"بناء الأسبلة" أحد مظاهر الحياة في العصور القديمة، حرص السلاطين والملوك على بنائها؛ لينالوا الأجر والثواب من خلال توفير المياه للرعية. ولم يقتصر دور الأسبلة على توفير المياه فقط، فكان لها دور تعليمى وتثقيفى، فكان يلحق بها كتاتيب لتعليم الصغار القرآن الكريم، واللغة العربية، وتميزت أسبلة العصر المملوكى عن باقى العصور بالنقوش والزخارف المميزة. ومع مر العصور، بدلا من أن تتحول هذه الأسبلة إلى مزار تاريخي، باتت مأوى للكلاب الضالة، ومقلب للقمامة، في غياب تام للمسئولين. سبيل الأمير عمر أغا وهو أحد أهم أسبلة العصر المملوكى بالدرب الأحمر، ولم يكن فقط وسيله لتوفير المياه للمارة، بل كان منبرا للعلم، يتهافت عليه الأهالى لتعلم القرآن الكريم واللغة العربية، والمارة ليروي عطشهم. وبمرور السنوات، تحول السبيل الآن إلى مبنى لا قيمة له، ولا يكترث لأمره أحد، بعد أن قامت وزارة الآثار بإغلاقه. وبمجرد المرور بجوار السبيل، لن تجد له أثراً، فتحول إلى مبنى متصدع من الخارج تحوطه القمامة من جميع النواحي، وبات محيط السبيل بمثابة مأوى للكلاب الضالة . ولم تكتف وزارة الأثار بإغلاق أثر هام من تراثنا الثقافى فى عصر المماليك، بل تركته فريسة للأهالى ليقطنوا به، لتطمس بذلك تاريخ حضارة عظيمة، وبدلا من ترميم هذا الأثر باعتبارة مزار سياحى، تحول إلى مقلب للقمامة تحوم حوله الكلاب، وترتكن بجوارها الخردوات والسيارات القديمة. ويعود سبيل "عمر أغا" إلى عام 1652، ويعلوه قاعات سكنية، مُلحق بمنازل وقبة ضريحية وشباكين لتسبيل ماء الشرب. ويوجد أعلى شباك السبيل في الجهة الشماليّة لوحة، عليها نص تأسيسي يتضمن اسم المنشئ والدعاء له، وتاريخ الانشاء في ثلاثة أسطر داخل خمس مناطق. ونص الدعاء: "بنا وانشأ هذا السبيل، طالبا للثواب من الملك الوهاب، وهو الجناب العالي". وكتب أيضاً الأمير عمر أغا سقاه الله الكوثر في يوم العطش الاكبر تقبل الله حسابه ورفع في الدارين درجاته تم في سنة 1063ه. لا اله إلا الله محمد رسول الله. إهمال وزارة الأثار على الرغم من أن هذا الأثر وجد لنيل الثواب، إلا أن تواجده بجوار باقي العمارات السكنية بالدرب الأحمر يجعل الدعاء عليه بالإزالة، أكثر من الدعاء لصاحبه بجنة الفردوس، وذلك بسبب إهمال وزارة الآثار. وبإغلاق هذا السبيل، حرمت الدولة الأجيال الصاعدة من التعرف على الهوية الثقافية والادبية لبلدهم، وتعليمهم ما معنى أن تترك خلفك من يدعو لك بالثواب وعظم الأجر، فضلا عن حرمان السياح من رؤية هذا الابداع الفني الحقيقي.