مد فترة تسجيل الطلاب الوافدين بجامعة الأزهر حتى مساء الأربعاء    محافظ الإسماعيلية يوافق على تشغيل خدمة إصدار شهادات القيد الإلكتروني    حماس ترفض زيارة الصليب الأحمر للأسرى في غزة    وسائل إعلام أمريكية تكشف تفاصيل الاتفاق بين واشنطن وتل أبيب على اجتياح لبنان    ناصر منسي: هدفي في السوبر الإفريقي أفضل من قاضية أفشة مع الأهلي    ضبط نسناس الشيخ زايد وتسليمه لحديقة الحيوان    انخفاض الحرارة واضطراب الملاحة.. الأرصاد تعلن تفاصيل طقس الثلاثاء    أحمد عزمي يكشف السر وراء مناشدته الشركة المتحدة    صحة دمياط: بدء تشغيل جهاز رسم القلب بالمجهود بالمستشفى العام    للمرة الأولى.. مجلس عائلات عاصمة محافظة كفر الشيخ يجتمع مع المحافظ    "مستقبل وطن" يستعرض ملامح مشروع قانون الإجراءات الجنائية    فعاليات الاحتفال بمرور عشر سنوات على تأسيس أندية السكان بالعريش    بيسكوف: قوات كييف تستهدف المراسلين الحربيين الروس    بعد 19 عامًا من عرض «عيال حبيبة».. غادة عادل تعود مع حمادة هلال في «المداح 5» (خاص)    «إيران رفعت الغطاء».. أستاذ دراسات سياسية يكشف سر توقيت اغتيال حسن نصر الله    كيفية التحقق من صحة القلب    موعد مباراة الهلال والشرطة العراقي والقنوات الناقلة في دوري أبطال آسيا للنخبة    الأربعاء.. مجلس الشيوخ يفتتح دور انعقاده الخامس من الفصل التشريعي الأول    للمرة الخامسة.. جامعة سوهاج تستعد للمشاركة في تصنيف «جرين ميتركس» الدولي    ضبط نصف طن سكر ناقص الوزن ومياه غازية منتهية الصلاحية بالإسماعيلية    مؤمن زكريا يتهم أصحاب واقعة السحر المفبرك بالتشهير ونشر أخبار كاذبة لابتزازه    تفاصيل اتهام شاب ل أحمد فتحي وزوجته بالتعدي عليه.. شاهد    الرئيس السيسي: دراسة علوم الحاسبات والتكنولوجيا توفر وظائف أكثر ربحا للشباب    الأمن القومي ركيزة الحوار الوطني في مواجهة التحديات الإقليمية    القاهرة الإخبارية: 4 شهداء في قصف للاحتلال على شقة سكنية شرق غزة    أمين الفتوى يوضح حكم التجسس على الزوج الخائن    قبول طلاب الثانوية الأزهرية في جامعة العريش    كيف استعدت سيدات الزمالك لمواجهة الأهلي في الدوري؟ (صور وفيديو)    محافظ المنوفية: تنظيم قافلة طبية مجانية بقرية كفر الحلواصى فى أشمون    مؤشرات انفراجة جديدة في أزمة الأدوية في السوق المحلي .. «هيئة الدواء» توضح    حدث في 8ساعات| الرئيس السيسى يلتقى طلاب الأكاديمية العسكرية.. وحقيقة إجراء تعديلات جديدة في هيكلة الثانوية    "طعنونا بالسنج وموتوا بنتي".. أسرة الطفلة "هنا" تكشف مقتلها في بولاق الدكرور (فيديو وصور)    رمضان عبدالمعز ينتقد شراء محمول جديد كل سنة: دى مش أخلاق أمة محمد    التحقيق مع خفير تحرش بطالبة جامعية في الشروق    "رفضت تبيع أرضها".. مدمن شابو يهشم رأس والدته المسنة بفأس في قنا -القصة الكاملة    تأسيس وتجديد 160 ملعبًا بمراكز الشباب    إنريكى يوجه رسالة قاسية إلى ديمبيلى قبل قمة أرسنال ضد باريس سان جيرمان    هازارد: صلاح أفضل مني.. وشعرنا بالدهشة في تشيلسي عندما لعبنا ضده    وكيل تعليم الفيوم تستقبل رئيس الإدارة المركزية للمعلمين بالوزارة    5 نصائح بسيطة للوقاية من الشخير    هل الإسراف يضيع النعم؟.. عضو بالأزهر العالمي للفتوى تجيب (فيديو)    20 مليار جنيه دعمًا لمصانع البناء.. وتوفير المازوت الإثنين.. الوزير: لجنة لدراسة توطين صناعة خلايا الطاقة الشمسية    المتحف المصرى الكبير أيقونة السياحة المصرية للعالم    تم إدراجهم بالثالثة.. أندية بالدرجة الرابعة تقاضي اتحاد الكرة لحسم موقفهم    «حماة الوطن»: إعادة الإقرارات الضريبية تعزز الثقة بين الضرائب والممولين    طرح 1760 وحدة سكنية للمصريين العاملين بالخارج في 7 مدن    تواصل فعاليات «بداية جديدة» بقصور ثقافة العريش في