«خروج على النص، شتائم متبادلة، وصلات ردح علني، طرد وإغلاق الهواتف على الهواء، فوضى بلا حدود.. الكل يخرج عن السيطرة، الحديث فى حواديت السياسة فى برامج الفوتوشوب للبحث عن الشهرة.. سمات عندما تسمعها تتخيل أنها توجد في أماكن لا سلطة ولا محاسبة فيها وتصدر من أشخاص يجهلون القيم الأخلاقية واحترام الآخر، إلا أنك تفاجأ أن هذا هو حال الإعلاميين المصريين ومقدمي برامج التوك شو الفترة الأخيرة».. حيث إن الحياة السياسية الضعيفة التي تعيشها مصر انعكست بشكل كبير على الواقع الإعلامي فأصبح السباب والشتائم هي لغة التحاور والتهديد والترهيب ولا مجال للمحاسبة والمسائلة.. وعلى الرغم من الحديث كثيراً على ميثاق للشرف الإعلامي، إلا أنه على أرض الواقع يبقى هذا الميثاق مجرد كلمات على ورق لا تطبق عملياً على أرض الواقع.. ونرصد هنا أبرز وصلات الردح الذي ظهرت على الساحة الإعلامية الفترة الأخيرة. «موسى» و«يوسف» نشر الإعلامي أحمد موسى صوراً فاضحة للمخرج خالد يوسف، النائب البرلمانى، فى أوضاع مخلة مع سيدات، مؤكداً أنه يملك عشرات الصور الفاضحة والفيديوهات الخاصة بالنائب البرلمانى. وطالب «موسى» خلال برنامجه «على مسئوليتي» على فضائية «صدى البلد»، «يوسف» بمواجهته والرد على ما يملكه من مقاطع مخلة، والرد على مدى صحتها. «موسى» و«صلاح» انتقد الإعلامي خالد صلاح، تصرف أحمد موسى، بنشر صور إباحية للمخرج خالد يوسف، عضو مجلس النواب، قائلًا: «للدرجة دي وصلنا لهذا الانحطاط؟! يا أحمد عيب، أنت بتعرّنا كلنا». بينما رد الإعلامي أحمد موسى، على كلام الكاتب الصحفى خالد صلاح رئيس تحرير «اليوم السابع»، قائلا: «أنت من أوائل المواقع التي نشرت خبر قضية خالد يوسف», وقال موسى: «خالد يوسف صديق شخصى، واتصل بيا إمبارح بعد نشر صوره، واليوم، ومش عاوز حد يزايد عليا في حاجة»، مضيفاً: «مش على راسى بطحة لأحد، واللى عايزين يصطادوا في الميه العكرة، بقولهم لا، مفيش على راسى بطحة». «فودة» و«ريهام» سجل الإعلامي والكاتب الصحفي يسري فودة والإعلامية ريهام سعيد، وصلة من وصلات الردح الإعلامي، حيث ناقشت ريهام أوضاع اللاجئين السوريين داخل الأراضي اللبنانية بطريقة أثارت غضب الكثيرين من المشاهدين، وهو ما دفع «فودة» للهجوم عليها ووصفها بأنها بالوعة الصرف الإعلامي، ومن جانبها ردت «ريهام» عبر برنامجها «صبايا الخير» المذاع على قناة «النهار» الفضائية قائلة لفودة: «يعني أنت عملت إيه لمصر، إنت عملت لنفسك شهرة على حسابي»، واتهمته بالانتماء لجماعة الإخوان المحظورة وأنه تعلم في قناة الجزيرة المعادية لمصر. «الإبراشي» و«أمين» الإعلامي والكاتب الصحفي وائل الإبراشي، والإعلامي تامر أمين في برنامج «من أنتم» الذي تقدمه الفنانة بسمة على قناة «القاهرة والناس»، دارت مواجهة أخرى، حيث حاسب الإعلاميان كل منهما الآخر عن موقفه من الثورة ومدى تواطؤ كل واحد مع رجال النظام. من جهته، هاجم «الإبراشي» «تامر» واتهمه بالتملق والخيانة النفاق.. قائلاً: «أنت منافق وخنت الثورة عشان السلطة، واللي زيك قبل ما يفكروا يطلعوا على شاشة التلفزيون لازم يتطهروا ويعتذروا للشعب كله»، وهو ما رفضه تامر متهماً إياه بالنفاق، معللاً