بقلم محمد الحنفي [email protected] والشعوب، في البلاد العربية، من المحيط إلى الخليج،عندما تتخلص من ناهبي ثروات الشعوب، وعندما تتأكد أن ثرواتها تصرف في مصالحها الخاصة،ستتفرغ إلى ما هو أعظم. وما هو أعظم يتمثل في: 1) تحقيق الحرية: حرية الأرض، وحرية الإنسان: ا فحرية الأرض تتحقق عن طريق مقاومة استمرار احتلالجميع المناطق، والجيوب، التي لا زالت محتلة في البلاد العربية، ومهما كلف ذلك منتضحيات، كما هو الشأن بالنسبة لفلسطين العربية، وسبتة، وامليلية، والجزر الجعفرية،وغيرها، حتى تصير جميع البلاد العربية حرة؛ لأنه بدون حرية، وبدون استكمال هذهالحرية، لا يصير الإنسان في البلاد العربية حرا. ب وحرية الإنسان تتحقق عن طريق تمتيعه بحقوقه الاقتصادية،والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، وتربيته على التحرر من سيطرة الفكرالغيبي، والخرافي، الذي يوجه سلوكه، ويحول دون قدرته على التفكير في الحرص علىالتمتع بحقوقه، بما فيها قدرته على المساهمة في تقرير مصير الشعب: الاقتصادي،والاجتماعي، والثقافي، والسياسي. وهو ما يجعل الشعب، في كل بلد عربي، سيد نفسه. وبالإضافة على ما ذكر، فإن حرية الإنسان، لا تتم إلابالقدرة على القطع مع دابر التبعية، سواء كانت للأفراد، أو للمؤسسات الماليةالدولية، أو للشركات العابرة للقارات، أو للدول الأجنبية، مهما كانت هذه الدول؛لأن التبعية شكل من أشكال الاحتلال، التي تفقد الإنسان حريته في اتخاذ القرار، وفيتقرير مصيره. 2) الشروع في بناء الدولة الحديثة، باعتبارها دولة مدنيةديمقراطية وطنية، في كل بلد عربي، حتى تصير تلك الدولة وسيلة لبناء الإنسان، بقيمهالمتقدمة، والمتطورة، التي تكون أساسا لبناء حضارته، التي يأتي في إطارها التطورالنوعي للتشكيلة الاقتصادية / الاجتماعية، وبطرق ديمقراطية متقدمة، تصير فيهاالكلمة الأولى للشعب، في كل بلد عربي، ولا شيء غير الشعب. 3) بناء المنظومة التشريعية، عن طريق إجراء انتخاباتحرة، ونزيهة، لإيجاد مؤسسات تمثيلية وطنية حقيقة، يوكل إليها: ا إيجاد حكومة من أغلبية البرلمان، تتحمل مسؤوليةتنفيذ القوانين المصادق عليها، بما فيها البرنامج الحكومي، والقانون المالي،اللذين تتم المصادقة عليهما في المؤسسة التشريعية، التي يجب أن لا تتجاوز مجلسالنواب وحده، كما تتحمل مسؤولية اقتراح مشاريع القوانين، التي تدعو الضرورة إليها،على البرلمان، من أجل المصادقة عليها. ب المصادقة على مشاريع القوانين، التي تقترحهاالحكومة، أو أي فريق برلماني، بعد المناقشة، وإدخال التعديلات المقترحة، حتى تصيرالتشريعات الصادرة عن البرلمان، من الوسائل الضرورية، لإحداث تطور هائل: اقتصاديا،واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا. ج ملاءمة التشريعات الوطنية، في كل بلد عربي، معالمواثيق، والمعاهدات الدولية، وخاصة تلك المتعلقة بحقوق الإنسان: الاقتصادية،والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، من أجل أن تصير القوانين الوطنية وسيلة لإشاعةحقوق الإنسان في المجتمع، وحماية التشبع بها. 4) إجراء انتخابات وطنية حرة، ونزيهة، لإيجاد مؤسساتمحلية، وإقليمية، وجهوية، تكون لها صلاحية التقرير، والتنفيذ، فيما يخص القضاياالاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، حتى يتأتى لها خدمة المصالح المحلية،والإقليمية، والجهوية للسكان على المستوى المحلي، والإقليمي، والجهوي. 