شمال سيناء    اللجنة الدولية للصليب الأحمر بلبنان: نعيش أوضاعا صعبة.. والعائلات النازحة تعاني    نائب محافظ الدقهلية يبحث إنشاء قاعدة بيانات موحدة للجمعيات الأهلية    فرنسا: مارين لوبان تؤكد عدم ارتكاب أي مخالفة مع بدء محاكمتها بتهمة الاختلاس    أفلام السينما تحقق 833 ألف جنيه أخر ليلة عرض فى السينمات    5 ملفات.. تفاصيل اجتماع نائب وزير الصحة مع نقابة "العلوم الصحية"    برغم القانون 12.. ياسر يوافق على بيع ليلى لصالح أكرم مقابل المال    إنفوجراف.. آراء أئمة المذاهب فى جزاء الساحر ما بين الكفر والقتل    مدير متحف كهف روميل: المتحف يضم مقتنيات تعود للحرب العالمية الثانية    «بيت الزكاة والصدقات» يبدأ صرف إعانة شهر أكتوبر للمستحقين غدًا    التحقيق مع المتهمين باختلاق واقعة العثور على أعمال سحر خاصة ب"مؤمن زكريا"    الأهلي يُعلن إصابة محمد هاني بجزع في الرباط الصليبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فلول الوزراء..
نشر في الواقع يوم 15 - 11 - 2011


بقلم د. عادل عامر
منذ لحظة إسقاط الدكتاتور المخلوع مبارك في 11 فبراير الماضي رفع الثوار شعار "الشعب يريد تطهير البلاد" كتعبير واضح عن إدراكهم بأن النظام لم يسقط بعد -حتى وإن قطعت رأسه- .. وبإصرار شديد يستمر المجلس العسكري في محاصرة الثورة منذ أن تسلم إدارة شؤون البلاد، ساعياً إلى تفريغها من مضمونها وتحويلها إلى شعار أجوف، عبر إجراء بعض التغييرات الشكلية للنظام مع تجنب إحداث أي تغيير حقيقي في السياسات على أرض الواقع. فالمجلس قام بعرقلة عملية التطهير التي يطالب بها الثوار في كل أجهزة الدولة بلا استثناء (القضاء والداخلية والخارجية والإعلام ..الخ)، وحتى حينما لم يستطع مقاومة الضغط من أجل التطهير كما هو الحال في المحليات واتحاد العمال مثلاً.. قام بالتصديق على قرارات بحلهما مع تعيين معظم أعضاء اللجان المؤقتة لإدارتها من فلول نظام مبارك!! والحال في جامعاتنا لا يختلف.. إن إصرار المجلس العسكري ومجلس الوزراء على عرقلة عملية التطهير -في الجامعات وفي غيرها- لا يٌفهم إلا على أنه محاولة مستميتة لإعادة إنتاج نظام مبارك مرة أخرى، وهو ما يستحيل أن يسمح به الثوار أبداً. لقد ثرنا ودفع شعبنا ثمناً باهظاً من دماء أبنائه ليحقق تغييراً شاملاً للنظام وهو ما لن يتحقق إلا عبر تطهير كافة مؤسساتنا من المجرمين الذين ساعدوا مبارك وعصابته على قمع حريتنا و سلب حقوقنا لعقود طويلة لنؤكد جميعاً أننا مستعدون لاستكمال ثورتنا وللدفاع عنها حتى النهاية. أن عشرات من الدعاوى القضائية سيتم تقديمها لمحكمة القضاء الإداري خلال الساعات القادمة للمطالبة باستبعاد أسماء العشرات من المرشحين من أعضاء الحزب الوطني المنحل والمتقدمين بأوراق ترشيحهم لخوض انتخابات الشعب والشورى بالإسماعيلية، فيما سيتم إقامة دعاوى قضائية ضد عدد من الأحزاب والتي تضم على قوائمها أسماء لمرشحين من أعضاء الوطني المنحل. وفي قنا، تنظر محكمة القضاء الإداري برئاسة المستشار جلال إبراهيم دعوة قضائية لاستبعاد 17 مرشح من مرشحي "الفلول" عن الدائرة الشمالية. حيث تقدم بالدعوى المحامي إسماعيل عبد الرحمن ومرشح "فردي" على الدائرة الثالثة، ومقرها مركز نجع حمادي عن حزب التجمع ضد 17 مرشح من أعضاء الحزب "الوطني المنحل"، الذين تقدموا بأوراقهم للترشح في الانتخابات البرلمانية المقبلة بمجلس الشعب، مستندا على حكم محكمة القضاء الإداري في مدينة المنصورة لاستبعاد أعضاء "المنحل" من الترشح، وكان من بين الأسماء التي ذكرت في الدعوى كلا من قائمة حزب الوفد، التي تضم على رأسها "كمال موسى، وأحمد مختار"، وقائمة حزب الإصلاح والتنمية التي تضم على رأسها "ماهر الدربي ومحمد مندور" و"عبد الرحيم الغول وممدوح ابوسحلي ومحمد رفعت وهشام الشعيني" على رأس قائمة الحرية..