أنه إعلامي وليس مسئولاً، وأنه عاني كثيراً من النظام من محدودية سقف الحرية في الإعلام، واستكمل دفاعه بأنه اعترض وبشدة على أسلوب التليفزيون المصري في تناول أحداث الثورة، مما اضطره للجلوس في المنزل. «أديب» و«صلاح» نشبت مشادة حادة بين الإعلامي المصري عمرو أديب، والكاتب الصحفي خالد صلاح على الهواء مباشرة، استنكر خلالها «أديب» خلال برنامجه «القاهرة اليوم»، انتقاد خالد صلاح للداخلية بشأن حادث تفجير فندق القضاة بالعريش قائلاً: «أنت متعرفش المهنية»، فرد صلاح: «مش عايز تجاوز.. كده هفهمك غلط.. أنت نقدك متجاوز». أديب رد قائلاً: «أنت حاطط صورة ليك في الموقع بتاعك، وأنت ب «الضب» بتضحك.. يبقى اتكلم عن المهنية، مش عارف أنت إزاي رئيس تحرير وتنزل صور بتضحك والناس ميتة؟».. وانفعل خالد صلاح ورد قائلاً: «ده تجاوز وخروج على الأدب وقلة أدب وغير مقبول وخروج عن المهنية»، فرد أديب: «أنا مهني أكتر منك بلاش قرف البلد تعبت منكم». «انتصار» و«أمين» أدلت الفنانة انتصار خلال تقديمها برنامجها تصريحات جنسية مثيرة للجدل، ورد الإعلامي تامر أمين عليها بلفظ خارج على الهواء مباشرة. وواقعة أخرى للإعلامي أحمد موسى، حينما نشبت مشادة كلامية بينه وبين ضيف برنامجه الشيخ عماد رفعت، أثناء الحديث عن فتوى الداعية السلفي ياسر برهامي، لتحريمه فوائد شهادات استثمار قناة السويس، واعتبارها ربا، ما دفع أحمد موسى لطرد ضيفه قائلًا: «أنا اللي بدير الحوار والحوار كده انتهى واتفضل». فيما أثار الإعلامي توفيق عكاشة الغضب من جموع الشعب المصري، بسبب الألفاظ الخارجة على الهواء مباشرة والسباب الموجه للمشاهدين والإعلاميين. الإعلامي يوسف الحسيني انهال بالسب على الشيخ أبوإسحاق الحويني، تعليقاً على فتوى «الحلاقة»، تلك التي حرم فيها الحلاقة بشكل معين، موجهاً له العديد من الانتقادات والسباب قائلاً: «هذا الرجل لا مكان له غير السجون، يا راجل يا جاهل». انفعالات إنجى وانفعلت الإعلامية إنجى أنور، على متصل على الهواء بعد وصف الفقرة المقدمة من برنامجها بالتافهة، قائلة له: «أنا حاسة إن حضرتك قاعد على الكنبة وبتتمطع وانت إنسان قليل الأدب ومش محترم». ومن جانبه، أعلن فاروق أبوزيد، نائب رئيس جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا وعميد كلية الإعلام، أن ما يجري الآن على الفضائيات لا علاقة له بالشرف الإعلامي وبقيمه، حيث إن وصلات الردح تفقد مصداقيته واحترام الجمهور له، وتؤكد أن هذه الشخصيات لا تستحق الظهور والجلوس على المنبر الإعلامي. وأشار «أبوزيد» إلي أن الجمهور بدأ ينصرف على الفضائيات وبرامج التوك شو، ويلجأ للصحف والبرامج الخفيفة، للهروب من هذه الأساليب التي تسبب ضغطاً وعبئاً نفسياً. ولفت «أبوزيد» إلي أن نقابة الصحفيين عليها أن تتدخل وتحاسب هؤلاء الإعلاميين، وذلك لأن معظمهم أعضاء في نقابة الصحفيين، لافتاً أن هناك مبدأ من ميثاق الشرف الصحفي يتضمن احترام حقوق الزملاء. وأفاد «عميد كلية الإعلام»، بأن وسائل الإعلام عليها دور كبير في نشر الوعي والثقافة، لافتاً إلي أنها تنشر ثقافة مسيئة خاصة بين الأجيال القادمة والشباب، حيث إنه سيصبح هذا أسلوب تعامل بينهم. وأكد «أبوزيد» أن إعلاميي الفضائيات يلفظون أنفاسهم الأخيرة، حيث إنهم استمروا ل 5 سنوات في هذا الوضع المخزي، وبعد وجود البرلمان حان الوقت لتنتهي هذه المهزلة الإعلامية والبحث عن حلول لمنع هذه التجاوزات. السياسة والرأى العام وأعلن معصوم مرزوق، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن ما يحدث على الساحة الإعلامية انعكاس لواقع سياسي وإعلامي وثقافي مريض، لافتاً إلي أنه من المحزن في الوقت الذي تمتلك فيه مصر آلافاً من الكفاءات الشابة تظل دولة الفساد والمحاسيب، تدفع بعناصرها السيئة إلى الصفوف الأولى للمجتمع ومن ذلك الإعلام. ولفت «مرزوق» إلي أن الممارسات الإعلامية في حاجة إلي مراجعة من كل صاحب برنامج يقدمه للناس في بيوتهم، من اعتداء على الحريات الشخصية للمواطنين، والتلفظ بكلمات مسيئة لا يصح أن تقتحم البيوت. وأفاد «مرزوق» بأن هناك من هو مستفيد من هذه الحالة المرضية التي يعيشها الإعلام وذلك في إطار خطة لشغل الناس وإلهائهم لهذا النوع الرديء من الإعلام لصرف الناس عن قضاياهم الملحة والحقيقية. وأكد «مرزوق» أن الحياة السياسية ضعيفة في غرفة الإنعاش، لافتاً أن هذا الإعلام تعبير عن رأس المال الفاسد الذي يحاول أن يسيطر على عقول الناس لكي تطالب بحقوقها. وقال طارق تهامي، الكاتب الصحفي، عضو الهيئة العليا لحزب الوفد: إن دور الإعلام إصلاح الأخطاء وقيادة المجتمع للتنمية والمتابعة للبرامج المختلفة، مفيداً أن أعداداً قليلة من البرامج هي التي لا تلتزم بالميثاق الإعلامي، ولكنها صاحبة الصوت العالي والمشاهدة الكثيفة لذلك فهي المصدرة للصورة السيئة عن الإعلام بوجه عام. وأكد «تهامي» أن ما يحدث يعد انعكاساً للواقع السياسي الذي تعيشه مصر الفترة الأخيرة من خلاف ومحاولة السيطرة من بعض الأطراف. وأشار «تهامي» إلي أنه على الممارسين العمل الإعلامي والصحفي ونقابة الصحفيين بالاتفاق مع الروابط الاعلامية المختلفة، أن تقوم بتفعيل ميثاق الشرف الإعلامي المستند إلى نواه واضحة في الدستور تمنع التعرض للحياة الخاصة للمواطنين، وذلك كما نصت المادة 57 من الدستور على أن «الحياة الخاصة حرمة, وهى مصونة لا تمس، وللمراسلات البريدية، والبرقية، والإلكترونية، والمحادثات الهاتفية، وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها، أو الاطلاع عليها، أو مرقابتها إلا بأمر قضائى مسبب، ولمدة محددة، وفى الأحوال التي يبينها القانون، كما تلتزم الدولة بحماية حق المواطنين فى استخدام وسائل الاتصال العامة بكافة أشكالها, ولا يجوز تعطيلها أو وقفها أو حرمان المواطنين منها، بشكل تعسفى، وينظم القانون ذلك». وهذا يعني أي اعتداء على الحياة الخاصة لأي مواطن حتى لو كان مداناً بارتكاب أفعال أو تصرفات لا يقرها المجتمع هو انتهاك لهذه الحياة الخاصة.. مضيفاً أن وجود قانون حازم يطبق على الجميع دون استثناءات ورأي عام فاعل هو الفيصل لإيقاف هذه الظاهرة الإعلامية السيئة، ومنع الإعلاميين من التمادي في ارتكاب هذه الأخطاء. فيما رفض قدري حنفي، أستاذ علم النفس السياسي، التعليق على هذا الموضوع، مبيناً أن تجاهلها هو الأفضل لأن الحديث عنها يعطي قيمة كبيرة لها، ويسهم في الترويج لها.