ب جهينة    عبد الباسط حمودة: عشت أيام صعبة وأجري في الفرح كان ربع جنيه    «دمعتها قريبة».. عبدالباسط حمودة يكشف عن أغنية أبكت ياسمين عبدالعزيز (فيديو)    النفط يتجه لتحقيق مكاسب أسبوعية بعد خفض الفائدة الأمريكية    من البرتغالي للألماني.. هل يغير اجتماع الرابطة مصير لجنة الحكام    المراكز الإفريقية لمكافحة الأمراض: جدري القردة خارج نطاق السيطرة    التوت فاكهة الغلابة.. زراعة رئيسية ويصل سعر الكيلو 40 جنيه بالإسماعيلية    بالأسماء| انتشال جثة طفل والبحث عن شقيقته سقطا في ترعة بالزقازيق    دعاء يوم الجمعة.. أفضل ما يقال للرزق والسنن المستحبة    حرب غزة.. قوات الاحتلال تنكل بجثامين الشهداء الثلاثة في قباطية    مصرع شقيقين تحت عجلات قطار في المنيا بسبب عبور خاطئ للمزلقان    رابطة الأندية تكشف سبب تأخر تسلم درع الدوري ل الأهلي    ترامب يثير الجدل بتصريحاته عن إسرائيل: أفضل صديق لليهود    مقتل شاب على يد جاره في مشاجرة بدار السلام    صفارات الإنذار تدوّي في عدة مقاطعات أوكرانية وانفجارات ضخمة في كييف    مساجد شمال سيناء تعقد 53 ندوة علمية دعوية عن سيرة النبي    الرئيس التنفيذي لشركة نايكي الأمريكية يعتزم التقاعد    خبير تكنولوجي يكشف مفاجأة عن سبب انفجار أجهزة اللاسلكي لعناصر حزب الله    عبدالباسط حمودة: أبويا كان مداح وكان أجري ربع جنيه في الفرح (فيديو)    دينا: ابني فخور بنجاحي كراقصة    مفصول من الطريقة التيجانية.. تفاصيل جديد بشأن القبض على صلاح التيجاني    بعد القبض عليه.. تفاصيل القصة الكاملة لصلاح التيجاني المتهم بالتحرش    الطريقة العلاوية الشاذلية تحتفل بالمولد النبوي الشريف في شمال سيناء.. فيديو    رانيا فريد شوقي عن بطالة بعض الفنانين وجلوسهم دون عمل: «ربنا العالم بحالهم»    قبل بدء الدراسة.. العودة لنظام كراسة الحصة والواجب في نظام التعليم الجديد    الداخلية تكشف كواليس القبض على صلاح التيجاني    الداخلية: فيديو حمل مواطنين عصى بقنا قديم    أحمد فتحي: أنا سبب شعبية هشام ماجد (فيديو)    محلل إسرائيلي يحدد 3 خيارات يمتلكها حسن نصر الله للرد على تفجيرات بيجر    48 ساعة قاسية.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم الجمعة (ذروة ارتفاع درجات الحرارة)    عاجل.. موعد توقيع ميكالي عقود تدريب منتخب مصر للشباب    أسعار الخضروات اليوم الجمعة 20-9-2024 في قنا    "الآن أدرك سبب معاناة النادي".. حلمي طولان يكشف كواليس مفاوضاته مع الإسماعيلي    مصطفى عسل يتأهل لنصف نهائي بطولة باريس المفتوحة للإسكواش 2024    ليس كأس مصر فقط.. قرار محتمل من الأهلي بالاعتذار عن بطولة أخرى    اليوم.. الأوقاف تفتتح 26 مسجداً بالمحافظات    توقعات الفلك وحظك اليوم.. برج الحوت الجمعة 20 سبتمبر    وزير الأوقاف ينشد في حب الرسول خلال احتفال "الأشراف" بالمولد النبوي    رسميًا.. فتح تقليل الاغتراب 2024 لطلاب المرحلة الثالثة والدبلومات الفنية (رابط مفعل الآن)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 20-9-2024    بارنييه ينتهي من تشكيل الحكومة الفرنسية الجديدة    رئيس مهرجان الغردقة يكشف تطورات حالة الموسيقار أحمد الجبالى الصحية    رمزي لينر ب"كاستنج": الفنان القادر على الارتجال هيعرف يطلع أساسيات الاسكريبت    حكاية بسكوت الحمص والدوم والأبحاث الجديدة لمواجهة أمراض الأطفال.. فيديو    البلشي: إطلاق موقع إلكتروني للمؤتمر العام السادس لنقابة الصحفيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لغتنا العربية وهويتنا القومية ؟
نشر في الواقع يوم 25 - 12 - 2010


بقلم نبيل عودة
لا جدال حول أهمية اللغة العربية لأبنائها العرب ، وقيمة هذه اللغة وحيويتها . وطرق تطويرها وتقريبها للقارئ . ولكني مع ذلك أرى ان بعض المشاكل التي لم تحل تشكل عائقا في سبيل رقي لغتنا وتطويرها وملاءمتها لعصرنا.