وهذه هي فلول وزراء النظام المخلوع
المبعوث المصري للأمم المتحدة السفير ماجد عبد الفتاح 2005
وزارة التخطيط والتعاون الدولي السفيرة فايزة أبو النجا 2004
وزارة البيئة م ماجد جورج 2004
وزارة الكهرباء والطاقة د. حسن أحمد يونس 2004
رئيس البنك المركزي المصري فاروق العقدة 2004
رئيس هيئة قناة السويس الفريق أحمد فاضل 1996
جميع السادة الوزراء المذكورين لو لم يكونوا أعضاء رسميين بالحزب الوطنى المُنحل , فهُم أعضاء غير رسميين
و هذا واضح من تاريخ تعيينهُم حيثُ أن جميعِهم - بإستثناء رئيس هيئة القناة - تم تعيينهُم من رئيس الوزراء السابق أحمد نظيف , الكان - وقتها و إلى أن اُقيل - عضو رسمى بالحزب الوطنى و إحتمال يطلعوا , كُلهم أو بعضهُم , أعضاء رسميين , زى ما شفيق كان عضو رسمى بالحزب الوطنى و تولى الوزارة لمدة شهر أو أكتر من بعدد اندلاع الثورة ! لنا الله , و الوطن لنا , ولأن الفلول لا يشبعون أضفت عليهم الحكومة المزيد من الكرم.. وزارهم كبيرها الدكتور عصام شرف ليمنحهم صك غفران ونفوذًا جديداً، وبعدها لم يكن غريبا أن تعقد ذات الأسماء المؤتمر الذى أطلقوا من خلاله رصاصة الرحمة على قانون الغدر، فقد هددوا بقطع الطرق وحرق البلد وانفصال الصعيد فى حال حرمانهم من الترشح فى الانتخابات، واستجابت الحكومة لتهديداتهم وكأنها كانت تدخرهم لهذا الموقف. صنعت الحكومة أسطورة الفلول فى «قنا» وصدقتها وتريد منا السمع والطاعة، وصفهم تقرير مجلس الوزراء فى موقعة فتنة المحافظ بالمحرضين.. وجرى ترويج المعلومة لتكون مبررًا للخوف من تهديداتهم المستقبلية، لكن الأسماء التى اختارتها وإن كان اصحابها يتمتعون ببعض النفوذ فإنهم فى النهاية أسماء تمثل أفرع من عائلات كل رأسمالها وقوتها هو الدعم الذى حصل عليه من حزب السلطة فى النظام السابق، الأسماء التى تهدد، بعضها فشل فى الحصول على مقعد برلمانى بالتزوير لقوة الداعمين لمنافسهم، بل بعضهم كان خصمه هو شقيقه، وبعضهم تخلى عنهم اشقاؤهم دعمًا لمنافسيهم. إن الحكومة تعاملت معهم بقدر من الاهتمام لم يوله لهم أحمد عز أمين التنظيم الأسبق بالحزب الوطنى المنحل، الحكومة اعتبرت أن أحمد الجبلاوي، هو أحد كبار عائلة العرب وعضو مجلس الشعب السابق عن الحزب الوطني، وحصل عليه بصعوبة فى منافسة مرشح مستقل، واعتبرت الشيخ محمود نصر الله ممثل قبيلة الحميدات، وحمدى حسن أبوقريع أحد كبار عائلة العرب، واللواء محمد فراج أحد كبار قبيلة القليعات، ونائب الوطنى الشهير عبد الرحيم الغول ممثلا لعائلته بقرية الشرق بهجورة فى نجع حمادي، وكان العقيد طارق رسلان ممثلا لقبيلة الهمامية، والدكتورة نهلة المحرزى عضو مجلس الشعب السابق عن الحزب الوطنى ممثلة عن المرأة القناوية، والشيخ محمد خليل، رئيس جمعية السنة المحمدية بالمحافظة.
