نشرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية مقالا عن الصراعات التركية الروسية تحت عنوان " القيصر فى مواجهة السلطان "على خلفية اسقاط تركيا الطائرة الحربية الروسية على الحدود السورية منذ أيام . وقالت المجلة أن ما حدث يبدو أنه امتداد لصراع قديم بين الإمبراطوريتين العثمانية والإتحاد السوفيتي حول توسعاتهم الإستعمارية واضافت المجلة أن شبه جزيرة القرم الروسية كانت خاضعة لتركيا حتى 1783، وخلال الحرب التى استمرت 6 سنوات مع الأتراك، ، نجح الروس فى هزيمة القوات البحرية العثمانية، وانتهى الصراع بمعاهدة"كيتشوك كاينارجي" التى اعتبرها المؤرخين العثمانيين، بداية التراجع التركي و فقدان جزيرة القرم. وكانت تلك الحرب والمعاهدة، "نقطة تحول في العلاقات بين أوروبا والشرق الأوسط." وظلت القرم تابعة للامبراطورية السوفيتية حتى تفكك الاتحادالسوفيتى فى بداية تسعينات القرن الماضى ، حيث انضمت لاوكرانيا وظلت تتمتع بحكم شبه ذاتى. وفى أعقاب الأزمة الأوكرانية العام الماضى ، تم اجراء استفتاء وعادت القرم مرة أخرى إلى روسيا الاتحادية. ويجمع كلا الدولتين تعطشهم وحنينهم لماضيهم الإستعماري وفرض سيطرتهم على مناطق واسعة ومتنامية الأطراف، فكلاهما يكافحان من أجل إبراز تأثير أكبر يليق بكونهم إمبراطوريات لها تاريخ. وأوضحت المجلة أن إسقاط تركيا للطائرة المقاتلة الروسية على الحدود السورية أثبت أن هناك صراع حقيقي، وعسكري يوصف على أنه صراع بين روسيا ذات المواقف المتهورة، وتركيا حادة الطباع ،ليس بسبب اعتبار تركيا محورا للشرر لمحاولتها إفشال عمليات التحالف الدولي ضد الإرهاب، وتنظيم داعش الإرهابي بالتحديد. ولكن السبب الخفي هو أن كلا البلدين لن ينسى الماضى ، وهذه المرة تحظى تركيا بدعم الغرب لها . فالغرب يبذل جهود كبيرة منذ قرون لمنع الطموحات الإمبراطورية الروسية في كل منعطف دون سبب واضح - حتى لدرجة أنهم يصطفون مع العثمانيين المسلمين ضد المسيحيين الروس. وهذا التدخل الغربي المستمر يجعل التوسع الإمبراطوري الروسي يتباطأ كثيرا ويثير استياء موسكو، في نفس الوقت، تنظر روسيا إلى تركيا ككيان يمنع التوسع الأوروبي. وخلصت المجلة إلى سقوط الطائرة الروسية في المجال الجوي التركي لم يكن سبب صراع البلدين ولكن الصراع يدور حول إمبراطوريتين، الروسية والعثمانية، تتفككان بعنف حتى يومنا هذا وإذا نظرنا إلى أوكرانيا ومولدوفا اللتين كانتا تابعتين للامبرطورية الروسية ، وسوريا والعراق اللتين كانتا تابعتين للامبراطورية التركية، سنرى إلى أى مدى وصل حال الإمبراطورييتين. ويعتبر "فلاديمير بوتين" و "رجب طيب أردوغان"، أنفسهم ورثة الإمبراطوريات التى انتهت منذ فترة طويلة، وأنهم أحيوا تلك الإمبراطوريات في أذهان شعبيهما، وكأن القيصر الروسى يواجه السلطان العثمانى.