ارتسمت على شفتها إبتسامة باهتة وهي تودعه يبدو أننا نلتقي لسبب سماوي .... قالها وكفّهُ تضغط كفّها الصغير بقوة فكّري في الأمر ... أنا جاد فعلا ... وبانتظار مكالمة منك في أي وقت ومهما كان الرد .... سعيد جدا بمعرفتك سيدتي الجميلة عادت لمكتبها ... وقد بدا الشرود عليها ... حملها كرسيها الدوار ... راحت تديره بجسدها يمينا وشمالا ثم دورة كاملة .... شبكت كفّيها خلف رأسها وراحت تتأمل سقف غرفة مكتبها والقلق يساورها ..... أغمضت عينيها وهي تسحب نفسا عميقا لتُخرجه زفرة طويلة أوووووووه يا أنت .... بماذا سأرد عليك ..... أأقول لك انك جئت في الوقت الضائع .... للأنسانة الخطأ ..... أنا ياصديقي لست ممن يزرهن الفرح ... وتشتهيهن رائحة السعادة ... الفرح خصمي وغريمي ... حتى وان تصادقنا وزارني..... ففي غير موعده متأخرا ..... باهتا .... ضائعا .... فاشلا... . دنيا غريبة فعلا .... سعيت للحب كثيرا ...بحثت عنه طويلا .... حتى تسلل اليأس والملل لنفسي ... ما إن يتقبله القلب .. حتى يرفضه العقل ..وإن تغلغل في اللب .. صار ثقلا على القلب وبين عناد الأثنين ضاع العمر . ولكن الأمر مختلف الآن يبدو ان القلب والعقل متفقان هذه المرة ... ولكن القدر هو من لايريد ان يبارك ما أغربها من دنيا تذبحنا وتبكي لأجلنا ... تأخذ منا ما ومن تريد .. وتحرمنا مما نريد ترهقنا بأوامرها وفضولها وتطفلها أرخت جلستها... وانحنت تلملم أوراقها المبعثرة وبنظرة خاطفة لساعة معصمها أيقنت ان وقت العودة للبيت قد حان ارتدت المعطف الصوفي المسترخي على ظهر كرسيها زررته بأحكام البرد شديد اليوم ..... والسماء تبتلعها الغيوم ..ستمطر حتما اتجهت نحو النافذة......... ياااااااااه صدق حدسي انها تمطر وبغزارة غادرت المكتب مسرعة عبرت ممرا ضيقا نحو با الخروج وهي تصغي لتذمر العاملين معها من شدة المطر وكيف سيكون سببا في تأخرهم في العودة لبيوتهم وعند باب الخروج لفحها الهواء فرفعت ياقة معطفها تخبئ رقبتها واذنيها وجزء من وجهها الاان عينيها لم تقاوم شدة البرد فدمعتا كما ان ارنبة انفها احمرت وبدت كأنها ثمرة كريز . الشارع خال من المارة عدا بعض الذين فاجأهم المطر يتراكضون ويغطون رؤوسهم بمعاطفهم يبحثون عن سقف يختبؤون تحته من المطر علا صوت أبواق السيارات وبدا الشارع مزدحما بها وهي تستحم تحت المطر.... رقصة مشتركة لماسحات الزجاج الأمامي لهاوالتي توقف بعضها عن الرقص مما اضطر سائقي تلك السيارات للخروج ومسح الزجاج بقطع القماش والورق . اختبئ الموظفون والبعض من المارة تحت سقف مظلة ملحقة بمبنى الشركة التي تعمل فيها سحبت نفسا عميقا ثم انطلقت تمشي تحت المطر تغوص في الماء تقفز هنا وهناك مطلقة العنان لضحكتها بدت سعيدة والمطر يلفح وجهها ويبلل ملابسها وجسمها بالكامل .... نظرات الفضوليين تطاردها وتتابع جنونها لم تشعر بالبرد هي رغبة وأمنية قديمة استطاعت تحقيقها اليوم ان تمشي تحت المطر فتحت باب بيتها الدفء يعم المكان ... رمت بملابسها المبتلة على الأرض وسحبت مفرش الطاولة لفت به جسدها وتكورت قرب المدفأة سعيدة اني حققت تلك الأمنية قبل ان يأزف الوقت .... سبحت بماء السماء التي لم تلوثها ايدي البشر..... ماء من السماء الى جسدي ... كل ما على الأرض ملوث بيد افعوان اسمه الأنسان أحكمت لف المفرش على جسدها ... ودلفت المطبخ تعد كوبا من الشاي كانت بأشد الحاجة اليه ليدفئها ويُذهب ارتجافة جسدها... راحت ترقب البخار المتصاعد من الكوب قطعت طريقه بملعقة فضية بدأ يتكاثف عليها ... وكلما كبرت قطرات الماء عادت لتتساقط مطرا على وجه الكوب أظنه حقيقة يحبني أحتاج الى العودة خطوة الى الوراء وتقييم نفسي محاسبتها لقد سلمت نفسي للمرض اللعين .... منذ ان عرفت الحقيقة وأنا أعتزل العالم والناس ..أعطيه فرصة لهزمي والتربع داخل انسجتي أنتظر حتفي وألقي بالتهم على الحياة و من حولي ... أضعت الكثير من أيامي بالحزن والأستسلام وإنتظار اليوم الموعود .... . حان الوقت للخروج من شرنقتي ومحاربة قاتلي او حتى مصادقته .... ربما نصبح أصدقاء ونرحل معا لعالم يضمحل فيه الألم ... أخرجت الهاتف النقال من حقيبة يدها الوووووووووووووو هل تحب اللقاء تحت المطر .... انتظرني انا قادمة