حكومة الدكتور عصام شرف اختارت أن تحاور ذات الشخصيات التى اختارها أحمد عز لتخوض انتخابات 2010 ففى الدائرة السادسة، الرئيسية، والتى أطلق عليها دائرة الدم والنار، اختار أمين التنظيم العميد طارق رسلان أحد أبناء قبيلة الهمامية، بالإضافة إلى سيد المنوفى من أبناء قبيلة العرب، بالاضافة إلى اللواء عمر الطاهر والنائب هشام الشعيني، وفى الدائرة الثامنة، مركز أبوتشت، ترشح اللواء محمد فراج، وحسن أبوسباق، واللواء ماهر الدربي. وفى الدائرة الخامسة، مركز دشنا، اختار كلاً من حسين الوكيل وحسين فايز وكمال موسي، وأطاح بكل من طارق السباعى ومحمد مندور، صاحب واقعة اقتحام مركز شرطة دشنا، وفى الدائرة السابعة، مركز نجع حمادى اختار الحزب كلاً من عبدالرحيم الغول، وفتحى فخرى قنديل، ومرتضى أبوسحلي، وفى مقعد كوتة المرأة تم اختيار منى الشحات على مقعد الفئات، وفاطمة إبراهيم على مقعد العمال، واستغنى الحزب وقتها عن عبدالفتاح عبدالعزيز أحد المرشحين على مقعد الفئات عن الدائرة السابعة نجع حمادى وأصيب بوعكة صحية بعد علمه بالاستبعاد لكنه خاض الانتخابات كمستقل. حكومة الدكتور شرف لم تقتنع أن ثورة يناير كافية لأن يفقد رموز الحزب المنحل مقاعدهم ونفوذه.. رغم أن بعضهم فقدها فى وجود الحزب الذى احتضنه، بل لم تقتنع الحكومة بأن التعديل الذى جرى على الدوائر من الممكن أن يفقدهم تأثيرهم.. ويجعلنا أمام حسبة انتخابية جديدة تدفع بمرشحين فى الغالب جدد، وفى الغالب لن تفلح تربيطاتهم -الفلول- هذه المرة خاصة أنهم يمثلون أفرعا فى عائلات لم يسبق لها أن اجمعت على مرشح واحد، لأن كل فرع يمثل تجمعا قرويا يرفض أن يتخلى عن مقعده البرلمانى لغيره.. حتى لو كان شقيقه، وقد تكررت هذه الوقائع وكان أكثرها شراسة ما جرى فى الانتخابات الماضية، ومن المتوقع أن تزداد حدتها هذه المرة بحكم تزايد أعداد المتنافسين من ابناء كل عائلة. الواقع يؤكد أن فرص فلول الوطنى فى الاحتفاظ بمقاعدهم صعبة للغاية، فحتى عبدالرحيم الغول النائب الأشهر بينهم أصبح يزداد موقفه صعوبة بعد أن فقد مدير حملاته الانتخابية، وفقد الغطاء الذى حرم مرشحاً وفدياً من الإطاحة به فى الانتخابات الماضية خاصة أن كليهما ينتمى للهوارة وهى العائلة التى كانت تستأثر بثلاثة أرباع الكتلة التصويتية فى ظل التقسيم القديم وهبطت للنصف بعد التعديل، بينما النصف الثانى من نصيب عائلة الهمامية النجمية والأقباط والمؤشرات تميل لتأييدهم للمرشح الوفدى الذى تزداد شعبيته خاصة فى ظل تأييد الأقباط له، ولن يكون حال نائب الوطنى الثانى بذات الدائرة أحمد فخرى أفضل حالا، خاصة أن من كان ينافسه على المقعد فى الانتخابات الماضية هو شقيقه، وكلاهما هوارى. أما فى الدائرة الرئيسية بقنا فلن يكون من السهل على جمال النجار الذى ينتمى لعائلات الأشراف الاحتفاظ بمقعده بعد أن تقلصت أعداد أقاربه، فى المقابل عززت من فرص عائلات الهوارات فى حسم المعركة هذه المرة لصالح المرشح الذى فشل فى إقصائه الدورة الماضية بسبب ضغوط الحزب الوطنى والتضييق على الناخبين بما دفع المتنافسين إلى إطلاق التهديدات عبر المؤتمرات الانتخابية بقع الطرق على مؤيدى