للواقع : محمد خليفة طنطاوى و عنان كانا محصنين ضد العزل بالإعلان الدستورى المكمل و بحكم السيطرة على مقاليد القوة. فلا يملك الرئيس إقالتهما إلا بمساندة قوية من داخل المجلس العسكرى وضمان موافقة أو على الأقل حيادية الأعضاء المؤثرين ففيه. فمن السذاجة تصور أن ماحدث فى 12 أغسطس و كأن الرئيس أصدر القرارات اللازمة فعلم بها طنطاوى و عنان فما كان منهما إلا أن غادرا مكتبيهما بهدوء. بغض النظر عما قيل عن إنخراط طنطاوى و عنان فى التحضير لأحداث دامية يوم 24 أغسطس تنتهى بالإنقلاب على الرئيس أو تقصيرهما فى حادثة رفح فإن إقالتهما و إلغاء الإعلان الدستورى المكمل و التسليم الكامل للسلطة و إبتعاد الجيش عن الحياة السياسية هى أهداف حيوية للرئيس مرسى منذ إعلان فوزه و أنه خطط لذلك من أول يوم له فى الرئاسة. وفى سابقة هى الأولى فى تاريخ القوات المسلحة على الإطلاق يقبل عسكريون أكبر سناً العمل مع قائد (وزير) أصغر سناً و لكنه سبقهم فى الترقية. فإن دل على شئ فإنما يدل على رضا معظم أعضاء المجلس العسكرى عن التغييرات التى إنحصرت فى الحرس القديم فقط و إحتفاظ 14 عضواً آخرين بعضويتهم فى المجلس: . عزل أعلى رتبتين عسكريتين . نقل أقدم ثلاث رتب إلى مناصب مدنية رفيعة. كان لابد من ذلك لأنهم أقدم من السيسى الوزير فى رتبة فريق أول و هذا لا يجوز فى التقاليد العسكرية عملية نقل القيادة فى الجيش هى عملية عسكرية من الدرجة الأولى تتضمن: . عزل طنطاوى و عنان عن الإتصال بأى من قادة أو وحدات الجيش . إبلاغ القادة الكبار بالقرار و إقناعهم به و مراقبتهم للسيطرة على أى رد فعل سلبى . الإتصال و مراقبة ردود الأفعال فى كافة الوحدات العسكرية و هذه عملية روتيتنية يتحمل العبء الأكبر منها المخابرات الحربية. و قد مارست هذا الدور بكل إقتدار عند إقالة المشير أبوغزالة الذى كان محبوباً جداً من القوات المسلحة و تاريخياً عند عزل المشير عامر. تَصُور لخطة تغيير قيادة القوات المسلحة فلنسمها "فَجر" و التى تم الإعداد لها منذ الأيام الأولى للرئيس: 1. إقالة موافى لإحداث ربكة فى المخابرات العامة تعميها عما يدبر 2. إقالة قائد الحرس الجمهورى و قائد شرطة الرئاسة و بدين و لواءات الداخلية لإرباك طنطاوى و عنان 3. إستدعى الرئيس طنطاوى و عنان إلى قصر الإتحادية ليلة 12 أغسطس (منشور إعلامياً) 4. أخبرهما الرئيس بقراره فى وجود اللواء السيسى و تم عزلهما عن العالم لحين إكتمال السيطرة على مقاليد الأمور 5. الإجراءات السرية لأداء القسم: لم يكن يضئ الحجرة سوى إضاءة الكاميرا و أنوار القصر خافتة جداً و الوقت ليلاً بينما تم إذاعة الفيديو الساعة الخامسة يوم 12 أغسطس و يلاحظ أيضاً الإستعجال و التوتر على الجميع و سرعة تحركهم بعد أداء اليمين 6. أدى السيسى اليمين الدستورية ليلاً مابين الواحدة و الخامسة فجر يوم 12 أغسطس 7. تحرك اللواء السيسى لإطلاع أعضاء المجلس العسكرى فرادى و راقب ردود أفعالهم ووضَعهم تحت السيطرة 8. تم نقل القرار إلى جميع وحدات القوات المسلحة بينما يقوم رجال المخابرات الحربية بمراقبة ردود الأفعال 9. لاحظ إنتشار بعض الدبابات على مداخل القاهرة للسيطرة على أى تحرك عسكرى 10. تم إذاعة البيانات فى الخامسة مساء يوم 12 أغسطس بعد إكتمال عملية السيطرة التى إستغرقت ما بين 10-15 ساعة الخلاصة : لقد تفوق الرئيس على أردوجان و السادات فقد نجح فى 40 يوماً فقط فى السيطرة على الجيش و تحديد دوره فى الجمهورية الثانية. فيحسب للرئيس شجاعة القرار و توقيته و يحسب للسيسى ومن عاونه قدرته على تفعيله. و أثبتت العسكرية المصرية الحديثة عراقتها و حبها لشعبها و أكملت ما بدأته يوم 11 فبراير 2011 و تخلصت من الحرس القديم و إستعادت مكانتها و تبقى أن يُحاسب العسكريين المسؤولين عن أى تجاوزات تمت قبل الثورة أو بعدها.