ها أنا أعود من جديد ألملم أوراقي المبعثره في صومعه الوجدان أكتب في غسق الدجى لعل صوت قلمي يصل الى أعلى المسافات يحمله سكون الليل الى جدران العندليب يرسل له شوقي ويعطيني دفئه لعل العندليب المغرد بصوته الشجي يرد النداءات ولا يتصدى لها ... فهاهي ابتسامة الليل تعلو السماء وهاهي رقصات النسيم تتسحب بهدوءٍ تام وظلمه السحر تملئ المكان .... وحركات البشر ذهبت للأنام و أنا هنا لوحدي أجمع أشلائي من عيون الليل لعلي أخفيها عن وجه النهار وأضعها في صندوق الأحلام الليليه أحسب السنين وكأنها قرون ولم يعد ذلك الوعد المسافر ولم يأتي !! لكني سأظل أنتظر حتى يصبح الليل كله نهار ... أوقدت الشموع على عدد السنين وقطفت الورود على عدد الهدايا ثم أرتديت أجمل الفساتين وتعطرت بذاك العطر الوجداني الذي أهداني إياه وأعددت كل أغاني الحب الأبدي وجلست أنتظر ... ثم أسرعتُ الى مرآتي فوجدتُ نفسي أجمل فتاه لكنني بعد أن أطلت النظر وجدتُ شحوباً واضحاً كعين الشمس يعلو وجهي فذهبت أبدل ذلك الشحوب ببعض من أصباغ المكياج وأسدلت شعري الطويل وذهبت الى نافذه الأمل بعد أن سمعتُ صوت الخطوات قد أقتربت .. عاد الفرح من جديد وزاد الوله وكأنه عيد ... أسرعت عند بوابه الكوخ الصغير وصوت الخطوات يملئ صداها المكان ... إنتظرتُ ثم نظرت الى عقارب الزمن فوجدت الزمان قد مضى وأنني كنت أعيش في حاله من الخيال قد نسجتها حرقه الأيام وعرفت أن ذلك كله مجرد أحلام فأجهشت بالبكاء حتى أخطلت الأصباغ في وجهي وأصبح كلوحه فنان تشكيليه وأوشك الشمع أن يذوب وينتهي ويذوب معه قلبي المحروم ... والورود قد ذبلت كما أذبلت حبي الدافئ وأخذت أردد لن يعود ولن يعود وضاعت جميع الوعود . فأغلقت نافذتي عندما تأكدت أن الخطوات كانت لإمرأه أكل عليها الزمن وشرب ويجري ورأها طفل يخطفه البرد فذهبت مسرعه الى باب الكوخ لأخرج الى ذلك الطفل الشارد وأحتضنه بين أضلعي فنظر إلي بعينان براقتان تملؤهما البراءة والدموع تنهمر من عينيه ثم وضع رأسه على كتفي ونام وعرفت أنه جزء من الوعود المنتظره .