الخصم. السيناريو مرشح للتكرار فى دائرة قوص ونقادة التى تتجه للإطاحة بنائبى الوطني، خاصة أن تاريخ الدائرة يؤكد أنها لم تسمح أبدا باحتفاظ نوابها بمقاعدهم البرلمانية أكثر من دورة واحدة، وهى ظاهرة غريبة لم يستطع الحزب الوطنى كسرها ولو لمرة واحدة، بل وسبق للإخوان الفوز بأحد المقعدين فى الانتخابات الماضية بعد أن تمكن هشام القاضى من الإطاحة بمرشح الوطني، لكنه يعرف أن حصوله على المقعد مرة أخرى يخالف الظاهرة، خاصة أن التعديل الجديد واتساع الدائرة دمر قاعدة التحالف القديمة التى كانت تقوم على تحالف قرى شرق النيل ضد قرى الغرب.. يواجه فلول الوطنى وضعا كارثيا فى دائرة دشنا والوقف، خاصة أن الحزب فى الانتخابات الماضية تسبب فى شق صف عائلات العرب بعد أن طلب من مرشحه إعلان دعمه لمرشح الهوارة المنافس لشقيقه، ومن المرجع أن ينقلب الوضع للعكس هذه المرة ليتحالف الشقيق المستقل ضد شقيقه مرشح الوطنى السابق، وهو السيناريو الذى تتجه إليه دائرة أبوتشت وفرشوط التى حقق فيها المستقلون فى الانتخابات الماضية تقدمًا أحرج الحزب الوطنى ومرشحيه برغم عمليات التزوير التى جرت وكان المستقلون من العرب والهوارة ومرشحى الوطنى من كلا العائلتين. ارتباك حكومي لتعثر مرسوم "الجمعيات" وتبين أن مجلس الوزراء تراجع عن إصدار المرسوم أو حتي تكليف فريق قانوني بصياغته. تستعد فلول الحزب الوطني –حالياً– لخوض انتخابات مجلسي الشعب والشوري بعد فشل الحكومة في إصدار قانون الغدر الذي يمنع فلول الوطني من الترشح لأي انتخابات لمدة 5 سنوات، كما يمنعهم من ممارسة العمل السياسي العام خلال نفس المدة. كما سادت أروقة مجلس الوزراء حالة من الارتباك بسبب النقد الشديد الذي تعرض له د. عصام شرف رئيس الوزراء لتأجيل إعلان الإجراءات المتخذة ضد آلاف الجمعيات الأهلية والمنظمات المدنية التي يديرها فلول الحزب الوطني وتتلقي أموالاً من الخارج مما يعد اختراقاً لسيادة الوطن، والأمن القومي. وكان مجلس الوزراء قد أعلن في شهر يوليه الماضي عن تشكيل لجنة قانونية برئاسة المستشار محمد عبدالعزيز الجندي وزير العدل لدراسة موقف الجمعيات والمخالفات المتراكمة طوال ال 30 عاماً. وكان مقرراً إصدار مرسوم بقانون بتنظيم أعمال الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني، لكن تبين أن مجلس الوزراء تراجع عن إصدار المرسوم أو حتي تكليف فريق قانوني بصياغته.
علاقة السلمي وحكومته بالفلول :
مما يثير التساؤل والريبة هذا الكم من فلول الحزب الوطني الذي حضر المؤتمر ، وكأنهم لم يتسببوا فيما مضي من فساد ، وكأنهم لم يذيقوا الشعب المصري عقوداً من الفساد ، إنهم ينسجون على نفس المنوال الذي عهدوه منذ تحولهم الأول من أيام الاتحاد الاشتراكي إلى أيام السادات فالحزب الوطني فعصر مبارك الفاسد ، وهم يظنون أنهم يمكن أن يستمروا لعقود الثورة ، وهذا ما لن يكون .. ذلك أننا لم يعد بالوسع أو بالطاقة الرجوع إلى زمن الفساد أبداً ، ونرى الموت خياراً وحيداً عنه ، خاصة والتحرير مازال موجوداً ، والدماء ما زالت تجري بعروقنا ، فنحن إلى إسالتها من أجل الحرية والكرامة التي ننشدها لمصر أقرب وأحن وأرغب ...