5) محاسبة، ومراقبة المجالس المنتخبة وطنيا، ومحليا،وإقليميا، وكل المسؤولين المكلفين بتنفيذ القوانين، والقرارات الصادرة عن المجالسالمنتخبة، من الحكومة، إلى مكاتب المجالس المحلية، أو الإقليمية، أو الجهوية، حتىتلعب المجالس دورها في حماية تطبيق القوانين، وثروات الشعوب، من عملية النهب التيتتعرض لها في كل بلد عربي. ومعلوم، أن الشعوب في البلاد العربية، عندما تمتلكسيادتها على نفسها، وتصير مصدرا للسلطات، وتقرر مصيرها بنفسها، فإن ثرواتها تصيرفي خدمة مصالحها، عن طريق التوزيع العادل للثروة، الذي لا يتم إلا ب: 1) تعميم التعليم، وإجباريته على مستوى التعليم الأساسي،ومجانيته في جميع المستويات، والحرص على جودته، حتى يتأتى للشعوب في البلادالعربية، أن تأخذ كفايتها منه، باعتباره وسيلة للتطور الاقتصادي، والاجتماعي،والثقافي، وباعتباره وسيلة لامتلاك الوعي المتطور، والمتقدم، تجاه الواقع، وتجاهمختلف القضايا المطروحة، مما يؤهل جميع أفراد الشعب، في كل بلد عربي، للمساهمة فيالبحث عن إيجاد حلول ناجعة للمشاكل المطروحة، في جميع المجالات، وعلى جميعالمستويات. 2) تقديم الخدمات الصحية، لتمكين جميع أفراد الشعب، فيكل بلد عربي، من علاج مختلف الأمراض، التي يتعرضون لها، وبدون مقابل، انطلاقا منامتلاك الحق في المواطنة، ومن قبله الحق الإنساني، الذي يفرض على المسؤولين، أنىكان مستواهم، احترام كرامة الإنسان الاجتماعية، التي يعتبر تقديم الخدمة الصحيةجزءا لا يتجزأ من تلك الكرامة، وحتى لا تهان كرامة المواطن في نفس الوقت. 3) إيجاد الشغل المناسب لكل عاطل، أو معطل، وفي إطارتنمية اقتصادية، واجتماعية، تهدف، بالدرجة الأولى، إلى إيجاد الشغل للعاطلين،والمعطلين، سعيا إلى القضاء على ظاهرة العطالة في المجتمع، وسعيا إلى ضمان قيامتنمية اقتصادية مستدامة، يتم في إطارها التوزيع العادل للثروة على جميع المستويات،الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، حتى يتمكن جميع أفراد الشعب في كل بلد عربي،من التمتع بحقوقه المادية، والمعنوية. 4) ضرورة توفير السكن اللائق، في كل بلد من البلادالعربية، حتى يحصل كل مواطن، في كل بلد عربي، على سكن لائق، من أجل أن يتفرغ إلىأمور أخرى، وكيفما كانت هذه الأمور، ما دامت في خدمة الشعب، وما دام الشعب في حاجةإليها، وما دامت مشروعة. ذلك أن انشغال المواطن، بإيجاد سكن لائق، معناه:الانشغال بما يحقق إنسانية الإنسان في المجتمع، الذي ينتمي إليه، وإلا فإنإنسانيته مهدورة، كما هو حاصل الآن. فالتوزيع العادل للثروة، إذن، هو الثمرة التي يجنيهاالشعب العربي، في كل بلد من البلاد العربية؛ لأنه بدون التوزيع العادل للثروة، لايمكن للإنسان المواطن، في كل بلد عربي، أن يحصل