اولا، اللغة وسيلة وليست غاية. أي لا يمكن التعامل معها كمعبود لا يجوز اجراء جراحات تجميلية له. هي أداة للتواصل والتعليم ، اداة للبحث والعلوم، وسيلة لتثبيت القانون والنظام، وجهازا هاما للإبداع الثقافي الروحي والمادي. واللغة جزء من تشكيل الشخصية القومية. ومع ذلك لا أرى أن اللغة هي من أهم العوامل التي تكون هوية الأمة. كما يطرح ذلك العديدون من أصحاب الرأي العرب. هذا الطرح غير علمي تماما ، ومبني على رؤية حماسية.
اللغة بلا شك لها دورها في تكوين الأمة ولكنها ليست من أهم العوامل . والواقع العربي القائم يثبت ما أذهب اليه .ان لغتنا لا تشكل هوية قومية مترابطة بين الشعوب العربية . واليوم صرنا نستعمل اصطلاح الشعوب العربية أو الأمم العربية باشارة الى أن الشعوب العربية غير متكاملة من حيث هوية قومية واحدة ، رغم ما يوحدها من لغة واحدة.. وفي العقد الأخير يتطور مفهوم الأمة ليشمل تحديدا فئات لا تمت بصلة لنفس الثقافة ونفس التطور الاجتماعي، ونفس الإطار الجغرافي المعرف كحدود دولة وطنية. معتمدا على انتماء ديني فقط. وهذا يذكرني بجملة لجمال عبد الناصر قالها في خطاب القاه في دمشق مع اعلان الوحدة مع سوريا ، قال ما معناه، ان ما يربط المسلم والمسيحي العربي هو أقوى الف مرة مما يربط بين مسلم عربي ومسلم باكستاني.
يجب عدم التجاهل ان نسبة الأمية المرتفعة في العالم العربي ، وتقدر حسب احصاء رسمي ب 58 مليون امي ، وحسب تقارير غير رسمية يصل العدد الى ما يفوق ال 100 مليون أمي ... ونسبة كبيرة أخرى بالكاد تفك الحرف .. ومستوى قراءة متدن ، وعدم فهم المقروء من أوساط عربية واسعة جدا ، يجعل من لغتنا أداة لا تخدم قضية تكوين الهوية القومية . وأن لا ننسى أيضا ان العالم العربي مليء باللهجات المحلية التي لا يفهما العرب الآخرون . وهناك عشرات اللهجات الغريبة ( البعض يقول 35 لهجة محلية) وهي لهجات غريبة عن فهم مواطني أكثرية الدول العربية الأخرى، والمأساة ان متحدثي اللهجات المحلية، في الكثير من الأحيان، لا يعرفون لغة أخرى غيرها ، اي ان اللغة لا تشكل اداة تكامل قومي ، بل في هذه الحالة أداة تباعد وتشرذم وانعزال . المواطن العربي الذي يعيش تحت خط الفقر بدخل دولار واحد أو دولارين يوميا لا يحتاج الى لغة وهوية قومية، يحتاج الى رغيف خبز بات الحصول عليه صعبا .. وانا اتحدث عن أكثر من 50% – 60 % من المواطنين في العالم العربي ، ولا اريد ان اقول 70%-80%. في مصر مثلا ، ما يقارب 80% من الشعب المصري يعيشون بدخل بين دولارين الى 3 دولارات يوميا ، وما يقارب 20% دخلهم أكثر من 3 دولارات يوميا ، وفقط 1.5 % يعرفون بالقطط السمان يسيطرون على ما يقارب نصف الانتاج القومي المصري.