حكومة تسيير أعمال أم حكومة تمرير مصائب :
هذه الحكومة الغريبة العجيبة كنا نتعامل معها على أنها حكومة تسيير أعمال ، ونشجع الشرفاء من رجالها ونشد علي يدها ونثني عليها تشجيعاً وتحفيزاً ، إلا أن ما يحدث من مصائب في عهدها يجعلنا نتساءل : هل هي حكومة تسيير أعمال أم حكومة تمرير مصائب .. هذه الحكومة أنشأت جهاز الأمن الوطني – بديل أمن الدولة – مع أنها لتسيير أعمال وليس لتاسيس أعمال ، ثم جددت قانون الطوارئ والعمل به ، ثم ما زال على أعمدة بعض أهم الوزارات فيها ودرجات وكلاء الوزراء ومديرين العموم عدد لا يحصى ولا يعد من الفلول ، ثم أخيراً تحاول تمرير هذه المبادئ الخائبة للوصاية على الشعب المصري . هنا يجب أن أذكر الدكتور عصام شرف رئيس الحكومة بعهده الذي قطعه على نفسه أنه جاء من الميدان لخدمة الثورة ، وأنه إذا لم تلبى مطالب الثورة فإن مكانه الطبيعي هو الميدان .. فأين أنت من هذا الوعد يا دكتور عصام والثورة يقفزون عليها ويفتئتون على اختيارات الثوار .. لتصبح حكومتك حكومة تمرير مصائب لا تسيير أعمال .. ثم أنت يا دكتور على السلمي .. ألست وفدياً شعارك الذي أسسه لك سعد زغلول : " الحق فوق القوة .. والأمة فوق الحكومة " .. فأين أنت من هذا الشعار الذى تفتئت عليه بمبادئك فوق الدستورية .. أوليس هذا تنكباً عن المبادئ أيها الدكتور الوفدي .. ألا تدرك أنت ومن معك أن هذا عودة بالزمن إلى الوراء وأن هذا ما لن يكون ، ذلك أننا لم يعد بالوسع أو بالطاقة الرجوع إلى زمن الفساد أبداً ، ونرى الموت خياراً وحيداً عنه ، خاصة والتحرير مازال موجوداً ، والدماء ما زالت تجري بعروقنا ، فنحن إلى إسالتها من أجل الحرية والكرامة التي ننشدها لمصر أقرب وأحن وأرغب ...
هل هو تصرف فردي للدكتور السلمي أم أنه عمل منظم له من يقف وراءه ؟
دليل هذا التساؤل هو أن هذا المؤتمر تكرار للتصرفات الممجوجة السابقة ليحي الجمل ، ثم يأتي وراءه السلمي ، فلا يمكن أبداً أن تكون هذه المؤتمرات والحيل والخداع لتمرير المبادئ فوق الدستورية ( الاستعلائية ) مجرد تصرفات فردية لكلا الرجلين . نعم .. إن هناك من يقف وراء هذه المحاولات الخبيثة للالتفاف على الثورة سواءاً من الداخل ، أو من قبل القوى الأجنبية المهيمنة والتي تفلت الأمور من بين أيديها ، وتخاف أن تتسع هوة هذا التفلت ليمتلك العرب والمسلمون إرادتهم وقوتهم ، وهو ما يؤثر على مصالحهم ومصالح الكيان الصهيوني الخبيث الذي زرعوه بيننا .. أزعم – وأنا واثق – أن هذه المؤامرة ليست فردية وإنما لها جهات تمارس منتهى الضغوط لتفشل ثورتنا ..