على حقه في التعليم، والصحة،والشغل، والسكن، وغير ذلك مما لم نذكر، كما لا يمكن العمل على تمتيع الإنسانالمواطن، بحقوقه الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، وكأنناهبي ثروات الشعوب، يستمرون، ومن مختلف مواقع المسؤولية، في ممارسة عملية النهب،التي لا تتوقف أبدا، وكأن ثورات الشباب، التي تعم البلاد العربية، لم تقع، لا فيتونس، ولا في مصر، ولا في الأردن، ولا في ليبيا، ولا في اليمن، ولا في سوريا، ولافي لبنان، ولا في المغرب، ولا في الجزائر، ولا في البحرين، ولا في عمان، مع العلمأن هذه الثورات عندما تقع، إنما تهدف إلى تحقيق كرامة الإنسان، أنى كان هذاالإنسان في البلاد العربية، بقطع النظر عن جنسه، أو لونه، أو لغته، أو معتقده، أوغير ذلك من الأمور التي يمكن أن تعتمد في عملية التصنيف غير الطبقي، وبقطع النظرعن الطبقة التي ينتمي إليها هذا الإنسان، وإلا، فإن كرامة الإنسان ستذهب سدى،وستعود البلاد العربية إلى ما قبل استشهاد البوعزيزي في سيدي بوزيد في تونس، الذيأشعل ثورة الشباب في البلاد العربية، التي اتخذت من السلم وسيلة لتحقيق الأهدافالكبرى، التي تتحقق معها كرامة الإنسان. وانطلاقا مما رأيناه في مختلف الفقرات السابقة، فإنسيادة الشعوب، عندما تتحقق، لا تخص المجال السياسي وحده، كما قد يتبادر إلى الذهن،بقدر ما تمتد إلى المجال الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، بالإضافة إلىالسياسي، انطلاقا من امتلاك الشعوب، في البلاد العربية، للحق في تقرير مصيرهاالاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي، انطلاقا مما هو منصوص عليهفي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وفي باقي المواثيق الدولية المتعلقة بحقوقالإنسان. وإلا فلا معنى لثورة الشباب في مختلف البلاد العربية، إذا لم تؤد إلىسيادة الشعوب على ثرواتها المادية، والمعنوية. وبذلك نصل إلى أن: 1) ضرورة أن تكون ثورة الشباب، من أجل محاكمة ناهبيثروات الشعوب، أو المال العام كم يسمونه. 2) تحقيق الأهداف المتوخاة من وراء المحاكمة، سواء كانت تربوية، أو مرحلية، أو إستراتيجية. 3) أخذ العبرة، من محاكمة ناهبي ثروات الشعوب. 4) توقف المسؤولين مستقبلا عن عملية نهب ثروات الشعوب،مهما كانت مسؤولياتهم. 5) تحسين الأوضاع المادية، والمعنوية، لجميع أفراد الشعبفي كل بلد عربي، في حال تحقيق أهداف الثورة، في مستوياتها المختلفة. 6) صيرورة الثروات في خدمة مصالح الشعوب. 7) تحقيق سيادة الشعب على ثرواته، التي يجب أن توظف فيخدمة مصالحه، في كل بلد عربي. 8) والدولة التي سوف تشرف على تدبير ثروات الشعب، في كلبلد عربي، لا يمكن أن تكون إلا دولة وطنية، ديمقراطية، اجتماعية، ودولة الحقوالقانون. 9) والدستور الذي تقوم الدولة على أساسه، لا يمكن أنيكون إلا دستورا ديمقراطيا شعبيا، يقر سيادة الشعب على نفسه، ويعتبره مصدراللسلطات، في كل بلد عربي. فهل تحقق ثورات الشباب، في البلاد العربية، الأهدافالمتوخاة منها؟ أم أن هذه الثورات، سوف تتأثر بأمور أخرى، تبعدها عنتحقيق أهدافها؟