فهل ستصلح اللغة هذا الواقع المأساوي لتجعل المصريين ينتمون لهوية قومية واحدة؟ هل يفكر المصري أو العربي الفقير باللغة والهوية ام برغيف الخبز.؟
دور الاقتصاد في تشكيل الهوية القومية
الذي يؤثر على خلق هوية قومية متماسكة هو الاقتصاد ، هذه نظرية طرحها أحد أهم فلاسفة ومفكري القرن التاسع عشر ، كارل ماركس. وقد ثبت صحتها . الدول المتطورة تطورت فيها الهوية القومية والانتماء القومي واللغة القومية والقوة القومية أيضا لحماية مصالحها، على قاعدة النهضة الاقتصادية والتطور العمراني، وتطوير العلم والعلوم والتكنلوجيا، والنموذج الأقرب لنا هي دولة اسرائيل، أحببنا ذلك أم لم نحبه. من مجموعة مهاجرين مختلفي الثقافة والانتماء القومي، بنوا دولة وشعبا متماسكا واقتصاد يعتبر اليوم من الأقوى والأكثر ثباتا في العالم، لدرجة ان الشيكل مرشح ليصير عملة دولية ويعتبر اليوم أقوى من الدولار واليورو.
اذن الموضوع يتعلق بالواقع الاقتصادي والعلمي والتعليمي ومستوى الجامعات وابحاثها والقضاء على الأمية ونشر التعليم باللغة العربية وتطوير اللغة وعدم البقاء في اسر الماضي فكرا ولغة وأحلاما.
الموضوع ليس اعتزازنا وحبنا للغتنا، انما قضية جعل اللغة العربية لغة علوم وتكنلوجيا. هناك مشكلة في ايجاد الاصطلاحات العلمية والتقنية باللغة العربية. والجريمة التي ترتكب هي محاولة ايجاد صياغات بديلة تولد ميتة ومحنطة وغير قابلة للاستعمال. فكيف يمكن ان تصير لغتنا عاملا ايجابيا هاما في تشكيل هويتنا القومية؟ هل باقتصاد ضعيف وفقر اجتماعي وبطالة وأمية واسعة وتخلف تعليمي وعلمي وتكنلوجي يمكن بناء هوية قومية؟
لا شك ان اللغة العربية هي جزء من الهوية القومية، ولكن بوضعها البائس هي هم قومي.
ما هي حال لغتنا العربية ؟
في حوار مع زميل لي، اديب مخضرم ... حول لغة الكتابة الأدبية، وبالتحديد اللغة الروائية، جزم بان ما اتفق على تسميتها ب " لغة الصحافة " لا تنفع كلغة للكتابة الروائية.
هذا الحوار يتردد بصيغ مختلفة، حول مجمل الكتابة باللغة العربية.
أوضحت ان للجملة الروائية أو القصصية، كما للشعر، مميزات خاصة بها، تختلف عن المقالة أو الخبر، ان كان بطريقة تركيبها، او وضعها بالسياق النثري. ولكن الكلمات تبقى هي نفسها.
زميلي أضاف انه يقصد ان مفردات لغة الصحافة، هي مفردات غير أدبية ولا تصلح لخلق ابداع أدبي فني، رواية مثلا...
سألته: وهل نستطيع بلغة الجاحظ ان نكتب اليوم ابداعا أدبيا ... رواية مثلا ...؟ وكنت اعني بسؤالي ان لكل عصر لغته وسماته ومميزاته ، التي تتأثر بالحديث ( من الحداثة ) وتتطور دون انقطاع، ودون تصادم مع القديم، وان مفردات لغة عصر مضى، لا تلائم مفردات اللغة في عصر آخر أحدث، على الرغم من انها تنبع منها وتتطور على اساسها. كذلك الأمر بالنسبة لاسلوب الصياغة.