وهو ما لن يكون أبداً ، ذلك أننا لم يعد بالوسع أو بالطاقة الرجوع إلى زمن الفساد أبداً ، ونرى الموت خياراً وحيداً عنه ، خاصة والتحرير مازال موجوداً ، والدماء ما زالت تجري بعروقنا ، فنحن إلى إسالتها من أجل الحرية والكرامة التي ننشدها لمصر أقرب وأحن وأرغب ... أصارح القارئ بأنى لم أعلق أى أهمية قط، فى أثناء تولى حسنى مبارك رئاسة الجمهورية، على دوره فى حكم مصر. وكنت استغرب جدا الإشارات الكثيرة فى الصحف والمجلات، والتعليقات المحلية والأجنبية، إلى أنه فعل كذا أو رفض أن يفعل كذا، أو أنه رأى رأيا معينا فقام وزراؤه ومساعدوه بتنفيذه، أو كان كارها لسياسة معنية فأحجم عنها هؤلاء الوزراء والمساعدون. نعم، ربما كان له دور فى مسائل صغيرة جدا، كأن يعين سفيرا مصريا فى دولة بدلا من أخرى (على أن تكون هاتان الدولتان على قدر بسيط من الأهمية) أو أن يعين صديقا لابنه أو قريبا لزوجته فى وظيفة له رغبة فيها، ولكنى كنت واثقا من أنه ليس له أى أثر فى الأمور المهمة التى تشكل سياسة مصر الخارجية أو الداخلية، أو حتى فى أمور أقل من هذه بكثير. ذلك أنى كونت عن الرجل فكرة معنية منذ أن ظهر على مسرح السياسة المصرية كنائب لرئيس الجمهورية، فكرة مستمدة من القصص والأخبار الكثيرة التى رويت عنه بعد توليه المنصب، وعن تاريخه قبل توليه ذلك المنصب، (وكلها قصص وأخبار منسق بعضها مع بعضها الآخر) وتتعلق بمدى ذكائه، وحدود اهتماماته وهواياته، وما الذى يلفت نظره وما لا يلتفت إليه، وتعليقاته المدهشة إذا زار مصنعا أو قابل شخصية دولية مهمة.. إلخ، وكلها ترسم صورة متكاملة تؤدى إلى النتيجة التى توصلت إليها عن قدراته المحدودة جدا. بل وقد توصلت أيضا، بنفس الطريقة، إلى تصور معين عن مدى إدراكه هو لحجمه الحقيقى ولحدود قدراته وهكذا اكتملت صورة لا تدعو إلى الإعجاب الشديد! قدرات محدودة، وإدراك محدود لحقيقة هذه القدرات. كذلك فيما يتعلق بابنه الأصغر جمال. هناك بالطبع فارق السن والنشأة والتعليم الذى تلقاه كل منهما، واختلاف ظروف العصر الذى ترعرع فيه هذا وذاك، ولكن استقر لدىّ أن قدرات الابن لابد أن تكون محدودة بدورها، وأن كل ما ينسب إليه من تصريحات أو تعليقات أو أفكار إنما نسبت إليه دون أن تكون فى الحقيقة صادرة عنه، إذ هناك من لهم مصلحة أكيدة فى رسم صورة غير حقيقية له، وأنه قد تم تلقينه وتدريبه على القيام بأعمال معينة أو إصدار تصريحات بعينها، بل وأن القيام بهذا التلقين والتدريب لم يكن مهمة سهلة بالمرة.
كان هناك بعض الشخصيات التى كثيرا ما يشار إليها على أنهم هم أصحاب السلطة الحقيقية فى تعريف الأمور، ويمثلون مناصب فى أمانة الحزب الحاكم، أو فى رئاسة الجمهورية، وبعضهم قد لا تكون اسماؤهم متداولة بين الناس، بل وقد لا تذكر أسماؤهم على الإطلاق فى الصحف ولم يكن لدىّ شك فى أن هذه المجموعة من الأشخاص لهم فعلا تأثير أهم بكثير مما للرئيس أو ابنه، ومع ذلك فقد كنت أميل إلى اعتبار هؤلاء أقرب إلى المنفذين منهم: صانعو سياسة، ومازلت أعتقد أنى كنت على صواب. فمن كان إذن أصحاب القرار الحقيقيون وصانعو السياسة؟ كان هناك بالطبع رجال الأعمال، الذين يهمهم أن تسير السياسة المصرية (ليست فقط السياسة الداخية بل وأيضا الإقليمية والخارجية) فى اتجاه معين يخدم مصالحهم الاقتصادية. وكان بعض هؤلاء معروفا ويحتلون بعض المناصب السياسية، وبعضهم قليلو الظهور، رغم أهميتهم، هؤلاء كانوا فى نظرى (ونظر كثيرين غيرى) أقرب كثيرا إلى أن يكونوا الحكام الحقيقيين لمصر، ولكنى كنت أعلق أهمية أكبر على وجوه مجهولة لنا تماما، وإن كانت تحتل مراكز مهمة فى أجهزة الأمن المختلفة (والمتعددة الأسماء). إذ كان هؤلاء هم القادرون على التصرف فى مواجهة أى أزمة أو مشكلة طارئة تحتاج إلى تدخل أو علاج سريع، وأى إخلال مهم بالأمن، أو تهديد للنظام بأكمله. لابد أن يكون لهؤلاء نفوذ كبير على كل من سبق ذكرهم، من الرئيس وأسرته، إلى أصحاب المال الوفير والشركات الكبيرة، بسبب قدرتهم الحاسمة على حماية النظام والأمن (بما فى ذلك أمن هؤلاء الأشخاص الكبار أنفسهم). إذا كان الأمر كذلك، وما دامت بعض القوى الخارجية ذات المصلحة الأكيدة فى المحافظة على بقاء النظام، وعلى بقاء السياسة المصرية، الخارجية والداخلية كما هى، لابد أن تعمل على تأمين منافذ لها فى داخل دوائر صنع القرارات المهمة، فإن هذه القوى الخارجية لابد أن يكون لها ممثلون فى داخل أجهزة الأمن المختلفة هذه، مصريون بالطبع ولكنهم على اتصال مستمر بالقوى الخارجية، ولديهم القدرة الكاملة على الفهم السريع والتنفيذ الكامل لمصالح هذه القوى الخارجية.
