المكان الذي يريح البال وتهفو أقدامنا إليه علي نيل بنها الممتد من تفريعه القناطر بفرعيها وعلي ضفاف فرع دمياط وبين الأراضي التي أخذتها بنها عنوه من طرح النهر يسكن نادي المعلمين بأشجاره العتيقة يشعر الجالس علي مقاعده الخيز ران. ان قدمه في الماء ممسكا بأنواع السمك البلطي والبياض التي تشق المياه فرحا مشرعه للصيادين; الذين يتناوبون المرور علي مرافئ النادي بشباكهم; متحديه همتهم الفائقة في اصطياد إقرانهم من قبل . تتعالي زقزقة العصافير مؤديه سيمفونية هادرة قد تزعج من يزور المكان لأول مره. لكن ما أن يعتاد ها حتى يسر من الخلفية الموسيقية التي تجعل الأصوات أشبه بالهمس بجوار هديرها المستمر الحنون . نشتاق إلي المكان اشتياقنا للأهل وللأحباب نتلهف في العمل لانقضاء الدوام الرسمي كي نهرع إليه ملتحمين بالكراسي المجاورة للنهر شتاءا نتمنى ان تزورنا الشمس وصيفا نتقيها باغصان الشجر الذي تمتد أفرعه إعلانا متشابكة كثيفة تحجب السحب التي تمر سريعا ....البوفيه يحفظ ألقابنا ..ايوه يا زعيم ..ثواني يا دكتور.. حاضر يا حاج احمد ..الشاي المتين فتله علي ميه بيضه ; قهوه مغليه للدكتور; لمون للحاج احمد كنا نكتفي بالاشاره إليه فيهم برأسه من علي كرسيه بجوار البوفيه مخاطبا مؤجر المكان ايوه يا حاج جمال حاضر البهوات وصلو وعندما يزاحمنا طلبه الكليات بجلساتهم التي لا تخلو من النقار والمشاكل كان يهمس لهم إن الناس جايه ترتاح هنا ولكنهم لايستوعبوا ما يحدث مستمرين في التهام سندوتشات الطعمية من محلات ا لرشيدي أو قزقزة اللب من مقلة بنها الكبرى وعندما تقارب الساعة الرابعة بعد العصر يبدأ المكان في الارتياح إذ تنفض سوا مر الطلاب والمرتادين بالصدفة ويركن المكان إلي أصوات زهر الطاولة من ترابيزه الأستاذ محمد عبدا لعليم الليثي النقيب السابق وباني النادي وعلي يديه تم بناء ملحق العيادات الخارجية وصاله الأفراح العلوية والثانية المجاورة للنهر ضاحكا محدش فاكر اللي عملته في النادي يتحول المكان بمستوياته الثلاث إلي عنبر للعواجيز معاشات وموظفي الدولة والراكنون للهدوء والدعة والسكينه . ... كنت أصغرهم يوم أن تمادي المهندس عبدا لسميع ليعرف اعمارنا; مواليد كام ياعم.... رديت .. ياه أنت ورور قوي يا عم خضتنا بشعرك الأبيض ده عنبر من مرتكني الراحة كل منهم لا لديه سوي حكايات مغلوطة قديمة وما أن يأتي وجه جديد إلي المكان ويعتاد الجلوس إلا وينبري الجميع إليه يحملوه بأكاذيبهم عن حفلات أم كلثوم ومظاهرات يناير سنه 77 والثورة وذكريات مع عبد الناصر والسادات وكمال الدين حسين وكيف أوقف عبدا لمنعم موسي قطار عبد الناصر في بنها ربع ساعة يسلم عليهم واحد واحد وسلمه بيديه خطابات الشكاوى من محطة بنها أيام ما كان شارع الدهشان عرضه 3 متر فقط ..دلوقتي بقي 25 متر هدو بيوت و مباني بس عوضوا الناس فلوس اللي كان عنده عشه بقي عنده قصر حكاوي من الفراغ بمكان لا يستطيع احد أن ينفيها أو يثبتها لكنها أصبحت متداولة علي كل لسان لدرجه لا تعلم من البطل الحقيقي في الرواية لما يحكيها إبراهيم الصياد ولا لما ينقلها عبدا لصمد يتوه البطل فيصبح مجرما في الحكاية الأولي وقاتلا في الثانية وبطلا في الاخيره زى أبو زيد الهلالي ناس يشوفوه لقيط مغتصب وأخريين يشوفوه بطل ولا يخلو الكلام من الهمس عن فواحش المدينة ونزوات اثر يائها والعيال ولاد الحرام اللي بيبيعو البانجو في طريق الرملة وعلي كوبري الرياح لدرجه شعورك أن الفواحش والخمر والحشيش مباح في عرف المدينة التي ترتفع مآذنها عالية تناطح سحاب السماء ; ويهدر بها الأذان معلنا دوما الله اكبر الله اكبر .وبها سيدي العاصمي أبو المعجزات الذي يزعم الشيخ حسن برهومه انه رآه جالسا بجواره في الكعبة يتركع ويختم الصلاة .ويؤكد البراهمة انه لم يغادر بنها ولا يحمل بطاقة ولا بسبور .بها الجمجراوي والضعيف وسيدي أبو نوار في المنشية أبو الكرامات مآذنهم عالية تكذب كل الادعاءات وتضدحضه إلي الليل حيث تبدآ الأفراح ويزداد الضجيج فيهرب أصحاب الهدوء إلي منازلهم منتظرين نهار يوم جديد يرصون حكايات عمرهم علي الجالسين .. عنبر المرضي النفسيين قالها الدكتور محمد عبده عابسا بعد أن ضحك طويلا وتذكر كلنا والله قاعدين نحلم هي الحياة الآن ويتبدل الزمان من فساد قبل الملك أي فساد ما بعد الثورة إلي فساد جديد مطلق لا حدود له .. من نادي مهجور إلي حفلات وأفراح وطلاب جامعه بيذاكرو ساعات ويحبو في بعض ساعات وألفاظ جديدة مكنا ش نعرفها دخلت ودانا وبقينا نرددها بنات موز.. وعيال سيس .. البنات بتضحك زى ما تكون في حجره مغلقه مع جوزها والعيال بيمسكو أيديهم مايفكوهاش إلا لما تتلم من أدامهم الكبايات الفاضين ...هيييه دنيا مش هيدوم كتير هتتغير زى ما كل حاجه بتتغير . البنات في لبسها دلوقتي بتستغطي ومحدش عارف بكره إيه.. لا التعري كان قله أدب ودين ولا الغطا أدب والتزام ضحكت سحبت كرسي خرزان ونضفت شلتته وناديت علي علاء ....حاضر يا باشا.شاي مظبوط سكر بره للزعيم . بصيت للنيل.. الله. الميه لسه بتجري ; من خمس تلاف سنه ; يا تري مراتي عامله ايه ع الغدا