هذا النقاش العابر، اثار في ذهني قضايا لغوية متعددة، وجعلني أعيد التفكير في بعض المسلمات التي كانت تبدو واضحة وثابتة، ولا تستحق التفكير، واثارت في ذهني مسائل أخرى أوسع من نطاق اللغة، وكنت قد طرحت مواقفا مختلفة حول اشكاليات لغتنا وواقعها الصعب في داخل اسرائيل، وارتباط بعض اشكالياتها بالواقع السياسي والاجتماعي والثقافي للعرب الفلسطينيين مواطني اسرائيل. ولكن هناك موضوع ترددت كثيرا في خوضه، ليس لحسابات تتعلق بردود الفعل السليبة التي قد اواجهها من بعض المتثاقفين، الذين لا يرون في مداخلاتي الا خطأ لغويا عابرا في صياغة جملة ما، ويتجاهلون ما أطرحه من فكر يستحق النقاش والاختلاف في الرأي، والتفكير والاجتهاد لفهم الاشكاليات الصعبة، وطرق تجاوز حواجز "حرس حدود" اللغة، الرافضين لأي تطوير وتزحزح عن المحنطات اللغوية.
هل اللغة وسيلة أم غاية ؟
أثناء قراءتي لكتاب " الثقافة والامبريالية " للمفكر الفلسطيني د. ادوارد سعيد ( ترجمة بروفسور كمال أبو ديب ) وقعت بفخ المفردات المعجمية، والصياغات اللغوية المركبة، مما جعلني أكرس جهدا مضاعفا لفهم لغة الكتاب العربية اولا، قبل أن افهم الطرح الفكري المثير للكتاب. وكنت قد " تورطت " قبل "الثقافة والامبريالية " بقراءة كتاب لادوارد سعيد أيضا، ولنفس المترجم، وهو كتاب "الاستشراق"، وهزمتني لغة الكتاب، شديدة التعقيد والغرابة، ولم أستطع الصمود في معاناة القراءة والبحث عن تفسير للمعاني، كنت وكأنني اقرأ كتابا بلغة اجنبية لا اتقنها جيدا، وعلمت من صديق لي، مثقف أكاديمي، انه فشل في قراءة النص بالعربية وقرأه بنصه الأصلي باللغة الانكليزية، وانه هو الآخر لا يفهم ضرورة هذا التعقيد والنبش لايجاد مصطلحات عربية لا يستعملها جيلنا، ولن يستعملها أحد من الأجيال المقبلة، وذلك بدل تطوير اللغة العربية وتسهيلها، كما حدث ويحدث بمختلف اللغات العالمية.
كتاب ادوارد سعيد " الاستشراق" قراته فيما بعد مترجما للغة العبرية، بلغة واضحة وسهلة الفهم. لماذا الترجمة العبرية مفهومة لقارئ مثلي يعيش نبض اللغة العربية ويعشقها ولا يستطيع قراءة نفس الكتاب بلغته الأم – اللغة العربية، التي تشكل محورا لعالمه الابداعي؟وعلمت فيما بعد ان عددا من المثقفين العرب واجهوا نفس الإشكالية وقالوا: "ان ترجمة كمال ابو ديب تحتاج الى ترجمة عربية".
لمن نكتب اذا كنا غير مفهومين بصياغاتنا؟
اذا عجزنا كمثقفين عن فهم ترجمة بلغة عربية راقية بلا أدنى شك، فما هو حال سائر المواطنين؟
كيف نصبح شعبا قارئا، حين نعجز عن فهم المقروء؟ والسؤال الأخطر كيف نجعل لغتنا قاعدة لترابط قومي، وجزء لا يتجزأ من هويتنا القومية، ام ان الوقت قد تجاوز هذا الهم الوطني؟
والأخطر ، كيف يصبح لنا دور اجتماعي وسياسي في تقرير مستقبل أوطاننا ، اذا كنا عاجزين عن فهم، على الأقل ... لغتنا البسيطة المستعملة في وسائل الاعلام ؟
نبيل عودة – رئيس تحرير المساء – www.almsaa.net
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.