هكذا كان تصورى للوضع قبل ثورة 25 يناير. وأصارح القارئ أيضا بأنه، بعد مرور عدة شهور على قيام هذه الثورة، وبعد ما رأينا من تطور الأحداث، وما يسمى أحيانا بالتلكؤ أو التباطؤ، أو بالتصرفات غير المفهومة، أو بقلة الكفاءة أو قلة الخبرة.. إلخ، أصبحت أميل إلى الاعتقاد بأن تصورى للحال قبل ثورة 25 يناير، يصلح تماما لوصف ما يحدث بعدها، إذ إنه يبدو لى أقدر من أى تصور آخر على تفسير الألغاز التى نقابلها يوما بعد يوم فى تطور الحياة السياسية واليومية فى مصر. يبدو لى إذن أن أصحاب القرارات المهمة والمصيرية مازالوا هم هم. لقد حدثت بالطبع تغيرات كثيرة فى الظوف بسبب قيام الثورة، ولابد أن يأخذ هؤلاء فى اعتبارهم تقلبات الشارع المصرى، والتغييرات التى تطرأ على مزاج الطوائف المختلفة من الشعب، ولكنهم مازالوا فى رأيى محكومين بنفس الاعتبارات الأخرى المهمة، الخارجية والداخلية. الاعتبارات الخارجية التى تتعلق بمصالح بعض الدول التى يهمها بشدة ما يحدث فى مصر (وعلى الأخص الولايات المتحدة وإسرائيل) والاعتبارات الداخلية التى تضمن أولا نفس هذه المصالح الخارجية، وتضمن ثانيا مصالح كبار رجال الأعمال فى مصر. إن فضل هذا التشخيص على غيره أنه يستطيع أكثر من غيره تفسير الكثير من ألغاز الثورة فمثلا: لماذا استمرار التظاهر بأن الرئيس السابق وأسرته على وشك أن يخضعوا لمحاكمة عادلة وأن يتلقوا العقاب العادل على ما صنعوه، ولكن الأيام والأسابيع والشهور تمر دون أن تتقدم إلا بسرعة السلحفاة نحو توقيع هذا العقاب؟ ولماذا التظاهر بأن الأموال المهربة إلى الخارج سوف تعاد إلى مصر ثم يُنسى الأمر تماما، أو تتخذ بعض الإجراءات بعد فوات الأوان؟ ولماذا هذا التراخى فى منع رجال النظام القدامى (أو من يسمون بالفلول) فى المشاركة فى الانتخابات الجديدة؟ ولماذا هذا الباطؤ فى إعادة الأمن إلى الشارع المصرى، رغم أهميته القصوى لعودة النشاط الاقتصادى (بما فى ذلك السياحة) إلى طبيعته، فضلا عن أهميته لعودة الطمأنينة لقلوب الناس؟ لماذا عاد فرض نوع من الرقابة على الصحف والتليفزيون، فيمنع هذا الكاتب، ويستبعد هذا المذيع؟.. إلخ الأمثلة كثيرة مما أصبح يتردد باستمرار على ألسنة الجميع، وكلها تدل على أن سقوط حسنى مبارك من كرسى الرئاسة لا يعنى بالمرة سقوط نظامه.. والسبب الذى حاولت شرحه، هو أن الرجل نفسه لم يكن مهما بالمرة، ولا حتى بقية المقبوض عليهم ومن قدم منهم للحاكمة. المهمون الحقيقيون مازالوا فى أماكنهم، لم يتعرض لهم أحد، ومن ثم فهم مازالوا يمارسون نفس سلطاتهم القديمة، وتحقيقا لنفس الأغراض القديمة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.